تصريحات حكومية خجولة عن التوصل لمطلقي صواريخ الرضوانية

446

بغداد/ تميم الحسن

ترى لجنة الامن والدفاع في البرلمان ان هناك “تقصيرا امنيا” واضحا في متابعة “خلايا الكاتيوشا”، خصوصا بعد مقتل واصابة 7 من عائلة واحدة جراء سقوط صاروخ على منزل غربي بغداد.

وتحدث وزير الداخلية عثمان الغانمي، امس، بصورة خجولة عن مطلقي الصواريخ التي سقطت على منزل في الرضوانية. وقال في مؤتمر صحفي بكربلاء، ان الوزارة “تمكنت من الوصول الى الجناة”، من دون تأكيد اعتقالهم من عدمه. واعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي -عقب سقوط الصاروخ الذي كان يبدو انه موجها الى مطار بغداد – تشكيل لجنة جديدة لمتابعة تلك الهجمات.

وانكرت منصات رقيمة تابعة لجماعات مسلحة تطرح نفسها كفصائل “مقاومة شيعية” صلتها بالهجوم، فيما اعتبرت قوى سياسية شيعية ما يحدث “خلط اوراق” و”الصاق تهم بالمقاومة”.

وكان نواب قد اقترحوا على الحكومة، في ظل تصاعد الهجمات على البعثات الدبلوماسية وقوات التحالف في العراق، باستنساخ تجربة الحرب ضد داعش للقضاء على تلك المجاميع. وحتى الان تعتبر تلك الجماعات، مجهولة على الرغم من ظهور مواقف مشابهة من بعض قيادات الحشد الشعبي، مثل اكرم الكعبي قائد حركة النجباء.

مراقبة مواقع القصف

صباح امس، شيع في الرضوانية، غربي بغداد، ضحايا القصف الصاروخي، وسط اجواء هستيرية وغضب من ذوي الضحايا.

وقال بدر الزيادي، عضو لجنة الامن في البرلمان، ان “هناك تقصيرا كبيرا من القيادات الامنية” في ملاحقة تلك الجماعات التي تقصف بالصواريخ.

وكان الكاظمي قد وجه، عقب الهجوم، بإيداع القوة الأمنية الماسكة والجهات الأمنية المعنية في التوقيف، لتقاعسها عن أداء مهامها الأمنية.

وأمر الكاظمي بفتح تحقيق فوري في حادث منطقة البوشعبان (البو عامر) التابعة لقضاء الرضوانية في بغداد، وملاحقة الجناة مهما كانت انتماءاتهم وارتباطاتهم لينالوا أشد العقوبات.

وكانت قيادة العمليات المشتركة قد اعلنت، مساء الاثنين، عن “استشهاد خمسة أشخاص، (ثلاثة أطفال وامرأتين) وجرح طفلين”، جراء استهداف بصاروخي كاتيوشا سقط احدهما في منزل إحدى العوائل الآمنة وتدميره بالكامل قرب مطار بغداد.

وجاء الهجوم في اعقاب تصاعد الانباء عن قرب اغلاق السفارة الاميركية، جراء استمرار استهدافها من قبل “خلايا الكاتيوشا”.

وكررت تلك الجماعات الهجمات بالعبوات الناسفة والصواريخ، نحو 60 مرة منذ ايار الماضي، ضد السفارة ومطار بغداد وارتال الدعم اللوجستي لقوات التحالف، من دون اعتقال الفاعلين.

ويضيف النائب بدر الزيادي في اتصال مع (المدى) امس: “يمكن للقوات الامنية ان تسير طائرات لمعرفة مكان القصف، وقوات التحالف لديها تقنيات يمكن ان تساعدنا بذلك”. وكان الكاظمي قد اعتقل نهاية حزيران الماضي، 13 عنصرا من كتائب حزب الله في الدورة جنوبي بغداد، بتهمة قصف الخضراء، قبل ان يفرج عنهم بعد ذلك لعدم كفاية الادلة.

وتنشطر هذه الجماعات بشكل سريع، حيث اعلن في الاسبوع الحالي، عن 3 تشكيلات جديدة: قاصم الجبارين، الغاشية، أولو العزم، وبعضها اعلن تبنيه هجمات جديدة.

وقالت بيانات لتلك الجماعات على مواقع التواصل الاجتماعي، ان “قاصم الجبارين”، هو من نفذ عملية تفجير عبوة ناسفة على “رتل للقوات الاميركية” في اللطيفية، جنوب بغداد.

حملة إدانات

حادثة الرضوانية، كانت اولى الهجمات التي يسقط فيها ضحايا، حيث كانت الصواريخ تسقط احيانا على منازل مدنيين في محيط المنطقة الخضراء، لكن بدون اصابات.

ودان عدد كبير من السياسيين والاحزاب الحادث، ودعوا الى ملاحقة الفاعلين، فيما حذر آخرون من مخطط لـ”تدمير البلاد”.

وقال زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم في بيان إن “تكرار استهداف المنشآت العامة (..) ينم عن وجود مخطط لتدمير البلاد وجرها لأتون الفتنة وصراع الارادات”.

وحث الحكيم الجهات المعنية على الإسراع بمعالجة الامر و”معرفة مسببيها وتقديمهم إلى العدالة وعدم التهاون مع تعريض هيبة الدولة إلى الخطر”.

