نيويورك تايمز: رد إدارة بايدن على هجوم أربيل أضعف من ردود ترامب

291

ترجمة/ حامد أحمد

بعد وقوع هجوم صاروخي على السفارة الاميركية في بغداد العام الماضي، جددت ادارة الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب تهديداتها بسحب دبلوماسييها من العراق. تمت مناقشة رد عسكري ضد ايران في حينها، وحذر البيت الابيض من رد صارم “اذا ما قتل أميركي واحد”. ولم يُقتل احد .

كما لم يُقتل أي اميركي في ضربة مشابهة وقعت هذا الاسبوع ضد قاعدة عسكرية اميركية في مطار اربيل شمالي العراق، والتي اتهم فيها مسؤولون فصيلا مسلحا مدعوما من ايران.

متعاقد محلي واحد قتل في الهجوم مع جرح جندي اميركي واحد وعدة متعاقدين آخرين، مما دفع ذلك بوزير الخارجية الاميركي انتوني بلنكن، الى وصف شعور الولايات المتحدة بانها “غاضبة”.

لكن من جانب آخر، كانت حدة رد فعل ادارة الرئيس الأميركي جو بايدن على وابل الصواريخ في اربيل متناقضة بشكل حاد مقارنة بردة فعل حملة ادارة ترامب المروج لها ضد ايران، والتي دائما ما تضع العراق في مرمى النيران .

هذا الموقف اثار تساؤلا في كل من واشنطن وبغداد: ما هي خطوط بايدن الحمراء عندما يتعلق الامر بردة الفعل على هجمات من فصائل مسلحة تستهدف أميركان في العراق؟

دبلوماسيون ومسؤولون عسكريون قالوا ان هدف بايدن الاكبر هو تهدئة العداوات بين الولايات المتحدة وايران والفصائل المسلحة التابعة لها في المنطقة، بضمنها العراق، والسعي من جانب آخر الى العودة للمسلك الدبلوماسي مع طهران. تقدمت الولايات المتحدة هذا الاسبوع بدعوة لفتح صفحة تفاوض جديدة مع ايران لتحجيم برنامجها النووي .

ويأتي الجهد لهذا التقارب بينما ركزت ادارة بايدن نظرها في نفس الوقت على فصائل مسلحة معينة في العراق يعتقد مسؤولون بانها تعمل بدعم من طهران، او ربما بأوامر منها. وقال مسؤولون ان هجمات ضد أميركان من قبل ايران او اتباعها قد تقوض الهدف الدبلوماسي الاوسع .

وقد تؤدي هذه الهجمات ايضا الى محاولة جديدة من الولايات المتحدة لاقناع العراق بان يتنحى بعيدا عن ايران، مع الحفاظ على الروابط الروحية والاقتصادية والثقافية بينهما، مقابل عرض محفزات له بدلا من تهديدات . نيد برايس، متحدث عن الخارجية الاميركية، قال بعد هجوم أربيل: “من اجل ان تحافظ أميركا على قيمنا ومصالحنا حول العالم، فيتطلب علينا ان نكون متواصلين ومندمجين مع العالم. وبالطبع فان انشغالنا مع بعض الاماكن في العالم تحمل لنا مخاطر اضافية .” وقال مسؤولان في وزارة الدفاع الاميركية، انه لم يجر نقاش لدى القيادة المركزية في البنتاغون عن أي رد عسكري محدد للهجوم الصاروخي في اربيل الاثنين في وقت تحقق فيه السلطات الاميركية والعراقية من الذي نفذ الهجوم. كل من وزير الخارجية بلنكن ووزير الدفاع لويد اوستن، تحدثا مع نظيريهما في العراق عارضين المساعدة في التحقيق .

مسؤولون القوا باللائمة على فصائل مسلحة مثل كتائب حزب الله او عصائب اهل الحق بتنفيذ هجوم اربيل والتي اتهمت ايضا بتنفيذ ضربات سابقة مشابهة. ولكن ممثلين داخل البيت الابيض ووزارة الخارجية والبنتاغون، نأوا بانفسهم عن الادلاء باي اتهامات محددة .

