6000 مشروع استثماري توقف بسبب ضغوط الأحزاب والعشائر خلال 11 عامًا

628

ترجمة/ حامد احمد

اصدر فصيل مسلح يطلق على نفسه لقب اصحاب الكهف، بيانا بتاريخ 27 تشرين الاول يدعو جميع العراقيين للابلاغ عن معلومة قد تتوفر لهم عن تواجد لمستثمرين أو خبراء اقتصاديين من بلدان اجنبية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا او من السعودية او الامارات، وذلك مقابل مبالغ مالية تصل من 20ــ 50 الف دولار .

مستثمرون عراقيون واجانب يواجهون مطالب بالتعويض من فصائل مسلحة وقوى عشائرية في العراق، واغلبهم يفضل الانسحاب من المشاريع خشية ردود افعال عنيفة ضدهم حال عدم تلبيتهم هذه المطالب.

وتشير احصائيات الى ان اكثر من 6000 مشروع قد تم إيقافه خلال الفترة الممتدة ما بين 2008 و2019 .

وفي احدث تطور من هذا القبيل وبتاريخ 18 تشرين الاول المنصرم، هددت شركة بيروناس الماليزية للنفط بمغادرة حقل الغراف النفطي في محافظة ذي قار، وذلك في اعقاب توترات ناجمة عن تصرفات أفراد عشائريين يعيشون قرب الحقل النفطي.

شركة بيروناس هي ليست الشركة الاولى التي واجهت مطالب من احزاب وفصائل مسلحة وقوى عشائرية في العراق. بتاريخ 15 تشرين الاول داهمت قوة مجهولة مجمع استثمار سكني في محافظة صلاح الدين واعتقلت عمالا لاكثر من ثلاث ساعات وهددتهم بالقتل اذا استأنفوا العمل من جديد .

في 2 تموز قال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال لقاء مع عدد من المستثمرين إن القطاع الخاص يواجه كثيرا من حالات الابتزاز، مشيرا الى ان الحكومة تقوم بفرض اجراءات رادعة لمعاقبة وملاحقة الاطراف التي تقف وراء مثل هكذا حالات ابتزاز. وقال الكاظمي ان بابه مفتوح امام أي مستثمر يريد تقديم شكوى عن اي حالة ابتزاز قد يواجهها، وان الحكومة ستلاحق بؤر الفساد .

محمد رحيم، عضو الهيئة العراقية لمبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية، قال ان مستثمرين وشركات اجنبية تعمل في البلد تعرضوا لكثير وكثير من محاولات الابتزاز .

وقال رحيم في حديث للمونيتر: “قسم من العشائر تدعي بانها تملك اراضي مهجورة لعشرات السنين، وتزعم بان هذه الاملاك تعود لاجدادهم وآبائهم وذلك للحصول على تعويضات مالية من شركات نفطية او استثمارية .”

واضاف قائلا ان “الحكومة دفعت لعشائر كميات ضخمة من الاموال كتعويض رغم انها املاك دولة. المرحلة التالية من مراحل الابتزاز تضمنت إيقاف اعمال الشركة لحين يتم اجبار شركات معينة على توقيع عقود ثانوية لتشغيل ابناء العشائر في مقر عمل الشركة. وأخذت بعض الابتزازات العشائرية خلال السنوات القليلة الماضية طابعا دينيا. حيث اجبروا شركات على تسديد مبالغ كبيرة من اجل بناء مراقد دينية .”

مستشار رئيس الوزراء المالي مظهر محمد صالح، قال بانه يجب ان يكون هناك علاج صارم ورفض لمحاولات الابتزاز التي تقوم بها مجاميع مسلحة ضد مستثمرين وانشطة اقتصادية، حيث ان تلك الممارسات تدمر الاقتصاد الوطني.

