مضامين الدراما التركية – الفرنسية موسكو ورعشة توتال الغازيّة

462

*كتب: المحامي محمد احمد الروسان*

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

من أمن الطاقة وتأثيراتها على المجال الجيوبولتيكي لمجتمع المخابرات التركي، ومن حلف نيتوي اقتصادي، باباحية فكرية في مواجهة سلاح الطاقة الروسي، والبعض العربي ذو التيه الفكري الكاميكازي، وتمذهب مسارات خطوط الغاز، الى أصحاب الأنوف الكبيرة، الذين يشمّون روائح الدم والغاز الطبيعي من المأساة السورية، فرادارات الأستراتيجيات الغربية والأمريكية،بنكهة شبق الطاقة.

وليكن واضحاً للجميع، اننا نؤمن بعروبة حضارية ثقافية ذات قيم ومبادىء ولا نؤمن بعروبة(عرفية)كما هو حال الأعراب والمتأسلمين، وبدون سورية ومصر يتحول الآخرون الى رخويات، فعلى مصر أن تخرج من المنطقة الرمادية ازاء ما يجري في سورية، والاّ الدور قادم عليها وعبر ليبيا لجعلها سورية أخرى، ونقل ما يجري في الداخل السيناوي الى داخل العمق المصري.

ومن هنا نشتبك بالتالي: –

الدولة التركية تعتمد بشكل كبير وحيوي واستراتيجي بادمان مزمن على مصادر الطاقة الخارجية وخاصةً النفط والغاز، وفي المعلومات تستورد أنقرة أكثر من خمسة وسبعين بالمائة من احتياجاتها من مصادر الطاقة المتنوعة، وتدفع ثمناً لذلك أكثر من خمسة وستين ملياراً من الدولارات الأمريكية سنويأً، بعبارة أخرى، ما تدفعه تركيا هو أكثر من ربع فاتورة وارداتها الأجمالية، وهذا يمكن اعتباره أهم معضلة عميقة ومتفاقمة تواجه تركيا، ولها عقابيلها وامتداداتها بالأمن القومي التركي، وتحت عنوان عريض: أمن الطاقة، ومحاولات الكيان الصهيوني في اللعب بأمن الطاقة التركي كما سنرى لاحقاً، بعد هندستها على المستوى الأمني المخابراتي، لتقود الى مستويات سياسية ودبلوماسية متقدمة وتنسيقات عسكرية ومخابراتية، خاصةً وبعد تحولات الميدان السوري لصالح الجيش العربي السوري العقائدي، ومحاولات الأخير العميقة والمتعددة والمستمرة لآغلاق الحدود مع تركيا بقوّة النيران بمساعدة حلفائه وخاصة الروسي والأيراني.

واضح أنّ تركيا وعلى لسان المسؤولين الاتراك، أنّ جيش بلادهم لن تسمح بفرض الأمر الواقع في جميع البحار، وأنه سيواصل حماية حقوق ومصالح تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية في شرق البحر المتوسط.

والسؤال: ما هو الأمر الواقع الذي يتحدث عنه المسؤولين، ويتوعدون بتغييره؟ وما هي حقوق تركيا وشمال قبرص التركية التي يتمسك كوادر الدولة التركية؟ إنه التوتر الذي يحكم الآن منطقة شرق البحر المتوسط، التي تعيش ما يشبه الحرب الباردة جراء التداخل بين النزاع على مناطق وجود الغاز الطبيعي، مع الصراعات الحدودية والسياسية التاريخية مثل تلك بين تركيا واليونان وقبرص والتوترات الأيديولوجية والسياسية الأحدث كتلك التي بين تركيا ومصر والكيان الصهيوني، وبين تركيا اردوغان وفرنسا ماكرون.

ورغم الرسالة الحادة التي وجهها جلّ المسؤولين في تركيا، فإنّ هناك من يرى أن الاقتصاد سيتغلب في النهاية على السياسة، وخطوط الغاز هي التي ستعيد تشكيل تقاطعات مصالح دول المنطقة، وليست الخلافات الأيديولوجية والسياسية. سؤال: ألم يقل فخامة الرئيس التركي، أنّ تركيا بحاجة الى “اسرائيل” “واسرائيل” بحاجة الى تركيا في المنطقة؟ الحوارات تجري على قدم وساق على طول خطوط علاقات مجتمع المخابرات الأسرائيلي ونظيره التركي بالمعنى الرأسي والعرضي، مرة هنا في المنطقة، ان في مفاصل الجغرافيا التركية، وان في مفاصل جغرافية الكيان الصهيوني(جغرافية فلسطين المحتلة)، ومرات هناك في جنيف وغيرها.

