الى أين ولمن تذهب أموال الوقف والزكاة والخمس ولماذا ..؟!

218

احمد الحاج
آن لنا أن نفتح أخطر ملفين بعد ملفات عائدات النفط والموانئ والمنافذ الحدودية والنقاط الجمركية ، الا وهما ملف الاوقاف للبحث الجدي والتقصي الحقيقي عن عائداتها الترليونية الى اين تذهب وفي أي الأوجه والأبواب تنفق وعلى أي الجهات توزع ومنذ عقود ليتبعها فورا فتح ملف أموال الزكاة والى أين تذهب بدورها ومنذ عقود كذلك!
– الفقير العراقي – 10 ملايين عراقي تحت خط الفقر – بمعدل 1 $ يوميا ، مازال يعاني الفاقة والحرمان لا مال الوقف اطعمه ولا مال الزكاة وصل اليه ..!
– اليتيم العراقي – 5 ملايين يتيم – يعاني الفاقة ،لا مال الاوقاف كفكف دمعه ،ولا مال الزكاة كفله ومسح على رأسه !
– الارملة العراقية – 3 ملايين ارملة ، لا مال الوقف سعى لها،ولا نصيبها من الزكاة وصل اليها !
– العاطل العراقي – 4 ملايين عاطل – بحسب وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ،لا مال الزكاة اعانه، ولا مال الوقف وظفه وطاله !
– ذوو الاحتياجات الخاصة – 1.357 مليون شخص يشكلون مانسبته 5% من عدد السكان بحسب وزارة التخطيط – لامال الزكاة اعانهم ، ولا مال الاوقاف اهلهم !
– الامي العراقي – 3.7 مليون أمي – بحسب وزارة التخطيط ، لا اموال الوقف محت اميتهم الابجدية ، ولا اموال الزكاة امنت لهم وسائط وسبل وادوات التعلم والتعليم !
– المشردون في العراق – 175 الف مشرد – لا مال الزكاة اسعفهم ، ولا مال الوقف آواهم !
– اعداد العزاب والعازبات ” 35 عاما فما دون ” والعوانس ” 35 عاما فما فوق ” في العراق – 18 مليون من كلا الجنسين – بما يضع العراق بالمرتبة الثالثة عربيا ، ليس بمقدورهم الزواج بسبب البطالة ، ارتفاع المهور وتكاليف الزواج ، ارتفاع بدلات الايجار ، ازمة السكن ، هجرة الشباب الى الخارج ، النزوح ، التشرد ، التهجير ، الفقر ، الادمان ، وجود البدائل المحرمة افتراضيا وواقعيا ..لا اموال الزكاة زوجتهم ، ولا اموال الوقف اعانتهم !
– النازحون وقد وصلت اعدادهم الى 6 ملايين عراقي بعد عام 2014 جل خيامهم وكرفاناتهم وطعامهم وشرابهم ومتاعهم وأغطيتهم وفرشهم ونفطهم وغازهم وماؤهم ودواؤهم من تبرعات الجمعيات الخيرية الخاصة ومساعدات منظمات المجتمع المدني ومعونات بعض المنظمات الاغاثية الدولية …لامال الزكاة العراقي وصلهم ولا مال الوقف العراقي ساعدهم !
