واشنطن بوست: النازحون بين مطرقة إغلاق المخيمات والنبذ العشائري

184

نزلاء مخيم ومسؤول محلي ذكروا لصحيفة واشنطن بوست ان السلطات العراقية استأنفت يوم الاثنين اجراءات اغلاق احد المخيمات الاخيرة الباقية للعوائل التي نزحت اثناء المعارك التي شنت ضد تنظيم داعش، مما سيؤدي ذلك الى ترك آلاف الناس في حيرة لإيجاد مأوى.

بعد ثلاث سنوات من اعلان العراق رسميا الحاق الهزيمة بداعش، ما يزال عشرات الآلاف من مدنيين عالقين في مخيمات للنازحين عبر البلاد، غير قادرين على الذهاب الى منازلهم لانه لم تعد لهم منازل بعد تدميرها، او بسبب ارتباطات عائلية لهم باحد مسلحي التنظيم الذي يتركهم معرضين لاعمال انتقامية من مجاميع عشائرية تدعو للثأر لضحاياها.

رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي كان قد وعد بحل ازمة النازحين وذلك باغلاق جميع المخيمات في العراق مع ايجاد طرق لاعادة دمج نزلاء المخيمات مع المجتمعات الاوسع.

ولكن الخطوة المتخذة اخيرا في اغلاق المخيمات قد اثارت القلق لدى المنظمات الانسانية، التي تقول بان النزلاء غالبا ما لم يحصلوا على مهلة كافية للمغادرة، حيث ان من المعتاد تبليغهم قبل أشهر ولكن ما يحصل الان هو اعطاؤهم مهلة لايام معدودة فقط، مما يؤدي ذلك الى عدم تمكنهم من العثور على ملجأ آخر آمن، وفي بعض الاحيان يضطرون للنوم على قارعات الطريق او بلا سقوف تحت المطر. يوم الاثنين، باشرت السلطات بالاغلاق التدريجي لمخيم الجدعة الخامس للنازحين في محافظة نينوى. ويقول نزلاء في المخيم بان قوات امنية دخلت المعسكر، الذي يأوي حوالي 7,000 شخص، وأخبروا عوائل نازحة من ثلاث قرى في المحافظة بان يغادروا او ان يتم اخراجهم بقوة.

اغلب النازحين في العراق هم من نساء واطفال. ويذكر ان اكثر من 12 مخيما ما يزال مفتوحا في اقليم كردستان والذي يضم ما يقارب من 182,000 نزيل.

احد نزلاء مخيم الجدعة الخامس قال للواشنطن بوست طالبا عدم ذكر اسمه “لقد قالوا لي ان اغادر بكرامة أو ان يتم اخراجي من خيمتي عنوة”.

الرجل البالغ من العمر 45 عاما قال انه يحاول بيع أقراط زوجته الذهبية لتوفير مال كافي لتأجير شاحنة واصطحاب عائلته المكونة من 12 فردا خارج المخيم. فهو لا يعرف اين سيذهب للمكوث أو كيف سيوفر مبلغ الايجار.

نزيل آخر، طلب عدم ذكر اسمه ايضا، قال ان هناك عوائل كانت تبكي بينما تقوم بحزم أمتعتها. واكد بقوله “نحن لا نطلب شيئا سوى ان نبقى في هذه الخيمة. ان الجو بارد جدا هنا. لم يعد لنا مكان نلجأ اليه، العراق الذي اعتدنا ان نشعر به كبلد كبير قد اصبح اليوم ضيقا وصغيرا”.

حسن العلاف، متحدث عن وزارة الهجرة والمهجرين، قال ان جميع حالات المغادرة من المعسكر تجري عن اتفاق مسبق وتراضي.

واضاف قائلا “انهم يكذبون ويحاولون عرقلة عملنا. ليس هناك اخراج قسري للنزيل ولكن فقط عودة طوعية”.

الجدل الذي يحيط بعمليات اغلاق المخيمات في العراق يدور حول أمر معقد لمشكلة اوسع، وهي كيف سيمكن بناء تلاحم اجتماعي بين جميع هذه المكونات لفترة ما بعد الحرب.

وكان تنظيم داعش في مسعى منه للسيطرة قد اقدم على قتل عشرات الآلاف من العراقيين وشن حملة ابادة جماعية ضد الطائفة الايزيدية. ونجم عن ذلك تهجير ما يقارب من 6 ملايين شخص خلال المعارك، ورغم ان الغالبية من النازحين قد رجعوا لمناطقهم، فانه وفقا لمنظمات اغاثة، ما يزال هناك 250,000 شخص يعيشون في مخيمات النازحين.

وبينما يتم اغلاق المخيمات في العراق، فان العشرات من النزلاء الذين التقت بهم الواشنطن بوست اعربوا عن رعب وخوف حول مستقبلهم المجهول. نزلاء في مخيم الجدعة الخامس قالوا انهم تباحثوا مع زملاء لهم في إمكانية الإقدام على الانتحار. غالبيتهم يفتقرون الى الوثائق الرسمية الضرورية للحصول على خدمات من الدولة خارج المعسكر. قسم من الحالات التي وقعت هي ان هناك اقارب خرجوا للتأكد من سلامة الموقف خارج المعسكر، كخطوة مسبقة قبل المغادرة، قد تم اعتقالهم عند نقاط التفتيش.

خضر أحمد علي، احد سكنة منطقة الدجيل في صلاح الدين قال “ليس من المستغرب ان يكونوا مرعوبين. نحن نعرف ما فعلوه بنا. الضرر الذي لحق بنا كبير جدا لا نستطيع قبول أحدنا الآخر”.

حسن العلاف، نائب محافظ نينوى، قال انه اخبر اكثر من مسؤول كبير بان عمليات اغلاق المخيم ستخلق مشاكل مستقبلا.

واضاف العلاف بقوله “الحكومة لم تدرس الحقيقة على أرض الواقع. لدينا مخاوف جدية حول عواقب هذا القرار. ربما عنوان اغلاق مخيم قد يبدو عنوانا ايجابيا، ولكن ما يتضمنه قد يكون كارثيا”.

عن: واشنطن بوست

المصدر