مخططات وفرضيات وتحضيرات وصدمات كانت السلاح الذي دمر فيه الامريكان العراق

512

د.كرار حيدر الموسوي
هل هذه الحروب التي تجتاح بعض المناطق من العالم منطقية؟ هل ما حدث في الجزائر في التسعينات من عمليات تقتيل مروعة، وما يحدث في سوريا الآن وحدث في العراق من قبل تصرفات عفوية؟ هل عمليات القمع الرهيبة التي رافقت الانقلابات الشهيرة في العالم من الشيلي وبنوتشيه إلى السيسي في مصر، هدفها سياسي فقط؟ لما ترافقت هذه الكوارث بعمليات تغيير جذري في المنظومة الاقتصادية المحلية، وتم خلالها التخلي عن النموذج الشامل القائم على سيطرة الدولة وأولوية الطبقات الفقيرة؟ لما خرجت تلك الدول منها أكثر توحشا اقتصاديا؟ وولدت في الغالب طبقة رأسمالية جديدة سيطرت على مقدرات البلدان؟

كلها أسئلة مشروعة، تحيلنا ل “عقيدة الصدمة، صعود رأسمالية الكوارث”، للكندية “نعومي كلاين”، لنستعين به في محاولة فهم أسباب ما وقع، ولنسقط التشريح الذي ورد فيه على ما جرى ويجري في منطقتنا العربية، وهل كل تلك الحروب والكوارث التي حدثت كانت تدافعا طبيعيا؟ ونتاج سيرورة تاريخية طبيعية جرى استغلالها وتجيرها لفائدة عظماء العالم وكباره، أم كانت مصطنعة في الأصل لتمرير مخططات ما؟فلنقتبس شيئا من كلامها بداية: “الصدم والترهيب؛ عمليتان تستتبعان مخاوف ومخاطر ودمارا يتعذر على الشعب، بشكل عام، وعلى عناصر أو قطاعات محددة من المجتمع المهدد، أو على قيادة هذا المجتمع، أن تفقهها، كذلك يمكن للعناصر الطبيعية، على غرار الأعاصير والزلازل والفيضانات والحرائق المسعورة، والمجاعة والمرض، أن تصدم البشر، وتزرع الرهبة في نفوسهم

من أجل فتح العالم المنغلق أمام جحافل الرأسمالية الغربية الزاحفة، يجب كسر وتحطيم بنياتها الاقتصادية والاجتماعية المحلية، ولا يتأتى ذلك إلا بمبدأ “المعالجة بالصدمة, ولنأخذ مثالا شهدته الكاتبة خلال فيضان نيو أورلينز المدمر في نهاية صيف 2005، ففي غمرة حالة الأسى التي غمرت سكان المدينة، وحالة الصدمة الرهيبة التي غشيت سكان الولايات المتحدة عقب مناظر الجثث الطافية، والأطراف المترامية، والمساكن المدمرة، والسدود المنهارة، تناقل الناس كلاما، لممثل الولاية الجمهوري في الكونغرس “ريتشارد بايكر” أعلن فيه قائلا: “ها قد حللنا مشكلة الإسكان الشعبي في نيو أورلينز، لم نستطع أن نفعل لكن الله استطاع”! ثم تبع هذا كلاما لأحد أغنى المقاولين في المدينة “جوزيف كانيزارو”: “أظن أننا أمام صفحة بيضاء، تخولنا البدء من جديد، وبرغم هذه الصفحة البيضاء تأتي فرص كبيرة جدا ”

وثقت الكاتبة تذمر المواطنين، الناجين من المأساة والعالقين في مخيمات اللاجئين في مدينة “باتون روج” عاصمة ولاية لويزيانا السياسية، من تلك الأقوال، لقد فوجئ المنكوبون بتقاطر السياسيين وصائدي الفرص من رجال الأعمال على الولاية عقب الكارثة، وسمعت أحدهم يقول: “ماذا أصاب هؤلاء الناس في باتون روج؟ ما حدث هناك ليس بفرصة، إنه مأساة لعينة، هل هم عميان؟وسمعت امرأة تصطحب ابنيها الصغيرين ترد عليه: “كلا هؤلاء ليسوا بضريرين، إنهم شريرون، بل إنهم يبصرون الأمور بشكل ممتاز!” وكان من أولئك المبصرين بامتياز، الذين رأوا في فيضان مدينة نيو أورلينز فرصة سانحة؛ ميلتون فريدمان، الذي أطّل وهو في عمر الثالثة والتسعين عبر افتتاحية صحيفة وول ستريت ليكتب: “باتت معظم مدارس نيو أورلينز حطاما، تماما كما باتت منازل الأطفال، هذه مأساة، لكنها أيضا فرصة تتيح لنا إجراء إصلاحات جذرية في نظام التعليم”، وكان فريدمان يقصد أن تستغل الدولة فرصة انهيار المدارس العمومية، لتتوقف عن دعم التعليم الرسمي، وتترك الفرصة أمام التعليم الخاص وبناء مؤسسات تعليمية ربحية”.

