عْاشُورْاءُ السَّنَةُ السَّابِعة (٥) [فضحُ الفاسِدِ..مُقاوَمة]

389

نــــــــــــزار حيدر
لقد ظلَّ الحُسين السِّبط (ع) يفضح طاغية الشَّام في كلِّ آنٍ حتَّى اتَّهمهُ الطَّاغية مُعاوية بالتَّآمر عليهِ.
كتبَ (ع) للطَّليقِ مُعاوية {أَلستَ قاتلَ عمرُو بن الحَمق الخُزاعي صاحب رسول الله (ص) العبد الصَّالح الذي أَبلتهُ العِبادة بعدما أَعطيتهُ من المواثيقِ والعهودِ ما لَو أَعطيتهُ طائراً لنزلَ إِليكَ من الجبلِ استخفافاً بحقِّ الله عزَّ وجلَّ وجُرأَةً على دماءِ المُسلمين}.
وإِذا قرأنا رسائلَ الإِمام (ع) إِلى المُوما إِليِه بتأَنِّي، فسنجدَ فيها قوَّةً في منطقٍ وشدَّةً في ردٍّ وشجاعةً في مُقاومةٍ وقد ملأَها (ع) فضائحَ شتَّى ارتكبها الطَّاغية وحاولَ التستُّر عليها بشتَّى الطُّرُق، إِلَّا أَنَّهُ (ع) فضحها وكشفَ حقائِقها للرَّأي العام فعرَّاهُ وعرَّى شعاراتهِ الزَّائفة وتستُّرهُ باسمِ الدِّين وبعناوينَ كاذبةً مثل أُكذُوبة [خال المُؤمنِين]!.
فلماذا فضحَ الحُسين السِّبط (ع) مُعاوية؟!.
*إِنَّ فضحَ الطَّاغوت مرحلةٌ مهمَّةٌ من مراحلِ المُقاومة.
*وإِنَّ فضحهُ دليلُ براءةِ الفاضِح من جرائمِ المفضُوح.
*كما أَنَّ فضحهُ يهيِّئ الأَرضيَّة المطلوبة للثَّورة عليهِ، وبالتَّالي للبدءِ بمشروعِ الإِصلاحِ.
إِنَّ من طبيعةِ المُجتمع ميلهُ للدَّعة والسَّكينة، ما لم يُنبِّههُ ثائرٌ لطبيعةِ التحدِّيات والواقع المرير الذي يعيشهُ.
وإِنَّ فضح الظَّالم بالأَدلَّة المنطقيَّة يُساهم بشكلٍ كبيرٍ في مُساعدةِ المُجتمع على الإِستفاقةِ من غَفوتهِ.
وهذا ما ظلَّ يفعلهُ الحُسين السِّبط(ع) طِوال [١٠] أَعوام كاملةً، وفعلَ الأَمرُ نفسهُ الحسن السِّبط (ع) وقبلهُما أَميرُ المُؤمنينَ (ع) لإِعداد المُجتمع لرفضِ الظُّلم والقهر.
إِذن؛ فمَن أَراد أَن يكونَ عاشورائيّاً لا يحتاجُ إِلى أَن يتقلَّد سيفهُ طِوال الوقت، إِنَّما يلزمهُ أَن يتقلَّد مفهوم [المُقاومة] فيُقاوِم الحاكِم الظَّالم بفضحهِ، ويُقاوِم السِّياسي الفاسد بتعريتهِ، ويُقاوم جيُوش الذُّباب الإِليكتروني بالتسلُّح بالوعي وعدمِ نشر شيءٍ قبل التثبُّت من صحَّتهِ وفائدتهِ، ويُقاوم التخلُّف بالتسلُّح بالعلمِ والمعرفةِ، وهكذا.
أَمَّا الذي يدَّعي الإِنتماء لعاشُوراء ثمَّ يُبرِّر للفاسدِ أَو يكونَ ذيلاً لـ [عجلٍ سمينٍ] أَو بوقٍ لزعيمٍ فاشلٍ، أَو مُصفِّق لمهزُومٍ فهذا عاشورائيٌّ بالهويَّة فقط.
إِنَّهُ [حُسينيٌّ] بالهويَّةِ [يزيديٌّ] بالسُّلوك.
السُّؤَال؛ وكيفَ يمكنُ التسلُّح بمفهومِ المُقاومة دائماً؟!.
*عندما يتحرَّر المرءُ مِن الجبتِ والطَّاغوت، ومِن الأَغلال التي تُكبِّلهُ فتمنعهُ من قولِ الحقِّ عندَ سُلطانٍ جائرٍ.
*وعندما يتحرَّر من أَنانيَّاتهِ ومصالحهِ الذاتيَّة الضيِّقة فلا يحمي فاسداً ولا يُبرِّر لفاشلٍ ولا يهتِف لحرامي.
*وعندما يُحبُّ لأَخيهِ ما يُحبُّ لنفسهِ فيُدافع عن كرامةِ الآخرين كما يُدافع عن كرامتهُ، ويحمي حريَّات الآخرين وآراءهُم كما يحمي حريَّتهُ وآراءهُ، فلا يُرهب أَحداً ليحمي فاسداً ولا يُصادر رأيَ أَحدٍ لصالحِ فاشلٍ، ولا يُمارس التَّسقيط والتَّهميش والتُّهم الباطِلة ضدَّ مَن يتصدَّى لـ [عجلٍ سمينٍ] يفضح فسادهُ ويكشف لصُوصيَّتهُ!.
ولا أُبالغُ قطُّ اذا قلتُ أَنَّ من أَعظمِ مظاهر المُقاومة هو أَن تنأى بنفسِكَ عن تأييدِ فاسدٍ أَو ظالمٍ ولَو بحرفٍ.
ففضح الظَّالم ولَو بشقِّ كلمةٍ مُقاومة، لأَنَّ فضحهُ مُساهمةٌ في التَّمييزِ بينَ الحقِّ والباطلِ، فقد يتوقَّف عن التَّصفيقِ للفاسدٍ مُغفَّلٌ.
يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {إِنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ، وَلكِنَّكُمْ لَوْ وَصَفْتُمْ أَعْمَالَهُمْ، وَذَكَرْتُمْ حَالَهُمْ، كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ، وَأَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ، وَقُلْتُمْ مَكَانَ سَبِّكُمْ إِيَّاهُمْ؛ اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَنَا وَدِمَاءَهُمْ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وَبَيْنِهِمْ، وَاهْدِهِمْ مِنْ ضَلاَلَتِهِمْ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مَنْ جَهِلَهُ، وَيَرْعَوِيَ عَنِ الْغَيِّ وَالْعُدْوَانِ مَنْ لَهِجَ بِهِ}.
٢٣ آب ٢٠٢٠
لِلتَّواصُل؛
‏E_mail: [email protected]
‏Face Book: Nazar Haidar
‏Twitter: @NazarHaidar2
‏Skype: nazarhaidar1
‏WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

المصدر