ومعذرة لرهين المحبسين ابو العلاء المعري بعد التلاعب ببيته الشهير :
كلّ من تلقـاه يشكو دهرهُ ..ليت شعري هذه الدنيا لمن ؟
ليصبح البيت في ظل عدم معرفة اموال الزكاة واموال الوقف الى اين تذهب :
كلّ من تلقـاه يشكو فقره…ليت شعري أموال الوقف والزكاة لمن ؟
– المساجد العراقية ولبعضها اوقاف ملاصقة للجامع – لزك الحايط على الحايط – اذا عطل – واتر بمب او ماطور المبردة- جمعت اموال اصلاحها من المصلين ..اذا ارادوا استبدال السجاد جمعت الاموال من المصلين ..اذا ارادوا – تطبيك الكاشي – جمعوا من المصلين .اذا ارادوا اصلاح السماعات الخارجية – من المصلين – ، صبغ وتعمير – من المصلين – ، كاز المولدة – من المصلين ، اصلاح الحنفيات – من المصلين ، اباريج وصوابين ومعقمات ومنظفات ومطهرات – من المصلين – ، براد ماء ، من المصلين …زين هذ المحلات الموقوفة على الجامع والتي تقع على الشارع العام وفي ارقى احياء بغداد التجارية ، عائداتها وورادتها الشهرية الموقوفة على الجامع الى اين تذهب ، اذا حتى صوندة الماي والماسحة والمكنسة يتم شراؤها على حساب المصلين ؟
جامع الاحمدي في منطقة الميدان انموذجا ، اكثر من نصف سوق الهرج والمنطقة المحيطة به وقف عليه ، يتضح ذلك من خلال لوحة كبيرة جدا معلقة عند مدخل حرم الجامع تستعرض تأريخ بناء الجامع والائمة الذين تناوبوا عليه مع وقفيات الجامع ..ولكن وعندما انهارت قبته الكبيرة والاخرى الصغيرة وتراجع أحوال الجامع العمرانية والخدمية كثيرا وعلى المستويات كافة ، وبعد مناشدات عدة على مواقع التواصل مشفوعة بالصور جاء السفير التركي فتعهد بإعادة بناء القبتين وتأهيل الجامع بعد ان غصت منصات التواصل بطلب النجدة والاستغاثة ” فلوس الوقف وين ؟ ” ..ولا ادري ان كان السفير التركي قد عمره فعلا كما وعد ام – اواعدكم بالوعد الاعلامي والدعائي والسياسي واسكيك يا كمون ؟ – عن منارة سوق جامع الخلفاء في سوق الغزل التي تعالت الصيحات لشهور طويلة خشية سقوطها على الاحياء المجاورة وحدوث كارثة بسبب تسرب المياه اسفل المنارة ..عن حال جامع مرجان الشهير ووضعه البائس …عن جامع الاباريقي ، عن جامع الاورفلي ، عن جامع الحيدر خانة – جامع الثورة ضد الاستدمار البريطاني – ، عن جامع الازبك – المحاط بالجدران الكونكريتية ..عن جامع الاصفية التي يدعي كلا من الوقفين تبعيته له ، الوقف الشيعي بإعتبار الجامع يضم قبل الكليني صاحب كتاب الكافي ، والوقف السني بإعتبار الجامع يضم قبر الصوفي الشهير الحارث المحاسبي صاحب كتاب التوهم ، مع ان كلاهما غير مدفون في الجامع الملاصق للمدرسة المستنصرية وانما كان مدرسة للصوفية المولوية ، عن جامع وجامع وجامع لن اتحدث حاليا !
– المرضى العراقيون وهم بالملايين تتقاذفهم ابشع الامراض المزمنة والانتقالية والمتوطنة والسرطانية ،مرضى الثلاسيميا واللوكيميا وفقر الدم الحاد وضمور العضلات التشنجي وووو، الا اننا لم نسمع يوما بأن فقراءهم قد صرفت لهم الادوية المجانية من اموال الزكاة .. اجريت لهم عمليات جراحية من اموال الوقف .. اجريت لهم الفحوصات الطبية .,.التحليلات المرضية ، المفراس ، السونار ، الرنين ، الايكو ،القسطرة ، التشخيص الطبي ، من اموال الزكاة أو الوقف . !