أصل فكرة الصدمة -في أحد المصحات النفسية بأمريكا في خمسينيات القرن العشرين، خضع المرضى لتجارب حرمان من الحواس الخمسة، كانت في أول الأمر بموافقة المرضى، ثم أصبحت التجارب إجبارية، وكان لهذه التجارب أثر بالغ على صحة المرضى، عانوا بعدها من الاضطرابات وفقدان الذاكرة، يقول الدكتور دونالد هب Dr: Donald Hebb: “لم يكن لدي فكرة عندما اقترحت هذا البحث، عن إمكانية التوصل لسلاح شرير ورهيب هكذا

توقف الدكتور هب عن العمل على البحث، وبالرغم من خطورة ما قاله إلا أن الدكتور الكندي “أيوين كاميرون” واصل البحث، فتطور الأمر على يده، وأصبح الهدف هو محو أدمغة المرضى وإدخال أفكار جديدة، فركز كاميرون على تدمير الذاكرة بواسطة الصدمات الكهربائية والمهلوسات، وحاول إلغاء البيانات الحسية بواسطة العزل التام، استفادت ـوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “CIA” من أبحاث الدكتور كاميرون، فعرّضت المعتقلين للصدمات، حتى يكون المعتقل قابل للتعاون، وللتخلي عن أفكاره، وفي سبيل ذلك استخدمت الضرب والتعذيب والصعق الكهربائي والكلاب لصدم المعتقلين.

المعالجة بالصدمة والذي هو مذهب رأسمالية الكوارث، القائم على استغلال كارثة ما، سواء كانت انقلابًا، أو هجومًا إرهابيًا، هي أساسا فكرة فريدمان, ميلتون فريدمان وصبيان شيكاغو”ميلتون فريدمان، المرشد الأعظم لحركة الرأسمالية المتوحشة السائبة، صهيوني اشتهر كأستاذ للعلوم الاقتصادية بجامعة شيكاغو، وأحد أبرز منظري الاقتصاد خلال القرن العشرين، نال جائزة نوبل في الاقتصاد سنة 1976، وأسس لما بات يعرف لاحقا ب”صبيان شيكاغو، أو عصابة شيكاغو، أو مدرسة شيكاغو”، وهم التلاميذ الذي تأثروا بفكر فريدمان في التوجه الاقتصادي، ومنهم المحافظون الجدد: “كيسنجر، رامسفيلد، بريمر، جورج بوش الابن، جورج شولتز، ديك تشيني، ولفوويتز، بول بريمر”. وفكرة فريدمان تتلخص في إبعاد الدولة كلية عن الاقتصاد، وفتح السوق على مصراعيه أمام الشركات ورجال الأعمال، والدوس على أفكار المدرسة الكينزية، التي ظهرت عقب الأزمة الاقتصادية سنة 1929، ودعت لتدخل الدولة للجم الاحتكار ومواجهة تغول الرأسمالية . فمدرسة شيكاغو تتطرف في الدعوة لترك الحرية الاقتصادية للرأسماليين، ومنحهم حرية التملك والعمل وإلغاء الحدود والعوائق واستبعاد أي بعد اجتماعي أو عاطفي أو إنساني، وخفض الإنفاق الحكومي وتسريح أكبر قدر من العمال من القطاع العام، وتسليم الإنتاج والتعليم والصحة للرأسماليين المقتدرين الناجحين، وهذا ما بات يسمى بالرأسمالية المتوحشة، أو “النيو ليبرالية”، وهي أبرز وجه وتفسير للاستعمار الحديث، الذي يهدف لفتح الدول أمام الشركات العملاقة العابرة للحدود، وفي سبيل ذلك لا مانع من توظيف جيوش الدول العظمى والمؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية “البنك الدولي، صندوق النقد الدولي