بالمقابل شدد تحالف القوى العراقية، على ان “جريمة الرضوانية لا يمكن ان تمر مرور الكرام”. وطالب التحالف في بيان، القائد العام للقوات المسلحة “باتخاذ قرارٍ جريءٍ في ملاحقة الجماعات المسلحة خارج إطار القانون”.

وكان الكاظمي، قد ايد في وقت سابق من الاسبوع الحالي، طلب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، باجراء تحقيق شامل على الهجمات الصاروخية.

وقال بدر الزيادي، وهو نائب عن كتلة سائرون المدعومة من الصدر، ان “اسماء اعضاء لجنة التحقيق لم تصل حتى الان، ونحن ننتظر علامات من الحكومة تدل على الجدية في هذا الموضوع”.

وتحاول الجماعات المسلحة، ان تصور تلك الهجمات بانها موجهة ضد اهداف عسكرية، وليس ضد مواقع دبلوماسية، حيث تصف تلك الخلايا السفارة الاميركية بانها “ثكنة عسكرية”. وعقب حادث الرضوانية، قالت مواقع تلك الجماعات، بان الولايات المتحدة تريد “تشويه سمعة المقاومة”.

واظهرت منصات رقمية تابعة للخلايا المسلحة خرائط وصور لموقع الرضوانية، ارادت منها اظهار ان القصف تم عن طريق القوات الاميركية. واعتمدت تلك الجهات في اتهامها على خبر سابق، قالت فيه السفارة الاميركية بانها ستجري تدريبات على استخدام منظومة الدفاع في السفارة، المعروفة باسم “سيرم”.

وقال تحالف الفتح (المظلة السياسية للحشد الشعبي) تعليقا على الحادث، ان “الارهاب وخلاياه (..) يحاول عبر هذه العمليات والخروقات خلط الاوراق وبث الفتنة واتهام الفصائل الوطنية المجاهدة”.

وكان تحالف الفتح الذي يتزعمه هادي العامري، قد دان في وقت سابق العمليات المسلحة ضد السفارات، واعتبرها لا تصب في مصلحة البلاد. الى ذلك، رفض الامين العام لكتائب سيد الشهداء ابو آلاء الولائي- احد تشكيلات الحشد الشعبي- “إلصاق جريمة الرضوانية بالمقاومة”.

وقال الولائي في تغريدة على (تويتر) إن “جرائم القصف العشوائي (..) فعل قبيح وحرام شرعًا، والاقبح منه محاولات إلصاقه المتكررة بالمقاومة بهدف احراجها امام الرأي العام”.

غياب التنسيق

وتعمل في بغداد 5 تشكيلات امنية وعسكرية، يقول عنها النائب الزيادي، انها “تعمل بدون تنسيق، ولم تستطع حتى الان اعتقال من يقصفون السفارة منذ اشهر”.

واكد النائب ان مديات “الكاتيوشا” بين 5 و8 كم، “ما يعني انه يمكن تطويق السفارة او اي مؤسسة لمسافة 15 كم، يجعلها بمأمن عن الهجمات”.

كما دعا الزيادي، الى تطويق ومراقبة كل الساحات الفارغة في بغداد، التي في العادة يتم منها اطلاق الصواريخ، كما طالب الحكومة بـ”اعادة تقييم القيادات الامنية”.

وكان صاروخ الرضوانية الاخير، قد نفذ من منطقة فارغة بين احياء حي الجهاد القريبة من مطار بغداد، بحسب المصادر، قبل ان يسقط على منزل يقع على سياج المطار.

بدوره، قال هريم كريم، العضو الآخر في لجنة الامن في البرلمان، ان “مواجهة تلك الجهات واعتقالهم مسؤولية رئيس الحكومة، وعليه ان يتحرك بسرعة”.

وبحسب تسريبات، ان الكاظمي بدأ امس، بتغييرات داخل المنطقة الخضراء، اولها استبدال المسؤول عن الفرقة الخاصة داخل المنطقة.

والفرقة الخاصة، هي معنية بحماية المؤسسات الحيوية داخل الخضراء، والسفارة الاميركية، كما تنتشر في بعض مناطق كركوك. وبحسب التسريبات ان الكاظمي، قام بتكليف اللواء الركن، حامد الزهيري بمهام قائد الفرقة الخاصة.

والزهيري كان نائبًا لقيادة المقر المتقدم للعمليات المشتركة في كركوك.

وجاءت تلك التغييرات عقب انباء عن احتمال اقتحام الخضراء، فيما كانت مجاميع مسلحة قد اقتحمت المنطقة المحصنة مرتين منذ العام الحالي.

ودخلت المجاميع آخر يوم في عام 2019 الى الخضراء وحاولت اقتحام السفارة الاميركية، كما هاجمت عناصر من كتائب حزب الله مقر مكافحة الارهاب داخل المنطقة، نهاية حزيران على اثر ما عرف بـ”عملية الدورة”.

ويشير النائب كريم في اتصال مع (المدى) الى ان “عمليات القصف المستمرة للبعثات الدبلوماسية وقوات التحالف ستضعنا في عزلة دولية”. واكد النائب ان العراق ما يزال بحاجة الى الدعم المالي والامني من الولايات المتحدة، مبينا ان البلاد امام مفترق طرق: “اما دولة آمنة او دولة خارجة عن القانون تعمها الفوضى”.

المصدر