قوى مقربة من الحشد الشعبي تعرقل اتفاق سنجار وترفض مغادرة الـPKK

413

بغداد/ تميم الحسن

مضى شهر تقريبا على اتفاقية “تطبيع سنجار”، فيما يبدو ان الحكومة “تتجنب” تنفيذ البنود حتى الان، بسبب ضغوط من قوى سياسية قريبة من الحشد الشعبي، بحسب مسؤولين.

وتتضمن الاتفاقية التي أبرمت بين بغداد واربيل، في تشرين الاول الماضي، 3 محاور: ادارية، إعادة اعمار، وامنية تشمل طرد قوات حزب العمال الكردستاني (Pkk) من سنجار.

وقد تعجز الحكومة ــ بحسب بعض الآراء ــ عن ابعاد تلك القوات التي اصبحت تختبئ تحت غطاء الحشد الشعبي.

وكان من المفترض ان تعقب الاتفاقية نسخ متشابهة، لتشمل المناطق التي تعرف باسم “المتنازع عليها”، فيما اذا نجحت تجربة سنجار التي تبدو متعثرة حتى الان.

ويقول عصمت رجب، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني لـ(المدى) ان “حكومة بغداد تتجنب حتى الان تنفيذ بنود الاتفاقية”، مشيرا الى ان اكبر عقبة امام الاتفاقية هي وجود قوات غير رسمية في سنجار.

وبحسب نسخة مسربة من تنفيذ الاتفاقية، والتي تتضمن 9 بنود ضمن المحاور الثلاثة، تؤكد على انهاء تواجد الـ”pkk” واي قوات مسلحة “غير قانونية” خارج حدود سنجار.

ولا يعرف على وجه التحديد عدد العناصر المسلحة في سنجار، لكنها تقدر حسب مصادر بأكثر من 10 آلاف عنصر، بينهم جنسيات غير عراقية.

ويضيف رجب، وهو عضو في الحزب الديمقراطي في نينوى، ان “العناصر المسلحة في سنجار محسوبة على الحشد الشعبي، وهم بالنتيجة لديهم اعتراضات وخطة اخرى لوضع المدينة”.

وجاء الاتفاق، بحسب مسؤولين كرد، بعد اشهر من التفاهمات بين بغداد واربيل، وتبلورت في زيارة الكاظمي الشهر الماضي الى اربيل.

ووصف أحمد ملا طلال، الناطق باسم رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، الاتفاق بـ”التاريخي” لتعزيز سلطة الحكومة في قضاء سنجار.

وقال ملا طلال، في تغريدة على حسابه بموقع (تويتر) في تشرين الاول الماضي، إن “رئيس مجلس الوزراء، رعى اليوم اتفاقًا تاريخيًا يعزز سلطة الحكومة الاتحادية في سنجار وفق الدستور، وينهي سطوة الجماعات الدخيلة، ويمهد لإعادة إعمار المدينة، وعودة أهاليها، وبالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان”.

بداية الانقلاب

في نهاية 2018، شهدت سنجار لاول مرة سيطرة حزب غير عراقي على المدينة التي كانت محتلة من تنظيم داعش.

واستطاع الـ (pkk) المعارض لتركيا من الاستحواذ على مقاليد السلطة في سنجار بالاتفاق مع بعض القوى المحلية المرتبطة بالحشد الشعبي هناك.

واختبأ الحزب المعارض لتركيا، وراء قوات إيزيدية في المدينة تعرف بـ”اليبشة” تأسست قبل 6 سنوات، وهي في الحقيقة مكونة من عناصر (pkk) أو مؤيدة له على أقل تقدير، وتشكل الإدارة الحالية لسنجار، على الرغم من رفض حكومة نينوى ذلك الإجراء.

واختارت الادارة الجديدة، بعد ان طردت الادارة السابقة والتي كانت منتخبة من مجلس محافظة نينوى في 2015، قائممقام ومدير ناحية ثم شكلت مجلس قضاء في سنجار.

و”اليبشة” تشكيل ظهر في عام 2014، بعد احتلال داعش لسنجار، حيث جند حزب العمال بعض الشباب الغاضبين من التنظيم المتطرف، ثم شاركوا جنبًا الى جنب في عمليات التحرير.

وهاجمت تركيا نحو 1000 مرة مناطق في شمالي العراق في السنوات الاربع الاخيرة، بذريعة ملاحقة الـ”pkk”.