وهذا يشكل في الواقع خاصرة اقتصادية رخوة للغاية(أمن الطاقة التركي)، ولم يشفع الموقع الأستراتيجي والمحوري لتركيا، حصولها

على أمن في الطاقة وطاقة رخيصة الثمن مستوردة، وأنقرة حلّت بالمركز الثاني بعد الصين في وتيرة ازدياد الطلب على الغاز والكهربا، حيث الصين الدولة الأشد عطشاً للطاقة على مستوى العالم، والثانية أي تركيا تماثلها في شدّة العطش للطاقة.

وأنقرة تعتمد بشكل أساسي على روسيّا في استيراد الغاز وبشكل منتظم وبأسعار عادية الى حد ما(ثمة عقوبات اقتصادية فرضتها موسكو على أنقرة سابقاً، بعد اسقاط السوخوي العسكرية الروسية في حينها عام 2015 م، والتي كانت في مهمة في الداخل السوري على جانب الحدود مع تركيا، فالعقوبات تدفع تركيا نحو عمق الحضن الأسرائيلي، بخضوع شبه كامل لحالات الأبتزاز الأسرائيلي للتركي، وهذا ما تلحظه روسيّا دوماً)، مع استيرادها لكميات أخرى من ايران والعراق وأربيل وأذربيجان وقطر والجزائر، وهناك مسارات ضغوط تمارس على النخبة الحاكمة في أنقرة، لفتح شراكات مع “اسرائيل” لأستيراد الغاز الطبيعي منها، وعبر انشاء خط من الأنابيب يمتد من حقول للغاز تقع غرب ميناء حيفا المحتل، وعبر قبرص اليونانية الى الداخل التركي، ونعتقد أنّ هذه المحاولة الأسرائيلية عبر واشنطن تشكل قمّة الخطورة، كونها تدخل كطرف أساسي في خطة الأمن القومي التركي بشكل عام وأمن الطاقة Energy security، وأمن المجال الحيوي التركي وللتأثير على المجال الجيوبولتيكي لمجتمع المخابرات التركي، ان لجهة الداخل التركي المحتقن أصلاً بفعل الحدث السوري وارتدادات الأرهاب المدخل الى الداخل التركي، حيث ادلب باتت قنبلة قد تنفجر في أي

لحظة في الوجه التركي، وان لجهة الخارج التركي الساخن والمتحفّز أصلاً للهجوم على أنقرة وبفعل الحدث السوري أيضاً وشرق المتوسط، وتوظيفات أنقرة لورقة اللجوء السوري لممارسة الضغوط المطلوبة على القارة الأوروبية العجوز وعلى رأسها ألمانيا، حيث ألمانيا مؤخراً تساوقت مع تركيا درجة الثمالة في المواقف من حيث تداعيات الوضع السوري، في موقف غريب ويخضع لمزيد من القراءات المختلفة من قبل مراكز الدراسات التي تقدّم توصياتها الى مجتمعات المخابرات الأقليمية والدولية المعنية بالشأن التركي والألماني.

وفي المعلومات الحديثة نجد أنّ العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، تضغط على تركيا من أجل الدخول في شراكة حقيقية مع كل من قبرص اليونانية والكيان الصهيوني، لتشكيل حلف اقتصادي ثلاثي لمواجهة القبضة الفولاذية الروسية على سوق الطاقة في هذه المنطقة بالذات، وللحد من الطموحات الأيرانية ذات الأمكانيات الكبيرة والمتسارعة في النمو، وخاصةً بعد تمسك الأوروبي بالاتفاق النووي بالرغم من الأنسحاب الأمريكي الأحادي منه، وشروع الأوروبيون في مواجهة العقوبات التي فرضتها واشنطن على ايران مؤخراً، حيث المتضرر الأكبر بعد طهران هي أوروبا برمتها، وعقابيل ذلك الأيجابية على الدولة الوطنية الأيرانية، والتي لم تقدّم تنازل واحداً للغرب وللأمريكان منفردين أو مجتمعين أو حتّى لمجموعة خمسة زائد واحد على مدار المفاوضات لمدة سنتين، حيث

ملف الصواريخ البالستية الأيرانية، ليس جزءً من الأتفاق، ولم يكون ولن يكون وهو برنامج دفاعي بامتياز.

