18 عاماً على سقوط بغداد .. الرصاصة لا تزال في قلب العراق ؟

581

د . خالد القره غولي .. تلعب السلطة الحاكمة دورا أساسياً في مصير الأوطان ، فهي إما أن تبني أمة عظيمة إن كانت سلطة مؤسسات تقوم على احترام سيادة القانون وتحقيق مبدأ العدالة والمساواة ، أو أنها تتسبب في هدم بنيان الأمة وما أنجزته ، إن كانت دولة تسلط واستعباد، كما هو عليه الحال لدى غالبية الأنظمة العربية ، التي قامت منذ استيلائها على السلطة على ثلاثية الاستبداد ( القمع والإقصاء ورعاية الفساد ) لذلك فان أردنا التعرُّف على الأسباب الحقيقية التي أدت لسقوط تلك الدول ، رغم تحصنها بأعتى الأجهزة القمعية المتسلطة في العالم ، سندرك عندها بما لا يدع مجالاً للشك ، لماذا وقعت الفأس بالرأس ؟ ولماذا حلّت كل هذه المصائب على أوطاننا العربية ، ورؤوس أبنائها أجمعين؟ ولمعرفة حقيقة تلك الأسباب فإنه لا بد لنا من العودة لما كتب عن أسباب سقوط بغداد قبل 18 عاماً .. التاريخ ( العربي ) تاريخٌ هش مزور مغرض ، ولا أريد أن أثير أو أستفز مشاعر أحد ، فباستثناء ( القرآن الكريم ) والسنة النبوية الشريفة ، تلاعبت المصالح والأغراض الشخصية والسياسية والحكّام والثورات والنكبات والقوى المعادية في تزوير وتشويه صورة وحقيقة تاريخ أمتنا المجيد , والعربُ يُصدقون بأكاذيب غيرهم بينما لا يصدقهم أحد ، ويتندرون بكوارثهم ويتمتعون ويتلذذون بالمعارك التي جرت بينهم ، بدءاً من حرب ( البسوس والأوس والخزرج ) ومروراً بمعارك الفتنة الكبرى والجمل وصفين ووصولاً الى الحرب ( العراقية – الكويتية ) عام ( 1990 ) ومما يندى له الجبين أن الرواة والمؤرخين والمثقفين يتندرون بمقولةٍ تدعو الى السخرية أطلقها حاكمٌ مجرمٌ قاتل سفاح هو ( الحجاج ) فبينما لا يذكر أحدٌ أن العراقيين ثاروا على هذا الحاكم الظالم المستبد داخل المسجد إحقاقاً للحق ودرءاً للباطل ، تناقل العرب مقولته الكاذبة التي دونها مؤرخٌ أحترف التزوير وهي يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنفاق .. نعم لم يرو أحد أن أبناء الرافدين الغيارى لا ينامون على ضيم بل يذكر ما يسيء لهم ، ولم يذكر أحد أن العراق قاعدة الفتوحات العظمى نحو الصين وآسيا الصغرى والهند وإيران وأفغانستان وسرايا وفيالق إسناد الجيوش العربية المجاهدة في الشام وفلسطين وتركيا وأوربا والمغرب العربي والأندلس إلا بضعة قليلة من مؤرخين صادقين لم يتداول العرب ما قاموا بتوثيقه .. لم يذكر أحد أن أهل الشقاق والنفاق هؤلاء هم الذين علموا العرب الكتابة قبل الإسلام ، وعلموهم قراءة القرآن ، واستشهد آلاف العراقيين في مذابح مقصودة لإبادتهم لينتصر دين الله , ألف عام أو يزيد قاد العراقيون العرب والمسلمين والعالم وإستبسلوا وناضلوا واجتهدوا ، كي يصل العلم للناس في الدين والتقوى والعلوم ، في الطب والرياضيات والفلسفة والجغرافية ، في اللغة والشعر والأدب والنحو ، ها هي أرض السواد تضم بين ذراعيها صحابة رسول الله وأهل بيته وأئمة مذاهبه وأحاديث رسوله ، العراق العربي المسلم يتفنن أشقاؤه بالشماتة به ، واللعب بمصير أبنائه بعد أن توسلوا بالعدو الأمريكي المحتل أن يدخل العراق ما بين أعوام ( 1991 – 2003 ) نعم توسل العرب كي تسقط ( بغداد ) ولا تصدقوا دموع التماسيح التي تذرفها عيون الكذابين , المهم أستمر أشقاؤنا وأبناء جلدتنا وديننا بالتمتع وإقامة الحفلات والمهرجانات والرقص الشرقي والغربي على دماء أطفالنا الذين يسقطون يومياً بالمئات ، أطفال العراق الذين إن لم تحصدهم المفخخات تحصدهم رشاشات ودبابات وهمرات وطائرات الأعداء ، أو ينتظرهم الماء الملوث والطعام المسموم والهلاك والتشريد والتهجير ، مرحى لهذه الأمة بانتصارها على بلد