مسؤولون مطلعون: الدولة تملك 600 ألف عقار.. 60% مستحوذ عليها بلا عقود!

199

بغداد / محمد صباح

أبدى مجلس النواب تحفظاته على الصلاحيات التي منحها وزير المالية علي عبد الأمير علاوي إلى مدير عام دائرة عقارات الدولة لبيع أو إيجار أموال الدولة المنقولة وغير المنقولة، معتبراً أنها “سرقة مبطنة” للعقارات.

وتقدر عقارات الدولة التي استولت عليها الأحزاب والجماعات المسلحة وبعض المواطنين بحدود أكثر من (300) ألف عقار بطرق غير أصولية، بحسب مختصين. وترفض هذه الجهات إخلاءها أو على أقل تقدير دفع مستحقات بدل إيجارها إلى وزارة المالية.

وتصدرت محافظات كركوك، وبغداد، وكربلاء، والنجف، والبصرة، أكثر المناطق تزويراً واستيلاءً على عقارات الدولة من قبل جهات سياسية متنفذة قامت بالتلاعب بوثائق العديد من قيود هذه العقارات والتصرف بها كأملاك خاصة.

وتقول سهام العقيلي، عضوة اللجنة المالية النيابية في تصريح لـ(المدى) إن “تخويل وزير المالية إلى مدير عام دائرة عقارات الدولة بيع الأموال المنقولة من دون النشر في الصحيفة أو المزايدة العلنية (سرقة مبطنة)”، متسائلة “لماذا هذا التخويل من قبل وزير المالية وبصلاحيات مطلقة على دائرة العقارات؟”.

وأظهرت وثيقة تحمل توقيع وزير المالية علي علاوي يخول فيها مدير عام دائر عقارات الدولة بيع وإيجار أموال الدولة المنقولة وغير المنقولة دون النشر في الصحيفة أو المزايدة العلنية استناداً لقانون بيع وإيجار أموال الدولة لسنة 2013.

وتوضح العقيلي أن “اللجنة المالية في مجلس النواب لم تناقش حيثيات صدور هذا الكتاب لانشغالها بتداعيات قانون تمويل العجز”، مبينة أن لجنتها “كان لديها توجه في وقت سابق لبيع عقارات الدولة التي تستولي عليها الكثير من الجهات”.

وتؤكد أن “أغلب شاغلي هذه العقارات مترتبة بذمتهم مستحقات بدل الإيجار، وبالتالي لا توجد إيرادات من هذه العقارات”، موضحة أننا “متحفظون على الطريقة والأسلوب التي اعتمدت في عملية بيع وإيجار عقارات الدولة”.

وتضيف أن “هناك جهات استولت على الكثير من عقارات الدولة وترفض تسديد ما بذمتها من بدل إيجار للدولة”، مؤكدة أن “توجّه الدولة حالياً هو لبيع أو إيجار عقارات الدولة للحد من مشكلة الاستيلاء عليها من هذه الجهات التي ترفض تسديد بدلات الإيجار”.

وكان مدير دائرة العقارات علي كريم قد ذكر في تصريحات صحفية إن “الأمر الوزاري المتضمن منح الصلاحية له جاء لغرض تسريع إكمال معاملات البيع والإيجار المتراكمة منذ فترات سابقة، مضيفاً أن “ما ورد في الفقرة (9) من هذا الأمر يخص صلاحية الوزير على وفق المادة (34) من قانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم 21 لسنة 2013 المعدل”.

من جانبه، يعتبر علي التميمي، المختص بالشأن القانوني في تصريح لـ(المدى) أن “المادة الثانية من قانون بيع وإيجار أموال الدولة ٢١ لسنة ٢٠١٣ تجيز وتخول وزير المالية بمنح بعض من الصلاحيات إلا بتحقق المصلحة العامة على أن تُحدد في القرار أنواع وأوصاف وكميات العقارات المُراد بيعها”.

ويضيف التميمي أن “المادة (40) من القانون ذاته تنص على أن لمجلس الوزراء صلاحية إصدار أي قرار عند الضرورة استثناءً من الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون النافذ”.

ويعلق المختص بالشأن القانوني على كتاب التخويل، بالقول إن “هذا الكتاب فيه الكثير من الأخطاء الإملائية حيث وردت كلمة مصاطحة في الفقرة الرابعة، والمراد بها المساطحة”.

ويعتقد التميمي أن “صلاحيات التخويل مفتوحة ومطلقة ولا يمكن أن تكون بهذا الشكل العام في ظل وجود ظرف مالي صعب”، داعياً “وزارة المالية إلى استرجاع الأموال والعقارات التي يستولي عليها الأحزاب والشخصيات”.