وتحدثت معلومات استخبارات الطاقة المسرّبة وعن قصد كما نعتقد، قامت وفود مشتركة من شركات أمريكية واسرائيلية بزيارة تركيا، للبحث في التوقيع على عقود(طاقوية)مع أنقرة لغايات انشاء خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي الأسرائيلي الى القارة الأوروبية، وعبر قبرص وتركيا تحت سطح البحر بطول يزيد عن 500 كيلو متر من حقل(لفيتان)البحري المحتل “الأسرائيلي”، والواقع غرب ميناء حيفا بمسافة 135 كيلو متر وحتى مرفأ جيهان التركي وبسعة 16 مليار متر مكعب، ثم على امتداد الساحل القبرصي وبعمق ألفي متر لأستحالة مروره طبعاً على الساحل اللبناني والسوري، والأخير هو الممر الأفضل لهذا الأنبوب وبتكلفة أقل ووقت أقل، وأضافت المعلومات أنّ تشغيل هذا الخط سيكون من منصة انتاج وتخزين وتفريغ عائمة على سطح البحر الأبيض المتوسط، قبل أن يتوجه نحو الشمال الشرقي باتجاه ساحل قبرص اليونانية كما أسلفنا للتو.

وأمام هذا المشروع الأقتصادي الطاقوي الخبيث باعتقادي، تحديات وعوائق كثيرة وليست محصورة فقط بالأبعاد المالية واللوجستية والوقت الذي يحتاجه في التأسيس والبناء والتقنيات الضرورية، بل التحدي الأمني وما يمكن أن يتعرض له من أخطار وعمليات ارهابية، بفعل الأرهاب المدخل الى الداخل السوري والمصنّع في لبنان(المراد تسخينه أمريكيّاً وسعوديّا على الأقل الآن)وارتداداته

على تركيا و”أسرائيل” ودول الجوار الأخرى، فمن تكلفة مالية تزيد عن ثلاثة مليارات من الدولارات، الى تكلفة الأنتاج المرتفعة، الى وجود مشاريع أخرى لنقل الغاز من ايران وقطر والسعودية ومصر في اطار منطقة الشرق الأوسط وبجانب سورية ولبنان لاحقاً.

بجانب كل هذه التحديات الآنف ذكرها، هناك التحديات السياسية، حيث عدم وجود الثقة بين أطراف هذا المشروع الثلاثي، والذي تهدف من ورائه الولايات المتحدة الأمريكية، الى تشكيل وتصنيع حلف نيتوي اقتصادي في مواجهة سلاح الطاقة الخطير الذي تملكه الفدرالية الروسية يقف على حدودها الجنوبية مع تركيا.

تحدي الشعور الشعبي: حيث الشعور الشعبوي التركي كاره ومعادي بعمق لأسرائيل، والحكومة التركية الحالية، لاذت بصمت أهل القبور، لعلمها أنّ أي تقارب مع تل أبيب ليس بورقة شعبوية ناجحة الآن، خاصة وأنّ الحكومة هي حكومة حزب التنمية والعدالة التركي الداعمة للرئيس أردوغان المراد انتخابه من جديد لاحقاً.

التحدي التاريخي: ثم العداء التاريخي بين أنقرة وقبرص اليونانية وعمره زاد الآن عن عمر كاتب هذه السطور 48عام، حيث يطالب القبارصة اليونانيون من أنقرة الأعتراف بهم وحل مسألة(قبرص التركية)، حتّى يتم السماح لهذا الخط بالمرور على امتداد الساحل القبرصي وبعمق يزيد عن 2000 كيلو متر، وقبرص اليونانية لا تثق كثيراً بتل أبيب، والأخيرة تعتبر الأولى بمثابة حصان طروادة في مشروع الأنابيب هذا.

