بغداد/ تميم الحسن
قطعت الصواريخ التي استهدفت محيط مطار اربيل مساء الاثنين، عشرات الكيلومترات في محافظتين لتستقر في بلدة في جنوب كركوك تضم قطعات من الجيش وفصائل مسلحة قبل اطلاقها. وتسبب 14 صاروخا سقط داخل وبمحيط قاعدة الحرير العسكرية في اربيل، بمقتل واصابة اكثـر من 15 بين عسكري ومدني، بينهم نازح، ومتعاقدين امريكان.
وأعلنت مجموعة تطلق على نفسها اسم “سرايا أولياء الدم”، الثلاثاء، مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي.
ووجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، عقب الحادث، بتشكيل لجنة تحقيق مشتركة بشأن استهداف مطار أربيل. وبعد منتصف نهار امس، اعيد افتتاح مطار اربيل بعد إغلاقه لنحو 16 ساعة بعد انتهاء عمليات حصر الخسائر جراء الهجمات الصاروخية.
ويقول مصدر امني في شمال بغداد لـ(المدى) ان “الصواريخ كانت قد نقلت بسيارات حمل كيا من سهل نينوى، شمال شرق الموصل، الى قضاء الدبس جنوبي كركوك”.
وقطعت الصواريخ، وهي صواريخ فجر ايرانية الصنع، وفق المصدر، مسافة نحو 100 كم، حيث لم يعد من الممكن اطلاقها من الموصل.
وقبل عدة اشهر، كانت اوامر حكومية قد ابعدت فصيلا مسلحا من برطلة، في سهل نينوى، عدة كيلو مترات الى الوراء، بعد اتهامات وجهت للفصيل بضرب مطار اربيل.
وبحسب المصدر القريب من القيادات الامنية في كركوك ان “الصواريخ انطلقت من مكان قريب من قضاء الدبس، جنوب غربي كركوك، حيث تتواجد فيه فصائل من الحشد والجيش”.
وقالت مجموعة “اولياء الدم” في بيان منسوب لها نشر عبر عن منصات رقمية: “تمكن رجالكم في سرايا أولياء الدم، الاثنين، من القيام بعملية نوعية ضد الاحتلال الأمريكي في شمالنا الحبيب (إقليم كردستان)؛ حيث اقتربنا من قاعدة الاحتلال (الحرير) في أربيل بمسافة 7 كيلومترات”.
وأوضح البيان أنه “تمكنا من توجيه ضربة قاصمة قوامها 24 صاروخا أصابت أهدافها بدقة بعد أن فشلت منظومة CRAM (للدفاع الصاروخي) وقذائف الاحتلال من اعتراضها”. ولم تقدم الجماعة دليلا على صحة ادعائها. و”سرايا أولياء الدم” سبق أن تبنت هجمات سابقة في بغداد وبعض المحافظات استهدفت أرتالا منسحبة من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
الحكومة تحقق
الى ذلك ذكرت خلية الاعلام الامني التابعة للحكومة، امس ان الكاظمي “وجه بتشكيل لجنة تحقيقية مشتركة مع الجهات المختصة في إقليم كردستان لمعرفة الجهة التي تقف وراء حادث سقوط عدد من الصواريخ على مطار أربيل الدولي ومقترباته مساء الاثنين”.
ووفق المصدر الامني المطلع ان الهجوم “تسبب باصابة نحو 7 مدنيين في الاحياء السكنية، مثل حي وزيران، والشوارع التجارية التي سقط عليها جزء من الصواريخ”.
واضاف: “من بين المصابين كردي سوري يعمل في اربيل، ونازح من بيجي، وكردي من سكنة دهوك يعمل في حماية احدى السفارات”.
بالمقابل أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن 14 صاروخا استهدفت قاعدة أميركية في إربيل، 4 منها أصابت مبان تابعة للقاعدة.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية إن متعاقدا أميركيا مدنيا قتل في الهجوم الصاروخي على مطار أربيل في كردستان العراق، بينما جرح ستة أميركيين آخرين، من بينهم جندي.
