الخطاب مكشوف هذه المرة.. لا تحالفات سياسية دون تقوية شوكة المذهب والدين، حسب ما يقول زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في أحدث تغريداته المثيرة لرفض وغضب الأوساط السياسية والنخب الثقافية، بسبب إحيائها الاستقطاب الطائفي، وابتعادها عن الهوية الوطنية الجامعة.
وكتب الصدر في تغريدة عبر حسابه بموقع تويتر، إن «مشروعنا الانتخابي الخاص عبارة عن (مشروع عقائدي) فلن نتحالف تحالفات سياسية ما لم نقوي شوكة الدين والمذهب».
وأضاف، أن «أي جهة تطيع الشرع وتريد مصلحة المذهب وتعشق العراق وتسعى للإصلاح الفعلي وتعاقب الفاسدين، طاعة للمرجعية وتقديمًا للمصالح العامة، فنحن مستعدون للتعاون معهم (عقائديًا) لا سياسيًا، فتُعاد كرة الفساد مرة أخرى».
ويأتي هذا التحشيد الصدري، عقب إعلانه العزم على دفع أحد أنصاره إلى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات النيابية المقررة في السادس من حزيران/ يونيو المقبل.
سهام النقد تُصوب نحو الصدر
وواجه الصدر، انتقادات شديدة من نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وقادة في الحراك الشعبي، حيث رأوا في تلك الدعوات، محاولة واضحة لإنعاش النظام القائم في البلاد، واجهاض مساعي التغيير التي ينادي بها المتظاهرون منذ أكثر من عام، و«سعيًا إلى السلطة بنبرة طائفية هذه المرة»، خاصة وأن خطاب الصدر، اتسم خلال السنوات الماضية، بالحس الوطني، وعدم رغبته في الميل نحو طائفته، بل وتحالف مع قوى سنية، ضمن تحالف الاصلاح الذي ضم مختلف المكونات.
وعلى رغم أن دعوة الصدر، لم تلقَ ترحيباً لدى الأوساط الشيعية الأولى، ولم يعلق عليها أي من الزعامات السياسية المعروفة في البلاد، إلا أن حراكاً خلف الكواليس يجري لإحياء التحالف الوطني القديم، المتشكل من الكتل الشيعية، استعداداً لخوض الانتخابات النيابية المقبلة.
من جهته، كشف القيادي في ائتلاف دولة القانون، حسين المالكي، عن اتفاق بين القوى الشيعية لـ «إحياء» اللجنة السباعية، سبق دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
وقال المالكي في تصريح صحفي، تابعته (باسنيوز) إن «القوى الشيعية السبع (سائرون، بدر، دولة القانون، النصر، الحكمة، الفضيلة، وصادقون) اتفقت قبل شهرين أو ثلاثة أشهر على إعادة العمل باللجنة السباعية المتوقفة منذ فترة طويلة»، مبينا أن الهدف هو «التهدئة والابتعاد عن التراشق الإعلامي قبل إجراء الانتخابات».
وأوضح، أن «اللجنة السباعية منذ تشكيلها عقدت قرابة عشرة اجتماعات وغالبا ما تكون هذه الاجتماعات أسبوعية، وكان آخرها في منزل عبد الحسين الموسوي، النائب عن كتلة الفضيلة البرلمانية»، مشيرا إلى أن «من بين أهم القضايا التي بحثت وطرحت في هذه الاجتماعات هي إمكانية إحياء التحالف الوطني».
وبين، أن «اللجنة ناقشت في اجتماعاتها السابقة أيضا مواقف القوى الشيعية بشأن كيفية المشاركة والنزول في الانتخابات البرلمانية المقبلة هل ستكون بقوائم منفردة أو على شكل ائتلافات وتحالفات»، مضيفا أن «المجتمعين حينها اتفقوا على منح الحرية كاملة لكل القوى والأطراف في اختيار طريقة المشاركة بالانتخابات».