وقبل التطرق الى ادراكات مجتمع المخابرات التركي لأمن الطاقة وعلاقته مع فكرة الأمن القومي لتركيا، لا بدّ من التأشير على ملاحظة في غاية الأهمية تتموضع في التالي: أمريكا دعمت الوهابية المسلّحة كقوّة ضاربة، زرعت بدعم سعودي وسطيه اسلامية يقودها فتح الله غولن الداعية التركي الغامض والمقيم في بلسنفانيا بأمريكا، والذي عمل على فتح عشرين ألف مدرسة تنفق حتّى على اقامة وتغذية الطلاّب في مواقع مختارة من العالم، وعلى رأسها تركيا وجمهوريات وسط أسيا، وهنا وقع الأخوان المسلمون في فخ أمريكي محكم، فأرودوغان الأخواني الطموح لدور تاريخي، وجد تعاوناً ودعماً بلا حدود من الأمريكيين والسعوديين والقطريين ومن فتح الله غولن، الذي أقنعه بأنّ مستقبل الأخوان لحكم العالم الأسلامي تحت رايته وعلمه، سيكون باسقاط المظلة البريطانية ومسك المظلة الأمريكية، وبلع أرودوغان وأوغلو الطعم وبادرا أولاً لتصفية الجنرالات في الجيش التركي، والأخير محسوب على المظلة الأنجليزية، وأقنعا اخوان مصر بالتعاون مع غولن والأمريكان، فاستجابوا اخوان مصر لهما وقفزوا هم أيضاً بفخ استغلالهم كجسر لتصفية نفوذ رجال مبارك الرئيس المخلوع عبر ثورة، من مدنيين وعسكريين وتجديد حكم العسكر بفتح الطريق للضبّاط الشباب الأكثر ولاءً لواشنطن، تمثل ذلك في عودة العسكر الى الحكم في مصر، وصفت تلك الحالة بأنّها حالة لتصحيح المسار والتوجه من بعض الأطراف الأقليمية والدولية.

وتذهب المعلومات أنّ فتح الله غولن، استطاع اختراق اخوان الأردن عبر اقناع أحد كوادرهم ومنذ سنوات وقبل ما سمّي بالربيع العربي بالتقارب مع الأمريكيين(فتمّ المنادى لأول مرة بالملكية الدستورية، ومبادرة زمزم ماغيرها، لا يمكن بحثها بعيداً عن هذا السياق، خاصةً وأنّها عقدت الورش لغايات تحويلها الى حزب سياسي، وقد صارت حزباً سياسيّاً بموجب القانون، برعاية رسمية من تحت الطاولة)وبعد الأطاحة بمرسي عبر ثورة أخرى صحّحت الخطأ الثوري كما يعتقد البعض، انتبه أرودوغان وأوغلوا للخطأ الفادح الذي ارتكباه، فسارعا للتصالح مع الجيش التركي والسعي لتصفية نفوذ فتح الله غولن، وجاءت محاولة الأنقلاب الفاشلة في تركيا كفرصة ذهبية للرئيس أردوغان ليفعل فعله في شبكات فتح الله غولن وما زال، في الجيش التركي ومظلته البريطانية وما زال أيضاً.

وتذهب معلومة أخرى لا أدري مدى عمق صحتها، أنّ أرودوغان شعر أيضاً بالكارثة التي سبّبها لدعم ما سميت بالثورة السورية ضد نظام سوري يحمل مظلة بريطانية الى حد ما، فاتجه اتجاهات أخرى أكثر كارثية ولكن بعدما ورّط اخوان سورية بالتحالف مع الأمريكيين.

وعليه وتأسيساً على السابق ذكره بمجمله، أحسب أنّ مجتمع المخابرات التركي وخاصة مخابرات الجيش التركي ذو المظلّة الأنجليزية لجهة قياداته وكوادره، يدرك أن “اسرائيل” تدرك وبعمق عطش تركيا للطاقة، وتدرك مخابرات الجيش التركي أنّ تل أبيب

تسعى لأستغلال نقطة الضعف التركي هذه، عبر رغبتها في شبك مصالحها الأقتصادية بأمن تركيا القومي عبر أمن الطاقة لغايات، اللعب في الداخل التركي لصالح الأمريكي والغربي والأسرائيلي وبعض العربي المرتهن والتابع والأداة.

ما تم ذكره ومنذ البدء في هذا التحليل، يشكل مؤشر بسيط للغاية وجزء من المؤامرة الكونية على الشرق وقلبه سورية بنسقها السياسي الحالي، والأعظم الحرب الكونية في سورية وعلى ديكتاتورية الجغرافيا السورية، هي حرب بالوكالة عن الغرب(أوروبا وأمريكا)بأدوات، من البعض العربي المرتهن والمتبوصل على ذات اتجاه البوصلة الغربية – الأمريكية، ازاء منطقة الشرق الأوسط الساخن والمتفجر، ونتيجة لها حدثت المسألة السورية أو الحدث السوري أيّاً كانت التسمية، المهم هناك مأساة درامية سورية بامتياز، بسبب تآمر بعض ذوي القربي مع الآخر الغربي، ذو الرغبة الشبقة المفعمة للطاقة بأنواعها المختلفة وخاصة الغاز، حيث كل رادارات الأستراتيجيات الغربية والأمريكية ترصد الأخير للرعشة الغازيّة.

