بغداد- واع- علي جاسم السواد
تصوير: صفاء علوان
في كل بيوتات الوطن راية تهتف باسم الحسين، وفي درابين المحلات تنصب سرادق تفيض بخيرات حسينية تجود بكرم عهدته هذه الأرض منذ الأزل.
مواكب توشحت بالسواد تعتصر آلام ذلك اليوم العصيب وكأن السماء تنزف دما، في أرض الرافدين دونت حكاية الحسين لتعيد مسار الأمة إلى طريقها التي خطها نبي الأولين والآخرين، فبدماء سبط الرسول ومن معه صنعت هذه الأرض تأريخا جديدا مثلما صنعته قبل اكثر من الف عام، لم يكن استشهاده في أرض العراق صدفة أو لحظة صنعتها الظروف التاريخية في حقبة سرق فيها شراذم القوم القيم والسيرة النبوية العطرة، بل أن مسيرة الحسين جزء من حتمية القدر الإلهي الذي بارك هذه الأرض بالأنبياء والصالحين وجعلها مثوى للائمة الأطهار، قدر صنعته إرادة الله ليشرف أرض السواد بأطهر خلقه وأعظمهم شأنا.
بين تلك المواكب التي خطت عشقها الحسيني في سجل المراسيم العاشورية المقدسة جاد شباب وشيوخ بما يملكون ليرسخوا إحدى قيم الحسين الشاخصة في ضمير الزمن، شباب أثبتوا إدراكهم للثورة الحسينية العظيمة بتمسكهم بشروط السلامة والوقاية من فيروس كورونا والتي تعكس وعي هؤلاء الفتية بالالتزام بتوصيات المرجعية ووزارة الصحة.
فالثورة الحسينية ليست حكاية أو أسطورة تناقلها التاريخ، بل أنها أثبتت عبر العصور عمقها، ثورة خطت على هذه الأرض مسارا يشبه نهري دجلة والفرات، فعطاؤها لا يتجزأ عن عطاء هذين النهرين، فجميعهم يروون أرض العراق، دم الحسين لم ينتصر على السيف فقط، بل امتد ذلك النصر ليتحول إلى ضمير تغلب على التاريخ وفرض وجوده المرتبط بعدالة السماء التي وضعت أبا عبدالله في مقدمة الوجود دون منازع.
كربلاء تبكي الحسين
في ذكرى هذا اليوم الخالد في ضمير الأمة كان لوكالة الأنباء العراقية (واع) حضور في مختلف مدن الوطن لتسجل وتدون تعاطي أبناء العراق مع هذه المناسبة الثابتة في وجدان كل مسلم، وفي كربلاء المقدسة حيث مرقد سيد الشهداء قال السيد أحمد الجابري صاحب موكب لـ(واع): "هذا العام اختلفت الطقوس عن سابقاتها بسبب تفشي فيروس كورونا، الأمر الذي تطلب منا كأصحاب مواكب ومسؤولين عن سلامة المواطنين أن نضع شروط الصحة والسلامة في مقدمة عملنا"، مضيفا، "المواكب الحسينية تشبعت بثقافة وفكر الحسين لذلك تأقلمت بشكل سريع مع هذه الإجراءات الجديدة وحتى الآن الأمور تسير بشكل جيد".
وقرب مرقد أبي الفضل العباس عليه السلام يجلس شباب متشحون بالسواد وتبدو على وجهوهم ملامح الحزن، من يشاهد أماكن جلوسهم يدرك مدى التزام الزائرين بتوصيات المرجعية الخاصة بزيارة محرم الحرام، ما يميز الزائرين التزامهم بالتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات والكفوف حاملين في قلوبهم وجع الموقف الذي يزيدهم قوة لمواجهة التحديات الصحية مثلما منحهم قوة في مواجهة التحديات الأمنية قبل سنوات.
الشاب نبيل حسن قال لـ (واع) إن "أغلب الزوار التزموا بتوصيات المرجعية الخاصة بالزيارة وهو أمر ليس بالسهل في ظل وجود هذا العدد الكبير من الزائرين لكن بالرغم من ذلك كان الجميع حريصين على إجراء مراسيم الزيارة في ظل الالتزام بشروط الصحة والسلامة".
الكاظمية تحتضن الزائرين
في الكاظمية المقدسة حيث توافدت جموع الزائرين إلى مرقد الإمامين موسى بن جعفر ومحمد الجواد عليهما السلام تجولت وكالة الأنباء العراقية (واع) بين المواكب للاطلاع على التزام المواكب بشروط الصحة والسلامة، وقال أبو عباس الجابري من موكب أبي القاسم محمد: "نعزي الأمة الإسلامية باستشهاد سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام، نحن في المواكب هذا العام التزمنا بشكل كبير بتوصيات المرجعية الدينية الخاصة بشروط الوقاية من فيروس كورونا سواء بالتباعد أكثر من متر أو ارتداء الكمامات والكفوف وحتى في تطبيق الشعائر الحسينية وكذلك في توزيع وجبات العشاء التي تكون انفرادية"، مضيفا أن "أصحاب المواكب والزائرين تفاعلوا مع الظرف الحالي من خلال الالتزام بتوجيهات المرجعية ووزارة الصحة".
دموع في وادي السلام
وفي مدينة أمير المؤمنين في وادي السلام حيث تشهد المدينة توافد المواكب كانت لـ (واع) وقفة مع المسؤولين الامنيين الذين قالوا، إن "العتبة العلوية وبالتنسيق مع مؤسسة المواكب الحسينية وشعبة السلامة في العتبة وقيادة شرطة المحافظة عملت على تنظيم دخول المواكب ومتابعة الالتزام بشروط السلامة والوقاية من فيروس كورونا وهناك التزام واضح بتوصيات المرجعية من قبل الزائرين"، مشيرين إلى أن "العتبة اتخذت إجراءات عدة لتأمين الزيارة مثل استخدام البوابات الإلكترونية وفحص درجات الحرارة وتقليل التلامس بين الزائرين".
وبينوا أن "الخطة الأمنية أعدت مسبقا قبل بداية شهر محرم لتأمين المحافظة من أربعة محاور وباستنفار كامل في المدينة القديمة وتنفيذ قرارات خلية الأزمة لتأمين سلامة المواطنين وهناك التزام من قبل المواكب بشروط السلامة من فيروس كورونا".
صور بعدسة واع من كربلاء المقدسة في ليلة عاشوراء