هل أن صدام حسين كان شجاعاً كما يزعم رَّبْعُه أم جباناً كما كان في واقعه وحقيقته؟

256

محمد مندلاوي

إننا نشاهد ونقرأ ونسمع من خلال وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة من بعض الذين يعادون النظام الحالي في العراق، أو من خلال أفواه الذين كان صدام حسين يغدق عليهم الهدايا النقدية، والهبات العينية،كالأموال الطائلة، والسيارات الفارهة، والقصور الفخمة الخ، بأن صدام حسين كان شجاعاً !!! وهؤلاء… هم الذين كانوا يمجدوه في مقالاتهم الصحفية، أو في قصائدهم المادحة، أو في أغانيهم التمجيدية الخ، من هؤلاء العديد من المطربين العراقيين وبعض الشعراء… كشفيق الكمالي، وعبد الرزاق عبد الواحد والقائمة تطول. إن بعض هؤلاء المتملقين، الذين لا زالوا على قيد الحياة، لا زالوا يطبلون ويهللون لولي نعمتهم صدام حسين، ويزعمون كما أسلفت بأنه كان شجاعاً. لكن، حين تتابع سيرة حياة الموما إليه وهو في سدة الحكم، وكان لديه جيش جرار، وأجهزة مخابرات متعددة، وحزب أصبح تابعاً لشخصه، تجده إنساناً… يتظاهر أمام كامرات شاشات التلفزة بالشجاعة، لكن في واقعه وحقيقته كان أجبن من إسماعيل يا سين في أفلامه. للعلم، قبل أن يستحوذ حزب البعث على السلطة كان صدام حسين يستقوي ببعض الشقاوات من أصحاب الألقاب… منهم: خالد دونكي، كامل معلاگ، ناظم گزار، خالد طبرة، وهاب الأعور، قيس الجندي، كاظم پاشا، فاضل جلعوط، محي مرهون، حاتم الباوي،سمير الشيخلي، وليد الخشالي، حسين حبة، ستار لكله، وشقيقه جبار لكله، أنهما معروفان بين العرب بستار وجبار كوردي، لكن الكورد ينادوهم بـ”لكله” لأنهما ينتميان لعشير الـ”لك= Lak” الكوردية، التي مضاربها تقع في شرقي كوردستان بين مدينتي كرمانشاه وخُرم آباد (لرستان). وكان من بين هؤلاء الشقاوات أيضاً محمد فاضل، الذي قتل ستار لكله، شقيق جبار. وسعدون شاكر، وشقيقه ناطق شاكر، وسامي الوادي. وفي مدينة مندلي انظم لحزب البعث العروبي شخص غريب عن المدينة ومنبوذ بين أهلها اسمه مزبان خضر هادي، يحمل الجنسية التبعية الإيرانية، كان لدى هذا الشخص… نوازع سيكولوجية شريرة، على ما أعتقد أنه توفى قبل فترة في السجن الذي كان يقضي فيه عقوبته.

قبل أن نفصل في الموضوع، دعني أن أقارن بين حادثتين تعرض لهما شخصين في سدة الحكم، الأول هو الزعيم الركن عبد الكريم قاسم الذي تعرض عام 1959 إلى عملية جبانة في شارع الرشيد، في منطقة رأس القرية. العملية الثانية تعرض لها الديكتاتور صدام حسين في منطقة الدجيل. الأول، الذي هو قاسم بعد محاولة اغتياله وإصابته بعدة رصاصات في يده قال قولته المشهورة المقتبسة من سورة المائدة آية 95: عفا الله عما سلف. معناه واضح، أن الزعيم عفا عن الذين حاولوا قتله برصاصات