وللمأساة السورية هذه بعد اقتصادي عميق أيضاً، يتموضع حول الطاقة وتفرعاتها وخاصة الغاز وقود الطاقة الرئيس في القرن الحادي والعشرين، ومسارات جغرافية تعرجات خطوط نقله من الشرق الأوسط الى أوروبا وأمريكا، من حقول انتاجه في الشرق الأوسط الى أسواق استهلاكه وتخزينه في الغرب.

بعبارة أخرى، ولأنّ الغاز الطبيعي تحديداً، هو من يذكي ويفاقم لهيب نيران الصراع المجنون على الطاقة في هذا الشرق الأوسط الساخن المتفجر، فانّ الصراع الأممي يدور حول خطوط الغاز الطبيعي فيه، هل خطوط نقله ستتجه نحو القارة الأوروبية العجوز والعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، من الشرق الى الغرب ضمن خط ايران العراق شواطىء البحر الأبيض المتوسط على الساحل السوري والساحل اللبناني ثم من هناك الى أوروبا وتفرعاتها؟ أم سيتجه شمالاً من قطر فالسعودية(كلاهما منتج للغاز وداعمان لجلّ سفلة الأرهابيين في سورية)عبر سورية وتركيا، والأخيرة مفترق طرق الطاقة المتميز بين شرق أكثر انتاجاً للطاقة، وغرب أكثر استهلاكاً وتخزيناً استراتيجياً لها؟!.

هذا ويسعى البعض العربي ذو التيه الفكري، على تمذهب مسار خطوط الغاز من ايران الى العراق الى سورية ولبنان(في لبنان هناك بلوك شيعي، وبلوك سني، وبلوك مسيحي للغاز، وهذه أوصاف تمذهبية سعودية اماراتية)ثم الى أوروبا بوصفه مشروع اسلامي شيعي، ووصف مشروع مسار خطوطهم باسلامي سني باتجاه تركيا في الشمال فأوروبا. والغرب المخادع زارع الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، وراعي هذا الكيان وداعمه الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتساوق مع البعض العربي المرتهن والخائن، يسعون لأحلال مكنونات الصراع الشيعي السني مكان الصراع العربي الأسرائلي الأستراتيجي، خدمةً لمصالحهم ومصالح ربيبتهم

“اسرائيل”وصونا لأمن أبديّ للكيان الصهيوني لقطع نياط قلوبنا كعرب ومسلمين.

الغرب في جلّه كاذب مراوغ مزيّف للحقائق ومخادع بعمق، يبحث عن مصالحه ومصالحه فقط، حتّى ولو امتزجت الدماء بالذهب الأسود والأبيض(الغاز الطبيعي)، لذلك أصحاب الأنوف الكبيرة والصغيرة على حد سواء يشمّون روائح الدم والغاز الطبيعي من المأساة السورية.

تآمروا على الدولة الوطنية السورية، تحت عنوان الصراع من أجل الحريّة والديمقراطية وحقوق الأنسان، ومبادرات التمكين الديمقراطي وشعارات الشفافية وما الى ذلك من سلال الكذب والخداع، كلّها ترسيمات وشعارات مزيفة ترمي وتهدف الى التغطية على الأهداف الحقيقية لما يجري في المنطقة، ومختلفة تماماً عن ما سبق من عناوين برّاقة.

هذا الغرب الكاذب المخادع، ومعه ذيوله من البعض العربي ذو التيه الفكري والذي يعاني من خلل بيولوجي، تتموضع وتتبوصل مقارباته التكتيكية والأستراتيجية على حد سواء للحدث السوري المأساوي، ضمن متتاليات هندسية وصف الحدث، باعتبار ووسم نفس المجموعات البشرية الأرهابية بأوروبا وأمريكا، باعتبارهم مناضلين من أجل الحريّة في سورية، انّها مفارقة عجيبة ستعود بالوبال السيء على الأستقرار في أوروبا وأمريكا، ولنا في أحداث أيلول الأسود الأمريكي خير دليل، حيث ذكراها المأساوية ما زالت

تمثل حتّى اللحظة، كما تمثل أحداث متتالية لأيلول أسود أوروبي، قد يكون كفّارة لأستعمارهم لنا كشرق.

