صعوبة إزالة لوثة الطائفية من أذهان متكلسة
بقلم مهدي قاسم
إذا كانت الطائفية موجودة بين فئات اجتماعية عبر عقود طويلة في العراق ــ ولو ” على الخفيف ” ــ فأنها انتشرت و تعمقت ، أكثر فأكثر ، بعد سقوط النظام السابق ، و خاصة بعد تسليم السلطة لأحزاب إسلامية طائفية ، وجدت أنه من مصلحتها إثارة النزعة الطائفية و تأجيجها لحد الاحتراب الأهلي ، و جعلها تستوى على نار هادئة و ذلك بغية النفخ بها بين حين وآخر ، كلما تطلب الوضع السياسي المستجد من إثارة أزمة سياسية أو أمنية ، بهدف خلق اصطفاف جماهيري منحاز طائفيا لكلا الطرفين ، ولكن قبل أي شيء آخر ، توظيفا لأهداف وغايات انتخابية لصالح هذه الأحزاب الدينية والطائفية .
حتى وصلت الصفاقة بهذه الأحزاب وتماديا بعيدا جدا في التحشيد الطائفي ، أن أخذوا بتحديد الانتماء المذهبي للمواطن العراقي في بعض السجلات الرسمية و ذلك لتكريس الطائفية ليس فقط في أوراق ومعاملات رسمية ، و إنما في الأذهان أيضا وهو النهج الطائفي الأخطر على مر تاريخ العراق على الإطلاق ..
و ضمن هذا السياق فإذا كانت مبادرة الكاظمي بإزالة ” العلامة الفارقة ” للطائفية من قائمة الأسماء في الكلية العسكرية ( يجب أن تتبعها خطوات متتالية في دوائر ومؤسسات رسمية أخرى ) تُعد بادرة وطنية حسنة وخطوة إيجابية ، نحو تحرير المجتمع من أدران ولوثة الطائفية وقوقعتها الضيقة والخانقة نحو رحاب وطني أوسع ، ليصبح المواطن معروفا بانتمائه الوطني وليس الطائفي ، فإن الأصعب من ذلك هو عملية تنظيف الرؤوس و الأذهان المتكلسة بوباء الطائفية ، وما أكثرها في المجتمع العراقي في هذه الأيام ؟ ، خاصة ، بعد سنوات طويلة من تحريض و تأجيج و تلقين ببغائي متواصل ، فضلا عن احتراب أهلي دموي ، مصحوبا بأعمال عنف و إرهاب استعان بها ساسة إسلاميون ـــ شيعة و سنة و شيعة بتواطؤ وضيع ــ و ذلك لكسب قواعد تصويتية للفوز بالانتخابات ، طبعا ، إلى جانب عمليات تزوير مؤكدة بهدف الفوز في كل الأحوال..
لهذا فأن المسألة تحتاج إلى تعاون ودعم إعلاميين لسياسة الكاظمي الساعية نحو تحييد وتحجيم مظاهر الطائفية بين فئات و شرائح المجتمع العراقي ، و لعل من ضمنها عدم ترويج لتصريحات و تحليلات سياسية أونشر كتابات ذات نبرة طائفية واضحة وعالية صارخة و عدائية و التي تروم من وراء ذلك تأجيج النزعة الطائفية وتكريسها لغايات نفسية سقيمة ..
على أن يصاحب ذلك استقرار أمني ، يضمن سلامة الجميع و يسعى إلى ازدهار اقتصادي ومعيشي و خدمي نوعي و متواصل ..