خصائص النخب التي ستنقذ العراق
أمام سقوط الاديولوجيات الكبرى كالماركسية والراسمالية وما خلفتهما من انظمة دكتاتورية شمولية أو ديمقراطية منتقاة. عانى العالم من الاولى منذ أكثر من قرن من الزمان من انظمة الحزب الأوحد والرأي الأوحد فسام العالم منها الوان الاضطهاد والظلم والقيود الشخصية والجماعية لخدمة عصبة حزبية تسمي نفسها تقدمية أشتراكية ثورية. لقد سبق ان عانى العالم من الثانية منذ قرون من انظمة ملكية وجمهورية تتشدق بتبني نظام ديمقراطي يصرح بالحرية الشخصية وحرية انتقال رؤوس الاموال وحرية الراي الشخصي والحزبي. لكن الحقيقة أن تلك المباديء كانت على الورق ولا تخدم الا لوبيات اقتصادية فاسدة راسمالية واحزاب مافيوية.
تاه العالم اذن خلال قرون بين ظلم هذا وذاك. لا تستطيع الكثير من شعوب دول أمريكا اللاتينية وافريقيا واسيا من اختيار طريقها بحرية. فقد أصبحت تلك الدول تحت تهديد المد الثوري من روسيا والصين أو شعارات الحرية والديمقراطية من أمريكا والغرب. فقد اضحوا رهائن لهيمنة المعسكرين. اما العرب فقد جربوا منذ اكثر من قرن هاتين التجربتين فلم يحصدوا منهما غير المزيد من التخلف والفقر والفساد والذل والعبودية. ليس للمثقفين والعلماء والمخلصين اليوم من سبيل سوى التخلي عن تلك العقائد الاجنبية الشرقية والغربية التي فشلت تماما وكانت سببا لتخلفنا وانهيار منظومة دولنا. سوف يبقى العرب يدورون في حلقة مفرغة ما داموا متشبثين بتجارب مفروضة من تجربة مجتمعات بعيدة تختلف جوهريا في اساليب حياتهم في كل شئ. تلك الحلول والاساليب قد تكون صالحة لهم لكنها تبقى غريبة عن مجتمعنا من نظامين عالميين قادا العالم كما راينا إلى الخراب والدمار. فلا يمكن أن ننسى الحملات الاستعمارية المسعورة وقيام الحربين العالميتين والصراعات المسلحة والانقلابات الدموية التي حاكت خيوطها وافقار المزيد من البشر واستعباد المزيد من الشعوب لمصلحة استئثار الشركات الراسمالية على ثروات بلداننا اضافة الى القمع والارهاب الملازم لهذا الاستغلال.
ان النخب الوطنية لمنطقتنا مطالبة بان تتحرى سبل اقليمية محلية عراقية عربية لرسم خارطة طريق تضع المنطقة على سكة الطريق الصحيح ايذانا لنهوض المنطقة وتقدمها وازدهارها.
ينبغي اذن وضع مواصفات يجب أن تتوفر في اشخاص تلك المجموعة التي ستباشر التغيير وتقوده للخروج من التخلف الذي تعاني منه بلداننا. والسير قدما نحو تحقيق طموحات شعبنا وارساء ثقافة الحرية والاستقلال للخروج بالمنطقة من الظلمات إلى النور.
قد يكون العراق افضل البلدان العربية اختيارا للخطوة الاولى كنموذج للتغير المنشود. فهو يمثل مكان مصغر للتشكيلة السكانية لعموم الدول العربية. فتركيبته متعددة الأطياف والمشارب. فعلى النطاق القومي هناك العرب والاكراد والتركمان. وعلى النطاق الديني هناك المسلمين المسيحيين الصابئة الايزيديين. وعلى النطاق المذهبي هناك السنة والشيعة والعلويين.
من الممكن في ظل هذه الباقة من الأطياف اختيار نخب تتمتع بمقبولية شعبها تتمتع باوصاف اخلاقية ومبدئية راقية. كي تتمكن ان تقود العراق والعرب نحو عقد اجتماعي منفتح يقود الى التقدم والنجاح العلمي والثقافي والانساني. لعل اهم الصفات المشتركة التي يجب أن تتوفر في هؤلاء الاشخاص لقيادة الاصلاح اهمها:
الصدق والامانة والوفاء والعلم والاخلاص وحب الوطن والعدل والتسامح والتواضع والتضحية والشجاعة ومعرفة العمل للامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وتقدير اولويات مصلحة الشعب في جميع الظروف وفي كل المجالات الحياتية.
في جميع الاحوال لا يمكن أن تنجح اي تجربة دون ان تستنبط عادات وتقاليد وأسلوب عمل شعبها في الميادين الزراعية والصناعية والتجارية. وان تكون عقيدة هذه النخب الثقافية الإقتصادية والحضارية مستوحاة من تجارب شعبنا المحلية غير المستوردة تلك التي توارثتها الاجيال عبر العصور.
الدكتور نصيف الجبوري