فريدمان يقتبس مبدأ الصدمة النفسية ليؤسس للصدمة الاقتصادية* سيتخلى الشعب تحت طائل التمسك بالحياة عن أي مطالب زائدة، سينسحب من الحياة السياسية، ولن يحتج على أي عملية خوصصة أو تنازل عن أملاك البلاد لشركات ورأسماليين من الداخل أو الخارج ومن أجل فتح العالم المنغلق أمام جحافل الرأسمالية الغربية الزاحفة، يجب كسر وتحطيم بنياتها الاقتصادية والاجتماعية المحلية، ولا يتأتى ذلك إلا بمبدأ “المعالجة بالصدمة”، واقتباس الفكرة التي ولدت في مصحة نفسية، فيتم إنهاء النظم القديمة، وجعل الشعوب تتقبل التغيير، وتقبل صعود نخبة رأسمالية جديدة، وتتفهم سيطرة الشركات والرأسماليين على خيرات البلدان ومقدراتها، وضياع حقوقهم الرئيسية، مهما كان في ذلك من ثمن باهظ , المعالجة بالصدمة والذي هو مذهب رأسمالية الكوارث، القائم على استغلال كارثة ما، سواء كانت انقلابًا، أو هجومًا إرهابيًا، أو انهيارًا للسوق، أو حربًا، أو تسونامي، أو إعصارً، من أجل تمرير سياسات اقتصادية واجتماعية يرفضها السكان في الحالة الطبيعية، هي أساسا فكرة فريدمان، الذي نظّر لنقل مبدأ الصدمة من الأفراد إلى الشعوب عبر الكوارث كي تقبل بالتغيير, فمن المنطقي أن أي شعب سيرفض التغيير في الحالة العادية ويدافع عن حقوقه، وعن بقاء مقدراته في يده أو في يد السلطة التي تمثله، لكن لو حدثت مثلا: حربا أهلية طاحنة أو كارثة ما، أو هجوما خارجيا مدمرا، أو انقلابا مصحوبا بحالة قمع غير مسبوق، سيضطر الشعب تحت وقع الأهوال والدماء التي تسيل إلى النكوص والسلبية، والقبول بأي شيء يطبق. سيتخلى الشعب تحت طائل التمسك بالحياة عن أي مطالب زائدة، سينسحب من الحياة السياسية، ولن يحتج على أي عملية خوصصة أو تنازل عن أملاك البلاد لشركات ورأسماليين من الداخل أو الخارج، سيرفض أن يعترض على أي زيادة في الأسعار، أو إلغاء للبرامج الاجتماعية التي تستهدف محدودي الدخل والفقراء. ستمحو المجازر والرعب والترويع أي أفكار من رؤوس الأكثرية، وستجعلهم يترحمون على أيام المشي تحت الحائط، وتمني حلول السلام والعافية فقط، وستتحول المجتمعات لحالة أولية ولصفحات بيضاء يسهل الكتابة عليها. إن وقت سفك الدماء هو الزمن المثالي، لإدخال التغيير الرئيسي، إنه الوقت الملائم لتثبيت أسس المنظومة الاقتصادية الجديدة، وهذه فكرة مستوحاة من كلام البارون روتشيلد خلال القرن الثامن عشر: “أفضل الأوقات لشراء العقارات حين تسيل الدماء في الشوارع”. إن الهدف الأخير هو سيطرة الشركات العظمى الغربية، لكن هناك مراحل وسطى، يمكن أن توكل فيها مهام لوسطاء محلين كشركاء في انتظار الهيمنة المطلقة، التي قد تحتاج لصدمات جديدة. منذ سنة 1973 بدأت أفكار فريدمان وصبيان شيكاغو تأخذ طريقها نحو التنفيذ، طبقت لأول مرة في الشيلي عبر بينوتشيه، طبقت في الجزائر في التسعينات، طبقت في العراق، وحاليا لا شك أنها تطبق في مصر، في انتظار انقشاع ضباب المأساة السورية عن واقع لن يفلت من يد صبيان فريدمان

أبان خمسينات القرن الماضي طرح طبيب نفساني من كندا إسمه دونالد كامرون نظرية الصدمة على وفق المفهوم السايكولوجي. يستطيع من خلالها السيطرة على أي إنسان ليصنع منه إنساناً آخر يختلف تماماً بتفكيره وعواطفه ومشاعره وقناعاته ويلغي ذكرياته ,ويجعل منه صفحة بيضاء يكتب عليها ما يريد. ولا يتطلب الأمر سوى تعريضه إلى صدمة قاسية تلغي ماضيه وكل أحاسيسه لتجعله إنساناً جاهزاً لتنفيذ كل ما يطلب منه دون أن يدرك ما يدور حوله .أجرى هذا الطبيب تجاربه على مرضاه النفسيين وذلك بتعريضهم لصعقات كهربائية شديدة وإعطائهم عقاقيرمهلوسة لينسوا أنفسهم وتتعطل حواسهم بعد وضعهم في أماكن يسودها ظلام دامس وصمت مطبق لفترة من الزمن . وبهذه العملية تم إلغاء جميع البيانات الحسية لدى المرضى . حينذاك يمكن إعادة كتابة المعلومات المطلوبة. كان الممول الرئيس لأبحاث الدكتور كاميرون هو وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي طورت فيما بعد تلك الأبحاث وطبقتها على عدد من السجون في عمليات غسيل الدماغ ( كالذي حصل في سجون غواتينامو وسجن أبو غريب). ولا بد هنا من الإشارة إلى أن الصدمات لا تأتي من الصعقة الكهربائية فقط ,وإنما يمكن أن تتولد من أي خطر يهدد حياة الانسان أو سلامته الشخصية كفقدان أعزة إلى قلبه ,أو تعرضه لحالة إغتصاب ,أو تهجير قسري ,أو لخسارة كبيرة مفاجئة , وربما يتعرض لكارثة طبيعية وغير ذلك . وخلاصة تجربة مايكرون هي (إذا أردت أن تجعل الطرف الآخر ملكاً لك ولأفكارك وقراراتك عليك إخضاعه أولاً لصدمة نفسية كبيرة سواء أكانت طبيعية أم مفتعلة أم جراء حادث قاسي تجعله مستسلماً لك ومنفذاً لكل ما تريد تلقينه له).