وقال انه نتيجة لهذه الابتزازات ادرج البنك الدولي العراق في التسلسل 171 من مجموع 190 بلدا متذيلا قائمة تصنيف البلدان التي تقدم تسهيلات للمشاريع التجارية والتي اصدرها عام 2019 .

وقال صالح ان هذا التصنيف يعتمد على معايير معينة مثل سلطة القانون ونشاط مكافحة الفساد، مشيرا الى ان البلد بحاجة الى ان يبذل جهدا ضخما لمنح مستثمرين ضمانات باستطاعتهم العمل في اراضيه .

وبينما حددت هيئة الاستثمار الوطنية اكثر من 100 فرصة استثمارية بقيمة 75 مليار دولار، فان معدل رغبة المستثمر ما تزال متدنية لان العراق لا يعتبر بيئة استثمارية مناسبة لاسباب تتعلق بعدم الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي .

علاء الموسوي، رئيس جمعية المستثمرين في العراق، قال للمونيتر إن الابتزازات التي تواجهها شركات استثمارية تؤثر على عملها ومنافعها وستدفعها لتخفيض انشطتها واستثماراتها. وقال ان شركات اجنبية، خصوصا تلك التي تعمل في القطاع النفطي، تتعرض لمضايقات من قبل مواطنين محليين يسعون للحصول على أموال . واضاف الموسوي ان الاقتصاد العراقي يعاني نتيجة لذلك من وجود ايدي عاملة غير ماهرة يتم فرضها على الشركات من قبل عشائر وفصائل مسلحة، مشيرا الى ان مثل هكذا ظروف لها تأثيرات على انتاجية الشركات واسعار الاسهم ونسب فوائد المساهمين. وقال ان ضمان بيئة مناسبة للمستثمرين ستخلق فرص عمل جديدة، مؤكدا ان محاولات الابتزاز والتدخل الخارجي بشؤون الشركات دفع كثيرا من المستثمرين للمغادرة وحرم الاقتصاد من فرصة لخلق وظائف جديدة.

يذكر ان كثيرا من المستثمرين العراقيين يفضلون استثمار اموالهم في بلدان مجاورة بدلا من العراق مثل تركيا والاردن وايران ومصر ودولة الامارات، وذلك لاسباب تتعلق بالاجراءات البيروقراطية المملة والفساد والابتزاز وضعف سلطة القانون .

الخبير الاقتصادي كريم عقراوي قال ان معظم الشركات الاجنبية تريد ان تنسحب من العراق بسبب التدخلات من قبل مجاميع مسلحة وقوات عشائرية في اعمالهم وبسبب غياب حماية الدولة لهم. وقال ان هذا التدخل بشؤون الشركات يؤثر على نوعية العمل ويزيد من النفقات، مؤكدا بانه اذا كان هناك مشروع يكلف في الظروف الاعتيادية 10 ملايين دولار، فانه قد يتضاعف الى 20 مليون دولار في مثل هكذا ظرف .

وقال عقراوي ان اعمال الابتزاز تتسبب بعدم اكمال المشاريع وان فرض عمال غير مهرة من قبل مبتزين على الشركات يجعل الشركات تفكر بمغادرة البلد، مشيرا الى ان قسما من الشركات اضطرت لتشغيل عمال تابعين لفصائل مسلحة وقوات عشائرية يتلقون مبالغ دون ان يقدموا اي عمل بالمقابل. وقال عقراوي انه مندهش بان الدولة العراقية لازمت الصمت ازاء هكذا تصرفات التي تؤدي الى تدمير الاقتصاد الوطني .

يواجه الاقتصاد العراقي تحديات ضخمة، تشتمل على زيادة بمعدلات الفقر والبطالة. ورغم ان قانون الاستثمار قد سهل الامور اكثر للمستثمرين، فان الكثير منهم ما يزال يفضل الاستثمار خارج العراق. وكذلك ان كثيرا من الشباب سعوا الى الهجرة وان ثقة المواطنين بالدولة قد اهتزت .

عن المونيتر

المصدر