الباحث والإعلامي الكوردي الايزيدي حسو هورمي استطاع وخلال سنوات، ولاسيما منذ غزو تنظيم داعش الإرهابي شنگال (سنجار) وسبي النساء والأطفال وقتل الشباب والرجال والشيوخ أن يعمل بوتائر عالية من أجل أهله ملبيا صرخات الضحايا.
عمل في الحقل التوثيقي والحقل الحقوقي وأوصل صوت الحرات والأطفال والضحايا لمنابر العالم،فيما يلي حوار مطول مع الباحث والحقوقي حسو هورمي
هورمي قال في حديث لـ (باسنيوز): «إبان قيام الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) عرف الإيزيديون جريمة إبادة جماعية في سنجار 2014 ،وهنا اود ان اتعرج بعجالة على تعريف تنظيم داعش الارهابي ،حيث ان اسم التظيم الكاهل هو الدولة الإسلامية في العراق والشام وتم اختصاره بجمع الأحرف الأولى من الكلمات لتصبح ( داعش).
حيث أُعلن عن قيام تنظيم “داعش” في 2013.04.09 تحت قيادة المدعو (أبي بكر البغدادي)، اثر دمج تنظيم “دولة العراق الإسلامية “، التي تقاتل في العراق مع “جبهة النصرة” السورية، التابعة لتنظيم القاعدة، ليصبح تنظيم”داعش” واحداً من أكبر الجماعات الإرهابية التي تقوم بالقتل والدمار في مناطفق نفوذها، وكذلك خارج مناطق نفوذها في قارتي أوربا وأمريكا. ينتشر هذا التنظيم في العراق وسوريا، وله فروع أخرى في جنوب اليمن وليبيا وسيناء في مصر والصومال ونيجيريا وباكستان، بالإضافة إلى وجود تنظيمات وخلايا نائمة في السعودية والاردن والكثير من البلدان الإسلامية، ولكونه تنظيماً جهادياً فإنه يضم في صفوفه عناصر من جنسيات مختلفة من العالم.
اليوم وبعد مرور ست سنوات على ارتكاب داعش جريمة الابادة الجماعية بحق الايزيديين في 2014.08.03 ، الوضع الايزيدي الراهن لا يسر صديقاً ولا يغيظ عدواً ،فهو وضع مزري ومؤلم بكل ما تحمله الكلمة من معان، حيث كانت لهذه الجريمة نتائج كارثية جسيمة مستمرة من قتل وسبي النساء، الفتيات وبيعهن في سوق النخاسة وخطف الأطفال الإيزيديين وتجنيدهم والاسلمة الاجبارية وتهجير ونزوح قسري لجميع الإيزيديين الساكنين في قضاء سنجار ونواحيها وقراها وناحية بعشيقة وبحزاني ،إلى إقليم كوردستان العراق ويبلغ عددهم نحو ( 400000 )اربعمئة ألف إنسان وسكنوا في 17 مخيماً في إقليم كوردستان ومخيم واحد في سوريا و4 مخيمات في تركيا ومخيمات مشتركة في اليونان (لسعيهم الوصول إلى أوروبا) ولايزال الاغلبية الساحقة منهم يعيشون في تلك المخيمات التي تفتقر إلى الكثير من مستلزمات الحياة».
وعن أوضاع الكورد الإيزيديين حالياً، يقول: «كيف سيكون الوضع وهناك 2745 يتيما في سنجار يحتاجون للرعاية ولايزال البحث جاري عن مصير 2877 فرد ايزيدي ( 1575 ذكور و1302 اناث ) من مجموع 6417 فرد ايزيدي اختطفهم داعش “حسب احصائيات مكتب إنقاذ المختطفات والمختطفين الإيزيديين” فضلا عن وجود (68 ) مزارًا دينيًا مقدسًا مفجرا من قبل داعش بالاضافة الى وجود الكثير من العلل الاجتماعية التي نتجت عن هذه الجريمة واصبحت قضاء سنجار منطقة منكوبة بنسبة 80% و تردي في الخدمات، تدهور في معظم المرافق الحكومية وحرمان من أبسط الحقوق بالمختصر المفيد الوضع لا يبشر بالخير على المدى القريب في ظل تأخير بسط الامن والامان وتحقيق العدالة وليس هناك تحسن كبير للوضع الحياتي والمعيشي لاسيما بعد الأداء الخجول لمؤسسات الحكومة العراقية والدور الهزيل للمنظمات الدولية في مجال الاعمار والاغاثة.
