هل تستنسخ المليشيات الشيعية تجربة الحوثيين وتسيطر على العاصمة بغداد؟

890

وكشفت مصادر أمنية عن تفاصيل خطة تعكف الميليشيات التابعة لإيران على تنفيذها في بغداد منذ شهور، بهدف محاصرة المنطقة الخضراء، حيث تقع مقرات الحكومة والبرلمان والبعثات الدولية والسفارات وفي مقدمتها سفارة الولايات المتحدة.

ويأتي الكشف عن هذه التطورات في ظل مساع حثيثة يبذلها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لمنع بعثة الأمم المتحدة وسفارات الولايات المتحدة ودول أوروبا والخليج من مغادرة العاصمة العراقية، بسبب التهديدات الأمنية الجادة التي تتعرض لها، وشيوع عملية قصف مقرات البعثات الأجنبية بالصواريخ، فضلا عن تزايد عمليات استهداف الأرتال التابعة للتحالف الدولي الخاص بمحاربة تنظيم داعش.

تجربة الحوثيين .. نبراس أمام الفصائل

وعززت عدة ميليشيات شيعية وجودها العسكري في منطقتي الجادرية ضمن جانب الرصافة والصالحية ضمن جانب الكرخ، بحجة حماية مقرات تملكها هناك من تهديد حركة الاحتجاج الشعبية الواسعة التي انطلقت في تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

لكن المصادر الأمنية تقول إن غطاء حماية مقراتها من المتظاهرين سمح للميليشيات التابعة لإيران بنشر ما يقرب من 4 آلاف مسلح في محيط المنطقة الخضراء خلال الشهور الماضية، ليرتفع بذلك عدد المسلحين، غير الرسميين، إلى نحو 7 آلاف.

وبالإضافة إلى نحو 3 آلاف مسلح ينتمون إلى الحشد الشعبي رسمياً وينتشرون داخل المنطقة الخضراء بشكل فعلي حاليا، تقول المصادر إن لدى الميليشيات قرابة 10 آلاف عنصر جاهز للسيطرة على قلب الحكومة العراقية في أي لحظة أو اقتحام أي سفارة عربية أو أجنبية.

ويقول مراقبون ومختصون في الشأن الأمني، إن مثل تلك الخطة نفذتّها إيران سابقاً، عندما سيطر الحوثيّون في اليمن عام 2014، على محافظة صنعاء عاصمة البلاد عقب اشتباكات مسلحة، حيث استغلت ضعف الأجهزة الأمنية وتهاونها في تطبيق القانون.

وجاءت اشتباكات صنعاء بين ميليشيات أنصار الله بقيادة عبد الملك الحوثي، وقوات من الجيش اليمني، عقب سلسلة احتجاجات منددة بقرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وجاءت الاحتجاجات بعد معركة عمران التي سيطر الحوثيون فيها على محافظة عمران ومقر اللواء 310 مدرع الذي يتمركز في مدينة عمران.

وفي 21 أيلول/ سبتمبر، سيطر الحوثيين على صنعاء واقتحموا مقر الفرقة الأولى، التي كان يقودها علي محسن الأحمر ومقر جامعة الإيمان المجاور لها، وسيطروا على مؤسسات أمنية ومعسكرات ووزارات حكومية ومنشآت هامة في وسط العاصمة دون مقاومة من الأمن والجيش، وجرى بعدها التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية بين الحوثيين والمكونات السياسية الأخرى.

في هذا السياق، يرى الخبير في الشأن الأمني العميد المتقاعد حميد العبيدي، إن «القوى الشيعية والفصائل المسلحة لا طريق أمامها في حال ساءت الأوضاع، غير إعلان السيطرة على العاصمة بغداد، وإعلان الحرب على القوى المناوئة لها مثل الولايات المتحدة والدول العربية مثل السعودية والإمارات وغيرها، وهذا يمثل انتحاراً سياسياً للأحزاب المسيطرة على مقاليد الحكم في البلاد».

وأضاف العبيدي، في تصريح أنه «عقب بدء الخطة الأمريكية ضد الفصائل المسلحة، قد ندخل في نفق مظلم، لا نعرف تداعيات الأوضاع بعده، خاصة إذا تعرضت قيادات المليشيات إلى قصف أو استهداف، وهو ما يضطر المليشيات إلى الرمي بكل أوراقها في الساحة».