اخترقت جسده، وكان صدام حسين مشاركاً معهم في تلك العملية الجبانة وهرب إلى خارج العراق. إن الزعيم عبد الكريم قاسم حين عفا عن الجناة سجل لنفسه موقفاً كريماً وشجاعاً لا تمحى في صفحات التاريخ أبد الدهر. لاحظ عزيزي القارئ أي الموقفين شجاع، موقف قاسم، الذي عفا عن الجناة، أم موقف القتلة؟. بعد مرور عشرات السنين على عملية اغتيال قاسم الفاشلة شاهدت تسجيلاً لصدام حسين في الـ”يوتيوب” اعترف فيه، أنهم كانوا على خطأ في كل تصرفاتهم مع قاسم، وقال صدام عن عبد السلام عارف: إنه شخص طرطور. بما أن الشيء بالشيء يذكر، لقد حاول عبد السلام عارف بمسدسه أن يقتل عبد الكريم قاسم داخل مكتب قاسم في وزارة الدفاع، ومنعه من ارتكاب هذه الجريمة الشخصية الكوردية فؤاد عارف، الذي كان حاضراً في مكتب الزعيم حينه. وبعد ما حكم رئيس محكمة الشعب فاضل عباس المهداوي على عبد السلام محمد عارف بالإعدام ذهب قاسم بصفته رئيس الوزراء وقائد العام للقوات المسلحة إلى السجن وأخرج عبد السلام وأوصله بنفسه إلى داره. لكن، حين سنحت الفرصة لعبد السلام ومجموعة حزب البعث في انقلاب شباط عام 1963 قام بإعدام الزعيم عبد الكريم قاسم في دار الإذاعة العراقية. عزيزي المتابع، قارن بين إنسانية (الشعوبي) عبد الكريم قاسم، ونذالة العروبي عبد السلام محمد عارف والبعثيين الذين كانوا معه إبان تنفيذ تلك الجريمة التي ستبقى لطخة عار على جبين مرتكبيها أبد الدهر؟؟!!. حقاً أن الشجاعة ليست في القتل والإجرام، بل في العفو عند المقدرة. وفيما يخص صدام حسين في هذه الجزئية، قارن بين صفح عبد الكريم قاسم عن الجناة، وعملية الدجيل ضد صدام حسين الذي لم يصب فيها صدام بأية أذية، لكنه لم يصفح عن أحد ما مثل قاسم، وأعدم على أثرها 148 شخص عراقي شيعي؟؟!! هذا هو العروبي الدموي، وذاك كان (الشعوبي الحاقد)؟؟ يا ترى أيهما إنسان بمعنى الكلمة؟؟ الأمر متروك للقارئ الكريم. وفيما يتعلق الأمر بالكورد الفيلية حين قابلوا الزعيم عبد الكريم قاسم في وزارة الدفاع قال لهم قاسم: إن شرق دجلة موطن الكورد الفيلية منذ القدم. وهذا يدل على أن قاسماً كان قارئاً جيداً للتاريخ. لكن في المقابل ماذا فعل صدام حسين عام 1980 حين حاول شخص ينتمي لإحدى الأحزاب أو المنظمات الإسلامية الشيعية بقتل ذلك… المدعو طارق عزيز، قام صدام على بسببه بإسقاط الجنسية العراقية عن نصف مليون كوردي فيلي وتهجيرهم إلى إيران بحجة أنهم من أصول إيرانية، وحجز الآلاف من شبابهم ثم أمر العروبي بطل الأمة العربية بقتلهم بدم بارد، دعونا نقارن حالة أخرى بين جُبن صدام حسين، وقائد الشعب الكوردي خالد الذكر ملا (مصطفى البارزاني). لقد بعث مدير الأمن المجرم المدعو ناظم كزار – طبعاً بإيعاز من صدام حسين- عام 1971 مجموعة من رجال الدين سنة وشيعة إلى زيارة الزعيم الكوردي ملا (مصطفى البارزاني)، وكان أحد هؤلاء الشيوخ ملغماً دون علمه، كالعادة لم يفتشوهم، وقابلوا البارزاني، وأثناء الحديث معه فجر أحدهم نفسهم دون أن يعلم أن الجهاز الذي زود به فيه مواد متفجرة، لكن عناية الخالق كانت حاضرة وخرج البارزاني من تلك العملية الجبانة سالماً غانماً. وفي المقابل شاهدت قبل أيام في الـ”يوتيوب” أن قائداً كوردياً ليس أقل منزلة من صدام حسين أن لم يكن أكبر منه شرفاً ومنزلة وعائلة ولا يزال على قيد الحياة ذهب على رأس وفد كوردي إلى عاصمة العراق للقاء صدام حسين في القصر الجمهوري، الذي جعلني أن استغرب جداً، أن حماية صدام قاموا بتفتيش هذا القائد الكوردي قبل أن مع جتمع بصدام حسين؟؟؟!!!، إذا لم يكن هذا جبناً من صدام حسين، ماذا يسمى إذاً حين تقارنه مع الشيوخ الذين زاروا ملا (مصطفى البارزاني) ولم يفتشهم أحد؟؟!!. ليس هذا فقط، هناك صفحات كثيرة عن جبن صدام حسين، لقد كان أحد حمايته واسمه “كامل حنا ججو” لسبب ما نجهله قتله عدي صدام حسين بالسكين، أن كاملاً هذا، قيل أنه مذوق طعام صدام حسين؟؟؟!!! تصور عزيزي المتابع، أن صداماً يخاف أن يضع اللقمة في فمه قبل أن يتذوقه هذا العسكري؟؟!!. الشيء الآخر، أن شقيق حسين كامل وابن عم صدام حسين واسمه صدام كامل كان يقف أما الغرفة التي ينام فيها صدام حسين ويحرسه خوفاً منه أن يقتل أثناء نومه؟؟؟!!! إن لم يكن هذا جبناً يا ترى ماذا يسمى؟؟؟!!! بينما كل القيادات الكوردية دون استثناء تؤمن بالقضاء والقدر ولا تهاب أحدا، فلذا لم يفتشوا أولئك الإرهابيين اللذين فجرى نفسيهما عام 2004 في مقري الحزبين الكورديين الديمقراطي والاتحاد في أربيل العاصمة إبان تقديم التهاني لهم بمناسبة