ويردف هورمي بصدد هجرة الإيزيديين إلى أوربا، بالقول: «الهجرة ليست وليدة اليوم، بل هي ظاهرة موغلة في تاريخ الأمم، وحسب علماء الاجتماع تعد الهجرة ظاهرة طبيعية تعبر عن رغبة وإرادة الناس من التنقل من مكان لآخر بهدف البحث عن حياة مستقرة وآمنة.
إن حركة الهجرة والنزوح للايزيديين زادت بعد ظهور تنظيم دولة الخلافة الاسلامية في العراق والشام عام 2014 والتي نادت بإفراغ الوطن من الاقليات الغير مسلمة وهذا الفعل سيكون له تأثيراته السلبية على واقع العراق في المستقبل لأن الكثير من العقول والكفاءات ينتمون للأقليات بالاضافة الى فقدانه الى هذا الفيسفساء الجميل.
اصبحت الهجرة نتيجة حتمية لممارسات داعش وبدأ نزيف الهجرة يمزق جسد المجتمع الايزيدي وهناك اسباب عديدة تقف وراء تزايد هذه الظاهرة ومنها الإحساس بخيبة أمل مع فقدان الثقة بالآخربعد احتلال داعش لمناطق سكناهم ،بالإضافة الى تنامي الفكر السلفي الإسلامي الراديكالي وعدم وجود برنامج حكومي للحد منه وردعه وعدم تقديم الخدمات الحياتية الكافية لقضاء سنجار ،مع غياب برنامج اممي – وطني واضح لإعادة النازحين إلى بيوتهم، فهناك عوائل كاملة تشتت بسب الهجرة وصعوبة الوصول الى اوربا والمخاطر التي تتعرض له المهاجر .
كما هو معروف بان الأقلية الإيزيدية نازحون بنسبة تصل 80% ويعيشون في مخيمات يحيط بهم فقدان الثقة بالآخر وضياع الانتماء والتشتت الفكري والتشظي في القرار وبما أن أغلبهم يعيشون في أجواء مليئة بالشك الناتج عن عدم الثقة بالآخرين، وهي حالة طبيعية تنتج عن الجينوسايد وهذا حتما يؤثر في حياتهم، وطريقة تفكيرهم و تعاملهم مع المجتمع ومن أهم التحديات التي تواجه شباب الإيزيديين هي ظاهرة الهجرة وبهذا قد وصل عدد الذين هاجروا بعد قدوم داعش إلى خارج البلد يقدر بنحو (100.000)ايزيدي واغلبهم من فئة الشباب».
وبصدد تدويل القضية الإيزيدية، يشير الباحث الكوردي الإيزيدي إلى أنه «خلال السنوات الست الماضية كان ولايزل الكثير من الحراك التدويلي للقضية الايزيدية مستمر وبفعالية على كافة المنابر الاممية والمحافل الدولية وصدرت إلى الآن مجموعة من القرارات الدولية ومنها:
أولا : انعقاد جلسة استثنائية لمجلس حقوق الإنسان 2014 وشكل لجنة لزيارة العراق لتقصي الحقائق عن جرائم داعش.
ثانيا: تقرير المفوض السامي للأمم المتحدة 2015
ثالثا: دعوة الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية لمجلس الأمن لإحالة داعش إلى المحكمة الجنائية الدولية ، بعد زار وفد من الرابطة مسرح الجريمة والمقابر الجماعية في شنكال في يناير 2016
رابعا: هناك قرارات اعتراف بالإبادة الجماعية ومنها نذكر ” مجلس الشيوخ الأمريكي ووزير الخارجية الأمريكي و مجلس العموم في البرلمان البريطاني و الجمعية الوطنية الفرنسية ، لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية السورية ، كندا ، البرلمان الاسكتلندي ، مجلس النواب الأسترالي، البرلمان الأرمني ، البرلمان البرتغالي،و قرارات متعددة من البرلمان الأوروبي .
خامسا: قرار مجلس الأمن بالأمم المتحدة المرقم 2379 في 21 سبتمبر 2017 تشكيل فريق تحقيق برئاسة مستشار خاص لدعم الجهود الرامية إلى محاسبة جماعة “داعش” على جرائمها في العراق ،من خلال جمع الادلة وتخزينها ويكون كل عمل الفريق تحت السيادة العراقية وولايته القضائية.
كما صوت مجلس الامن بتاريخ 2019.09.20 على تمديد فريق الأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش لمدة سنة جديدة حتى 21 سبتمبر 2020 واصدر قرار جديد تحت رقم 2490 وفي 2020.09.18 ، اقر مجلس الامن تمديد ولاية فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش (يونيتاد) حتى 18 سبتمبر 2021. وقد تم التمديد بناء على طلب من الحكومة العراقية بقرار مرقم “2544” .
