ما إن دعت الرئاسة التركية رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا لمقاطعة تطبيق “واتساب” (WhatsApp) بعد قيامه بتحديث سياسة الخصوصية لديه، حتى انكب ملايين المستخدمين على الانضمام إلى تطبيق المراسلة “بيب” (BiP) الذي أطلقته شركة “تورك سيل” (turkcell) التركية للاتصالات.
وأفاد بيان صادر عن شركة تورك سيل بأنها شهدت خلال 3 أيام اشتراك أكثر من 5 ملايين مستخدم جديد في تطبيق “بيب” المطور محليا، وأن عدد المشتركين مستمر في الارتفاع المطرد.
وكانت شركة واتساب قد أعلنت أنها ستجري تغييرات على سياسة الخصوصية الخاصة بها اعتبارا من 8 فبراير/شباط القادم، مما يجعلها إلزامية للمستخدمين في جميع البلدان خارج أوروبا لمشاركة بياناتهم مع الشركة الأم “فيسبوك” (Facebook) وبعض الشركات التابعة لها.
ولكن هل فعلا يمكن أن يحل تطبيق بيب بديلا مناسبا للمستخدمين؟ ومن هي الفئة التي قد يكون التطبيق بديلا مناسبا نوعا ما لها لتطبيق واتساب؟
فرق بسيط في سياسة الخصوصية
في مجال الخصوصية، وهو المجال الأهم في هذه المقارنة، وعند قراءة شروط الخصوصية الخاصة بالتطبيق التركي نجد أنه يجمع الكثير من المعلومات الخاصة بالمستخدمين، ومع أنه يذكر أنه لغايات تسهيل تقديم الخدمات، إلا أنه يذكر أيضا أنه يشارك هذه المعلومات مع “مزودي الخدمات الآخرين وشركائهم”، ويذكر بشكل واضح أنها تستخدم لغايات “التسويق المباشر وغير المباشر”.
إذن فتورك سيل بحكم أنها الشركة الأم للتطبيق كما هي الحال لفيسبوك مع واتساب، فإن عندها الإذن من المستخدم لمشاركة معلوماته مع شركائها التجاريين والتقنيين.
ولكن ما المعلومات التي يجمعها التطبيق؟
يجمع تطبيق بيب، بحسب سياسة الخصوصية المنشورة على موقعه، هذه الكمية من المعلومات:
- تفاصيل الهوية والاتصال: بيانات مثل رقم هاتفك واسم المستخدم (الاسم المستعار) والأفاتار ومشغل “جي إس إم” (GSM) وكلمات المرور المستخدمة للحفاظ على أمان التطبيق إذا كان متاحًا للتحقق من الهوية والوصول إلى الحساب.
- معلومات الاستخدام: البيانات الفنية التي يتم جمعها من جهازك من خلال المعدات التقنية، ونوع الرسائل (الرسائل النصية والفيديو وما إلى ذلك) والرسائل المرسلة (دون جمع أي معلومات حول محتواها)، والوقت النشط، ونوع الخدمات المستخدمة، وعادات الاستخدام المتعلقة بواجهة التطبيق وآخر وصول إلى تاريخ التطبيق، وأخطاء ومعلومات حول الخطأ الذي حدث أثناء استخدام التطبيق.
- معلومات التخصيص واستطلاعات الرأي: الاسم المستعار وصورة الملف الشخصي ومعلومات الحالة والأرقام المحظورة. بيانات عن نتائج الاستطلاعات التي أجريت من خلال التطبيق.
- بيانات الموقع: بيانات الموقع للمستخدمين اعتمادًا على إعدادات موقع أجهزتهم (تقريبية).
- بيانات الجهاز: بيانات مثل طراز الجهاز، ونظام تشغيل الجهاز، ولغة الهاتف المفضلة، والمعلومات المتعلقة بالمشغل الذي يستخدمه المستخدمون، ومعلومات الدولة.
- معلومات الاستخدام: البيانات المتعلقة بنوع الاتصال (المكالمات والرسائل الفورية..) والمدة والوقت والنوع والأطراف وجهات الاتصال.
- لا يجمع بيب أي بيانات تتعلق بمحتوى اتصالاتك التي تتم عبر التطبيق.
- بيانات النسخ الاحتياطي: في حالة طلب المستخدمون ذلك، يمكن نسخ بيانات الاتصال احتياطيًا بواسطة بيب.
- بيانات دفتر العناوين: قائمة جهات الاتصال تحتوي على أرقام الهواتف والتفاصيل ذات الصلة المخزنة على جهاز المستخدم.
طبعا قائمة المعلومات التي يجمعها بيب أكبر من واتساب، حيث تحتوي على البيانات المنسوخة احتياطيا، وهي الصور والفيديوهات التي يمكن أن تخزنها احتياطا على النظام.
الفرق بين بيب وواتساب هو في شروط واتساب الجديدة التي تلزم المستخدمين بربط حسابهم مع فيسبوك، وهو ما يمكن أن يحدث مع تورك سيل إذا قررت ربط المستخدمين الذين لديهم حسابات لدى الشركة التركية للاتصالات.
قد يكون استخدام تطبيق بيب من قبل الأتراك مقبولا من الناحية السياسية طالما أن معلوماتهم سوف تكون محصورة في دولتهم وخاضعة لقوانينها بدلا من أن تكون متاحة لجهات خارجية، ومن هذا المنطلق يتحدث أتاج تانسوغ مسؤول الخدمات الرقمية في شركة “تورك سيل” وأحد المطورين لتطبيق بيب.
وأكد تانسوغ أن التطبيق الذي جرى تطويره محليًا قبل نحو 7 سنوات، لا يمكنه الوصول إلى بيانات المستخدمين أبدًا إلا بإذنهم المسبق.
من جهته، ذكر بسام شحادات المطور البرمجي ورئيس شركة “بي2” (P2) للتسويق الرقمي بإسطنبول للجزيرة نت، أن تطبيق بيب سيكون له مستقبل تنافسي قوي على مستوى تركيا، فاستعمال التطبيق بالواجهة التركية ودعمه لطبيعة البيئة والثقافة التركية من خلال الأسماء والتخاطب والشعارات والرسوم التعبيرية يساعده على الإطاحة بواتساب على المستوى المحلي في المدى المنظور.
وفيما يتعلق بحماية سياسة الخصوصية، أكد شحادات أن التطبيق التركي يخضع لنظام “حماية بيانات المستخدمين” التركي، وهذا يساعد الأتراك والمقيمين على استخدامه بأريحية لأنه في حال حصول مشكلة بين المستخدم والتطبيق فبإمكان المستخدم الذهاب للمحاكم التركية، أما في حال حصول مشكلة مع تطبيقات دولية أخرى مثل واتساب، فإن هذا يتطلب رفع قضايا في محاكم البلد منشأ التطبيق.
المستفيدون من التطبيق
قد يكون الأتراك الذين يفضلون أن تحتفظ شركة تركية مثل “تورك سيل” بمعلوماتهم الشخصية ومشاركتها مع شركاء تجاريين لأهداف تسويقية على أن تستخدمها شركة أميركية مثل فيسبوك للأغراض نفسها هم الفئة الأكثر التي قد يفيدها هذا التطبيق.
أما جميع الفئات الأخرى فيجب أن تفكر بشكل كبير في المعلومات التي سوف يشاركونها مع الشركة التركية، والجهات التي سوف تستفيد من هذه المعلومات، وأن يقرروا ما إذا كانوا يجدون أنها بديل مناسب لهم.