مع مرور عام على ذكرى اندلاع الاحتجاجات الشعبية، يتوقع خبراء ومحللون أن تعود تلك التظاهرات بشكل أعنف وتشمل مناطق أخرى، وذلك مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية والأمنية سوءا، وبعد عجز الحكومة الحالية عن تلبية متطلبات المتظاهرين الأساسية.
وبحسب تقرير نشر على موقع المؤسسة البحثية غير الربحية “أتلانتك كونسل” فإن الأسابيع المقبلة قد تشهد تجددا للاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في تشرين الاول من العام الماضي وأدت إلى مقتل نحو 560 شخصا وجرح واعتقال آلاف المحتجين.
وأوضحت الباحثة العراقية رغد قاسم التي أعدت التقرير أنه ينبغي على المتظاهرين والناشطين توخي الحذر من المفسدين الذين قد يحبطون أو يختطفون توجه المظاهرات في محاولة للتأثير على الأحداث لصالحهم.
وأشارت إلى أن الحكومة ستكون قادرة على السيطرة على الوضع إذا التزمت بحماية المتظاهرين والحفاظ على سلمية التظاهرات واتخاذ خطوات جريئة لفضح المتورطين في أي تصعيد.
ويؤكد التقرير أن الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي باتت تتعرض لضغوط كبيرة، إذ تواجه العديد من التحديات الناجمة عن الأزمات الصحية والاقتصادية بسبب جائحة فايروس كورونا، وانخفاض أسعار النفط، بالإضافة إلى تجدد الاحتجاجات المتوقع والتي سيكون لها “عواقب بعيدة المدى”، وخاصة وأن المطالب الشعبية لم تعد تركز فقط على القضايا الاجتماعية والاقتصادية بل تعدتها إلى الناحية السياسية مثلا المطالبة بإقرار قانون انتخابات عصري وإجراء انتخابات مبكرة.
ومع ذلك، فإن أحد أكبر بواعث القلق لدى المحتجين هو استمرار دائرة العنف ضدهم.
وشهدت التظاهرات العام الماضي في العاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية مستويات متفاوتة من العنف، حيث وقعت إصابات في أماكن المظاهرات بإحدى عشرة محافظة في جنوبي ووسط العراق.
وأشار التقرير إلى أنه جرى استخدام القوة المفرطة وغير الضرورية كاستعمال الذخيرة الحية بدلًا من الغاز المسيل للدموع، لاسيما في بغداد وذي قار وكربلاء والبصرة.
واللافت أن مدينة النجف وسط العراق لم تشهد عنفًا شديدًا مقارنة بذي قار في الجنوب التي وصفت بـ”الدامية”.
وبحسب الباحثة رغد قاسم فإن أسباب انخفاض الخسائر في النجف جزئيًا تعود إلى أنها مقر المرجع الشيعي البارز علي السيستاني.
واستطاعت النجف، من خلال مجموعتها المؤثرة من المجتمع المدني والنخب الدينية، رسم خارطة طريق للمظاهرات من خلال تنظيم التجمعات وتقديم مجموعة من المطالب.
وسمحت خارطة الطريق، التي تمت مشاركتها مع المحافظات الأخرى، للحركة بتطوير هوية أكثر انسجاما تتماشى مع الواقع السياسي العراقي.
ولأن احتجاجات تشرين الاول 2019 كانت عفوية، فقد افتقر المتظاهرون إلى إطار منظم، مما أعطى الأحزاب السياسية اليد العليا في التأثير على الحركة الاحتجاجية.
ولكن ناشطين بارزين في الحركة الاحتجاجية أكدوا أن التظاهرات السلمية التي من المتوقع انطلاقها في الخامس والعشرين ستكشف عن رغبة في تنظيم الاحتجاجات بشكل أفضل من خلال العمل على تشكيل أحزاب جديدة للدخول في العملية السياسية.
كما أعلنوا عن مبادرة لإجراء حملة توعية عامة لتشجيع العراقيين على المشاركة في الانتخابات المقبلة لتشكيل دائرتهم الانتخابية.
