حذر قانونيون عراقيون من “ورطة قانونية” يعيشها العراق حاليا بعد اختلال نصاب المحكمة الاتحادية العليا، التي تعتبر أعلى هيئة قانونية عراقية مختصة بالفصل بين النزاعات القانونية بين السلطات العراقية والتصديق على نتائج الانتخابات.
وبعد تقاعد عضو المحكمة القاضي فاروق السامي قبل نحو عام حاولت المحكمة الاتحادية تعيين أحد القضاة الاحتياط لشغل منصبه، لكن في ذلك الوقت كان كل الأعضاء الاحتياط متقاعدين ولا يمكن الاستعانة بهم لملء الفراغ في المحكمة.
ويتمتع الأعضاء الأساسيون في المحكمة الاتحادية بمناصبهم مدى الحياة أو إلى حين طلبهم الإحالة إلى التقاعد، لكن هذا لا يسري على الأعضاء الاحتياط الذين تسري عليهم أحكام العمر وسنوات الخدمة الاعتيادية.
وأدت وفاة العضو الآخر في المحكمة، القاضي عبود التميمي، الأحد، إلى زيادة الخلل في نصاب المحكمة العليا وفاقمت المشكلة القانونية التي يمر بها العراق حاليا.
وبحسب الخبير القانوني علي التميمي ، فإن “المادة الخامسة من قانون المحكمة توجب أن تعقد جلسات المحكمة بحضور كامل هيئة المحكمة وبعكسه تكون قراراتها غير صحيحة”.
وهذا يعني أن المحكمة لن تتمكن من المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات، بحسب التميمي الذي قال إنه “لا يمكن وفق هذه الحالة المصادقة على أي انتخابات مبكرة أو عادية”.
واقترح التميمي العودة إلى مادة قانونية ملغاة من قانون المحكمة الاتحادية تتيح ترشيح مجلس القضاء لأعضاء المحكمة الاتحادية وتمنح صلاحية الموافقة على الترشيح لـ”هيئة الرئاسة”، التي كانت تشكل سابقا من رئيس الجمهورية ونوابه.
لكن المحكمة نفسها ألغت هذه المادة في السابق لكي تضمن استقلاليتها وعدم “ولاية الغير عليها”.
ولحل هذه “الورطة” كما يعبر عنها القانوني سعيد البكاء، فإن على مجلس النواب العراقي تشريع مادة بديلة “تضمن استقلال المحكمة الكامل”.
البكاء قال إن العراق أصبح أمام “فراغ دستوري وقانوني”، يحتم على مجلس النواب “تحمل مسؤوليته التاريخية والتعجيل بتشريع قانون المحكمة المنصوص عليه في الدستور “، مضيفا أن “الانتخابات المقبلة مهددة بسبب نقص نصاب المحكمة الاتحادية”.
وتعهدت الحكومة العراقية التي يرأسها مصطفى الكاظمي بإقامة انتخابات مبكرة بعد احتجاجات دامية امتدت لأشهر وأدت إلى إسقاط حكومة عادل عبد المهدي.
وكان مطلب الانتخابات المبكرة وتعديل قانون الانتخابات الحالي من أبرز مطالب المحتجين الذين يهددون حاليا بإعادة زخم الاحتجاجات في 25 أكتوبر/تشرين الاول الحالي.
بدوره ، اعتبر الخبير القانوني طارق حرب ، أن التصويت على قانون المحكمة الاتحادية الجديد «مستحيل»، لكونه يتطلب موافقة وتصويت ٢٢٠ نائباً، وهذا ما يصعب تحقيقه، وهو ذات السبب الذي أدى إلى تعطيل القانون منذ عام ٢٠٠٦.
وأوضح حرب لـ (باسنيوز)، أن «الحل الوحيد المتوفر لكي تستطيع المحكمة الاتحادية عقد جلساتها من جديد هو تعديل قانونها الحالي لكي يتم السماح بعقد الجلسات مع حصول نقص في عدد أعضائها أوالسماح بترشيح القضاة إليها عبر آلية محددة، وهذا التعديل سيحتاج إلى الأغلبية البسيطة بقدر ٨٥ نائب فقط، وهو أمر يمكن تحقيقه».
لافتاً إلى أن «بعض الكتل السياسية التي لا تريد إجراء الانتخابات المبكرة تعمل على عرقلة التصويت على قانون المحكمة، لكونها تعلم أنه لا يمكن إجراء الانتخابات دون التصويت على قانون المحكمة الاتحادية بما يخولها الانعقاد والمصادقة على نتائج الانتخابات».
أما القانوني سعيد الصافي ، فقال إن الصراع بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية على الصلاحيات القانونية وصلاحيات ترشيح أعضاء المحكمة “سيستمر” طالما لم يشرع البرلمان قانونا”.
واقترح الصافي أن يكون القانون “مشابها لقوانين الدول التي تمتلك هيئات قانونية مشابهة مثل الولايات المتحدة”.
وفي حالة الولايات المتحدة، فإن الرئيس هو من يرشح أعضاء المحكمة العليا، لكن الترشيح لا يكون باتا بدون موافقة مجلس الشيوخ في الكونغرس.