الشقاق والنفاق ، هنيئاً للأخوة في قطر والأردن والسعودية والكويت ومصر والخليج العربي وكل بقاع وطننا الممتد من بغداد إلى تطوان .. أيها العراقيون لا تصدقوا أن أحداً يحبكم ، لا تصدقوا أن العرب حريصون على نشر الأمن والأمان في بلادكم ، فموت أطفالكم راحة وعيد لأطفالهم ، وترمل نسائكم سترٌ ونعمةٌ من الله لنسائهم ، وذبح رجالكم وشبابكم نصرٌ من الله وفتح قريب لهم ، أيها العراقيون لا تصدقوا أن العرب يريدون للمحتل أن يخرج ، انظروا إلى فلسطين والجولان وسبتة ومليلة والأسكندرونة والجزر الإماراتية الثلاث ، أعادت إلى أهلها واضحكوا على مصيركم إن كان للعرب به يد , حكاية أهل العراق مع العرب طويلة وحزينة ، العراقيون منذ عقود فتحوا أبوابهم وعلى اختلاف أنظمتهم السياسية والعقائدية للعرب ، للحكومات والشعوب معاً ، للمعارضة ولمعارضة المعارضة ، للعرب الفقراء والأغنياء ، للعرب الأسيويين والعرب الأفارقة ، للعرب المتعربة والمستعربة ، للعرب القوميين والعرب الشيوعيين ، للعرب الشيعة والعرب السنة ، قائمة طويلة كان أبناء الأمة العربية لا يجدون ملاذاً إلا في العراق ، إذا استشهد مقاتل في فلسطين أو لبنان أو الجولان أو الخليج العربي أو مصر أو اريتريا أو الجزائر أو الصومال ، أقام العراقيون الدنيا ، يخرجون بلاشعور الى شوارع وساحات بغداد للتنديد بأعداء العروبة ، إذا فاز فريقٌ عربي على فريقٍ غير عربي أطلق أهل بغداد والبصرة والأنبار والموصل والناصرية الرصاص ابتهاجاً .. إذا تعرض أي عربيٍ الى اعتداء أجنبي تبدأ منابر الخطباء في النجف وكربلاء وصلاح الدين وميسان والكوت بدعوة الله والتوسل إليه لنصرة العرب , اذهبوا مرةً واحدة إلى مقابر الشهداء في فلسطين والأردن ولبنان وسوريا ومصر والخليج العربي والمغرب العربي ، ستجدون أبناء العراق وقد سقطوا دفاعاً عن دينهم وعروبتهم متيممين بتراب وطنهم العربي الكبير حكاية طويلة لم يتجرأ بها خطيبٌ أو عالمٌ او فقيهٌ مسلمٌ واحد أن يدعو الله لنصرة أهل العراق أو خلاص أهله من هذه الفتنة ، من على أشرف المنابر ، منبر الصدق والهدى والإيمان منبر الرسول العربي الأمين محمد صلى الله عليه وآله وسلم يتسابق الخطباء في مكة والمدينة والمسجد الأقصى والخليج العربي والمغرب العربي والأزهر الشريف والشام الى الدعاء لنصرة المسلمين في توروبورو وقندهار والشيشان والبوسنة والهرسك ودارفور والواق واق والقطب الشمالي والجنوبي ، وأهل العراق يُبخل عليهم حتى في أدعيةٍ قد تستجاب وقد لا تستجاب الأمريكيون مسحوا هيروشيما وناكازاكي في اليابان من الخريطة عام ( 1945) وقتلوا مئات الآلاف وشردوا وأعاقوا الملايين من اليابانيين ، وأوربا اشتعلت بها حربٌ أحالت اخضرارها إلى يٌباب وزرقة مائها الى دمٍ أحمر أهدرته ماكينة الحرب العالمية الثانية ليقتل الألمان من الحلفاء ملايين الأبرياء ويقتل الحلفاء من الألمان الملايين لكنهم بعد سنوات نسوا كل ذلك وبدئوا ببناء عالمهم الجديد وأوربا الواحدة وهم على أعراق وديانات ومفاهيم معتقدات مختلفة , في الصين وكمبوديا وكوريا ولاوس وعشرات الحروب اقتتلت الدول فيما بينها وعادوا الى عقولهم وتصالحوا وتوحدوا وكأن شيئاً لم يكن ، بينما تتضافر الشماتة والكراهية من عيون أقرب أشقائنا إلينا عشيرةً وعرقاً وأرضاً وديناً في الكويت لأن النظام السابق غزا الكويت في عام ( 1990 ) النظام السابق دخل الكويت أسابيع معدودة فانتصر العالم كله لأشقائنا في الكويت ، الأمريكيون والأوربيون والأفارقة والآسيويين ثم العرب الذين كانت كتائب الجيش العربي السوري والمصري والسعودي والمغربي أول من رفعت أعلامها إلى جانب العلم الأمريكي في الكويت ثم فوق بعض أراضي العراق المحررة ، لماذاالمصدر