ورقة إصلاحية جديدة من البرلمان.. تُدمج مع الورقة البيضاء

451

بغداد/ محمد صباح

يعتزم مجلس النواب تقديم ورقة إصلاحية جديدة مرادفة ومنسجمة مع “الورقة البيضاء” التي اقترحها مجلس الوزراء في شهر تشرين الأول الماضي.

وقريبا ستنطلق أولى الجولات التفاوضية بين الحكومة والبرلمان بهدف دمج هاتين الورقتين وتحويلهما إلى مشروع قانون موحد ينظم عملية الإصلاح المالي والاقتصادي.

الورقة الجديدة التي انتهت من إعدادها قبل أيام اللجنة المالية النيابية بعد تسلمها أكثـر من خمسين مقترحا وملاحظة من اعضاء المجلس ستكون مختصرة وغير مطولة، وستعتمد على وضع آلية لتنظيم الجباية والعمل في المنافذ الحدودية وإعادة النظر في جولات التراخيص.

ويوضح ثامر ذبيان عضو اللجنة المالية النيابية في تصريح لـ(المدى) أنه في الأيام القليلة المقبلة ستنطلق جلسات حوارية مشتركة بين اللجنة المالية النيابية مع وزارة المالية لمناقشة بنود وفقرات الورقة البيضاء الإصلاحية، لافتا إلى أن اللقاءات تهدف إلى تحويل الورقة الإصلاحية إلى مشروع قانون لإقراره في البرلمان.

والورقة البيضاء التي أرسلتها الحكومة إلى البرلمان في شهر تشرين الأول الماضي والمؤلفة من حوالي مئة صفحة، هي خطة للإصلاح المالي والاقتصادي المتدهور منذ سنوات وتهدف إلى استثمار موارد البلد الهائلة والكبيرة وإدارتها بطريقة رصينة خلال فترة تمتد بين ثلاث إلى خمس سنوات.

ويضيف ذبيان وهو نائب عن كتلة الفتح البرلمانية أن “مشروع قانون الورقة البيضاء الإصلاحي ستُضمن فيه ملاحظات ومقترحات مجلس النواب والعمل على إضافة مواد تلزم الحكومة على إرسال عدد من مشاريع القوانين للسلطة التشريعية لتنظيم عملية الاصلاح الاقتصادي والمالي”.

وحددت الورقة البيضاء مكامن الخلل الذي يعاني منها النظام الاقتصادي العراقي منذ عدة سنوات، واقترحت حلولا تتمثل في إعادة هيكلة الشركات العامة المملوكة للدولة وتحويلها إلى شركات خاصة، وإصلاح الخلل في نظام البطاقة التموينية بما يؤمن حماية ذوي الدخل المحدود وحجبها عن الأسر التي يزيد دخلها عن سقف معين.

وما أن باشرت اللجنة المالية النيابية بمراجعة بنود وفقرات الورقة الإصلاحية حتى بدأت الكتل البرلمانية وعدد من أعضاء المجلس بإرسال ملاحظاتهم ومقترحاتهم لتضمينها في الورقة البيضاء قبل إرجاعها إلى الحكومة.

وعن ملاحظات اللجان البرلمانية والكتل السياسية تؤكد إخلاص الدليمي النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في حديث مع (المدى) أن “عدد مقترحات وملاحظات الكتل السياسية واللجان النيابية على الورقة البيضاء تصل الى نحو خمسين مقترحا”، مضيفة أن” اللجنة المالية النيابية ستبدأ بمراجعة هذه المقترحات قريبا”.

وينظر خبراء ومختصون في المال إلى الورقة الإصلاحية بانها تسعى إلى تحويل النظام الاقتصادي العراقي من دولة ريعية تعتمد على إيرادات النفط بنسبة 90% إلى دولة صناعية زراعية تفتح أبوابها أمام الاستثمار الأجنبي والمحلي.

وتوضح الدليمي وهي عضوة أيضا في اللجنة المالية النيابية أن “الكتل السياسية واللجان البرلمانية وأعضاء مجلس النواب قدموا (35) مقترحا للجنة المالية النيابية والتي هي بدورها طرحت ما يقارب (15) مقترحا وملاحظة على الورقة البيضاء”.

ورغم التفاؤل بمحتوى وبنود هذه الورقة الإصلاحية إلا أن هناك أطرافا سياسية وبرلمانية تشكك في إجراءتها وتعتبرها قاسية وصعبة التنفيذ في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، وارتفاع معدلات البطالة والفقر بسبب جائحة كورونا.

وتضمنت الورقة أيضا مراجعة دعم الوقود لشركات النفط المملوكة للدولة ويجب أن تعود عائدات بيع النفط الأسود إلى خزينة الدولة، وإصدار سندات وصكوك وطنية وعرضها للتداول العام في سوق العراق للأوراق المالية، فضلا عن دراسة سعر الصرف الحالي للدولار مقابل الدينار والأخذ بنظر الاعتبار متطلبات الاستقرار المالي والنقدي وتحقيق القدرة التنافسية للاقتصاد العراقي.

وفي إطار ذلك يبين مصدر برلماني رفض الكشف عن هويته لـ(المدى) أن “اللجنة المالية في مجلس النواب شكلت لجنة فرعية من أعضائها لمراجعة مضمون الورقة البيضاء الإصلاحية وتوحيدها مع رؤية الإصلاح النيابية التي ستطرح قريبا”، مؤكدا على أن اللجان البرلمانية المعنية ستناقش الورقة الإصلاحية الجديدة مع الحكومة.

من جانبه يؤكد يحيى العيساوي عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية أن “اللجنتين المالية والاقتصاد البرلمانيتين بدأتا بإعداد ورقة برلمانية ستكون متناغمة مع الورقة الحكومية لتجاوز الأزمة المالية التي يمر بها العراق” متوقعا أنه في “الأيام المقبلة ستكون الورقة البرلمانية جاهزة كخارطة طريق للحكومة”.

ودفعت ظروف الأزمة المالية وانهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية وتداعيات أزمة جائحة فايروس كورونا حكومة مصطفى الكاظمي إلى مراجعة السياسة المالية في العراق من اجل تجاوز الضائقة المالية التي تهدد الاقتصاد العراقي.

ويضيف العيساوي في تصريح لـ(المدى) أن “الورقة البرلمانية ستكون مقتصرة على كيفية الجباية وتنظيم العمل في المنافذ الحدودية والدعوة إلى إعادة النظر بجولات التراخيص” معتبرا أن “هذه الخطوات تعد خطة قصيرة الأمد”.

وتضمنت الورقة البيضاء خطة لتقليص رواتب القطاع العام وإصلاح قطاع الدولة المالي من أجل ضمان إنهاء نظام المحاصصة والمحسوبية الذي تعتمد عليه النخب السياسية في ترسيخ سلطاتها.

ويتابع النائب عن محافظة بغداد حديثه بالقول إن “اللجنتين المالية والاقتصاد والاستثمار البرلمانيتين ستعملان سويةً وبالتعاون مع وزارة المالية على دمج هاتين الورقتين (الحكومية والنيابية) بمشروع قانون موحد يضع الحلول والمعالجات لتجاوز الأزمة المالية التي يمر بها العراق”، مضيفا أن “الورقة البرلمانية ستكون مختصرة وغير مطولة”.

المصدر