هزيمة دونالد ترامب واليمين المتطرف الأوربي

641

هلسنكي ـ يوسف أبو الفوز

لم يشعر أحد بالأسى وجسامة هزيمة، “الرئيس البرتقالي”ـ كما تسخر بعض الصحف، من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ـ مثلما شعرت بذلك الاحزاب اليمينية الاوربية، وخصوصا المتطرفة منها، إذ كان أيقونتهم الذي طالما أقتدوا بتصريحاته وإحتذوا بإلاعيبه السياسية البهلوانية، وفي البال أجتماع قيادات من أحزاب يمينية شعبوية أوربية، في في مدينة كوبلنتس غرب ألمانيا بعد يوم من تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث اعتبرت رئيسة حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، فراوكه بيتري ، ترامب قدوة وأنه سيخرج أمريكا من الطريق المسدود. أن هزيمة دونالد ترامب، وفوز المنافس الديمقراطي جون بايدن بفارق كبير، جاء صفعة قوية للشعبويين في كل مكان في العالم، وخاصة الاوربيين منهم، فحملة بايدن الانتخابية يمكن تلخصيها كونها تسلحت بخطاب العودة إلى سياسة طبيعية وأكثر منطقية. ولهذا يصح القول ان كثير من الاحتفالات التي شهدتها مدن العالم، كانت أساسا بخسارة ترامب أكثر منها بفوز بايدن، فالاحزاب الشعبوية اليمينة المتطرفة، كانت الرافع الاساسي لانتشار خطاب الكراهية والممارسات العنصرية، وشيوع نظريات المؤامرة والمعلومات المظللة، مسببة تهديدا جديا للسلم والامن الاجتماعي في الولايات المتحدة وفي العديد من بلدان العالم، مثيرة القلق والخوف في نفوس قطاعات من الناس، خصوصا مع انتعاش نشاط حركات النازية الجديدة بأثواب مختلفة، رافعة شعارات تتماهى وشعارات ترامب، مثل (أمريكا العظيمة) بتحويرها وفقا لواقع كل بلد. فجاءت هزيمة ترامب صفعة مدوية، رغم توقعها،

Image preview

فأصابت كثير من القادة اليمينين في أوروبا بالذهول فلزم العديد منهم الصمت، بعد ان كان بعضهم يهرج في تصريحاته دفاعا عن ترامب، من هؤلاء الفرنسية اليمينية مارين لوبان، ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والسياسي الإيطالي المعارض ماتيو سالفيني، ورئيس الوزراء

البرازيلي جاير بولسونارو، وأيضا اليميني المتطرف المعارض الفنلندي يوسي هالاـ أهو. ووصل الحد بتهريج وزير الداخلية في استونيا، مارت هيلمي، اليميني المتطرف، قبل اعلان نتائج الانتخابات الامريكية الأخيرة الى اتهام بايدن في اكثر من مكان بانه سياسي فاسد وانه سيزور الانتخابات، مما اعتبر تدخلا سافرا في شؤون بلد اخر، ومع بدء اعلان النتائج المتقدمة لبايدن وتأكيد مسؤولين في الانتخابات الامريكية بإن الاقتراع كان (الأكثر إحكاماً في التاريخ الأمريكي)، وأنه ( لا دليل على أن أيا من أنظمة التصويت محت أو أضاعت أصواتا، أو غيرت أصواتا، أو تعرضت لاختراق على أي نحو) ووسط استهجان شعبي محلي ودولي من تصريحاته، مما دفعه لإعلان استقالته فورا . وشذ عن كل هذا رئيس الوزراء السلوفيني الشعبوي يانيز يانشا، الذي أرسل تهنئة مبكرة لترامب وأصر على عدم التراجع عنها.

أن هزيمة دونالد ترامب ستساهم بشكل ما في تراجع طموحات اليمين المتطرف الذي واصل نشر خطاب الكراهية و(الإسلام فوبيا)، الذي ساد خلال ولايته. ففي عام 2016، حالما أعلن عن فوز ترامب ـ غير المتوقع ـ سارع قادة أحزاب اليمين المتطرف، في أكثر بلدان العالم، للترحيب الحار بذلك، واعتبروه زخما ودفعا لهم كبشارة لانتصارات قادمة، خصوصا قوى اليمين الأوربي، فكتب جان ماري لوبان مؤسس حزب الجبهة الوطنية الفرنسي ووالد زعيمة الحزب الحالية مارين لوبان، في تغريدة له على موقع تويتر (اليوم الولايات المتحدة وغدا فرنسا)، بينما صرح الهولندي اليميني المتطرف خيرت فيلدرز (ان الامريكيين استعادوا أرضهم)، حالما بأن أوروبا ستشهد (ربيعاً قومياً). وفي المانيا وصف الزعيم الألماني (ماركوس برتسل) من حزب (البديل من أجل ألمانيا) بأن فوز ترامب وهزيمة هيلاري كلينتون (عصر جديد في تأريخ العالم)، ومن بلجيكا طير حزب المصلحة الفلمنكي ، الداعي للانفصال عن أوروبا والمناهض للمسلمين برقية لتهنئة ترامب واعتبر انتصاره على هيلاري كلينتون يمكن تكراره في أوروبا.

وأذ وجد بعض المراقبين ان وجود ترامب في البيت الأبيض ساعد على انتعاش الآمال لانتصارات أكثر لقوى اليمين، واحدثت (زلزالا شعبويا)، الذي اعقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، فأن هزيمته الحالية أنعشت من جانب اخر قوى اليسار والخضر التي عارضت سياسات اليمين المتطرف في ملفات عديدة، تهم السياسات الداخلية والخارجية لكل بلد، منها ملف المناخ وأيضا الأهم ملف الهجرة، الذي طالما استخدمته قوى اليمين المتطرف كفزاعة لإثارة مخاوف الناخبين مشيعة معلومات مظللة عن الاثار السلبية لاستقبال اللاجئين والعبء الاقتصادي وفرص التوظيف والمخاوف من تعريب وأسلمة أوروبا.

وإذا صح ما اعتبره بعض المراقبين بأن ترامب، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كان ضحية لجائحة الكورونا، وإنها اصبحت أحد أسباب هزيمته، تبعا لفشله في إدارة الازمة وما عانته الولايات المتحدة بسبب ذلك، فان الاحزاب اليمينية المتطرفة، في أوروبا يبدو ستنال حصتها إذ ان العديد من الدول حيث لا يحكم اليمين المتطرف، فنلندا مثلا، تمت إدارة ازمة جائحة الكورونا فيها بشكل بارع بشهادة منظمات عالمية.

المصدر