عشائر مساندة للميليشيات تخرج أبي صيدا عن سيطرة الدولة وتضع ثكنات

542

بغداد/ تميم الحسن

بدأت قوة امنية أُرسلت من بغداد بإزالة “ثكنات العشائر” المتحاربة منذ ايام في ناحية ابي صيدا شمال شرقي ديالى، بعد توجيه من الحكومة بتعزيز الامن هناك.

ويغذي الصراع في البلدة بضع عشرات من “المتنفذين” تعجز السلطات عن اعتقالهم منذ نحو عام على الرغم من صدور مذكرات القاء قبض.

وتقف احزاب وفصائل مسلحة وراء العشائر المتحاربة، كما ان الاحتراب القبلي في ابي صيدا هو غلاف لتنافس على مليارات قادمة من المنافذ الحدودية، بحسب مسؤولين.

ووفق مصادر في ديالى، فان قوات تابعة لوزارة الداخلية (الرد السريع)، بدأت صباح امس، بـ”تهديم الثكنات والسواتر” التي أنشأتها عشائر في ابي صيدا خلال الصراع المسلح.

وكانت آخر موجة اشتباكات بين عدد من القبائل في المدينة، قد بدأت الاسبوع الماضي، وتسببت باقالة مدير الناحية بالوكالة على اثر خلافات على المنصب.

واعلنت مستشارية الأمن القومي، يوم السبت، وصول رئيس جهاز الامن القومي قاسم الاعرجي إلى محافظة ديالى، على رأس وفد أمني للاطلاع على سير العملية الأمنية في المحافظة.

ملثمون يسيطرون على الناحية

وقالت المصادر في ديالى لـ(المدى) ان “مجموعة من الملثمين خرجوا الاسبوع الماضي في ابي صيدا ينتمون الى عشائر “ش، ص، ح” بقيادة “ر.ش” (تحفظت المصادر على ذكر الاسماء صريحة)، وهاجموا عددا من الدوائر الرسمية وطالبوا باغلاقها”.

ووفق المصادر ان المسلحين وبحجة “التظاهر لاستبدال مدير الناحية” المحسوب على طائفة معينة “سيطروا على مركز شرطة ابي صيدا وانتشروا على السطح”، كما اغلقوا الشوارع بالإطارات المحترقة.

وتؤكد المصادر ان “المهاجمين اغلبهم مطلوبون منذ عدة اشهر الى القوات الامنية وعليهم أوامر اعتقال”، فيما اشاروا الى ان المسؤولين في ابي صيدا “يتفاوضون معهم خوفا من الانتقام”.

وعلى خلفية تلك الاحداث اعلن مدير الناحية عبد الله الحيالي، يوم الاربعاء الماضي، استقالته من المنصب، بحسب بعض المصادر.

وكان الحيالي وهو قائممقام بعقوبة، قد كلف نهاية العام الماضي، بإدارة ناحية ابي صيدا بالوكالة، بعد مقتل مدير الناحية السابق حارث الربيعي.

وكانت ابو صيدا قد شهدت بالتزامن مع انطلاق احتجاجات تشرين في العام الماضي، مقتل 5 أشخاص بينهم ثلاثة مسؤولين حكوميين بهجمات مسلحة في الناحية.

وفتح حينها مسلحون مجهولون النار على سيارة تقل سعد صريوي، رئيس مجلس ناحية أبو صيدا ونجله وأحد أقربائه، ما أسفر عن مقتلهم في الحال.

بالمقابل كانت مجموعة مسلحة أخرى قد هاجمت مدير ناحية أبي صيدا حارث الربيعي ما أدى إلى مقتله في الحال.

وفي هجوم ثالث في التوقيت نفسه قتل مدير الجنسية في الناحية ذاتها العميد محمد الحميري عندما فتح مسلحون نيران أسلحتهم تجاهه.

مطلوب مكافحة الإرهاب

بدوره يقول عبد الخالق العزاوي، وهو نائب عن ديالى ان الوضع في ابي صيدا هو “خليط من المليشيات والاحتراب العشائري ولا يبدو ان هناك نية للحكومة بحله”.