الإقتصادي الأمريكي الشهير ميلتون فريدمان (1912-2016) والحائز على جاهزة نوبل في الاقتصاد عام 1976إستطاع مزاوجة مفهوم الصدمة السايكولوجي مع الصدمة التي تتسبب من الكوارث الإقتصادية للمجتمعات تحت مفهوم (عقيدة االصدمة) التي تستغل لصعود رأسمالية الكوارث.وقدمها كبرنامج ونظام متكامل تمكن الشركات الكبيرة لاستغلال الدول التي تتعرض لأزمات وصدمات إقتصادية كبيرة سواء أكانت هذه الصدمة ناتجة من حدث طبيعي مدمر ( براكين ,توسامي , هزات أرضية, أعاصير, سيول وفيضانات ,إحتراق غابات….) ,أم صدمة مفتعلة (حروب ,انتفاضات شعبية ,إنقلابات ,احتلال , حرق غابات بفعل فاعل ….). كان ميلتون فريدمان واحداً من أشهر القادة المفكرين والمنظرين للنزعة المنهجية الاقتصادية التي نشأت في أربعينات القرن الماضي في جامعة شيكاغو تحت إسم (مدرسة شيكاغو للاقتصاد) التي تخرج منها أشهر الاقتصاديين العالميين ,والتي فرضت السياسات الاقتصادية الحديثة ( الخصخصة, تحرير التجارة, خفض الانفاق الاجتماعي….) وما أفرزته هذه السياسات من كوارث للشعوب من كساد وتفاقم الفقر ونهب المال العام من قبل الشركات الرأسمالية وغير ذلك بوسائل قذرة عن طريق خلق الاضطرابات السياسية والكوارث الطبيعية والحجج القسرية التي تمرر من خلالها تلك السياسات. وميلتون فريدمان هو من دعاة إقتصاد السوق وتقليل دور الحكومة (القطاع العام) . أصدر كتابه ( الرأسمالية والحرية ) الذي دعى فيه إلى عدم تقييد أسعار الصرف العائمة ,وإلغاء التراخيص الطبية وضريبة الدخل العكسية والدعوة إلى جيش المتطوعين وإلغاء التجنيد الالزامي, ومستندات الكفالة للمدارس ودعمه لاختيار المدرسة الأهلية من قبل أولياء أمور الطلبة وليس فقط للمدارس الحكومية,كما عارض الحرب على المخدرات . وكان يدعو إلى إبعاد الدولة كلياً عن الاقتصاد ,وفتح باب السوق التجارية على مصراعيهأ أمام الشركات الأجنبية ورجال الأعمال والرأسماليين ومنحهم حرية التملك والعمل على منع تدخل الدولة في مواجهة تغلغل الرأسمالية والاحتكار ,كما دعا إلى خفض الانفاق الحكومي ,وتسريح أكبر عدد من العمال في القطاع الحكومي ( استشراء البطالة والكساد) ,وتسليم الانتاج والتعليم والصحة للرأسماليين المقتدرين بما يسمى بالرأسمالية المتوحشة (النيوليبرالية) وهي تفسير لمفهوم الاستعمار الحديث (المعاصر) الذي يقوم على مبدأ الرأسمالية الغربية الجديدة والذي يقتضي كسر وتحطيم البنى الاقتصادية والاجتماعية للشعوب من خلال نهب ثرواتها والتحكم في اقتصادياتها من قبل أصحاب الشركات في الدول الرأسمالية على وفق مبدأ المعالجة بالصدمة, فهم يخلقون صدمة كبيرة لهذه الشعوب ,أو إنتهاز حدوث صدمة كبيرة تفقدهم وعيهم وتجعلهم يترنحون من هولها مما يسهل تمرير التغيرات الجديدة المعدة لهم لتطبيقها عليهم في إثر حدوث تلك الأزمة.وهو ينصح الحكومات بعدم التدخل والنأي عن إشراك نفسها إلا عند الضرورة القصوى ولتبقى خارج المسائل التي لا تحتاجها ,لأن الإخفاقات تأتي من تدخلها.

