كفالة المواطن

748

علاء هادي الحطاب

تبقى الامم الحضارية الحية في تفكير مستمر ومتواصل بشأن استمرارية توفير الحياة الحرة والكريمة لابنائها لذا فانها في تطور دائم بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي القائم وطبيعة الحكم فيه، وبات المقياس الاهم في مفهوم نجاح الدولة مرهونا بنجاحها في تأدية وظائفها التي وجدت من اجلها ومن اهمها الادارة الناجحة والحكم الرشيد الذي يفضي بالنتيجة الى اسعاد المواطنين، وعندما تنجح السلطة في تأدية وظائفها التي رسمها لها النظام السياسي فلن تخشى بعدها من انقلاب عسكري او ثورة محلية او مؤامرات خارجية لانها باتت محال رضا وقبول مِن قِبل من وجدت من اجلهم. جميع الانظمة السياسية وسلطاتها التي تعاقبت على حكم العراق لم تستطع ان توفر الحد الادنى من كفالة المواطن بمعناها العام، كفالة المواطن التي تعني صحة جيدة وتعليماً متقدماً وخدمات متاحة ومتجددة وتنمية بشرية سليمة، كفالة المواطن التي تعني انه لا يفكر ماذا وكيف يأكل غدا، كيف سيواجه “طوارئ” الحياة، كفالة تعني ان الدولة هي التي ترعاه وتدير شؤونه وتؤمن له عيشا كريما سواء من كان يعمل عندها موظفا او يعمل في القطاع الخاص، كفالة تعني ان يتساوى مواطنو الدولة في الخدمات الاساسية من التعليم والصحة والامن والخدمات البلدية الاخرى، لا مدينة تفتقر لجميع الخدمات من ماء وكهرباء وتعبيد طرق فضلا عن وجود مؤسسات الخدمة العامة ومدن اخرى يوميا نبدل “رصيفها” ونصبغه ونغير “مقرنصها”، كفالة المواطن تعني ان “حي طارق” توفر له الدولة ذات الخدمات العامة التي توفرها لـ”المنصور” لان افراد كلا المدينتين مسؤولية الدولة وسلطتها كفالتهم. جميع ما تقدم لا يأتي في ليلة وضحاها بل يأتي من خلال تخطيط ستراتيجي سليم ومدروس ورسم سياسات عامة يتم وضعها من قبل مختصين في مختلف جوانب الحياة، وتنفيذ هذه السياسية بدقة ونزاهة وادارة صحيحة ورشيدة، ومن ثم دراسة مدى نجاحها في حل المشكلات وتجاوز الازمات، وعلى ضوء ذلك يتم تعديل او تغيير تلك السياسات وآليات تنفيذها. لن يتحقق اي شيء مما تقدم ما لم تتوفر الارادة السياسية سواء الحكومية من خلال السلطة ومؤسساتها وصناع القرار فيها وغير الحكومية من خلال الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ومختلف الفعاليات والانشطة المجتمعية تعمل كل جهة في مساحة اشتغالها سواء رسم وصياغة تلك السياسة او تنفيذها او التثقيف بقبولها .