الغرب وذيوله من العربان ذو الفكر البنطلوني، أعلنوا وبكل وقاحة ونذالة، أنّ هدفهم في منطقة الشرق الأوسط وسورية(أمّنا)تحديداً، هو حماية القيم الديمقراطية والحرية وحقوق الأنسان، وتناست العجوز أوروبا وبعلها الأمريكي، البدء بنشر تلك القيم بالحلفاء من البعض العربي ذو الفكر البنطلوني الضيق في مملكات القلق على الخليج، الذين يسعون الى نتائجه امّا عبر جهاد في السرير، أو الوصول اليه بدون منغصات وعراقيل من التزام ديني وأخلاقي وعقوبات قانونية، وتحت عناوين اباحية الفكر والتي ستقود في النهاية الى الأباحية في الجسد لا بل فوضى اباحية الجسد، بنتائجها الصحيّة المأساوية عبر مرض السيدا(منتج حرب بيولوجية غربية)وأشقائه من الأمراض الجنسية الأخرى، وأثرها الأقتصادي الخطير في معدلات الأنتاج والنمو عبر اقصاء للمورد البشري المصاب.

عندما نقول كاميكازي في منحنيات الثقافة اليابانية فهي تعني الرياح المقدّسة، وأستخدمت لأول مرّة في اشارة الى اعصار أنقذ اليابان من غزو المغول عام 1281 م، وتم اسقاطها عمليّاً لوصف المقاتلين اليابانيين الأنتحاريين الذي غارو على خليج ليت للمرة الأولى في العام 1944 م لأستهداف القطع الحربية الأمريكية. وثمة ساسة ومخابراتيين ودبلوماسيين ومفكريين استراتيجيين وخبراء طاقة(كاميكازي)من بعض ترك، وبعض بعض عرب، من سعوديين

وقطريين وغيرهم، يسعون ليلعبوا لعبتهم الأخيرة في ساحة المعركة على الميدان السوري، لعلّ تلك الرياح المقدّسة التي هبّت في عام 1281 م، تهب من جديد وبعمق في هذا العام 2016 م عام الجبير وفريد أوغلوا، وتجلب لسلّة الكاميكازي هذه المتنوعة، ما لم تجلبه لرفاقهم الأصليين في بحر اليابان الشرقي.

بعض بعض العرب، وبعض بعض المسلمين، يتذكر نفسه أنّه عرب ومسلم بوجه ايران فقط، أمّا بوجه الأسرائيلي فينسون أنّهم عرب ومسلمين، ويتذكرون أنّهم أعراب ومتأسلمين، والأعراب أشد كفراً ونفاقاً بما فيهم المتأسلمين، وهم صعاليك شبه الجزيرة في عمق التاريخ ومنذ الجاهلية الأولى، وصعاليك القرن الحادي والعشرين في عمق جغرافية المنطقة، وثمة بوليصة تأمين كبيرة للحفاظ على أمن ثكنة المرتزقة، عبر اشعال فتنة سنيّة شيعيّة بامتياز عبر الفكر الوهابي العفن، فكر السيف والزيف والفرج والشرج، حيث الدعوشة آخر مراحل الوهبنة للمجتمعات.

العيون الفرنسية على شرق المتوسط لماذا؟

فرنسا بعهد مانويل ماكرون(صبي زوجته)، تحاول أن تكون جزء هام من استراتيجية ملىء الفراغ الامريكي في الشرق الاوسط بل وقلب الشرق سورية، ولها عودة شبه محدودة حتّى اللحظة الى المنطقة، أو هكذا يظهر للبعض، من هنا ينبع اهتمامها بشرق المتوسط بجانب محفزات ومعطيات أخرى ومتعددة.

تاريخياً فرنسا وسياسيوها ومخابراتها، متمسكون كصنّاع السياسة، بأسطورة القوّة الفرنسية في الشرق الأوسط، شمال إفريقيا وشرق المتوسط، وهم يبيعون أسلحة متقدمة لعدد من الدول، وانضموا إلى البريطانيين والأميركيين في أكثر من عملية عسكرية دموية، باستثناء غزو العراق واحتلاله في العام 2003 م، ويشاركون في عمليات مكافحة الإرهاب في شمال إفريقيا وفي مالي، وبين فترة وأخرى، يعبر رئيس فرنسا عن تصميمه على حل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وتسييل كلامه في ثنايا التصريحات الاستهلاكية الدولية والمحلية لتأكيد الحظور فقط.

