ماكرون  والأصولية  الإسلامية  

421

بمقتضى كلام الرئيس الفرنسي ماكرون نعيد معكم السؤال من جديد ، هل حقاً أن الأصولية الإسلامية عاجزة ؟ ، وهل أن الإسلام يعيش بالفعل أزمة حقيقية ؟ ، في مستهل الجواب نقول : نعم ، هناك عجز وعجز كبير في قواعد التفكير والانتاج لدى المسلمين ، فلم تعد الاصول الاسلامية القديمة قادرة على معايشة الواقع والتأقلم معه ، ولم تعد منتجات العصور الوسطى للمسلمين باستطاعتها أن تبني افكارا توافق ما عليه حركة المجتمعات والدول ، والعجز نجده في التفاسير وفي المعاني وفي الفقه وفي الشريعة وفي عقيدة المسلمين ، التي ما عادت باستطاعتها السير وفقاً لنظام العلم الجديد ، إذن هناك ثمة حاجة لتغيير هذه الاصول ودفعها بعيدا عن ساحة الحياة ، والإعتماد على نوع و نمط من القواعد والأصول جديد يتماشى مع الواقع وحركة العلم والمعرفة في عالم اليوم .

ونقول : نعم كذلك ، ان الإسلام في المضمون العقيدي والتشريعي يعيش ازمة بل ازمات ، تبتدئ من طبيعة العلاقة مع الغير ومع المختلف ، ولا تنتهي مع الشروحات التاريخية للاسلام القديم ، فتلك الشروحات ومارافقها من اخبار انما كانت تعبر عن لحظة تاريخية معينة ، لا يجوز بحال اعتبار تلك الشروحات هي الاسلام ، أو ان رجال تلك المرحلة هم المسلمون وحدهم وهم الصورة وهم المثال ، فقد ثبت بالدليل و بما لا يقبل الجدل : – ان مراحل الانحطاط بدأت بالفعل من تلك المراحل التاريخية ، ولنقل بدأت مع ما سمي ببيعة السقيفة وما تلاها من تداعيات ، وحروب محلية واهلية بين جماعة الاسلام انفسهم ، من الحرب على مانعي الزكاة وصولا الى الحروب في الجمل وصفين ومقتلة كربلاء ، وأستباحة الكعبة وضربها بالمنجنيق – .

الاسلام المعروض هو صورة باهتة لحياة مليئة بكل ماهو قبيح وسيء ، ومما يثير القرف والسخرية هذه الزوبعة وهذا الهراء من الكلام الذي قال به شيخ الازهر ووافقته عليه جماعة قطر من مرتزقة الاخوان ، هؤلاء جميعاً مغفلون أو مغرر بهم أو انهم يناكفون في المجهول ، فالإرتكاس الاسلامي لم ينبه عليه الرئيس ماكرون ، وانما هو تراكم من الاخطاء والممارسات الفاسدة ، من عصر الخلفاء والى يومنا هذا ، فكل جماعة فيه تقدم صورة عن هذه السوداوية التي تلف هذا العالم الغبي .

الاسلام لم يتحرر من مفردات ذلك الزمن التاريخي التعيس ، ولهذا لم يتقدم خطوة باتجاه الانسانية وما تتطلبه وما توجبه ، فهو لا يؤمن بدولة الانسان و جماعته إنما يعتمدون المكر والحيلة والمخاتلة في قضاء حوائجهم والترويج لمخلفات أرائهم ، على ظن فاسد منهم ان يتغير الحال وترجع بهم الساعة إلى تلك الحقب المظلمة ، ولكم في ايران مثلا وكيف أنها تجاهر بطريقة المعرفة التي تغمسها بشعارات مسخ لا تنتمي للواقع بصلة ، ومنها اشتقت جماعة الاسلام السياسي في طالبان والقاعدة واخيرا داعش هذا المنحى الفاسد .

ثم يبشر الجهلة بان الإسلام فيه الحل ، أو أن الشعوب تترجى طريقة حكمه للمجتمع والدولة ، ماكرون لم يكن عبثياً ولم يرد التصادم ، بل كان يسعى للإعلان عما يجب ان تتبرء منه الحاضنة المسلمة لهذا الزيف المخادع ، هو يريد التنبيه ويريد تحفيز العقول لما يمكنها القيام به ، في ظل عجلة من التقدم غير قابلة للرجوع الى الوراء ، هو لا يريد من المسلمين الانعزال والانطواء ، بل يريد لهم المشاركة والتعايش ودفع موبقات الماضي التعيس ، وتشريعاته واحكامه فثمة متغير كبير حدث ويحدث ، ماكرون دق ناقوس الخطر عن عمد او عن براءة ، لكنه فعل ذلك من اجل المصلحة العامة ، فهل يستجيب المسلمون لذلك ويقوموا بعملية نقد واسع وكبير ؟ ، وتخطي لمراحل الإنكماش والتخلف ، هذا ما نرجوه مع الرئيس ما كرون ..

يوسي شيخو

المصدر