وفي بداية العام الحالي، أرسلت بغداد 50 عنصرا الى المدينة، واستطاعت “لاول مرة” اعتقال 4 اشخاص “محميين من جهات متنفذة” بحسب النائب العزاوي.

واضاف العزاوي في اتصال مع (المدى) امس: “بعد ان عادت القوة، انهارت الاوضاع في ابي صيدا مجددا”، مشيرا الى ان الاربعة المعتقلين هم جزء من “مجموعة اكبر مازال 30 شخصا منهم بحقه مذكرة اعتقال لا يمكن تنفيذها بسبب ارتباطهم بجهات متنفذة”.

وطالب النائب، وهو عضو لجنة الامن والدفاع، الحكومة بارسال “فوج من مكافحة الارهاب للسيطرة على الموقف في ابي صيدا”.

ووجه مستشار الامن القومي قاسم الاعرجي، خلال زيارته الاخيرة الى ابي صيدا بـ”تفعيل وتنفيذ أوامر القبض للمتهمين والقتلة والمجرمين الذين يعيثون بأمن المواطن والناحية”، بحسب بيان رسمي.

ووصل الاعرجي المكلف من قبل المجلس الوزاري للأمن الوطني (وهو مجلس حكومي مصغر يضم عدة وزارات وتشكيلات امنية) الى البلدة، برفقة وفد أمني كبير، بينهم نائب قائد العمليات المشتركة عبد الأمير الشمري، ومسؤولون آخرون في الاستخبارات والشرطة الحشد الشعبي.

وأكد الأعرجي وفقا لبيان المستشارية، أن “الانتصار الأول على داعش انطلق من ديالى بتعاون كل الاجهزة الأمنية، واليوم لا خيار للأجهزة الأمنية الا أن تعمل بروح الفريق الواحد لإدامة الانتصار”.

حرب المنافذ

ووفق مسؤول محلي سابق في بعقوبة، ان الصراعات في ابي صيدا “وراءها تنافس على ايرادات منفذ مندلي الرابط مع ايران” على الرغم من اعلان الحكومة في تموز الماضي حملة لضبط المنافذ.

وبحسب هيئة المنافذ الحدودية، فان منفذ مندلي يحقق ايرادات سنوية بـنحو 7 مليارات دينار.

يؤكد مسؤول لـ(المدى) ان الصراع تديره في الخفاء “مليشيات تساندها احزاب سياسية” تتنافس على ايرادات المنفذ الحدودي وعمليات “تهريب المواد المختلفة ومن ضمنها المخدرات”، وتقع الناحية على احد اهم ممراته.

وكانت بغداد قد اغلقت منفذ مندلي مع ايران اكثر من مرة، آخرها كان في آب 2019، بسبب سيطرة “فاسدين وعصابات”.

في زيارته الاولى الى ديالى، اكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في تموز الماضي، أن مرحلة الفساد في المنافذ الحدودية قد انتهت، فيما أعلن تخويل الجهات المسؤولة عن حماية المنافذ صلاحيات إطلاق النار ضد “المعتدين على الحرم الكمركي”.

وقال الكاظمي من منفذ مندلي الحدودي مع إيران، إن “المرحلة الحالية هي مرحلة إعادة النظام والقانون، وهو مطلب شعبي وسياسي وحكومي”، مؤكداً أن “زمن هدر المال في المنافذ انتهى”.

وأضاف، أن “المنافذ تشهد مرحلة جديدة، تتمثل بثلاث مراحل، هي الحرم الكمركي وهو تحت حماية القوات البرية، والإصلاح الإداري، والبحث عن الاشباح الموجودين في الحرم الكمركي والذين يبتزون رجال الأعمال”.

لكن المسؤول السابق يؤكد ان “المليشيات مازالت تسيطر حتى الآن على الجزء الاكبر من المنفذ، كما انها تحتكر وسائل النقل وكراجات وقوف الشاحنات”.

المصدر