– المسنون في العراق – مليون و200 الف مسن يشكلون مانسبته 3.5% من مجموع السكان عشرات الالوف منهم من الفقراء والبسطاء والمعدمين جلهم يعانون من الزهايمر والباركنسون والشلل النصفي ، ومشاكل الاسنان والامراض المزمنة وكسور الحوض والمفصل والروماتيزم وضعف البصر الحاد ونحوها من امراض الشيخوخة ..فهل سمعتم يوما بدار مسني مال الوقف ..دار مسني امول الزكاة مثلا ، ناهيك عن فرش التقرحات ومراهمها ، عكازات ابطية ومرفقية ، مساند ثلاثية ورباعية ، سماعات خلف الاذن لضعاف السمع منهم ، فحص نظر مجاني مع النظارات الطيية من اموال الوقف والزكاة ؟
– الاف مؤلفة من الصم والبكم والمكفوفين في العراق فهل سمعتم يوما بمدارس ، مراكز ، معاهد ،لتعليم الصم والبكم على لغة الاشارة ..تعليم المكفوفين لغة برايل ، قد اسست من اموال الزكاة او الوقف ؟
ولا اريد ان اطيل – لأن قلبي مورم حيل – الا انني ودفعا للبس اشير هنا الى ان ما اتحدث عنه يشمل الوقفين سوية – السني والشيعي – ولا اقتصر في كلامي هنا على وقف من دون آخر ..كما ان الكلام عن الزكاة هنا لايتطرق الى الزكاة التي يخرجها الميسورون ممن بلغت اموالهم النصاب ودار عليها الحول من حر اموالهم ، لا ، وانما اتحدث عن الزكاة التي تجبى بصناديق خاصة اسوة بعائدات الوقف ” وعن زكاة الخمس وهي محط خلاف شديد بين السنة والشيعة ونسبتها 20% بما يعادل خمس العائدات فيما نصاب الزكاة المشروعة لايتعدى 2.5 % فقط “، ومن ثم لايرى ولايتلمس فائدة كل ما ذكرت آنفا من زكاة وخمس وعائدات وقفية احد من الفقراء والمساكين والمعاقين والمسنين والايتام والمشردين والارامل والنازحين والجياع والعاطلين والمحرومين، ما خلا الـ 50 الف أو الـ 25 الف ملطوش التي يتقاضها الفقراء – كل كم شهر + حصة تموينية كل رمضان + قطعة – وصلة – لحم اضحية كل عيد اضحى بحسب الواسطات والعلاقات ،فلماذا يصار بعد ذلك الى تسوية الاوقاف وتقسيمها خلافا للشرع بين الوقفين وكلا من اتباع الوقفين السني والشيعي – لم يقبضوا شيئا- بإستثناء الفتات من عائداتهما الترليونية ؟ لاشك انها مجرد اثارة فتنة طائفية وشغل الشارع العراقي عن مصائبه وكوارثه والعمل على احتقان الاجواء واثارة البلبلة لا اكثر!
علما ان تعريف الوقف اصطلاحا هو ” حبس عين المال وتسبيل منفعته؛ طلباً للأجر من الله تعالى”. ولقد ابدع المسلمون ايما ابداع بما يفوق الوصف عبر التأريخ في وقفياتهم ودعوني انقل لكم هنا جانب من هذه الوقفيات نقلا عن رابطة العلماء السوريين ، فكان هناك وقف خدمة الفقراء المعمرين – المسنين – في بيوتهم ..وقف مساعدة الطلاب..وقف حفر الآبار وتهيئتها للشرب..وقف بيت الطعام للمحتاجين ..وقف المرضى الغرباء ..وقف تنظيف جدران المدن وجمالية المدينة وعمارتها ..وقف إطعام حيوانات الشوارع ..وقف حماية الأشجار والغابات ..وقف تجهيز البنات للعرس ..وقف تعويض المتضررين في البحر..وقف الاعراس لإعارة العروسين كل تجهيزات العرس من الملابس ولاكسسوارات والحلي والزينة المطلوية بدلا من شرائها ومن ثم اعادتها ثانية بعد العرس الى الوقفية لغرض اعارتها لعروسين جديدين .. وقف المكتبات ،وقف المستشفيات ” البيمارستانات ” ، وقف قضاء الديون ، وقف المياه ،وسقي الماء ، وقف الاستراحات في طرق المسافرين ، وقف تزويج الشباب ، وقف العميان والصم والبكم والعجزة وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة ،وقف الامهات المرضعات ، وقف الايتام اضافة الى الاطفال اللقطاء – كريمي النسب -، وقف الزبادي مخصص لشراء صحافُ واوان واعدادها لتعويض كلّ خادم كُسِّرت آنيته لسبب ما وظن ان مخدومه سيعاقبه على كسرها …وقف اطعام وسقي الطيور العطشى والجائعة في اعالي المآذن ..وصور واشكال لاتحصى من روائع الوقفيات بما لايخطر لك على بال يوم كانت القائمون على الوقفيات وادارتها امناء بحق فمابالكم باموال الزكاة .