والسؤال هنا لتحفيز التفكير من خارج الصندوق المغلق هو: هل الفرنسيون في هذه المناخات الحرجة جادون؟. يتقدم الرئيس ماكرون الآن بزعم أن فرنسا مستعدة لإستخدام القوّة، من أجل تحقيق النظام والاستقرار في المنطقة، ومحفزات ذلك تتموضع في الطاقة ومسارات خطوطها، اللجوء الديمغرافي بسبب الازمة السورية وعقابيلها، وتركيا ودورها المتفاقم واشتباكاتها.

قبل أكثر من عشرية من السنوات، قام رئيس فرنسا السابق الملك ساركا(نيكولاي ساركوزي)، بدعم تدخل عسكري دولي في ليبيا وحرّض الناتو، لم يكن الدافع وراء مشاركته هو نشر الديموقراطية وحقوق الانسان والحاكمية الرشيدة، بعد الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي، ولكن الخوف من موجات اللاجئين، بالإضافة إلى العنف

المفترض والوهم، الذي هدّد القذافي باستخدامه لقمع الانتفاضة ضده، وهو نفس الهاجس الذي يدفع ماكرون ولكن بشكل مقلوب، فبدل الإطاحة بديكتاتور من الزاوية الفرنسية الملوّثة، يتطلع مانويل ماكرون لمساعدة ديكتاتور آخر للوصول إلى الحكم – الجنرال خليفة حفتر.

عندما تدعم فرنسا خليفة حفتر، الجنرال العاجز من عهد القذافي والذي يقود ما يسمى بالجيش الوطني الليبي، إنما تدعمه ضد الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس(حكومة فايز السراج الذي إستقال مؤخراً)، وكان الدعم قائما على حسبة باردة، تفترض أنّ حفتر هو الرجل القوي الذي سيعيد النظام إلى ليبيا، المقسّمة حتّى اللحظة الى شرق ليبي وغرب ليبي، بشكل يمنع الليبيين والأفارقة من وصول الشواطئ الجنوبية لأوروبا.

كما أن مسألة المهاجرين هي التي تدفع فرنسا نحو لبنان، صحيح أنّ فرنسا باعتبارها المستعمر السابق رد على انهيار لبنان(الإقتصادي والمالي) بنوع من الحنين، والبعض يقول لا أنا أنّه: يستحق ما نويل ماكرون الثناء، لأنه كان أول زعيم غربي عبر عن استعداده للتعامل مع المشكلة، لكن جزءا من المشكلة هو وصول لاجئين لبنانيين جدد إلى السواحل الأوروبية، ولا ننسى أن موجات اللاجئين السوريين التي وصلت إلى أوروبا ليست بعيدة، وأدّت إلى فوز الأحزاب اليمينية والنازيّة في عدد من الدول الأوروبية.

يريد ماكرون تجنب موجات نزوح جديدة خاصة، أنه يواجه حملة انتخابية لإعادة انتخابه في العام 2022م، وكشخص يهتم بشعبيته، فقد تراوحت في الأشهر الأخيرة من ضعيفة إلى قوية، ثم عادت إلى وضعها السابق، وعلينا ألا ننسى ما يقع تحت أرض العراق المحتل، ومياه لبنان المصادر والمراد تفجيره، وقبرص اليونانية، وليبيا المحتلة والتي يجري على أراضيها صراع دولي واقليمي بأدوات محلية وهو يهم فرنسا، أي النفط والغاز، أنّها الطاقة وشبقها.

المستوى السياسي في فرنسا والمستوى الامني المخابراتي، يرون التالي: أنّ الاتحاد الأوروبي هو ناد مسيحي يشترك بالحدود الجغرافية، وهو ما لا يؤهل تركيا أبداً للانضمام إليه، بجانب أنّ حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا اليوم لا يساعد في الامر ومسألة هيكلة الانضمام لكي تكون مقنعة لاعضاء أسرة النادي المسيحي.

تعتبر ليبيا البلد الذي يملك أكبر احتياطي نفطي في كل إفريقيا، ولهذا السبب تعمل شركة النفط الفرنسية(توتال – لها مكتب خاص في قصر الاليزيه وهي من تقود فرنسا الان)في ليبيا منذ سبعة عقود، وفي العراق، تملك نفس الشركة مع مجموعة أخرى نسبة 22.5% من حقل النفط حلفايا و18% من حقوق التنقيب في كردستان، وتقوم بعمليات تنقيب عن الغاز في الساحل الجنوبي من قبرص القريب من السواحل اللبنانية، التي يعتقد أن في مياهها العميقة كميات كبيرة من مصادر الطاقة.