ونشر “عوائل شهداء تشرين” بيانا مشتركا تلقت (المدى) نسخة منه، وجهوا فيه خمس رسائل وحمل عنوان “سرنا وقد سار الحسين بنا.. فتشابه الجمعان في الصولات، وها هي تشرين تشابه طفنا الخالد”.
وقال البيان “ان الرسالة الاولى نخاطب فيها اشباه الرجال الذين تربعوا على (عرش جهنم) فيما افتعلوا من جريمة يندى لها جبين الانسانية جمعاء بقتلهم فلذات اكبادنا وجرح الآلاف من شبابنا الثائر، مبتغين بذلك ملذات دنياهم وتناسوا آخرتهم ونذكركم بقوله تعالى (…)”.
واضافوا “الرسالة الثانية الى رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي وحكومته التي لولا دماء شهدائنا وجرحانا وثوارنا لما كانت اصلا موجودة. ونخاطبها بقوله تعالى (…) ونقول لهم: سوف لن نستكين ولن نهدأ وهذا عهدنا لشهدائنا من ولاة امر الدم والثائرين التشرينيين الا بتحقيق ماخرجنا لاجله وما كنا نصبوا اليه”.
وطالب البيان الكاظمي وحكومته بما يلي:ـ
١ــ اصدار مذكرة القاء قبض بحق المجرم عادل عبد المهدي واركان حكومته باعتباره المسؤول الاول في ما آلت اليه الامور في تشرين وما بعدها.
٢ــ رفع كافة الضمانات الممنوحة لحكومة القناصين والتي وضعتها الاحزاب الفاسدة لكي لا تتم محاسبة تلك الحكومة التي اوغلت بالدماء.
٣ ــ تفعيل دور القضاء وابتعاده عن التأثير السياسي ونحن نرى ما يدور في اروقة القضاء ومنحه الاستقلالية والحماية، واذا تواطأت السلطات القضائية مع القتلة وساهمت في افلات المجرمين من العدالة فان الشعب سيطهر تلك السلطات من فاسدي الضمائر المتورطين بتسييس هذا الملف وتبرئة الجناة، وسيسقط شعب العراق شرعية القضاء العراقي بسلاح السلمية لا غير.
٤ــ تحديد الجهة التي اعدمت ابناءنا وازهقت ارواحهم واعاقت الآلاف من الثوار ورفع الخطوط الحمر عن تجريمها املا بتحقيق العدالة.
وتابع البيان ان “الرسالة الثالثة الى برلمان المحاصصة، نحذركم جميعا. من التسويف او الوقوف. ضد تحقيق المطالب اعلاه والا مثلما اسقطت دماء الشهداء حكومتكم السابقة فانها هذه المرة ستسقطكم شعبيا”.
ووجهت الرسالة الرابعة الى “الامم المتحدة ومن خلال ممثلها في بلدنا العراق السيدة (بلاسخارت) نطالبها بالعمل بجدية على حماية وتفعيل قضية محاسبة قتلة الشهداء والجرحى لثورة تشرين وان تعمل بمضمون ميثاقها الذي هي بسببه موجودة في بلادنا، دون النظر في المصالح الشخصية والفئوية. ولا حياد في قضية تحقيق العدالة “.
وختم البيان برسالة خامسة وجهت الى “ثوار تشرين الاصلاء ونستثني منهم. المسيسين والمدفوعين باجندات حزبية ومن تسلق على دماء الشهداء بغير وجه حق وسال لعابهم نحو مغريات الكرسي الهزيل التي رفضها من قبل اخوة لهم في الميدان الذي رفضوا مبايعة السلطة نقول لكم لقد خسرتم دينكم ودنياكم. ايها الثوار الاصلاء يامن جعلتم من انفسكم سياجًا للحفاظ على دماء اخوانكم الشهداء وجرحى التظاهرات السلمية، نقول لكم نحن عوائل شهدائكم باننا سنكون سياجكم الاكبر مهما اشتد ساعدها ونوصيكم بما هو صمام امان ثورتكم (تمسككم بالسلمية) نكررها تمسككم بالسلمية وشعارها (نريد وطن)”.