سلط تقرير لصحيفة بريطانية، الضوء على ردود الفعل على التغييرات الأخيرة التي أجراها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، حيث تباينت آراء المراقبين والسياسيين حول دوافع إعلان رفض و”براءة” بعض الكتل من تلك التعيينات.
وذكر التقرير الذي نشر امس الثلاثاء، 15 أيلول 2020، ان “بعض الكتل السياسية تبرر موقفها المعارض إلى كون تلك التعيينات لم تجر بتوافق مسبق بين الكاظمي وقادة الكتل على الرغم من شمولها شخصيات تابعة لتلك الكتل، أما الفريق الآخر، فيرى أن ما دفع البعض إلى تسجيل موقف سلبي منها هو موجة الرفض الشعبية لها”.
ونقل التقرير عن النائب المستقل باسم خشان، قوله إن “رد الفعل الشعبي هو الذي دفع الكتل إلى التراجع عن دعمها لتلك التعيينات، ومن غير المنطقي أن يكون اختيار شخصيات حزبية فيها مصادفة”، مبينا ان “الكتل السياسية لا تزال معتمدة على القرار التشريعي رقم 44 لعام 2008، الذي ينص على تقسيم المناصب العليا في الدولة، من مدير عام فما فوق، وفق التمثيل البرلماني، على الرغم من إلغائه من قبل المحكمة الاتحادية عام 2019”.
وتابع أن “جهل الكاظمي، بالقانون وقرارات المحكمة الاتحادية جعله مستمرا بالخضوع للمحاصصة”، وفيما يتعلق بالتغييرات في هيئة النزاهة، فقد اعتبر خشان أنه “كان على الكاظمي تعيين وجوه جديدة لمحاربة الفساد، فالرئيس الجديد للهيئة كان يعمل فيها وفشل في مهمته”، مبينا أن “تسويقه على أنه تغيير، أمر غريب”. وأضاف أن “تلك التعيينات تدلّ على أن الكاظمي غير عازم على مواجهة الفساد وتعطي انطباعا بأنه إما خاضع بشكل تام للكتل للسياسية أو جاهل بسبل معالجة الإشكالات في الدولة العراقية، أو الأمرين معا”.
فيما أفاد الصحفي مصطفى ناصر، بأن “هناك اتفاقات مسبقة بين القوى السياسية تهدف إلى إنهاء الدولة العميقة التي أسسها حزب الدعوة، و تلك الاتفاقات حصلت خلال ولاية رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي”، موضحا أن “التغييرات الأخيرة وجبة أولى ستليها تعديلات عدة إضافية، وهي مبنية على الخلافات التي حصلت عام 2018 بين الكتل السياسية حول رؤساء الهيئات والدرجات الخاصة”.
وبين أن “ما دفع القوى السياسية إلى رفض تلك التعيينات، هو كون الكاظمي اختار شخصيات من دون استشارة الكتل السياسية المتحاصصة على الرغم من كونها شخصيات حزبية”، مستدركا أن “الكاظمي حاول أن يوازن بين المحاصصة الحزبية ومعايير الكفاءة وإرادة الشارع العراقي”.
وأكد ناصر، أن “أحد أبرز البنود التي تم الاتفاق عليها في الحوار الأخير بين الكاظمي والزعامات الشيعية، كان إنهاء المناصب بالوكالة والمضي بالتعيينات التي أقرّت وفق مبدأ المحاصصة”، فيما استبعد تراجع رئيس الحكومة عن تلك التعيينات لأنه يقع “تحت ضغط الشارع الراغب في التغيير من جهة، وضغوط الكتل السياسية المطالبة بحصصها من جهة أخرى”.
أما أستاذ العلوم السياسية إياد العنبر، فرأى أن “الغاية من إدراج الكاظمي لشخصيات حزبية في التغييرات الأخيرة هي التمكن من إمرار شخصيات يريدها هو لإدارة هيئة الاستثمار وأمانة العاصمة والمصرف العراقي للتجارة”، وأشار إلى أن السبب الرئيس لاعتراضات قادة الكتل هو عدم وجود تفاهمات مسبقة معهم وليس المحاصصة”.
وتساءل عن إمكانية مكافحة الفساد من خلال استخدام أدوات مجربة في هذا السياق، شارحا أن تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد يعني أنه “يرغب في تعطيل عمل المؤسسات المعنية فعلا بمحاربة الفساد، من بينها هيئة النزاهة، والدليل على ذلك هو تعيين شخصية مجربة في هذا الإطار ولم تثبت كفاءة”.
فيما قال الإعلامي، رضا الشمري، إن “تلك التعيينات تخدم غرضا واحدا صرحت به الحكومة وهو قتل الملل في مؤسسات الدولة”، معتبرا أن “الحديث عن أهداف إصلاحية أو نتائج تخدم مكافحة الفساد أو إلغاء منهج المحاصصة، بمثابة مبالغات من قبل أشخاص حالمين، يحاولون البحث عن أمر مختلف في حكومة الكاظمي منذ تكليفه”.
وعزا إشكالية إدارة الدولة إلى “النظام الإداري والفساد وثقافة الخدمة العامة الرديئة والرثّة، يضاف إليها ما نتج منها وما أنتجها، من تدخلات خارجية وتطرف وعنف”، مبينا أن “حل تلك المشكلات لا يتم بتعيين رؤساء دوائر خاضعين للأحزاب أو قادة حزبيين مشتركين في الفساد”.
ولفت إلى أن “الكاظمي بدأ بالفشل حتى في جانب الاستعراض الإعلامي، بعدما كشفت التعيينات عن ترشيح شخصيات فاسدة، ميليشياوية، وأخرى ذات سلوك سوقي معلن”، مردفا أن هذا “يعكس بشكل واضح أن القرارات في حكومة الكاظمي تتّخذ من دون أي نوع من الدراسة”.
وكانت سلسلة التغييرات التي أجراها رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، في مناصب عليا في الدولة قد أثارت ردود فعل غاضبة كونها اشتملت على شخصيات سياسية، وأخرى شغلت في السابق مناصب رسمية رفيعة، الأمر الذي يعده مراقبون استمرارا لمنهج المحاصصة الذي تدار به البلاد.
ورد الكاظمي، على الأطراف السياسية التي وصفت التغييرات الأخيرة التي أجراها بـ”الخضوع للمحاصصة”، قائلا إن “مواقف بعض الكتل السياسية من موضوع المحاصصة يجب أن تقترن بمعلومات محددة حول هذه المحاصصة المزعومة”، مشيرا إلى أن حكومته “ستتعامل مع هذه المعلومات بجدية وتتحقق منها ضمن السياقات المعمول بها”.
وتساءل “إذا كانت القوى السياسية أعلنت براءتها من هذه التغييرات وهي فعلا لم تتدخل فيها ولم تؤثر فيها، فكيف تتهم بأن التغييرات اعتمدت على المحاصصة الحزبية؟”.
وتضمنت التغييرات 16 منصبا رفيعا، من بينها تعيين القيادي في “الحشد الشعبي”، نائب رئيس ديوان الوقف الشيعي السابق سامي المسعودي، رئيسا لهيئة الحج والعمرة، وتسليم وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، منصب “وكيل العمليات” في جهاز الاستخبارات، وشملت التعديلات أيضا شخصيات غير معروفة، من بينها مصطفى غالب الكتاب، لرئاسة البنك المركزي العراقي، الذي يقول مراقبون إنه على صلة بالتيار الصدري.