موقع بريطاني يتجول في البصرة: المسافرون يحصلون على وثائق مزورة لتأكيد خلوهم من كورونا

246

ترجمة/ حامد احمد

كشف موقع مدل ايست آي البريطاني عن قيام مكاتب سفر في محافظة البصرة باصدار نتائج فحص كورونا مزيفة ليتسنى للمسافرين الطيران بدون ان يتم التأكد من انهم حاملين لفايروس كورونا المستجد من عدمه.

كما هو الحال مع كثير من البلدان حول العالم، فانه يتطلب من كل شخص في العراق اثناء مروره بمطارات البلد طالبا السفر ان يقدم فحص كورونا PCR يثبت بانه سلبي على ان يتم اجراؤه قبل 72 ساعة عن موعد السفر.

وكان العراق قد تأثر كثيرا من تفشي الوباء مسجلا وفاة اكثر من 13,000 شخص بسبب كورونا. وتزداد المخاوف الان من قدوم موجة جديدة مع تصاعد عدد الاصابات. ويمكن الحصول على الفحص من مستشفيات حكومية منتشرة في البلاد. وفي محافظة البصرة فان مستشفى الزبير المركزي يعتبر المركز الرئيس لاجراء فحوصات كورونا ويبعد بحدود 22 كم عن مركز المدينة. وتبلغ كلفة الفحص 50 الف دينار عراقي .

رغم ذلك، فان موقع مدل ايست آي التقى بكثير من المسافرين الذين قالوا بانهم يتحاشون الذهاب الى المستشفى لاخذ فحص متذرعين ببعد مركز الفحص عن مناطق سكناهم، أو انهم لا يريدون المجازفة بفرصة سفرهم اذا ما كانت نتيجة فحصهم إيجابية .

وللالتفاف حول هذا الموضوع يقوم مسافرون بدفع مبالغ تصل ما بين 70 الى 100 دولار لمكاتب سفر مقابل تزويدهم بوثائق فحص كورونا مزيفة مسجل فيها نتيجة الفحص ايجابي، والتي تقول الشركات بانها تحصل عليها من المستشفى . محمد أحمد 26 عاما يقول انه لا يريد ان يجازف بخسارة ما أنفقه على تذكرة السفر، مؤكدا بقوله “اذا حجزت تذكرة ومن ثم ظهرت نتيجة فحص PCR لدي موجبة فعندها لن يعيدو لي مبلغ التذكرة. لهذا أفضل الحصول على وثيقة فحص كورونا بطريقة اخرى اتجنب بها هذه المشاكل .”

واضاف احمد قائلا “في البداية كنت اعتقد بان اجراءات السفر مشددة في المطار. ولكن عند سفري لأكثر من مرة وجدت ان السلطات في المطار لا تعير اهتماما لوثيقة فحص PCR الخاصة بكورونا. حتى انني سافرت مرتين باستخدام نفس وثيقة الفحص السالبة. أنا أقر بان ما فعلته خطأ. ولكن عندما شاهدت اجراءات الدولة روتينية والسلطات الصحية لا تعير اهمية لوثيقة فحص المسافر فقد اخترت ان احصل على وثيقة الفحص من شركات السفر، فهي أسهل بكثير من ان تضطر للذهاب الى مختبر الفحص في الزبير .” عند المستشفى المركزي في الزبير قال منتسب هناك لموقع مدل ايسـت آي بانه لا يتم اصدار أي وثائق ما لم يأتي المسافر بنفسه الى المختبر لاجراء الفحص. وقال المنتسب الذي طلب عدم ذكر اسمه: “ما تدعيه شركات السفر بان وثائق فحص PCR التي تصدرها هي حقيقية واصلية هو ادعاء كاذب. نحن الجهة الوحيدة التي لها صلاحية اصدار وثيقة فحص PCR الخاصة بكورونا.” مع ذلك فان عدة شركات سفر تحدثت لموقع مدل ايست آي، أكدوا انه بامكانهم الحصول على وثائق فحص PCR سالبة عن بُعد من مستشفى الزبير المركزي.

وبينت الشركات انهم مجرد يرسلون نسخة من جواز سفر المسافر لشخص معين يعمل في مركز الفحص بالمستشفى وان الوثيقة المطلوبة يتم ارسالها اليهم في غضون ساعات قليلة .

وعندما ذهب المراسل الصحفي لاحدى شركات السفر في البصرة للتحقق من الامر بعد ان طلب منها الحصول على وثيقة فحص PCR موجبة، قال ان موظفة الاستعلامات ابلغت مدير الشركة بطلب الزبون. ومن ثم قال المدير لمراسل مدل ايست آي “سجل عندك رقم واتس آب الخاص بي ثم ارسل لي صور جوازات السفر وبعدها سأصدر لك الفحص”.

