دروسٌ من كورونا

531

عبد الله ضراب الجزائري

***

سَلُوا أهلَ المنابرِ والنَّوادي … سَلُوا أهلَ المعارفِ والمِدادِ

سلوهم عن كرونا في شعوبٍ … تدنَّتْ في الوسائلِ والمُرادِ

فأضحت كالبهائم غافلاتٍ … برغبتها تُسوَّقُ في المَزادِ

مقاصدُها المطامعُ والمَحاشي … فتُركبُ كالحميرِ وكالجيادِ

وتُحشرُ كالقطيعِ ليوم ذبحٍ … وتُهلكُ كالجنادبِ والجرادِ

ألا إنَّ المصائبَ باعثاتٌ … نفوسًا قد تمادتْ في الرُّقادِ

لقد جاءت كرونا كي تربِّي … وتهدي الغافلينَ من العبادِ

فقد تبدو الحقائقُ في المآسي … وتنهمرُ المعارفُ في الحِدادِ

فآلامُ الحياةِ تُعدُّ غَيثاً … لإحياء المشاعرِ في الفؤادِ

تَجُرُّ الجامدين على الدَّنايا … إلى دربِ الطَّهارة والرَّشادِ

فلا تخشَ المنيَّة يا مَهُوساً … بأعداد الجنائز في البلادِ

إذا متنا فانَّ الموتَ فتح ٌ… من الرّحمن في زمنِ الفسادِ

لقد عمَّ التَّكبرُ في الحنايا … تحجَّرتِ القلوبُ من العِنادِ

وأضحى الكفرُ عنوان السَّجايا … وأمواجُ الخطيئة في ازْديادِ

وأظلمتِ العقولُ فلا تراها … سوى طيشاً يُمرِّغ ُفي السَّوادِ

مشاعلُنا المنيرةُ أخمدتها … نفوسٌ خامداتٌ كالرَّمادِ

فلا دينٌ ولا خُلُقٌ يُزكِّي … ولا رُشْدٌ يقودُ إلى السَّدادِ

بل اشتدَّ الضَّلالُ فصارَ عُرْفاً … لدى أهل المدائنِ والبَوادي

أواصرنا يُمزِّقُها صراعٌ … فما أبقى ملاذا للودادِ

دماءُ الأبرياء تصبُّ صباًّ … كأمطار العواصفِ والغوادي

فأشياخُ الجهالةِ سَيَّبوها … لقد خلَطوا الجريمةَ بالجهادِ

بنو صهيون خطُّوا دربَ تَيهٍ … لجيلٍ لا يتوقُ إلى المَعادِ

لقد خسرَ المعيشة َفي غُرورٍ … ويخسرُ خاسئاً يومَ التَّنادي

زرعتَ الشَّرَّ يا جيلا تردَّى … ففز بالشَّرِّ في زمنِ الحصادِ

دعوا ذاك الوباء يؤزُّ جيلا … تهاوى في الجحودِ وفي العنادِ

دعوا الأرزاءَ تهدي من تعامى … تعلَّقَ بالمعيشة كالقرادِ

يُغيظُ الله بالعصيان جهرا … فيفجرُ في الدُّروبِ وفي النَّوادي

***

فيا شِبْلَ الهدايةِ صرتَ غَرْضاً … فترمى في الدُّنوِّ وفي البِعادِ

رسالتُكَ الهدايةُ في البرايا … ولو مُلئتْ حياتُك بالنّكادِ

لقد سادَ الظّلام فكن شهابا … ولا تركنْ إلى ظلِّ الحيادِ

وقاومْ بالبيانِ فسادَ جيلٍ … تردَّى في مهاوي الإرتدادِ

فربُّ النَّاسِ يفتحُ بالبلايا … سدودَ الحقِّ عند الإنسدادِ

ويُدني بالمصائبِ من تناءى … عن الإسلام عنوانِ الرَّشادِ

المصدر