رحيل الشاعرة والقاصة والمترجمة (نظيرة اسماعيل كريم)

412

عبد الستار نورعلي

إّنا لله وإنّا إليهِ راجعون:

بمزيد الحزن، وشديد الأسى، وهول الصدمة، رحلتْ عنّا الشاعرة والقاصّة والمترجمة والناشطة المدنية رئيس منظمة الكورد الفيليين لحقوق الانسان (نظيرة اسماعيل كريم)، إثر مضاعفاتٍ صحية بسبب الإصابة بكورونا، وذلك صباح الأحد المصادف 25.10.2020 في السليمانية، حيث كانت تقيم. وقد فارقت الحياة في (مستشفى الشهيد آسو) في ردهة العناية المركزة بمضاعفات كوفيد 19 . نُقلت الفقيدة يوم السبت الى المستشفى إثر تدهور حالتها الصحية.

الفقيدة ابنة الشقيقة الكبرى للشاعر عبد الستار نورعلي والشاعرة فضيلة مرتضى، وشقيقة كلٍّ من أنصار المقيم في السويد، وعدنان المقيم في بريطانيا.

نظيرة اسماعيل كريم:

ولدت المغفور لها ببغداد عام 1953، واكملت دراستها الابتدائية والثانوية والاعدادية فيها. دخلت كلية الهندسة/ قسم الجيولوجيا/ جامعة بغداد عام 1970، وحصلت على البكلوريوس بدرجة امتياز بعلم المتحجرات، تعينت في نوفمبر 1974 معيدة في قسم هندسة النفط /كلية الهندسة/ جامعة بغداد. وهي تجيد اللغات الكوردية والعربية والانكليزية والفارسية.

تمّ تهجير الراحلة واسرتها الى إيران في مطلع ثمانينات القرن المنصرم في حملة تهجير ظالمة شرسة للكورد الفيليين، والتي قادها النظام السابق مع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية العبثية، التي وقفت خلف قدح شرارتها قوى الإستكبار العالمي ذات المخططات الجهنمية، وبأيدي صِغار رِقاعها.

عملت في ايران معاونةً للسفير القطري بطهران لفترة سبعة أشهر. حيث عملت في الترجمة من الأنكليزية والفارسية والعربية في السفارة ذاتها لما يقارب من عشرة أعوام، حتى عودتها الى العراق عام 2004.

ترجمت المرحومة أكثر من عشرين كتاباً في الموضوعات السياسية والإقتصادية والاجتماعية، والادبية شعراً ونثراً.

بعد عودتها إلى العراق اصبحت عضواً إدارياً في (المجلس العام للكورد الفيليين/ فرع بغداد)، وعملت مديرة لـ(مكتب المعهد العراقي للسلام) وهو فرع بغداد للمركز العالمي للمصالحة ، وعضواً في الهيئة التنفيذية واللجنة المالية في المعهد المذكور .

لم تتوقف الراحلة عن العمل والنشاط في الترجمة والكتابة شعراً وقصّاً وسرداً، فامتاز فنّها الشعري والقصصي بالتعبير والحديث عن الواقع الاجتماعي والشعبي العراقي عموماً، والكردي خصوصاً، بأسلوب سلس سهل ولغةٍ شفافة تشدّ القارئ وتثير اهتمامه لمتابعة الحديث حتى نهايته. كانت مبدعةً في شعرها باللغتين العربية والكردية. كما قامت بترجمة الشعر من الانجليزية والفارسية والكردية الى العربية وبالعكس. كما كانت باحثةً مثابرةً في شؤون الكورد الفيليين، ومدافعة نشطة عن حقوقهم. لم تتوقف الراحلة الكبيرة عن نشاطها الغزير في مختلف الحقول حتى يوم رحيلها.

منْ شعرها:

((أحبّ أنْ أحيا))

ضيفةٌ أنا في هذه الدنيا لصباحاتٍ معدوداتٍ، لا أُريدُ أنْ أعيشَها. أُحبُّ أنْ أحيا كما أُريدُ فيها برغبتي وحريتي لا بقيودٍ قاسية وافكار بالية، تُعرقل مسيرتي .