العيد. تصور عزيزي القارئ، أن الكورد الذين يشككون بعقيدتهم عربياً وإسلامياً احتراماً لهيبة عيد العرب لم يفتشوا أحداً، والإسلامي… يلغم نفسه ويفجره بين المهنئين والأطفال المصحوبين مع آبائهم!!!. يا ترى من هو الشجاع هنا ومن هو الجبان النذل؟؟!!. دعك من هذا، فلم موجود في الـ”يوتوب” يشاهد فيه صدام حسين في أطهر بقعة إسلامية، إلا وهي مكة المكرمة بالزي العسكري ومحاطة بعشرات الحماية، والمسلحين بالرشاشات والمسدسات، بينما القرآن في سورة البقرة آية 125 يقول: وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا. هذا هو الله في القرآن يقول لصدام ولغيره من بني البشر أن هذا البيت بيت أمن وأمان للإنسان، إلا أنه لم يصدق بقول ربه، رب العزة فلذا دخله بحمايته المسلحة؟؟؟!!!. بلا شك البعثي لا يؤمن لأنه يعتقد برب آخر هو صنعه لنفسه ألم يقل شاعرهم: آمنت بالبعث رباً لا شريك له … وبالعروبة ديناً ما له ثان!!!. دعني أضع أمامك دليل آخر على جبن صدام حسين، عام 1979 انعقد مؤتمر القمة العربية في تونس، لقد جاء صدام حسين بطائرة خاصة وبعدد من سيارته الخاصة من بغداد، وهذا ما جعلت الرئاسة التونسية أن تستفسر من السفير العراقي عن السبب الذي يحرج القيادة التونسية. هل تفسر هذه العملية بغير الخوف والجبن؟؟!!. ومن علامات جبن صدام حسين، أنه لم ينام ليلتان في مكان واحد؟؟!!. من علامات جبنه أيضاً، إنه في حرب الخليج الثانية، أعني حرب تحرير الكويت، احتجز النساء والأطفال الأجانب الموجودين في بغداد كرهائن واختبأ خلفهم، أن بطل العروبة أراد أن يحارب أمريكا من خلف ظهور النساء والأطفال الرهائن؟؟؟!!!. دعوني أروي لكم قصة أنا شاهدتها وعشتها بنفسي، وكانت عام أما 1979 أو 1980 كنا نتمشى في بغداد، في الشارع الذي يقع بين شارعي الجمهورية والرشيد، تماماً مقابل منطقة العمار، التي تدخل منها إلى عقد النصارى، كنا أنا، والأخ كمال، والشاعر الكوردي حيدر الحيدر، والمسرحي الكوردي عبد الحسين الحيدري، وشخص شروگي اسمه جاسم دايش، وآخرون، وإذا بنا نطوق مع ناس المارة على جانبي الشارع من كل الجهات من قبل حماية صدام وقاموا بضربنا وقالوا لنا بلغة خشنة صفقوا، صفقوا. أليس هذا عمل جبان، وإلا لماذا يضربوننا ويأمروننا بالتصفيق لصدام حسين؟؟!!. ثم، لو لم يكن صدام جباناً لماذا يقرب أقاربه من نفسه ويمنحهم الرتب العالية؟؟ ألم يجعل من نائب عريف حسين كامل فريق أول ركن؟؟!! لقد عرفنا أنه منح رتبة فريق، لكن أين درس أركان حرب حتى يحمل رتبة ركن الخاصة بخطط الحرب والقتال؟؟؟!!! وهكذا علي حسن، الذي عرف بعد ضربه عام 1988 لمدينة حلبجة الكوردية بالسلاح الكيماوي المحرم دولياً بـ”علي كيماوي”، وآخرون من قرية العوجة الذين جاء بهم من حظائر الماشية وجعلهم جنرالات في الجيش العراقي!!!، لكنهم في النهاية خانوه.عودة إلى حسين كامل وشقيقه صدام كامل، كما هو معروف لدى عموم الشعب العراقي والكوردستاني إنهما خانا صدام حسين وهربا مع زوجتيهما بنتي صدام حسين إلى الأردن، وبعد فترة قضوها في الأردن عفا عنهم رئيس الجمهورية صدام حسين، لكن بعد عودتهم أخذ بنتيه منهما عنوة وكالعادة أمر بقتل حسين كامل وشقيقه بطريقة وحشية، يا ترى أين هو عفو الرئيس؟؟!! وماذا قال عن عفوه ومن ثم غدره فيما بعد بهم؟؟!! ألم يعرف الرئيس العروبي أن القرآن في سورة الحجر آية 85 يقول: فاصفح الصفح جميل. لقد أبتكر صدام حسين أجهزة قمعية عديدة، الأمن الخاص، الأمن الرئاسي، فدائيي صدام، الجيش الشعبي الخ الخ الخ أليس كل هذا يبين لك عزيزي القارئ أنه – صدام حسين- جبان وخائف، يريد بهذه الأجهزة الإجرامية حماية نفسه من غضب الشعب العراقي عليه وعلى نظام حكمه؟؟. ومن علامات الجبن العديدة لدى صدام حسين، إنه ترك عام 2003 جيشه وحزبه وهرب من مواجهة الجيش الأمريكي، واختبأ في حفرة، لكن بالنتيجة أخرجه الأمريكان من الحفرة مذلاً والقمل يغزو رأسه ولحيته. السؤال هنا، أليس هو يعلم بسبب جرائمه التي قام بها ضد الشعب العراقي والشعب الكوردستاني أن حبل المشنقة بانتظاره؟؟ إذاً، لماذا لم يقم بمقاتلة الأمريكيين (الكفار) حين قبضوا عليه وهو مسلح مختبئ في الحفرة؟؟؟!!! هل يوجد تفسير آخر لهذا غير أن بطل الأمة العربية، وقائد الضرورة شخص جبان؟؟!!. عزيزي القارئ، ربما لا تعلم، أن لدى صدام تاريخ قديم بالاختباء في الحفر والجحور القذرة، فعندما شارك بعملة اغتيال قاسم الفاشلة الجبانة هرب إلى سامراء واختبأ في بئر عند البعثي أحمد طه عزوز الذي هربه إلى سوريا ومن ثم إلى قاهرة. لكنه