أول تطبيق لنظرية (عقيدة) الصدمة قام به ميلتون فريدمان عام 1973 عندما إستشاره قائد الانقلاب الدموي في شيلي (اوغستو بينوشيه) الذي أطاح بحكومة سلفادور اليندي الشرعية المنتخبة, وفي وقت كان الشيليون مصدومين بالحدث.كانت الخطوة الأولى التي أوصى بها فريدمان بعد الانقلاب المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية (وكالة المخابرات المركزية) في زمن الرئيس نيكسون هي تعزيز الصدمة من خلال القيام بإجراءات التحول السريع للاقتصاد من إقتصاد إشتراكي إلى إقتصاد السوق الحر الذي يتضمن خفض الضرائب الحكومية ,وتحرير التجارة والاقتصاد والرقابة ,وخفض المنافع والخدمات الحكومية والإنفاق الاجتماعي مؤكداً على أن الإخفاءات تأتي من تدخل الحكومة , وأوصى بعدم إشراك الحكومة نفسها إلا عند الضرورة القصوى,وأن تبقى خارج المسائل التي لا تحتاجها. مما مهد لرضوخ الشعب وقبوله بأية حلول إقتصادية بعدما أتعبته الأحداث في أعقاب الانقلاب مثل أعمال الشغب وإرتفاع الأسعار والإعتقالات التعسفية وعمليات الخطف في وضح النهار وحدوث الفوضى العارمة في البلاد مع إرتفاع مستويات البطالة والفقر.كانت تلك المشاكل وغيرها تسحب البلد نحو الهاوية بسرعة مما سبب أصابة الناس بشلل في الفهم والتفكير, ولم يعوا ما كان يجري حولهم من فوضى وأحداث ومصائب حلت بهم وأخذت تتدفق كلها دفعة واحدة بطريقة جعلت الشعب في حالة يأس حادة . وهنا وفي أجواء الصدمات المستدامة المتتابعة جاءت الحلول الذي رضي بها الشعب المتعب في وقت كان يرفضها قبل حدوث الصدمة. وتتلخص الحلول بأن ترفع الدولة يديها عن اقتصاد البلاد بشكل كامل وتحويله إلى إقتصاد السوق الحر لتتوفر الفرصة للشركات الأمريكية العالمية العابرة للقارات لفرض سيطرتها على إقتصاد الدولة الذي هو شريان الحياة ليبدأ مشوار إستغلال الشعب من قبل تلك الشركات. فالمصاب بمرض عضال يرضى بالزكام بديلاً ,لكنه يرفض الاصابة بالزكام نفسه فيما لو كانت صحته كما يرام و قبل أن يداهمه ذلك المرض العضال. كانت شيلي الحلقة الأولى في سلسلة تطبيق (عقيدة الصدمة) ,مما شجع أعداء الشعوب ومصاصي دماءهم على المضي في إقتناص الفرص لتطبيقها على شعوب ودول أخرى منها الأرجنتين (أزمة جزر الفوكلاند) في 1982 والذي إستغلته تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا حينذاك لسحق عمال المناجم المضربين وإطلاق أول موجة خصخصة في ديمقراطية الغرب , وفي البرازيل وبوليفيا وروسيا بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي 1991,وأندنوسيا في أعقاب الإنقلاب على سوكارنو, والأزمة المالية الآسيوية1997 التي فتحت الطريق أمام صندوق النقد الدولي لفرض برامج بالمنطقة مع شركات حكومية وبنوك أجنبية وشركات متعددة الجنسيات. وجاء تفجير مبنى مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر 2001 لينتهزها بوش فرصة ويشن حرباً تمهد لقيام سوق حرة في العراق مستقبلاً ,وهذا ما حصل بعد إحتلال العراق عام 2003. وفي سريلانكا إستغلت الحكومة كارثة السونامي لطرد الصيادين من قراهم الساحلية وبيع المنطقة المتميزة بجمالها الطبيعي للشركات الاستثمارية الفندقية. وفي كل الحالات المذكورة وغيرها نجد أن سياسة التجويع لملايين البشر ,وشن الحروب ,وإحتلال الدول ,وإسقاط الحكومات والأنظمة وسرقة ثرواتها ومصادر قوتها,كله يتم في سبيل مضاعفة و تضخيم ثروات الشركات الرأسمالية ودولها العظمى على حساب البلدان وشعوبها المسروقة وتركها ترزح تحت وطأة الفقر والمرض والجهل ,ولا يمنعها من ذلك وازع إنساني أو أخلاقي ولا حتى قانوني. ويظهر واضحاً وجلياً ما تتركه الصدمات تلك من تأثير سلبي على الشعوب من توتر والشعور بالعجز أو الرعب والخوف والعصبية الزائدة والصبر والكتمان والهروب من الواقع وحتى المرض والبكاء أمام كامرات التلفزيون ,من خلال المقابلات التي يجريها المراسلون ,إلى جانب التعليقات والشكاوي التي تبث من منصات التواصل الاجتماعي وتبدي مشاعر السخط والكراهية .