ويقول عصمت رجب ان “اغلب مسلحي حزب العمال هم من جنسيات سورية وتركية وايرانية، والعراقيين بينهم قلة قليلة”.

تحذيرات بارزاني

امس، قالت وسائل اعلام كردية ان مجموعة من عناصر حزب العمال الكردستاني شنت هجومًا على البيشمركة، وأعلن مدير ناحية جمانكي التابع لمحافظة دهوك أن الهجوم “أسفر عن إصابة ثلاثة من البيشمركة بجروح”.

وفي الأسبوع الماضي، أعلن حزب العمال أنه مقاتليه استهدفوا، أنبوب تصدير نفط إقليم كردستان ما تسبب بإيقاف عملية تصدير نفط الإقليم.

ويأتي هجوم اليوم بعد أن حذّر رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، من تدهور الأوضاع جراء النزاع الدائر بين تركيا ومقاتلي حزب العمال في المنطقة الحدودية بالإقليم.

وأشار بارزاني يوم الاثنين في بيان، إلى أن تصرفات حزب العمال “غير مقبولة”، داعيا الحزب إلى إنهاء “احتلاله لتلك المناطق” لتجنب المزيد من الصراع.

وكانت بدايات حزب العمال قد ظهرت قبل عام 2003. وبعد سقوط نظام صدام صار لديهم حزب رسمي باسم “الحركة الديمقراطية الإيزيدية الحرة”.

وبعد احتلال داعش للمدينة نزل “حزب العمال” من جبل قنديل في 2014 لنصرة الإيزيديين بعد احتلال “داعش”. ويقع قنديل في إقليم كردستان عند نقطة التقاء الحدود العراقية الإيرانية التركية، ويمتد بعمق نحو 30 كيلومترًا داخل الأراضي التركية، ويبعد بنحو 150 كيلومترًا عن أربيل.

ويرتبط جبل قنديل بالنشاط العسكري لحزب العمال الكردستاني الذي يقع جلّ معسكراته ومراكز تدريبه هناك رغم أنها خارج الأراضي التركية. ولذلك طالما استهدفها الطيران الحربي التركي بالغارات، لكنه فشل في الحد من النشاط العسكري للحزب.

وأقام حزب العمال بُنية تحتية لمقاتليه في الجبل الوعر. ومع أنه ليس هناك إحصاء دقيق لعدد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في الجبل فإن التقديرات تشير إلى أن عددهم لا يتعدى الأربعة آلاف مقاتل.

زيادة سطوة الـpkk

ويقول سيدو حسين، وهو مسؤول ايزيدي سابق، لـ(المدى) انه “منذ اعلان الاتفاقية وحزب العمال يزداد في سطوته على المدينة، ولم نشاهد اي انسحاب لجماعات مسلحة من سنجار”.

بعد ازدياد التهديدات التركية في آذار 2017، باقتحام سنجار لملاحقة حزب العمال، أعلن الأخير انسحابه من المدينة، فيما تسلم “اليبشة” مقراته هناك.

ويدعو حسين، وهو عضو في مجلس محافظة نينوى (المنحل): “حكومة بغداد الى فرض القانون في سنجار وطرد تلك القوات بالطرق الدبلوماسية او بالقوة”.

ومنذ بداية القتال بين حزب العمال والجيش التركي داخل الأراضي العراقية، تم إخلاء 519 قرية، منها 363 في محافظة دهوك و118 في محافظة أربيل و40 قرية في محافظة السليمانية.

وبحسب مصادر الـ(المدى) ان بعض القوى الشيعية تتحفظ على اختيار قائممقام كردي لسنجار وعودة قوات البيشمركة الى المدينة، الى جانب رفض سحب القوات التابعة للحشد.

ويقول عصمت رجب، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ان “منصب القائممقام حسب الاتفاقيات هو من نصيب الكرد وعلى ان يكون ايزيديًا ايضا”، مبينا ان “البيشمركة ستقف على حدود سنجار بمسافة لا تقل عن 5 كم”.

وتتخوف القوى الشيعية من اتساع الاتفاق الذي ابرم بخصوص سنجار، الى مدن اخرى، خصوصًا مع اعلان بغداد مؤخرا، فتح مراكز امنية مشتركة في المناطق المتنازع عليها.

ويعيش اكثر من مليون شخص من القومية الكردية في المناطق المشتركة بين بغداد والاقليم والتي تمتد لمساحة 37 الف كليومتر مربع.

المصدر