وشدد، على أن «المساعي ما زالت قائمة لإعادة تشكيل التحالف الوطني مرة أخرى من خلال المشاورات والمباحثات التي يقوم بها أعضاء اللجنة التفاوضية»، لكنه أقر بأن «الأمر في غاية الصعوبة بسبب الخلافات بين توجهات القوى الشيعية».
عوائق بالجملة تواجه الحلم الصدري
ويقول مراقبون للشأن العراقي، إن مشروع الصدر، تعترضه عدة عوائق، قد تقف حائلاً دون تحقيق رغبته، على رغم مساعيه هذه الأيام إلى إذابة الجليد مع كل التحالفات والميليشيات.
وأعلن القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، وهو مقرب من الصدر، في تصريح متلفز مؤخراً ، أن «رئيس الوزراء المقبل سيكون من (التيار الصدري) أو شخصا يحدده الصدريون، إذ سنحصل على نحو 100 مقعد نيابي في الانتخابات المقبلة، ولن نتنازل هذه المرة عن استحقاقنا الانتخابي».
وأضاف أن «التيار الصدري هو صمام أمان للجميع ، فهناك الكثير من الجهات المسلحة ، لولا وجود التيار ، لأساءت للمواطنين»، لافتا إلى أن «التيار الصدري كان باستطاعته الحصول على رئاسة الوزراء منذ عام 2003».
وتعقيبا على رأي الزاملي، علقت صفحة صالح محمد العراقي على ‹فيس بوك›، وهي صفحة تابعة رسميا للصدر، بالقول: «ومن الله التوفيق.. لن نحيد عن الإصلاح»، وهو ما اعتبر قرارا متخذا من قبل الصدر.
رفض للبيوتات الطائفية
ويذكّر المشروع الصدري الجديد، العراقيين بمشروع البيوتات الطائفية السياسية، عقب الاحتلال الأميركي للبلاد، والتي دفع العراقيون ثمنها باهظا، حيث خلقت التوتر الطائفي وعززت خطاب الكراهية والتحاصص، ويأتي هذا المشروع فيما التوجه الشعبي العام في الشارع العراقي هو لجهة تبني خيار الدولة المدنية ودولة المواطنة، وتجاوز التصنيفات الطائفية التي ضعفت كثيرا، خاصة بعد الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها بغداد ومدن جنوب ووسط العراق، اعتبرها مراقبون بأنها جزء من حملة الصدر لمواجهة المحتجين وتحدي مطالبهم.
ويرى المحلل السياسي، بلال السويدي، أن «رغبة الصدر، بالحصول على منصب رئاسة الحكومة لأحد أتباعه، هي رغبة مشروعة، وليس هناك ما يعيق ذلك من الناحية القانونية ، والسياسية ، لكن ما يؤخذ على الصدر ، لجوئه إلى الشارع ، وتحشيد الناخبين طائفياً، واعتماد خطاب غير جامع للهويات الوطنية العراقية ، وهو ما يناقض الصدر نفسه الذي دعا إلى أهمية تغليب المصلحة الوطنية، في خطاباته السابقة».
وأضاف السويدي لـ (باسنيوز)، أن «القضية الأخرى المهمة في هذا الشأن هي رفض الأطراف الشيعية التحالف مع الصدر، بسبب تجاربهم السابقة معه، و كثرة تنقلاته بين المحاور، وتغيير مواقفه سريعاً، فضلاً عن حالة العداء المستمر مع أغلب تلك القوى، مثل ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، وتحالف الفتح الممثل للحشد الشعبي، حيث اتسمت العلاقة بين الطرفين، بالتوتر والتنافر خلال الفترة الماضية، وهو ما يجعل مسألة تسليم الحكومة للصدر، تتسم بالصعوبة البالغة، فضلاً عن فيتو إيراني بهذا الشأن، وقلقهم من حكومة بزعامة الصدريين».