ياصديقي، قد تكون طيبأً، لكنك بتزمتك نتوءُ حجارةٍ تجرح اقدامي في الطريقِ نحو تحقيق مراميّ. أنت ، لا تعترفُ بلغةٍ للحوارتُقنعكَ، لتُقنعني أنا. وبما أنت الاقوى بيننا عَصيّاً أصبح تحقيقُ المنى. تمنّيتُ لو أنني أجدُ حمامة ً بيضاء، تُحلّقُ بعيداَ بعيدا.. لما وراء أكوان السماء أكتبُ على جناحها رسالةً الى الله عن أمنياتي وأحلامي . نعم، لله الذي أعرفه أنا، وليس الذي صنعته أنتَ لنا، اله الغضبِ والقسوة والأسى! ربي الذي أعرفه أنا منبعُ المحبة والمغفرة والرحمة هو الله الذي يرسِمُ على شفاه اليتامى والمساكين البسمةَ ويُذكّرُ اسرابَ الطيور المهاجرة كيف لا تنسى طريقها ولا مرة الذي يشير للغيوم الحبلى بالمطر

أنْ تروي الارضَ البور والشجر ربي أنا … هو الخالقُ لكلّ شيءٍ جميل مَنْ يستمعُ لنجوى القلبِ الحزين وبذكره تهدأ الروحُ وتستكين أحبك إلهي، وبك … من جورهذا الظالم أستعين.

((ومضات شعرية))

1 لا تكبتْ مشاعرَك عندما تشعرُ بالضيقِ أصْغِ لنداء الموسيقى واتركْ الروحَ في متاهات الخيالِ تجوبُ تحلمُ بما تُريدُ وإنْ كنتَ تراه محالاً، يارفيقي، دعْها تكتفي بالتحليقِ.

2 كم ناجيتك ايُّها القمر، ياجاري الجميل، وشكوتُ لك في ليالي الألم أحزاني كنتَ خيرَ مستمعٍ لشكاوى الفؤادِ وخيرَ صديقٍ يمسح أدمعي أحبّـك ياقمري، فأنت وأنا منذ سنين لبعضنا أفضل الجيران .

3 بعضُ الأحلامِ تذهبُ أدراج الرياحْ

فننساها مع اشراقة الصباحْ وبعضُها تثيرُ الأشواقَ تحرمنا النومَ ، لكنْ تثيرُ فينا مايُرضي الفؤاد ويتركُ البال طوالَ النهار

مما تمتع به في حلمه مرتاحْ

ومن ترجماتها عن الفارسية:

ياليتني كنتُ كفصل الخريف

للشاعرة الإيرانية: فروغ فروخ زاده

ترجمة: نظيرة اسماعيل كريم

ياليتني كنتُ كفصل الخريف

ياليتني كنتُ كالخريف صامتةٌ ومملَّة

تصفرٌّ أوراق آمالي ، واحدةً واحدة

ويبردُ شمسُ بصري

وبالأوجاعِ تمتليءُ سماء صدري

وفجأة، عاصفةٌ من الحزنِ تجتاحُ روحي

لتهُلَّ دموعي كالمطر وتصبغُ تنورتي

آه … كم كان جميلاُ ، لو كنتُ الخريف

وحشيةً، وعاطفيةً ومتلّونة

وشاعرٌ يقرأ في عيني … شعراً سماوياً

وجنبي قلبٌ عاشقٌ يلتهبُ

يكمن في شرار النّار المٌ خفيّ

ونغمتي انا ….

مثل نسيم تائه مكسور الجناح

ينثرعلى القلوب المجهدة عطرَ الألم

أمامي:

الوجه المُرّ لشتاء الشباب

ورائي:

ضجيجُ صيفِ عشقٍ مفاجيء

صدري:

منزلٌ للّهمِّ والألمِ والشكوك

ياليتني كنتُ كالخريف

………..

عبد الستار نورعلي

الأحد 25.10.2020

المصدر