في العراق بدأ التمهيد لإحداث الصدمة من قبل الأمريكان بتوريط العراق بحرب ضروس مع الدولة الجارة إيران بدأت في أيلول (سبتمبر) 1980 أي بعد عام من إستلام صدام للسلطة بطريقة مثيرة للجدل,حرب لا مبرر واضح لها ,دارت رحاها على مدى ثمان سنوات أتت خلالها على الأخضر واليابس,واستنفذت كل الخزين المالي إلى جانب مئات الألوف من القتلى والجرحى والمعوقين والمفقودين من الطرفين. ناهيك عن الديون الفلكية التي بلغت المليارات من الدولارات كان الرابح فيها هو أمريكا وكثير من الدول المصدرة للسلاح وتجار الحروب.فضلاً عما خلفته الحرب من تدمير للبنى التحتية والاقتصاد وتراجع في عمليات البناء والإنتاج. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وجد العراق نفسه أمام مؤامرة ينفذها عملاء أمريكا في دول المنطقة لتحجيم تصديرالنفط العراقي بهدف تعطيله من إعادة ما خربته الحرب والبدء بدفع الديون المترتبة عليه. مما دفع صدام إلى تصرف طائش باحتلال الكويت الجارة الجنوبية بعد مصيدة أمريكية أوقعت صدام في تهلكة غيرت مجرى الأحداث وفتحت أبواب جهنم عليه وعلى الشعب العراقي الذي لم يكن يلوي على شيء يفعله. وقد ترتب على هذا التصرف الأرعن وغير الناضج ولا المدروس من هجوم دول التحالف وما تركته من تدمير أضيف للتدمير الأول,إلى جانب ما ترتبت عليه من آثار مالية وإقتصادية وسياسية مرعبة ما زال العراق يدفع ثمنها لحد الساعة. وما هي سوى أشهر إلا وبدأت حملات التفتيش المذلة بحثاً عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة شملت طول وعرض العراق وبضمن ذلك القصور الرئاسية والدوائر الحكومية والمزارع والبيوت الخاصة. بعدها شنت قوات التحالف بزعامة أمريكا هجمات عسكرية . وباختصار أصبح العراق تحت البند السابع للأمم المتحدة المذل ,ومنع تصدير النفط العراقي لشل إقتصاده ما عدا ما يصدر لأجل الغذاء والدواء وبإشراف دولي ما ترك آثاره المدمرة على حياة العراقيين كافة. وبسعي أمريكي لتنشيط وإسناد مجموعة الهاربين من العراق (اللاجئين) إلى أمريكا بغرض تهيأتهم لاستلام الحكم في العراق بعد عملية إحتلاله المنتظرة المخطط لها. و بتراكم هذه الأحداث المدمرة والصدمات المتتابعة حصلت الصدمة الكبرى التي أفقدت العراقيين توازنهم وأخذوا ينتظرون ساعة الخلاص على أيدي المحتلين (بحسب ظنهم) الذين جاءؤا مسستعمرين مستعبدين وليسوا منقذين, وهذا هو المطلوب .

احتلال العراق وبدء ساعة الإستعباد. في الرابع من نيسان (أبريل) من عام 2003 تم احتلال العراق من قبل دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بحجة إحتفاظه بأسلحة دمار شامل وعدم إنصياعه لمقررات المنظمة الدولية بهذا الصدد. ولم تجد هذه القوات أية مقاومة شعبية أو عسكرية خاصة بعد هروب كل القيادات العسكرية والمسئولين بما فيهم القائد وبطانته وقواته الخاصة .وسبب غياب المقاومة سواء أكانت شعبية أم عسكرية أم حزبية هو حالة اليأس والقنوط التي تركتها الصدمات المتتابعة في نفوس كل العراقيين خلال سنوات الحروب والإذلال الحكومي في فترة الدكتاتورية.وبعكس التوقعات بدت علامات الرضا والفرح على محيا العراقيين واضحة لإعتقادهم بعدم وجود نظام أقسى من نظام صدام ,وأنهم يتأملون من المحتل إصلاحاً ورفاه وسعادة غامرة ,لأنهم وهم تحت تأثير الصدمة لم يدركوا ما يضمره لهم هذا المحتل المقيت وهم تحت وقع الصدمة التي خططها وصنعها لهم. كانت أمور بلاد الرافدين قبل الإحتلال موكلة إلى مكتب إعمار العراق برئاسة الجنرال المتقاعد جاي كارنر للاشراف على إصلاح وتشغيل البنى والمؤسسات والمرافق العراقية المتضررة مثل حقول النفط والمستشفيات والطرق وشبكات الاتصال وما تتطلبه من إغاثة وإيواء ,وهذا لم يحصل البتة بعد تعيين السفير بول بريمر حاكماً ادارياً في العراق من قبل أوباما في أعقاب الإحتلال والذي إتخذ من المنطقة الخضراء مقراً له ,وشكل إئتلافاً عشوائياً من مسئولين لآيمتلك أغلبهم أية خبرات سياسية أو إدارية ولا شهادات أكاديمية ذات نفع لقيادة البلاد إلى جرف النجاة ,وكلف هذا المجلس لوضع دستور إحتوى شمل فقرات يمكن أن تكون بمثابة قنابل يمكن تفجيرها في أية لحظة ,مع الوعد بتعديله بعد وقت قصير,وهذا التعديل لم يحصل لهذه اللحظة. , ثم خطط لتنفيذ الصدمة الأكبر في نفوس العراقيين وذلك بدءاً بحل الجيش والمؤسسات الحكومية ليدخل البلاد في دوامة حروب وصراعات لم تنته لحد الآن.

