وأد الفتنة

420

علاء هادي الحطاب

نتذكر جيداً قصة الاب الذي اقتربت منيته فجمع اولاده وطلب منهم ان يحضروا مجموعة من اعواد الخشب، ثم طلب ان يكسروا الاعواد مجتمعة كحزمة واحدة وعندما فشلوا طلب منهم ان يكسروهن فرادا فنجحوا بذلك فأخبرهم ان حالهم بعد موته كحال هذه الاعواد ان تفرقت يسهل كسرها وان اجتمعت لن ينال منها احد. القصة وان كانت بسيطة، لكنها عظيمة في هدفها واضحة في مقصودها، لذا نجد ان الامم والشعوب اذا توحدت يصعب هزيمتها بل يصعب النفوذ الى داخلها عكس الشعوب المتناحرة او المختلفة فانها ستكون بيئة خصبة لخصومها في سبيل تمرير اجندتهم، لذا تجد الدول في اطار صراعها على مصالحها مع دول اخرى تستثمر كل الوسائل المشروعة في اطار ذلك الصراع ومن هذه الوسائل خلخلة الاستقرار الداخلي الذي يعد البوابة الاولى والاهم لكل “خير” ممكن ان يأتي لهذا البلد، فالاستقرار الداخلي مفتاح للبناء والاعمار والتنمية والتعليم والصحة وغيرها وبفقدانه تفقد الدولة كل ذلك واكثر. ما حصل في صلاح الدين وديالى من جرائم ارهابية راح ضحيتها عدد من المواطنين الابرياء في هاتين المحافظتين يؤشر على وجود اياد ومخطط ومحاولات لاعادة الفتنة الطائفية التي اكلت الاخضر واليابس في البلاد ولا نزال حتى اليوم نعاني من اثارها، لاسيما ان للفتنة الطائفية محركات ليست داخلية فحسب بل محركات خارجية كبيرة جدا، محركات ذات مقاصد سياسية واقتصادية وايديولوجية واجتماعية وثقافية وغيرها، محركات وجدت في العراق بيئة خصبة للنفاذ وتمرير ما تريده. اليوم وبعد ان اكتوى الشعب العراقي بنيران هذه الفتنة واضمحلالها لاسيما بعد الانتصار على عصابات داعش الارهابية وتحرير جميع مدننا. تحاول تلك المحركات الداخلية والخارجية اعادتها الى الواجهة مع خضم احداث جسام تعيشها البلاد من تظاهرات مطلبية وصراع سياسي وركود اقتصادي وتراجع قيمي مجتمعي واحباط نفسي لدى طبقات واسعة من المجتمع في محاولة لرسم “سوداوية” لكل شيء في العراق. ربما يعترض بعضنا على وجود نظرية المؤامرة في هذه الحوادث وهذا امر طبيعي، لكن الحوادث الصغيرة ان لم تتم معالجتها تتحول الى ارضية خصبة لتنفيذها وتوسعها. مطلوب منا كل حسب موقعه ودوره وأد تلك الفتن والصراعات واشاعة ثقافة الوحدة فيما بيننا لان الرأي العام صناعة يجيدها الكتاب والمدونون والنخبة المثقفة والاحزاب ومنظمات المجتمع المدني ومنابر الوعظ والارشاد وشيوخ العشائر وكل تجمع بشري منظم بضابطة معينة. لذا علينا ان لا ننظر للاحداث بل نكون فاعلين ايجابيين فيها باتجاه وأد تلك الفتن لقطع الطريق على من يحاول النفاذ الينا من خلالها.المصدر