نائب: البرلمان العراقي سيوافق على الاقتراض .. ولكن بشروطه

283

تدفع الدولة العراقية رواتب لما يقارب7 ملايين شخص، تتمثل برواتب الموظفين والمتقاعدين والسجناء السياسيين والشهداء والرعاية الاجتماعية، والذين تبلغ رواتبهم سنويا 62 مليار دولار.

ونتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بالعراق، قدمت الحكومة الاتحادية طلبا للبرلمان تضمن التصويت على قانون الاقتراض الداخلي، إلا أن البرلمان العراقي يرفض الموافقة على القانون بسبب ارتفاع كلفة القرض المطلوب والذي سيؤثر على مستقبل العراقي المالي بحسب تقييم خبراء المال والاقتصاد.

«إفلاس» العراق

ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور خطاب الضامن إن «مجلس النواب العراقي قام بتأجيل التصويت على قانون الاقتراض وليس رفضه بسبب ارتفاع كلفة الدين والبالغة 45 تريون دينار»، مشيراً إلى أن «هناك بدائل عن الاقتراض كالادخار الإجباري الذي قامت به حكومة إقليم كوردستان عندما تعرضت إلى أزمة اقتصادية، كما تستطيع الحكومة توظيف مدخرات المواطنين أو حثهم على توظيف أموالهم في البنوك للحصول على سيولة، حيث أن هناك أموال تقدر بالمليارات يكتنزها المواطن دون أن يودعها في البنوك للاستفادة منها، وهذه مشكلة كبيرة».

ويرى مراقبون، أن الحكومة العراقية تبالغ في مسالة شحة الإيرادات، ولكن للخبير الاقتصادي خطاب الضامن رأي آخر، إذ يشير الضامن إلى أن «الحكومة لا تبالغ بشحة الإيرادات بقدر ما تبالغ بمبلغ الاقتراض المطلوب»، مستدركاً، أن «المستحقات الضرورية والتي الحكومة ملزمة بدفعها كالرواتب والالتزامات الضرورية الأخرى تبلغ 7 مليار ونصف المليار دينار فقط، بالمقابل فإن واردات النفط الشهرية تبلغ ثلاثة مليار دولار، أي أن لدى الحكومة ما يقارب 2 مليار دولار عجز شهرياً».

وأوضح الضامن، أنه «إذا استمر الاقتراض فإن الدولة ذاهبة نحو الإفلاس كما حدث في لبنان وغيرها من الدول، حيث تبلغ ديون العراق السابقة الخارجية والداخلية 130 مليار دولار».

وفيما يخص سحب الأموال من البنك المركزي، أشار الخبير إلى أن «الأموال التي في البنك المركزي لا يمكن للحكومة أن تسحبها، لأن البنك يتمتع باستقلالية مالية، علماً أن احتياطي البنك يبلغ 53 مليار دولار وهو ضروري للمحافظة على قيمة الديار العراقي».

لا رواتب إلا بالاقتراض

و حذر المتحدث باسم الحكومة أحمد ملا طلال في وقت سابق، من أنه في حال لم يوافق البرلمان على قانون تغطية العجز المالي فإنه لا يمكن تسديد رواتب الموظفين، مشيراً إلى أنه لا توجد سيولة لدى الحكومة إلا بالاقتراض وتغطية العجز المالي.

من جانب آخر قال وزير مالية الحكومة الاتحادي، علي علاوي في بيان صحفي، أن الإيرادات الحالية للحكومة، في ظل انخفاض أسعار النفط والتزام العراق بقرارات أوبك المتعلقة بتخفيض الإنتاج النفطي، غير كافية لمواجهة النفقات الجارية للحكومة. واضاف البيان أن الحكومة من الآن وحتى نهاية عام 2020 ، لا ترى أي خيار سوى اللجوء إلى قروض قصيرة الأجل من البنوك الحكومية، والتي سيتم خصمها بعد ذلك من البنك المركزي. و ذكر البيان أن الوزارة لا تسعى إلى زيادة الدين العام إلا إذا كان ذلك ضرورياً وتكون خدمتها مستدامة. مبينة أن مديونية العراق في الوقت الحاضر ليست مفرطة مقارنة بحجم اقتصاده.

الإصلاح هو الحل

من جانبه قال عضو اللجنة المالية النيابية، جمال كوجر إنه «ما يتم الحديث عنه بأن الدولة ذاهبة نحو الإفلاس غير صحيح». وأضاف أن «العراق لديه احتياط بنكي لا بأس به ولكن الاستمرار بالاقتراض بدون إصلاحات سيؤدي إلى كارثة».

وأشار كوجر إلى أن «المبلغ الذي تطلبه الحكومة 41 ترليون، وإنه ليس للرواتب فقط، وإنما هو عبارة عن موازنة مصغرة»، مبيناً أن «ما يخص الرواتب منه يبلغ حوالي 24 ترليون، ولذلك فإن مجلس النواب رفض الموافقة على المبلغ».

وأكد كوجر، أن «البرلمان استمع إلى الحكومة بخصوص 24 ترليون وتم التوصل إلى اتفاق بالموافقة على حوالي 11 ونصف إلى 12 ترليون دينار لرواتب الموظفين».

مبيناً أن «البرلمان سيقوم بالقراءة الثانية للقانون في الأسبوع القادم وسيتم التصويت عليه، ولكن ليس بالسقوف المالية التي تطلبها الحكومة لأن الأرقام مبالغ فيها».

مشيراً إلى أن «البدائل عن الاقتراض في المنظور القريب شبه معدوم، وموارد الحكومة لا توازي نفقاتها، وعلى الحكومة ينبغي أن تبدأ بالإصلاحات أو نذهب إلى الانهيار الاقتصادي».

ويرى جمال كوجر، أن «الإصلاحات تكمن في خمسة نقاط وهي إعادة هيكلة النظام الاقتصادي، إيقاف نزيف الفساد والهدر، والعمل على أن تكون كل الموارد للدولة وليس للمليشيات التي تسيطر عليها، بالإضافة إلى تعظيم الموارد الدولة عبر تطويرها وتنميتها، وأخيراً، توفير البيئة الآمنة لجذب الاستثمار الأجنبي لأن موازنات العراق لا تكفي لتغطية الموازنة الاستثمارية والجارية وحالياً فإن الموازنة الاستثمارية شبه معدومة»، محملاً الحكومات السابقة مسؤولية «سوء الإدارة، حيث استلمت الحكومة الحالية خزية خاوية وفساد مستشري بجميع المفاصل».

ويعاني العراق من أزمة اقتصادية نتيجة السياسات الخاطئة للحكومات السابقة وأزمة «كورونا» وانخفاض أسعار النفط مما دفع الحكومة العراقية إلى سياسة الاقتراض الداخلي لسد العجز في الموازنة المالية ودفع رواتب موظفي الدولة.

المصدر