وهذه التناقضات تخفي وراءها الكيفية التي تحاول فيها فرنسا حماية مصالحها في المنطقة، بما فيها الجهود المتطورة للاستفادة من مصادر الطاقة في المنطقة العربية تحديداً من الشرق وقلبه سورية.

ثم هناك تركيا، فالعلاقة القائمة على سوء النوايا تذهب أبعد من غياب المودة بين ماكرون والرئيس رجب طيب أردوغان، والنظرة الدونية التي يتعامل فيها أردوغان مع نظيره الفرنسي، ففرنسا تقف بعمق وقوّة، إلى جانب عدد من الدول الأوروبية أمام إنضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بذريعة عدم توفر الشروط.

وبعيدا عن مظاهر القصور الحالية التي لا تؤهلها للإنضمام إلى الاتحاد الأوروب(أي تركيا)، يرى المسؤولون الفرنسيون أن الاتحاد الأوروبي هو ناد مسيحي يشترك بالحدود الجغرافية، وهو ما لا يؤهل تركيا أبداً للانضمام إليه، كما أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا اليوم لا يساعد في الأمر وجلّ مسألة الانضمام، فهو اليوم أكثر ديكتاتورية وقومية وإسلامية وتشدداً مما كان عليه عندما وصل إلى الحكم، وتعامل معه الكثيرون في الغرب على أنه نموذج للإسلام الليبرالي في العالم الإسلامي.

وبالقطع: لم يجلب تهديد تركيا بفتح أبواب الهجرة على أوروبا الكثير من الأصدقاء خاصة في فرنسا، يضاف إلى هذا المدخل القاسي لتركيا في منطقة شرق المتوسط وشمال إفريقيا والمشرق، ومن منظور فرنسي صرف، فتنقيب تركيا عن الغاز في شرق المتوسط يهدد دولة عضو في الاتحاد الأوروبي ومصالحها

التجارية، كما أن دعم أنقرة لطرابلس يتعارض مع رغبة فرنسا في الحد من تدفق المهاجرين ومكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل الإفريقي، ولو أصبحت ليبيا دولة وكيلة لأنقرة، كما يحصل الآن، فعلى فرنسا التساؤل عن علاقة شركة(توتال)الطويلة مع طرابلس.

الرهان الأكبر في الدراما التركية – الفرنسية هو في شرق المتوسط، فاستياء فرنسا من تنمر تركيا تجاه اليونان وقبرص، مرتبط بالمعاهدة البحرية التي وقعتها أنقرة مع حكومة طرابلس(السراج) عام 2019 م.

الفرنسيون ظنّوا واعتقدوا، أنهم لن يقفوا متفرجين على تركيا التي عملت على رسم وترسيم المياه البحرية التي قسمت شرق المتوسط لصالحهم، ومع أن أنقرة كانت ترد على التحدي الجيوسياسي ضدها، والمكون من اليونان، قبرص، مصر، والكيان الصهيوني(منتدى المتوسط)، إلاّ أن فرنسا تعاملت مع الأمر كمحاولة من تركيا لتأكيد سيادة لا ينازعها فيها أحد على المنطقة.

ومن هنا جاء توثيق العلاقات مع اليونان وقبرص والقمة الأوروبية الاخيرة، والتي كانت ضربة للدبلوماسية التركية، بنتائجها وعقابيلها، مما اظطر الرئيس التركي الاعلان عن سحب سفينة واحدة المختصة للتنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط لفتح مسارات الدبلوةماسية مع اليونان كما قال وصرّح.

يستحق ماكرون الثناء لأجل دعمه لبنان في وقت لم يدعمه أحد(هكذا يصرّح البعض)، وكذلك دعمه قبرص واليونان في مواجهة تركيا التي اعتادت التنمر على جيرانها، ومع ذلك ليس واضحاً على الاطلاق ماذا يريد تحقيقه ماكرون في المنطقة أبعد من الوقوف في وجه تركيا.

الضربة القاضية للرئيس الفرنسي انه في الحقيقة لا يؤمن بأي شيء أكثر من إيمانه بنفسه، لديه مساحة للتحرك في الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط لتغيير المفاهيم لكنه بدأ بداية غير موفقة وفاشلة واستعلائية تؤكد أنّه صبي مرته.

المصدر