كالعادة رد زين أحمد طه عزوز بالشين لقد أعدمه بسبب رسالة جاءته من النكر وفيق السامرائي. قل أنت عزيزي القارئ، أ هذا ليس جبناً؟؟!!. من الأمور الأخرى التي تبين جبن النظام ورئيسه التشويش الذي كان يتعرض له إذاعة صوت شعب كوردستان وغيرها. هناك أناس كثر أعدموا في ظل نظام صدام حسين بسبب الاستماع لإحدى الإذاعات، أو بسبب كتاب، أو قصيدة الخ. أليس هذا يدل أن النظام البعث نظام جبان يهاب الكلمة؟؟. إنه كأي جبان آخر يعشق أن يمجد، لقد أهدى أربع سيارات للشاعر عبد الرزاق عبد الواحد لأنه مجده في قصائده… . لقد أهدى ست سيارات لعبد الجبار عبد المحسن لأنه مدحه في مقالاته، وابتدع له مصطلحات منمقة كقائد الضرورة وغيرها. عن ماذا يدل قبوله بهذه الأوصاف التي لا تنطبق عليه؟؟!!. عن ماذا يدل إصدار ما يسمى بمجلس قيادة الثورة لعشرات القرارات والقوانين الشاذة والمجحفة لحماية نظام بكر، صدام. دعني أضع أمامك واحدة من هذه القرارات. قرر مجلس قيادة الثورة في عام 1978 رقم القرار 784 يقول: يقضي بعقوبة الإعدام في كل من ينضم أحد من حزب البعث في تنظيم آخر. أضف أن الإعدام ينفذ ضد أي منتمي لغير حزب البعث في الجيش العراقي. كان هذا غيض من فيض على جبن الرئيس العروبي صدام حسين.

“من رأى الحق ولم يأخذ جانبه فهو جبان” (كونفوشيوس)

شكراً لكِ ولكَ على قراءة المقال

24 12 2020

المصدر