قضى بريمر أشهره الأربعة الأولى في العراق للتخطيط باتجاه تطبيق قوانين مدرسة شيكاغو وتعاليماتها الرأسمالية على وفق نظرية الصدمة (عقيدة الصدمة) ,فوضع خطة لنهب ثروات البلاد بتحويل إقتصاد العراق إلى إقتصاد السوق التي تشمل تجفيف أو تحجيم الخدمات التي يقدمها القطاع العام ومنحها إلى القطاع الخاص الذي يتيح للشركات والمؤسسات الرأسمالية الأجنبية من السيطرة والتسلط على العراق وتحديد مساراته الاقتصادية والسياسية , ويتطلب هذا التحول في مسارات الاقتصاد تحجيم الإنفاق الاجتماعي الحكومي التي تشمل البطاقة التموينية (مائدة العائلة العراقية) والمنافع الصحية والتعليمية بكل مستوياتها, والطرق البرية والبحرية والجوية ,وكل البنى التحتية من مجاري وإتصالات (تعطيل البدالات التي كانت تابعة للقطاع العام) لتحل محلها التلفونات المحمولة المكلفة (قطاع تجاري خاص) ومواصلات (سكك حديد,باصات نقل الركاب,مطارات,طرق خارجية……) ,شوارع وجسور وكهرباء ومشاريع مياه الشرب. ويشمل الأمر عدم السماح بالاصلاحات والإدامة حتى تحين الفرصة لمنح هذه الشركات فرصة إنجازها بمبلغ تمتص كل الموارد العراقية . وعلى وفق هذا التخطيط سيتحول الطلبة إلى مدارس القطاع الخاص (المدارس الأهلية) بعد فشل أداء المدارس الحكومية ومناهجها التي تطبع خارج البلاد بمبالغ خيالية ,وكذلك أمر القطاع الصحي بعد أن ساء وضع المستشفيات الحكومية وغابت عنها الخدمات والأجهزة ولم تستطع هذه المراكز من تقديم أبسط دواء ولا تمتلك أحياناً حتى محقنة بلاستيكية (صرنجة) ,وقلت المباني أو أستهلكت,وفرضت على الفقراء المراجعين ضرائب تعيقهم من مراجعة هذه الدوائر,إلى جانب ما حل من تلوث بيئي مخيف شمل الهواء والماء والأرض وما نبت فيها, وإنتشار الأزبال في كل مكان وما نتج عنه من أمراض أكلت أجساد الناس وما تزال . الميسور من الناس سافر إلى خارج العراق للعلاج ,أما من فرغت جيوبهم من أي مال فلا حول له ولا قوة . إضافة إلى ما ذكر كان المحتلون يخلقون الأزمات في سلسلة لا تنتهي ليجعلوا المواطنين يهرولون لاهثين للحصول على بعض الاحتياجات المفقودة ( أزمة البيض,أزمنة البنزين ,أزمة إختفاء بعض أدوية الأمراض المزمنة,أزمة الكهرباء المزمنة وما رافقها من مشاكل أصحاب المولدات الأهلية,أزمة البطالة ….) أضف إلى ذلك مشكلة البطالة والخريجين وبضمنهم أصحاب الشهادات العليا.هذه بعض من أمثلة الدمار ولك عزيزي القارئ إطلاق العنان لمخيلتك لتضيف العديد من الأمثلة الأخرى في هذا الصدد. وزيادة في التدمير تم سرقة وبيع أو تخريب بعض المكائن والمصانع والمعامل الستراتيجية إلى بلدان مجاورة مثل مصفى بيجي . ومع كل هذا الخراب الحاصل فإن حكومة الإحتلال تمنع الوزراء وكل المسئولين من محاولة التفكير لوضع أية حلول أو تنظيم إتفاقيات لإصلاح ما خرب أو دمر بدليل سرقة المليارات من الدولارات بحجة إعادة الكهرباء من دون حصول محاولة جادة لإعادة هذه البنية على الإطلاق على وفق توجيه صارم من المحتل الغاشم وهذا مثال أوردته للتوضيح , وتمنع أية ملاحقة قانونية لأي متهم بالسرقات مهما بلغ مقدارها, مما شجع الجميع على تقاسم الكعكة كما ورد ضمن إعتراف بعض المسئولين من على شاشات التلفاز. وفي هذه الأجواء سرقت أموال البنوك واحتياطيها النقدي والمعدني وفتحت أبواب لسرقة النفط العراقي لعل أخطرها مايسمى بعقود جولات التراخيص , وتم تبييض أموال ضخمة , وكان المحتل يغض النظر عن الأموال المسروقة من قبل البنوك الحكومية والأهلية المنتشرة على طول البلاد وعرضها ,وكذلك اللجان الاقتصادية التابعة لأحزاب الاسلام السياسي الحاكمة والمليشيات المسلحة التابعة لها والتي إستحوذت على المليارات بدون خوف أو وجل.أو من خلال الصرف المبالغ فيه بدوائر الدولة وللمنتسبين الفضائيين في كل المجالات , والمنح والمخصصات والتعويضات غير العادلة والممنوحة لمن لا يستحقها ,علاوة على ما تم صرفه لتحرير العراق من إحتلال داعش لثلث مساحة العراق في حرب فرضت على العراق مما كبل البلاد أموال طائلة .وفي غياب أو ضعف الأداء الحكومي إنتشرت عصابات السرقة ,والخطف والقتل وارتفع معدل الجريمة وخاصة المنظمة ,وتشرد الأطفال وكثير من الفتيان والصبايا والتسرب من المدارس بسبب ضنك العيش, وشاع تناول المخدرات والدعارة والخطف وبيع الأطفال والإنتحارات واليأس وفقدان الأمان ,وعمت ثقافة الرشوة في كل دوائرالدولة.كل هذه الإجراءات وغيرها تمهد لتعبيد الطريق باتجاه تحويل إقتصاد العراق بعد سيطرة الشركات الأجنبية الرأسمالية بمساعدة المحتل.

