حكومة الكاظمي لعبت دوراً كبيراً في تأجيل ساعة الصفر المتعلقة بضرب طهران وأذرعها
أحمد السهيل مراسل @aalsuhail8 الأربعاء 20 يناير 2021 2:40
وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (أ ف ب)
أعادت تصريحات وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ملف الجماعات المسلحة الموالية لإيران والصواريخ التي تستهدف السفارة الأميركية إلى الواجهة مرة أخرى، قبيل يومين فقط من وصول الرئيس المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض، الأمر الذي أثار عدداً من التساؤلات حول توقيت تلك التصريحات وغاياتها.
إذ قال وزير الخارجية إن التوتر بين إيران والولايات المتحدة الأميركية يؤثر سلباً في الساحة العراقية، وأضاف في تصريحات صحافية الإثنين 18 يناير (كانون الثاني) “طلبنا من إيران التدخل لوقف قصف بغداد، وواشنطن قد تتخذ إجراءات إذا استهدفت سفارتها في بغداد”.
وبيّن أن “بغداد تعمل على مبدأ حسن الجوار والتوازن في العلاقات الخارجية، ونرفض التدخلات في الشؤون الداخلية”، مشيراً إلى أن “العراق بحاجة لقوات التحالف لمواجهة “داعش” وتدريب قواته”.
اعتراف ضمني بسيطرة إيران على المشهد العراقي
وكان حسين كشف أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، أن طهران نفت صلتها بالهجمات التي نفذت ضد البعثات الدبلوماسية في العراق، على إثر تهديدات الإدارة الأميركية بإغلاق سفارتها في بغداد.
وعشية وصول بايدن إلى البيت الأبيض، لا يزال الجدل دائراً في شأن موقف تلك الإدارة من الأذرع المسلحة الموالية لإيران في العراق، خصوصاً مع عدم حسم الحكومة العراقية ملف الميليشيات والاستهداف المتكرر للمصالح الأميركية في البلاد.
وتشير تصريحات الوزير، بحسب مراقبين، إلى أن الحكومة العراقية تبدو عاجزة عن اتخاذ مواقف صارمة إزاء الجماعات المسلحة الموالية لإيران، فضلاً عن كونها تتضمن اعترافاً من الحكومة بأن طهران هي اللاعب الرئيس المتحكم بالمشهد في البلاد.
وتأتي تلك التصريحات أيضاً بعد أقل من أسبوع على خفض عدد القوات الأميركية في العراق، حين أعلن وزير الدفاع الأميركي بالوكالة، كريستوفر ميلر، في 15 يناير، خفض عدد القوات الأميركية في كل من العراق وأفغانستان إلى 2500 جندي.
وأضاف أن “خفض العدد في العراق يعكس زيادة قدرات الجيش العراقي”.
رسائل سلبية وفضيحة للحكومة العراقية
ويعتقد مراقبون أن تلك التصريحات شملت رسائل سلبية عدة، خصوصاً في ما يتعلق بتوقيتها المتزامن مع وصول بايدن إلى البيت الأبيض، الأمر الذي يعطي للإدارة الجديدة تصورات سلبية عن الحكومة العراقية.
ويعتقد رئيس المجموعة المستقلة للأبحاث منقذ داغر، أن الرسالة الأولى تشير بوضوح إلى أن العراق غير قادر على ضبط هذه الفصائل التي تطلق الصواريخ، مردفاً أن تلك التصريحات تعد فضيحة للحكومة العراقية.
ويشير إلى أن كلمة الوزير شملت أيضاً محاولات لـ “مغازلة التيار الأقل تشدداً في إيران، من خلال القول إنهم ساعدوا في تقليل الهجمات التي تتعرض لها السفارة الأميركية”.
ويلفت إلى أن تزامن هذا التصريح مع قرب موعد تسلّم الرئيس المنتخب جو بايدن مهماته يعطي انطباعاً بأن العراق يحاول القول إن “هناك طرفاً إيرانياً يمكن التواصل والتفاوض معه أميركياً”، معبراً عن اعتقاده بأنها “رسالة سلبية أخرى تدخل العراق في الصراع الداخلي الإيراني”.
ويستبعد داغر إمكان أن يكون العراق وسيطاً لحل النزاع الأميركي – الإيراني، خصوصاً مع قدرة الإدارة الجديدة على تأمين اتصال مباشر مع طهران.