يستلهم الوقف مشروعيته من قوله تعالى “لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ” .
ومن ثم من قوله صلى الله عليه وسلم ” إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علماً نشره أوولدًا صالحاً تركه، أو مصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه أو نهراً أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته”.
ولله در الامام السيوطي القائل في فضل الصدقة الجارية والوقف :
إذا مات ابن آدم ليس يجري ..عليه من خصال غير عشــــــر
علوم بثها ودعـــــــاء نجـــل .. وغرس النخل والصدقات تجري
وراثة مصحف ورباط ثغـــــــر .. وحفر البئر أو إجـــــراء نـــــــهر
وبيت للغريب بنــاه يــــــأوي .. إليه أو بناء محــــــــل ذكـــــر
وتعليم لقـــــــرآن كريــــــم .. فخذها من أحاديث بحصـــــــر
وعلى العقلاء ومن جميع الاطراف رفض اتفاق الوقفين المشؤوم ، لأن الاوقاف لا تباع ولا تشترى ولاتورث ولا توهب اطلاقا ولا يحق لأي كان التصرف بوجهتها خلافا لحجة الوقف وشرط الواقف، علما ان الموصى به وقفا كالمنصوص عليه شرعا، ولاشك ان العراق ليس بحاجة الى مزيد من الاحتفان والتشرذم واثارة الفتن والاحتقان بين صفوف ابنائه ..لقد بعتم العراق – تفصيخا – بدءا من النفط وليس انتهاءا بالاثار وبعد افلاسكم تحولتم هذه المرة الى الاوقاف للعبث بها ولن تفلحوا ابدا في ذلك، ولرب ضارة نافعة ولقد آن الاوان جديا لفتح ملف الأوقاف ومعرفة الى اين ذهبت وتذهب عائداتها الترليونية طيلة السنين الماضية ومنذ عقود طويلة !
رؤساء الاوقاف وبما انها قضية وامانة كبرى تخص جميع المسلمين فإن تعيينهم يجب ان لايكون سياسيا ولا حزبيا مطلقا وانما يصار الى انتخابهم عن طريق صناديق خاصة للاقتراع كل عامين غير قابلة للتجديد يشترك فيها كل ابناء المكون الواحد الفائز منهم بالاغلبية يتم تعيينه براتب محدود يعادل راتب مدير عام في اية دائرة حكومية ،ويعمل كموظف مؤتمن على اموال الاوقاف ويالها من امانة ، انها اخطر امانة يمكنك ان تتخيلها على الاطلاق ، مع احصاء جميع ممتلكاته قبل المنصب التكليفي لا التشريفي واية زيادة في عقاراته وممتلكاته وامواله ومزارعه وبساتينه له ولأقاربه خلال العامين اللذين سيقضيهما في المنصب التكليفي تعد تجاوزا على اموال الوقف ويخضع لـ” من اين لك هذا” + مع اصدار نشرة شهرية بكل عائدات الوقف ووارداته وصرفياته الى حد الفلس يتم نشرها على موقع الوقف الرسمي وفي الصحف الرسمية ويتم تعميمها على وكالات الانباء المعتبرة ..ليطلع عليها الجمهور اولا باول وليعلم يقينا الى اين تذهب اموال الواقفين الخيرين ..كذلك لإطلاع اصحاب الشأن من خبراء القانون والاقتصاد والمال عليها بحذافيرها …!اودعناكم اغاتي

المصدر