لعل من أهم الجرائم التي أحدثها المحتل في العراق هي العمل على تفكيك النسيج الاجتماعي بتكريس الاستقطاب العشائري لحسم المشاكل والنزاعات وما أعقبه من نتائج سلبية لعل أبرزها ما يسمى بالدكة ,وتشكيل الحكومة على أساس المحاصصة الطائفية والأثنية التي جرت البلد إلى الإحتراب ونشر الفوضى وظهورالفوضى مما هيأ الأجواء لتنشيط تنظيم القاعدة ومن ثم داعش وجعلها بعبعاً يحركه متى شاء ليهدد به الحكومة ويؤرق الشعب ويجعله في قلق وخوف دائم بغرض الإبتزاز وغيرها من المخاوف .علاوة على ما تركه من تدمير وضحايا وإرهاب خلف عشرات الألوف من الثكالى والأرامل والأيتام الذين لم يجدوا يداً نظيفة تمتد لهم لتنقذهم ما حل بهم من أسى وتشريد وأمية وفقر متقع …الخ. أخيراً حل الوقت لتقديم الحلول بعد أن بلغ اليأس لدى العراقيين أوجه خاصة بعد أن أعلن ترامب صراحة وأمام الرأي العالمي بأنه عزم على سرقة نفط العراق ,بدأ وقت طرح الحلول في إثر وقوع الصدمة التي حلت بالشعب العراقي والتي بدأت بوادرها بظهور صرخات على شاشات وسائل الإعلام تعلن رضاها بأي منقذ بديل لحكام العراق الجهلة الذين دروا الشعب العراقي حتى وإن كان البديل عدونا التقليدي أو أية دولة أخرى وهم لا يعون أن كل التخريب والدمار كان من صنع الأمريكان وذيولهم حكام العراق السراق الذين كرسوا عبودية العراق وشعبه للمستعمرين الجدد. والتي جاءت على لسان الإرهابي الكبير ترامب وهي طلب عقد معاهدة مع الحكومة العراقية بتملك نصف الواردات النفطية ولحد نضوب النفط العراقي مقابل قيام الشركات الأمريكية الرأسمالية بإعادة بناء العراق من جديد وفي كل المجالات الصناعية والزراعية والعمرانية ,وإعادة بناء المؤسسات والدوائر الخدمية , و تعمير وبناء المدن التي دمرها الإرهاب, وكل ما خربه الإرهاب والإهمال المتعمد وغير ذلك من الإستعدادات . وهنا إتضحت الأهداف المبيتة من لدن حكومة الولايات المتحدة عدوة الشعوب.

الإنتفاضة الشعبية العارمة التي قضت على الطائفية المفتعلة ,وعززت الشعور الوطني بعد أن هزته الصدمات. وما زال أوارها يتصاعد مع إزدياد عدد الشهداء وإرهاب المحتل بمساعدة الذيول والمرتزقة وحكامه اللصوص. وهي ماضية لتحقيق أهدافها الوطنية تباعاً وبدون أي تراجع وبكل بطولة وصمود أسطوري لطرد المستعمر البغيض وأذنابه الأذلاء خونة الشعب العراقي ,وإعادة سيادة وهيبة الدولة المهدورة من قبل دول الإرهاب ودول الجوارالتي تسعى للهيمنة وبسط النفوذ بدعوى فقهية أو لتحقيق أطماع تاريخية أو شوفينية يرفضها الشعب العراقي برمته ,وسيتم على أيدي هؤلاء الشباب الثائرون إصلاح ما خربه المحتل ,وتحقيق كل الأهداف المعلنة التي وضعوها أمام أعينهم للبدء ببناء عراق ديقراطي جديد يحسه جيش دفاع وطني يضم كل المكونات المتآخية , عراق رافض لكل أشكال التبعية والخنوع , بعد أن يعي كل العراقيين ما خطط لهم من دمار على وفق مبدأ الصدمة الذي بدأ يتعطل ويرتد على منفذيها وينحسر مفعولها بعدما إستوعبت الشعوب الدرس, وبدأت ملامح ثورة مضادة على (الفريدمانية) في دول مثل الأرجنتين والبرازيل وشيلي وفنزويلا وبوليفيا ,وامتدت إلى دول أخرى مثل بولندا وروسيا .

المصدر