ويختم أن “كل الرسائل التي تضمنها حديث وزير الخارجية كانت سلبية، وتزج بالعراق في وسط الصراع الإيراني – الأميركي”.
إمكان الوساطة بين طهران وواشنطن
ولعل الملف الأكثر أهمية بالنسبة لحكومة الكاظمي يتعلق بإمكان إخراج العراق من معادلة الصراع الأميركي- الإيراني، وعدم وضعه كمنطقة تنازع بين تلك الأطراف، ومدى إمكان تحقق ذلك في ظل إدارة بايدن.
ويرى مراقبون أن تصريحات حسين ربما تكون محاولة من العراق في أن يكون له دور وساطة بين واشنطن وطهران، فضلاً عن أنه تذكير جديد لإيران الساعية إلى إعادة تفعيل الاتفاق النووي، بأن أية هجمات على المصالح الأميركية قد تعقّد موقفها إزاء الإدارة الأميركية الجديدة.
وفي السياق، يقول أستاذ الإعلام غالب الدعمي، إن “واشنطن أبلغت العراق بشكل رسمي بأنها سترد في حال حدوث أي اعتداء على سفارتها أو مصالحها في العراق، وربما تندرج تلك التصريحات في سياق تحذير طهران ودفعها للسيطرة على أذرعها في العراق خلال المرحلة المقبلة”، مبيناً أن “أي اعتداء على المصالح الأميركية في العراق سيعقّد الموقف الإيراني الساعي إلى إعادة تفعيل الاتفاق النووي مع قرب وصول إدارة بايدن إلى السلطة”.
ويلفت إلى أن “العراق بات يلعب دور الوسيط بين عدد من الدول الإقليمية، ويتابع أن “طهران باتت تدرك أنها لن تجد أفضل من الكاظمي للقيام بتلك المهمة، مما جعلها تخفف حدة الضغوط على الحكومة العراقية”.
ويبيّن الدعمي أن “إيران في المرحلة الحالية تبحث عن رئيس وزراء عراقي يحظى بعلاقة جيدة مع واشنطن، والدور الذي يقوم به الكاظمي جعل جميع الأطراف تحاول دفع العراق من كونه نقطة صراع إلى نقطة التقاء”.
وفي شأن توقيت التصريح، يرى أستاذ الإعلام أنه “ربما يمثل محاولة عراقية لإيقاف التدخلات الأجنبية في العراق، خصوصاً مع اقتراب وصول إدارة بايدن إلى السلطة، فضلاً عن احتمال أن يمثل هذا التصريح أيضاً رسالة حكومية لتلك الأطراف حول إمكان أن يكون العراق وسيطاً للتهدئة بين واشنطن وطهران”.
ويختم، “الحكومة العراقية لا تريد أن تكون طرفاً في إحدى المحاور في المنطقة، وهذا الأمر يعطيها إمكان لعب دور الوساطة للحصول على مكاسب في ما يتعلق بالجماعات المسلحة”.
تحذير مباشر لإيران
في المقابل، يقول الكاتب والإعلامي فلاح الذهبي إن “حكومة الكاظمي لعبت دوراً كبيراً جداً في تأجيل ساعة الصفر المتعلقة بضرب إيران وأذرعها في العراق، وما تضمنته تصريحات وزير الخارجية إشارة واضحة إلى أن الحكومة لن تتمكن في المرة المقبلة من تخفيف حدة الرد الأميركي”.
ويرجح الذهبي أن تكون إحدى غايات التصريح هي “تحذير إيران من مغبة عدم التمكن من ضبط أذرعها في العراق”، مشيراً إلى أن “تعاطي الولايات المتحدة مع الملفات المتعلقة بأمنها القومي لا يتغير مع تغير الإدارة”.
وحول توقيت تلك التصريحات، يلفت إلى أن “الحكومة العراقية تدرك أن إدارة بايدن لن تكون مختلفة عن إدارة دونالد ترمب في التعاطي مع ملف استهداف المصالح الأميركية، وهو الأمر الذي حاولت إيصاله إلى صانعي القرار في طهران”.
وبحسب الذهبي، فإن تلك التصريحات تأتي كإعلان غير مباشر من العراق بأنه قادر على “إدارة نوع من الوساطة بين واشنطن وطهران للوصول إلى مكاسب في ما يتعلق بالأذرع المسلحة الموالية لإيران”.