علي الكناني، طفل بعمر تسعة أعوام، فقد حياته مبكرا عام 2007 عندما فتح عناصر شركة بلاك ووتر الامنية الخاصة الاميركية النار بدون أي سبب تجاه مدنيين في ساحة النسور ببغداد تسببوا عندها بقتل 17 شخصا .
علي، الطفل ذو التسعة اعوام، كان جالسا في المقعد الخلفي لسيارة والده، محمد الكناني، وهم في طريقهم للبيت بعد ان جلبوا معهم عمته وابن عمه، وكان يوما يبدو اعتياديا الى ان حدث اطلاق نار كثيف من كل الاتجاهات استخدمت فيه عدة اسلحة. وكونه قطع العزم على نفسه لجلب القتلة للعدالة، سافر محمد الكناني، والد الطفل الى الولايات المتحدة لمتابعة الدعاوي القضائية على منتسبي بلاك ووتر . وبعد اجراءات قانونية استمرت لعقد من السنين تخللتها محاكمات وتمييز واسقاط تهم واعادة محاكمة لاربعة اشخاص هم المتهمين الرئيسيين في ارتكاب المجزرة، تمت ادانتهم مع تلقي المخطط الرئيسي نيك سلاتن، حكما بالسجن مدى الحياة بتهمة الاقدام على القتل من الدرجة الاولى.
ولكن، الرئيس الاميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب، اصدر الثلاثاء الماضي عفوا عن المدانين الاربعة اعتبره قانونيون ومراقبون بانه انتهاك للعدالة والاعراف . الكناني، قال لموقع مدل ايست آي، وهو مصدوم بسماع خبر العفو: “ما تعلمناه في أميركا انه لا يوجد احد فوق القانون، ولكن الان نجد من هو فوق القانون. لا أعرف كيف سُمح بذلك. لا اعتقد بان أميركا بنيت على مثل هكذا مبادئ .” الكناني، الذي انتقل لولاية ميشيغان بعد المجزرة والذي يزور حاليا العائلة في العراق، قال بان قرار ترامب “لا يمكن وصفه”. وقال وهو يعبر عن حسرته “انه وضع سيئ ويدعو للاسف. ولكن لا بد وان يكون هناك سبيل. وان لم يكن ذلك ممكنا في المحاكم الدنيوية، فسيكون ذلك عند الله. الله سوف لن يدعهم .”
هشام الحسيني، احد اصدقاء الكناني في ميشيغان، قال انه تذكر صورة الطفل علي المعلقة في محل الكناني لقطع الغيار للسيارات في ديترويت عندما سمع أخبار العفو. وقال الحسيني ان “هذا العفو يظهر جانب عدم الانسانية فيما يتعلق بحياة الآخرين من الناس. دماء العراقيين الابرياء التي سُفكت في ساحة النسور لا تختلف عن دماء مدنيين ومواطنين أميركان، جميعنا بشر. قرار البيت الابيض سيمحو سلطة القانون في الولايات المتحدة ويؤثر على العلاقة بين البلدين وبالتالي نظرة العراقيين الى الولايات المتحدة .” ومضى الحسيني بقوله “نريد ان يكون هناك سلام بين كل الشعوب ولكن دونالد ترامب ارتكب خطأ مميتا. ولاجل ارضاء عدد محدود من الناس، فانه اغضب 40 مليون شخص في العراق .”
وزارة العدل الاميركية كانت جادة ومتصلبة في متابعتها للاجراءات القضائية بحق مرتكبي مجزرة ساحة النسور، رافضة الغاء القضية واسقاطها رغم الانتكاسات التي رافقت المحاولات القانونية ومحاولات التمييز الناجحة من قبل المتهمين . ويذكر ان الاعفاءات الرئاسية لا يمكن الغاؤها، وهذا يعني ان الرئيس المنتخب القادم جو بايدن، لا يمكنه اعادة مقاضاة منتسبي بلاك ووتر .
وهذه ليست المرة الاولى التي يقدم فيها ترامب على اصدار عفو عن مجرمي حرب، ففي العام الماضي اعفى ترامب جنديا أميركيا قتل محتجزا عراقيا في العام 2008، وكذلك جنديين آخرين قتلا مدنيين في افغانستان . الناشط الاميركي – العراقي، باقر محيي الدين، قال انه من المفترض ان تكون هناك تقييدات على صلاحيات الرئيس من التلاعب بقرارات واصدار احكام العفو دون خضوعها للمراجعة . وفي وقت متأخر من يوم أمس، اكدت وزارة الخارجيّة العراقيّة، في بيان، انها تابعت القرار الصادر عن رئيس الولايات المتحدة الامريكية دونالد ترامب بشأن إصدار عفوٍ عن عددٍ من المحكومين بقتلِ أربعة عشر عراقياً وجرح آخرين في عام 2007، في حادثةٍ استُنكِرت على مستوى الأوساط الدوليّة فضلاً عمّا خلّفته من استهجانٍ ورفضٍ داخليين. وترى الوزارة أنَّ هذا القرار لم يأخذ بالاعتبار خطورةِ الجريمة المرتكبة ولا ينسجم مع التزام الإدارة الأميركية المُعلن بقيم حقوق الانسان والعدالة وحكم القانون، ويتجاهل بشكل مؤسف كرامة الضحايا ومشاعر وحقوق ذويهم. واكدت وزارة الخارجيّة العراقيّة انها ستعمل على متابعة الأمر مع حكومة الولايات المتحدة الامريكيّة عبر القنوات الدبلوماسيّة لحثّها على إعادة النظر في هذا القرار.
عن: مدل إيست آي