ويدعو التميمي مجلس النواب الى “التدخل لمعرفة الأسباب والمبررات لهذا القرار خصوصاً أن قانون البيع والإيجار ٢١ يوجب وجود لجان تخمين السعر للعقار وأخرى للبيع”.

ومن جهته، يتحدث جمال الأسدي، المفتش العام السابق في وزارة العدل لـ(لمدى) “عن وجود (600) ألف عقار تابع للدولة موزعة في عموم المدن والمحافظات مستغلة جميعها إما من قبل جهات حكومية أو مستأجرة من قبل كيانات حزبية أو متجاوز عليها من قبل جهات حزبية أو مواطنين”، مبينا أن “عدد العقارات المتجاوز عيلها في العاصمة بغداد بحدود الـ (250) ألف عقار”.

وفي تصريحات سابقة تعترف دائرة عقارات الدولة بوجود حالات تجاوز سكني وزراعي وصناعي وتجاري على الكثير من العقارات التابعة لها من قبل بعض الأحزاب وأعضاء مجلسي النواب والمحافظات وبعض المتنفذين والخارجين عن القانون.

ويعتقد الأسدي أن “60% من عقارات الدولة مستغلة بطريقة غير أصولية ولا قانونية وبدون عقود ، أي يزيد عددها عن (300) ألف عقار تابعة لعقارات الدولة”، مؤكداً أن “المستغلين لهذه العقارات هم أحزاب سياسية وجماعات مسلحة وبعض من المواطنين”.

ويتابع أن “40% من عقارات الدولة مستغلة بشكل أصولي وقانوني لكن نسبة كبيرة منها ايجاراتها لم ترتقِ إلى مستوى الإيجارات الموجودة في السوق”، لافتاً إلى أن “إيراداتها السنوية (عقارات الدولة المؤجرة أصولياً) لا تتعدى (500) مليار دينار عراقي”.

ويضيف أن “الكثير من عقارات الدولة تم التلاعب بوثائقها وبيعها إلى أشخاص بطرق غير قانونية في الفترات السابقة”، موضحاً أن “استرجاع هذه العقارات تتطلب إقامة دعاوى قضائية ضد هذه الجهات أو الشخصيات”.

وعن أبرز المحافظات التي شهدت حالات تزوير واستيلاء على عقارات الدولة، يؤكد المفتش العام السابق أن “محافظات كركوك وبغداد وكربلاء والنجف والبصرة هي الأخطر من حيث الاستيلاء على عقارات الدولة”، موضحاً أن “هناك الكثير من الجهات في محافظة البصرة استحوذت وتصرفت على عقارات الكويتيين التي جمدت من قبل النظام السابق”. ويتابع أن “التلاعب في محافظة كركوك يندرج ضمن الخلافات القومية والسياسية التي جرت وحصلت في المحافظة بعد العام 2003، إذ حولت بعض العقارات إلى جهات أو أشخاص عن طريق التزوير أو الاستيلاء”، حيث

استولت بعد العام 2003 الأحزاب والكتل السياسية على عدد من العقارات والبنايات والمواقع في العاصمة بغداد وباقي المحافظات والمناطق الستراتيجية وعلى والقصور الرئاسية والأماكن السياحية التي تعود للنظام السابق.

ويتراوح عدد القصور الرئاسية نحو (68) قصراً في العراق مسجلة باسم وزارة المالية على اعتبار أنها كانت مسجلة سابقاً باسم ديوان الرئاسة الذي يعد من الكيانات المنحلة التي انتقلت ملكيتها إلى دائرة عقارات الدولة.

ويعلق الأسدي، الذي كان عضواً سابقاً في المجلس الأعلى لمكافحة الفساد أن “القصور الرئاسية الموجودة في مناطق الجادرية وفي كرادة مريم وبالاعظمية والرضوانية”، مؤكداً أن “جميع القصور في العاصمة مستغلة من قبل الحكومة”.

وينوّه إلى أن “الأحزاب مستغِلة لعقارات تابعة لأزلام النظام السابق وتحديداً في المناطق الممتدة من الجسر ذي الطابقين إلى منطقة الزيوت النباتية”، لافتا إلى أن “هذه العقارات كبيرة تم استثمارها كمطاعم أو مصارف”.

ويوضح أن “أغلب الأحزاب عملت عقوداً أصولية مع وزارة المالية لاستغلال بعض العقارات لكن هناك إيجارات مترتبة في ذمتها أي تخلفت عن دفع المستحقات إلى وزارة المالية”، مبيناً أن “البنك المركزي أصدر قبل فترة قراراً بحجز الأموال المنقولة وغير المنقلة لعدد من الشخصيات الشاغلة لهذه العقارات بعد تخلفهم عن دفع مستحقات بدل الإيجار”.

المصدر