بغداد/علي الجاف
انطلقت التحضيرات للموسم الدراسي المقبل بشكل مبكر هذا العام، لكن العائلات تتخوف على صحة الابناء بسبب تداعيات فايروس كورونا من جهة، وضرورة تعليمهم من جهة أخرى.
يقول محمد الكامل 35 عامًا، وهو بائع القرطاسية في سوق السراي وسط بغداد لـ(المدى): “قدمنا هذا الموسم عروضًا كبيرة على اسعار القرطاسية والتجهيزات المدرسية، لكن حتى الان لايزال البيع محدودًا والاسباب معروفة ومفهومة”، مشيرًا الى ان “تأخر المرتبات وتوقف بعضها ايضًا تسبب بضعف الاقبال، بالاضافة الى خوف العديد من العائلات من المجازفة ودخول اسواق مكتظة في هذا الوقت من انتشار الاصابات الى حدود كبيرة”.
وتابع الكامل، ان “الظرف الصحي الحالي لا يشجع الكثيرين على ارسال أطفالهم الى المدارس”.
أم نرجس 50 عامًا، إحدى المتبضعات ذكرت انها ستحدد بنفسها جدولًا دراسيًا لبناتها وابنائها فيما لو لم يذهبوا الى المدارس. وقالت: “البنية التحتية للمدارس الحكومية سيئة، هناك اكثر من 60 طالبا في الشعبة الواحدة، بناتي وابنائي يتوزعون بين ابتدائية ومتوسطة واعدادية، ولا يمكنني الاعتماد على جدول توزيع الدوام المقترح”.
وتابعت بالقول، “اتواصل عبر الواتسب والفيسبوك مع معلمات ومعلمي اطفالي، حتى الملاكات التعليمية ترى تحضيرات مواجهة كورونا ضعيفة ولا ترتقي للمستوى المطلوب”. وبينما اقترحت وزارة التربية التعليم الالكتروني هذا العام، يشير علي المياحي 45 عامًا، والذي يعمل سائق تاكسي الى صعوبة تنفيذ المقترح. إذ يقول لـ(المدى)، “لدي 3 أطفال، خدمة الانترنيت في حينا ومنطقتنا كلها ضعيفة، أكبر اولادي ذكي جدًا، نتوسم فيه نجاحًا باهرًا ومستقبلًا جيدًا، ونخشى عليه من تراجع نفسي جراء إبقائه في المنزل، وفي ذات الوقت مازلنا خائفين من السماح له ولأخوته بالدوام”.
وأوضح المياحي: “التعليم الالكتروني سيعني تقريبًا توفير 500 الف دينار لشراء الكومبيوتر، ولا أدري كيف سيتقاسموه، نحن من العائلات قليلة الدخل، انا احسب حساب أموال القرطاسية والحقائب في كل عام، هذا فضلًا عن أجور خطوط النقل”.
وشكا العديد من الطلبة من نظام العمل بالمنصات الالكترونية الذي اطلقته وزارة التربية ومطالبتهم بتقارير نصف شهرية او شهرية.
وكانت وزارة التربية قد أعلنت تحديد يوم الاثنين الموافق 12 تشرين الأول القادم، موعدًا جديدًا لأداء امتحانات الدور الثاني للمراحل غير المنتهية بما فيها مرحلة السادس الابتدائي والثالث المتوسط للعام الدراسي 2019-2020، وذلك بسبب زيارة الاربعينية.
وقبل نحو أسبوع كانت لجنة التربية النيابية قد اقترحت على الوزارة تأجيل إطلاق العام الدراسي الى منتصف تشرين الاول المقبل، وتقسيم الدوامات بالنسبة للصفوف الاولية للمرحلة الابتدائية لنصفين في المدرسة الواحدة، مع تقليص مواد المناهج الدراسية والابقاء على الفصول المهمة فقط. وحاولت (المدى) التواصل مع لجنة التربية النيابية والوزارة بشأن أية تعليقات إضافية عن مسيرة العام الدراسي الجديد، من دون جدوى.
بدورها دعت مفوضية حقوق الإنسان إلى التريث ببدء العام الدراسي الجديد في ظل انتشار وباء فايروس كورونا، وقالت انها تتسلم العديد من المناشدات بضرورة إرجاء اطلاق الموسم الدراسي. وأضافت بحسب بيان لها أنها “تبدي مخاوفها وقلق ذوي الطلبة على أبنائهم في ظل موجة انتشار الوباء وما قد يسببه من مخاطر صحية عليهم، خاصة وأن الوضع الوبائي لم يصل الى درجة الاطمئنان حتى الان مع غياب الوعي الصحي لدى الكثير من المواطنين”.
وبينت، المفوضية، أنها “إذ تؤكد على أولوية الحق في الصحة للطلبة وعوائلهم في ظل جائحة كورونا، فانها تدعو إلى الاستفادة من تجارب الدول في هذا المجال لتخطي الأزمة حفاظًا على حق الجميع في الحصول على الفرص الكافية في التعليم وبشكل متساوي”.
وأشارت إلى ان “اعتماد أسلوب التعليم عن بعد لايمكن ان يحقق الفائدة العلمية مع معرقلات منها: ضعف خدمة الإنترنيت وعدم توفرها في المناطق الريفية والنائية، وعدم قدرة العوائل التي لديها أكثر من تلميذ من توفير هذه الخدمة والحواسيب وأجهزة الهاتف النقال لتكاليفها الباهظة، بالاضافة الى صعوبة تمكن طلاب المراحل الاولية من التعامل مع أجهزة الحاسوب وأزدياد مخاوف الأهل من سوء استخدام الأجهزة الإلكترونية من قبل أبنائهم لاسيما المراهقين”.