لكن بعد ذلك أفاد المتحدث باسم قوات التحالف المشتركة – عملية العزم الصلب الكولونيل وايني ماروتو أن “المتعاقد غير امريكي الجنسية”.
واضاف ماروتو في تغريدة على تويتر ان “9 امريكان بينهم عسكري واحد، و8 مدنيين متعاقدين جرحوا بالهجوم… 5 منهم امريكيي الجنسية”.
هل سترد واشنطن؟
ويعد الهجوم هو الاول بعد تسلم الرئيس الامريكي الجديد جو بايدن مهامه، فيما قالت مصادر سياسية مطلعة في كردستان لـ(المدى) ان “واشنطن سترد قريبا على الهجوم”.
وقال متحدث باسم البيت الأبيض، بحسب مصادر غربية، إن الرئيس بايدن أطلع على الهجوم في أربيل لكنه لم يقدم أي تعليق أو تفاصيل أخرى.
وكان دونالد ترامب، الرئيس الامريكي السابق، قد حذر إيران اواخر العام الماضي، من أي هجوم يستهدف العسكريين والدبلوماسيين الأمريكيين في العراق. وجاءت تحذيرات ترامب متزامنة مع اقتراب الذكرى السنوية الاولى لاغتيال الجنرال الايراني قاسم سليماني في غارة امريكية قرب مطار بغداد. وأضاف ترامب في رسالة كتبها في نهاية ولايته “نصيحة ودّيّة لإيران: إذا قُتل أمريكي واحد فسأحمّل إيران المسؤولية”. وقال محذرا “فكّروا في الأمر جيدا”.
وتوقع بالمقابل اقليم كردستان ان تبدأ بغداد فورا، باجراءات لمنع تكرار تلك الهجمات التي قالت بانها صادرة من مجاميع مسلحة خارجة عن “امرة الحكومة الاتحادية”.
ودعا رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، الثلاثاء، مجلس الأمن والأمم المتحدة إلى أخذ مخاطر الهجوم الصاروخي على محمل الجد.
وأضاف في بيان يجب “العمل على إنهاء التهديدات على شعب إقليم كردستان من خلال حث الحكومة العراقية على تطبيق الدستور”، مطالباً في الوقت نفسه الحكومة العراقية بتفعيل آلية التنسيق مع إقليم كردستان والبدء الفوري بالتحقيق من خلال لجنة مشتركة بين أربيل وبغداد لملاحقة المنفذين.
في انتظار بغداد
كما دعا رئيس إقليم كردستان، رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إلى أن “تباشر لجنة تحقيقية مشتركة بين كردستان وبغداد، عملها فوراً للعثور على المنفذين بأقرب وقت وإنزال العقوبات القانونية عليهم”.
وكانت لجنة سابقة قد شكلتها الحكومة عقب استهداف مطار اربيل والقاعدة الامريكية في تشرين الاول الماضي.
ويقول النائب ناصر هركي عضو اللجنة السابقة لـ(المدى)، ان “اللجنة انهت اعمالها –رافضا ذكر النتائج- لكن الاجراءات كانت ضعيفة من قبل الحكومة”. وقررت الحكومة آنذاك استبدال وعد قدو، قائد اللواء 30 (حشد الشبك) في سهل نينوى، بزين العابدين جميل خضر (توفى بعد اقل من شهر من توليه المنصب بفايروس كورونا)، على خلفية اتهامات اللواء بضرب اربيل.
وقالت مصادر لـ(المدى) بعد ذلك ان “الاجراءات تضمنت إرجاع اللواء عدة كيلومترات عن الحدود مع كردستان لضمان منع وصول الصواريخ الى اربيل”.
ويتوقع ناصر هركي، وهو عضو في لجنة الامن في البرلمان، ان تقوم الحكومة هذه المرة “بمعاقبة القوات الأمنية المسؤولة عن المنطقة التي اطلقت منها الصواريخ على اربيل”.