سايمون ليدن، مسؤول البنتاغون لسياسة الشرق الاوسط، قال في تغريدة له الاثنين “انه لاختبار مهم تواجهه الادارة الاميركية الجديدة. سنكون مهتمين لرؤية فيما اذا سيكون هناك رد .”

وبشغله منصب نائب رئيس في عهد ادارة اوباما، كان بايدن من بين الذين اشرفوا على نهاية الحرب التي قادتها اميركا في العراق وانسحاب آخر 50,000 الف جندي اميركي عام 2011، ليتفاجأ البلد بعد سنتين بظهور تنظيم داعش .

ويقول مسؤولون ان بايدن له اهتمام شخصي عميق بالعراق، حيث خدم ابنه بيو، في الحرس الوطني العسكري وتعرض لحروق سمية ربما كانت قد ادت لاصابته بسرطان الدماغ الذي تسبب بموته عام 2015 . وزير خارجيته، بلنكن، كان قد بدأ الجمعة، حسب ما وصفه مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الاميركية، بمراجعة للسياسة الاميركية تجاه العراق التي تسمح بتحول في عملية التواصل. ستشتمل المراجعة على دعم من قبل البنتاغون قبل ان يعرض على البيت الابيض، وربما يكون الشهر القادم كأقرب وقت ممكن .

الادارة الاميركية تدرس اعادة المئات من الدبلوماسيين والشخصيات الامنية والمتعاقدين الى السفارة في بغداد، وكانت اعداد كادر السفارة قد تقلصت لادنى مستوى في أيار عام 2019 خلال فترة تصاعد حدة التوتر مع ايران .

وزارة الخارجية الاميركية غير مستعدة حاليا لاعادة فتح قنصليتها في مدينة البصرة، والتي اغلقتها ادارة ترامب في أيلول 2018 عندما تعرض مطار البصرة، الذي تتخذ القنصلية مقرا لها فيه، الى هجوم صاروخي لفصائل مسلحة والذي لم يتسبب الهجوم بجرح اي احد .

وتنظر الخارجية الاميركية ايضا بتمديد الحدود التي فرضتها ادارة ترامب على كمية الطاقة التي يمكن لحكومة العراقية ان تشتريها من ايران… وهو اجراء يحذر منتقدون من انه قد يزيد من تمويل طهران ولكنه في الوقت نفسه يوفر ما يحتاجه ملايين الناس من امداد لطاقة كهربائية قد يحرمون منها عكس ذلك .

مسؤولو مصارف عراقيون التقوا هذا الاسبوع مع دبلوماسيين اميركان حول هذه القضية، التي تدفع حاليا بغداد بعد مرور كل مهلة اشهر قليلة ان تطلب من واشنطن استثناء لشراء طاقة من ايران بدون مساءلة.

مسؤولان آخران في ادارة بايدن ذكرا بان الوكالة الاميركية للتنمية الدولية تدرس الان امكانية ارسال مزيد من المساعدة الانسانية لاجزاء من العراق، اغلبها في المناطق الغربية والشمالية من البلاد التي كانت اكثر المناطق تضررا من هجمات داعش .

ولكن عدة مسؤولين في البنتاغون وضباط عسكريين كبار قالوا انه لم يتضح لهم ما هي الخطوط الحمراء لدى فريق بايدن عندما يتعلق الامر بحماية الرعايا الاميركان في العراق من ايران او اتباعها من الفصائل المسلحة . ديفد شنيكر، الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط في ادارة ترامب والذي يشغل حاليا منصب زميل رفيع لدى معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى، قال انه من مسؤولية الحكومة العراقية ان تحجم نفوذ الفصائل المسلحة المدعومة من ايران.

واضاف شنيكر بقوله “لا اعتقد انه باغداق التملق لايران ستحصل على تصرف جيد منها في العراق. بالتأكيد الامر كله متعلق بايران. الصواريخ والتسليح والتمويل والتوجيه جميعها تأتي من طهران .”

عن: نيويورك تايمز

المصدر