صاحب شركة اخرى للسفر قال ان عمله في اصدار هذه الوثائق يجري عن طريق اتصالات مع المستشفى تقوم بالترتيبات.

قال صاحب الشركة: “يقومون بتزويدنا بوثائق فحص PCR اصلية والتي تكلف 50 دولارا لكل وثيقة فحص وتكون مطابقة للوثائق التي يصدرونها للمسافرين الذين يراجعون مركز الفحص بانفسهم في المستشفى”، مشيرا الى ان “هذه التنسيقات تبقى سرية”.

ولكن ليس كل شركات السفر تنهج هذا الاسلوب. قسم من الشركات تصر على زبائنها بان يجرون الفحص بانفسهم لكي يزودوهم بوثيقة فحص اصلية .

امير غازي، مدير احدى شركات السفر في البصرة، قال لموقع مدل إيست آي: ان “الجشعين من اصحاب شركات السفر هؤلاء الذين ليست لديهم قيم ولا مبادئ ولا اخلاق، يقومون بما هو مخالف للشريعة. انهم يقومون بدور خبيث مضر بالصحة العامة ويساعدون على نشر مرض كورونا بين المسافرين في الطائرات من خلال اصدار وثائق فحص PCR مزيفة .” واضاف غازي قائلا “السلطات تتحمل جزءا من المشكلة في عدم متابعة مصداقية الوثيقة، واحد اسباب هذه الاسلوب هو ان الناس يتخوفون من الذهاب للمركز الصحي خشية ان يصابوا هم انفسهم بالفايروس فيضطرون لهذا الاجراء المزيف .”

واشار غازي الى ان الادعاء بان وثيقة الفحص المزيفة هي غير صادرة عن المستشفى هو ادعاء غير صحيح لان الوثيقة تحوي على ختم حراري ورمز المستشفى واختام نظامية أخرى لا يمكن تزويرها . ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق وائل حتاحت، قال لموقع مدل ايست آي بانه ليس لديه علم بوجود هكذا اسلوب، رغم انه يعلم بان اصدار فحوصات PCR مزورة تعتبر ظاهرة في عدد من البلدان الاخرى .

وقال حتاحت “أنا متأكد من ان وزارة الصحة في العراق تقوم ما بوسعها لكبح مثل هكذا تصرف. على الرغم من ذلك أود ان ادعو وسائل الاعلام بان تقدم دعمها في هذه الجهود من خلال نشر التوعية بين الناس. من الضروري ان يعلم الناس الذين يدفعون اموالا لقاء هذا الفحص المزيف بانهم يعرضون حياتهم وحياة آخرين مقربين لهم للخطر .”

في كانون الاول فتحت دائرة صحة البصرة مركزين آخرين لفحص PCR احدهما في مستشفى القرنة، يبعد 75 كم عن البلدة، والآخر في مستشفى الموانئ المركزي . ولكن مدير مطار البصرة سمير يونس، يرى انه من الافضل انشاء مركز فحص في المطار نفسه من اجل تفادي عمليات التزوير . وقال يونس “قبل ستة اشهر اخبرنا دائرة صحة البصرة انه بامكاننا تولي فحص PRC للمسافرين داخل المطار ومجانا او مقابل سعر رمزي لمساعدة الناس في الحصول على الفحص بشكل اسهل، ولكن صحة البصرة لم ترد على عرضنا”.

من جانبه، قال مدير صحة البصرة عباس خلف التميمي، انه ليس من الممكن تعقب مثل هكذا خطة. ومضى بقوله “انه ليس اجراء عمليا ان تبقي المسافرين ينتظرون داخل المطار لحين ظهور النتائج. فضلا عن ذلك فان جميع الفحوصات السريعة التي تعطي نتائج خلال دقائق قليلة هي غير مقبولة .” احمد الزيرجاوي، 30 عاما، يقول ان المسافر يجب ان يكون حريصا ويقظا بقدر ما يمكنه كما هو الحال معه . ويضيف قائلا “لكي اكون في أمان، فانا اجري فحص PCR في مختبر مستشفى الزبير المركزي. بهذه الطريقة فانا لا اهتم بنفسي فقط ولكن اهتم ايضا بحياة عائلتي واصدقائي والمسافرين الآخرين معي”. وأضاف ان: “وضع حد لنهاية الوباء هي مسؤولية الجميع، الامر لا يتعلق بالجانب المالي بل بالجانب الصحي. واطلب من السلطات المحلية ان تفتح مركز فحص آخر في وسط البصرة ليساعد الناس على الفحص دون ان يذهبوا لمراكز بعيدة عن مناطق سكناهم .”

المصدر