ولفت إلى أن «مخطط محاصرة العاصمة بغداد، واستنساخ تجربة الحوثيين واردة بشكل كبير، مع التدهور الحاصل في الملف الأمني وتصاعد الأزمة المالية، وعدم قدرة المؤسسة العسكرية على ضبط الأوضاع».

حادثة سابقة.. مؤشر خطير

وفي السادس والعشرين من شهر يونيو/ حزيران الماضي، عاشت العاصمة بغداد لحظات فارقة بعد أن انتشر المئات من عناصر ميليشيا حزب الله في شوارعها وجابوا بأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة في الأحياء القريبة من المنطقة الخضراء، احتجاجاً على مداهمة قوات مكافحة الإرهاب العراقية، مقر ميليشيا (كتائب حزب الله جنوبي بغداد وشنت اعتقالات، وصادرت 9صواريخ كانت معدة للإطلاق.

وكشفت مصادر أمنية حينها، أن قائد كتائب حزب الله، عبد العزيز المحمداوي الملقب بـ (أبو فدك)، وأبو زينب اللامي يقودان الميليشيات التي حاولت «تطويق القصر الرئاسي ومقر جهاز مكافحة الإرهاب»، من أجل الضغط على الحكومة لإطلاق المعتقلين، وذلك بالتنسيق مع إيران التي تحكم قبضتها منذ سنوات على العراق وتسعى لتعزيز نفوذها ونفوذ جماعاتها المسلحة.

وأوحت تلك الحادثة، بإمكانية أن تسيطر المليشيات على بغداد، وتعلن أحكامها، وتطارد رئيس الحكومة، خاصة وأن القوات الأمنية المكلفة بحماية المنطقة الخضراء وقفت مكتوفة الأيدي، ولم تحرك ساكناً أو تمنع المليشيات من دخول المنطقة المحصنة.

خطة انتشار الفصائل

بدوره، ذكر مصدر أمني مطلع، أنه «يتواجد في المنطقة الخضراء حالياً عناصر من 3 ألوية مسلحة تابعة لفصائل مختلطة، منها بدر والعصائب والخراساني وحزب الله العراقي والنجباء، موزعة على شكل مكاتب تابعة لتلك الفصائل ومقرات ونقاط من جهة الجسر المعلق ووزارة التخطيط وساعة بغداد».

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لـ (باسنيوز)، أن «بداية دخول هذه الألوية إلى المنطقة الخضراء كانت بعد إقرار قانون الحشد الشعبي برلمانياً عام 2016، لكن بعد تولي عادل عبد المهدي رئاسة الحكومة تم إدخال 3 ألوية من الفصائل، كجزء من عملية التمكين والاتفاقات مع قيادات الحشد، وعدم الثقة بالقوة الممسكة للمنطقة الخضراء».

في المقابل فإن تحالف الفتح، الجهة السياسية للحشد الشعبي، أكد رفضه لهذا التوجّه، ملمحاً بتحرك ضد الحكومة في حال أقدمت على ذلك.

وقال النائب عن التحالف، محمد كريم: «لم يرد إلينا أي معلومات بشأن قرار حكومي أو عسكري بإخلاء المنطقة الخضراء من القوات الأمنية، وفقاً لطلب أمريكي»، معلناً في تصريح صحفي أنه «لا يمكن القبول بذلك».

وشدّد على أن «هذا القرار في حال تم، فسيدفع القوى البرلمانية والسياسية إلى اتخاذ موقف وتحرك تجاه الحكومة، فالمنطقة الخضراء عراقية، وحمايتها حصراً تكون من قبل القوات العراقية».

وأعادت السلطات العراقية توزيع بعض قوات الأمن داخل المنطقة الخضراء، حيث كلف الكاظمي اللواء الركن حامد الزهيري بمهمة قيادة الفرقة الخاصة المسؤولة عن تأمين المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد.

والزهيري، خريج كلية ساندهيرست البريطانية، والعميد السابق للكلية العسكرية العراقية، يعد أحد أشهر ضباط الجيش العراقي الحالي.

المصدر