مركز النجف الأشرف للتوثيق .. يؤرخ سيرة المدينة المقدسة

النجف الاشرف- واع – حيدر فرمان

عندما تبحث عن تاريخ مدينة لا بدّ لك من أن تعود الى تراثها و إرثها الحضاري و الثقافي و كل ما يتعلق بالحياة المتصلة بذلك المكان في تلك الأزمنة. النجف الأشرف المدينة الزاخرة بالإرث و التراث الحضاري ما زالت بعض معالمها شاخصة حتى هذه اللحظة ،فمن تلك الأزقة القديمة التي يتوسطها مرقد الإمام علي (عليه السلام ) تجد موروثا ثقافيا، يحكي قصصا و يوثق أحداث هذه المدينة العريقة. الشيخ محمد الكرباسي أحد طلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف، و أحد المختصين في تاريخ النجف و تراثه ، تبنى مشروعه الخاص لتوثيق أحداث النجف المعاصرة منذ حقبة الإحتلال العثماني و حتى يومنا هذا ، اذ استطاع بمساعدة أصدقائه أن يؤسس (مركز النجف الأشرف للتوثيق و التأليف و النشر) الذي يعد حاليا أحد أهم المراكز المعتمدة بالجامعات العراقية في مجال البحث العلمي لطلبة الدراسات العليا. مركز الوثائق هذا المركز يحتوي على أكثر من ثلاثة ملايين وثيقة رسمية و اجتماعية تخص العهد العثماني في العراق و حقبة الإنتداب البريطاني في البلاد، استطاع أن يجمعها الشيخ الكرباسي من مكتبات و متاحف عالمية، و في لقاء خاص لوكالة الأنباء العراقية (واع) مع الشيخ الكرباسي تحدث قائلا "كان همنا في المركز أن نجمع كل الوثائق المتعلقة بحقبتين من أهم الحقب التي مرت في تاريخ العراق و التي تمخض عنها لاحقاً ،ولادة الدولة العراقية المعاصرة كونها بين حقبتين استعماريتين ،اذ كان دور مدينة النجف الأشرف بارزا و قياديا للتصدي و مواجهة المخاطر التي تعرض لها السكان في تلك الحقب، لذلك كان لزاما علينا أن نحصل على الوثائق و المخاطبات الرسمية بين الملوك و الأمراء و الولاة في زمن الدولة العثمانية، وهي كثيرة جدا كون الفترة العثمانية فترة طويلة وثقت فيها كل الكتب الرسمية مجمل الأمور التنظيمية المدنية و العسكرية المتصلة بالمدينة " أحداث مهمة مضيفا" في تلك الفترة جرت أحداث مهمة في مدينة النجف كان أهمها الثورة النجفية في العام ١٩١٧ ضد الإحتلال الإنكليزي التي تعد من إرهاصات الثورة العراقية الكبرى في العام ١٩٢٠ و التي عرفت بثورة العشرين، وخلال فترة الإنتداب البريطاني استطعنا أن نحصل على الوثائق الرسمية في تنظيم شؤون الدولة و المواطن و المخاطبات الرسمية بين القادة العسكريين البريطانيين و المراجع الدينية و الشخصيات النجفية المهمة و من أهمها تلك المراسلات المتعلقة بشأن تسليم الثوار عندما حاصر الإنكليز مدينة النجف من جميع الاتجاهات بعد مقتل القائد العسكري أوالمارشال البريطاني و أسر بعض الجنود الإنكليز على يد الثوار النجفيين." مشيرا الى انه " استطاع أن يحصل على الوثائق التي تتصل بحقبة الإحتلال البريطاني للعراق من مكتبات في العاصمة بغداد و كذلك المكتبة البريطانية في لندن ،اذ تقدر بأكثر من ٥٠٠ الف وثيقة تخص العراق" . صور تاريخية عندما تدخل (مركز النجف الاشرف للتوثيق )تجد نفسك حاضرا في تلك الأزمنة، كل شيء في هذا المكان تراثيا يفتح نافذة على ماضي المدينة ، سراديب النجف و حياة العلماء البسيطة شاخصة في احدى زوايا المركز على شكل تماثيل مصنوعة بإتقان من الشمع تجسد تلك الشخصيات التاريخية و نمط الحياة و العمارة في ذلك الوقت ، وهناك في غرفة أخرى صور مطبوعة على أوراق جلدية خاصة جلبت من ألمانيا لملوك و أمراء و شخصيات مهمة، زارت مدينة النجف في فترات قديمة، وتابع الشيخ الكرباسي حديثه عن الصور النادرة للملوك و الأمراء و الشخصيات المهمة التي زارت النجف في تلك الفترة، منهم ملك المغرب و البحرين و والدولة القاجارية و أمير الكويت و شخصيات سياسية و دينية من مصر و لبنان" موضحا "ان في المركز أكثر من ٣٠٠٠ آلاف صورة نادرة متنوعة تخص شخصيات حكومية و سياسية و دينية و اجتماعية، الى جانب نوادر الصور القديمة الوثائقية للنجف المقدسة ومدن عراقية أخرى و كيف كان نمط الحياة فيها، بعد طباعة هذه الصور على طريقة تراثية تحاكي القدم الذي هو مشروعنا القائم الى جانب الموسوعة الخاصة للمدينة على شكل جزءين ،الأول يتعلق بالشخصيات المهمة من رجال الحوزة العلمية و المثقفين و الأدباء و شيوخ العشائر، اما الثاني فهو يختص بأحوال المدينة و تفاصيل الحياة فيها ابان تلك الحقب . واختتم الشيخ الكرباسي بانه يتطلع الى أن يتلقى دعما حكوميا لتطوير مركز النجف الاشرف للتوثيق و تحويله إلى متحف تراثي مهم يؤرخ لفترة لايمكن اغفالها من حياة المدينة المقدسة بشكل خاص ، والعراق عموما . العراقالمصدر