سادسا : هناك الكثير من الجوائز الدولية منحت لنشطاء ايزيديين عن حراكهم الانساني في مجال تدويل قضيتهم ويجب القول بان اغلب القرارات الدولية تؤكد بان ماتعرض له الاقليات العراقية في سنجار وسهل نينوى ، “الإيزيديين والمسيحيين والتركمان الشيعة والشبك الشيعة والكاكائيين”.
ويوضح هورمي بصدد مطالبتهم بمحكمة دولية لمقاضاة ارهابيي داعش، قائلاً: «الواقع أن هناك أدلّة متزايدة تدلّ على الفساد وغياب الشفّافيّة والتعسّف الذي يُعاني منه نظام العدالة الجنائية في العراق وتؤكدّ التقارير الدولية بأن الحكومة قد وسعّت سيطرتها على النظام القضائي بشتى السبل والطرق وهذا ما قلل من ثقة المواطن بالمؤسسات القضائية وسهل للجناة الإفلات التام من العقاب وربما تستثني المحاكمة الرؤوس الكبيرة وفي النهاية فإن المحكمة الوطنية لن تكون ناجحة في مسألة جبر الخواطر و الضرر و التعويضات وإلزام الحكومة بتنفيذ العدالة الذي سيكرس السلام من خلال اليات معروفة دوليا وأما الحماية والوقاية من عدم تكرار جريمة الإبادة لن تجد مكانا لها في نتائج هذه المحكمة المزمع إنشاؤها ” عراقيا ” والتي قد تكون جنائية مختصة للنظر في جرائم داعش المرتكبة بحق الأقليات وخاصة الإيزيدية والشبك والمسيحية والتركمان والكائيين.
وفي ذات المنحى تقرّ ” هيومن رايتس ووتش ” بالتحديات التي يواجهها نظام العدالة العراقي بسبب حجم وعدد هذه الجرائم وخاصة ان السلطات القضائية العراقية( بغداد – اربيل ) تعتمد على محاكم مكافحة الإرهاب للإسراع في محاكمة جميع المشتبه في انتمائهم إلى داعش بتهم بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، وغالبا ما تنحصر التهم في الانتماء إلى التنظيم.
وهذا ماسيولد تداعيات كثيرة تؤثر سلبا على ترسيخ مبدأ العدالة والقضاء العراقي القاصر امام جريمة جينوسايد.
وقد اعتبر مركز جنيف الدولي للعدالة أنه وعلى العكس مما ورد في القرار رقم 2379، سيكون من المستحيل على هذه “المحكمة المستقلّة” أن تعمل بالتعاون مع المحاكم الوطنية (في العراق) وأن تُكمل التحقيقات التي تجريها السلطات العراقية. كما أشار مركز جنيف الدولي إلى أنه من المُستبعد جداً أن تكون هذه الهيئة قادرة على تعزيز أو تغيّير النظام القضائي العراقي في الوقت المناسب، بسبب الفساد القائم في النظام بأكمله.
نحن مع مساءلة ارهابيي داعش امام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ولو تعثر ذلك لاسباب قانونية فإنشاء محكمة دوليّة مختصة لمحاكمة عناصر تنظيم (داعش) هي ضرورة حقوقيّــة وأخلاقيّة، والسؤال الكبير ماهو الدافع لهذه المطالبة ؟ كما قلنا انفا بان القضاء العراقي قاصر امام جرائم داعش ، كون القانون العراقي لا ينص على مقاضاة مرتكبي الجرائم الدولية مثل تلك التي ارتكبها تنظيم داعش في العراق بل تتم محاكمتهم وفقا لاتهامات ” جنائية ” اخرى منصوص عليها في القانون الجنائي العراقي مثل القتل، والاختطاف والاغتصاب وقد تم انزال عقوبة الاعدام في حق العديد منهم، ونحن ندعو الى مايهدف اليه المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ب:
1-إنهاء وردع الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي التي قد ترتكب مستقبلا
2-وضع حد لظاهرة آلافلات من العقوبة وملاحقة المجرمين .
3-معالجة حقوق الضحايا والمساهمة في السلم والأمن.
4-ترسيخ قيم حقوق الإنسان.
حول مسألة جبر الخواطر و الضرر و التعويضات وانصاف الضحايا وإلزام الحكومة بتنفيذ العدالة الانتقالية الذي سيكرس السلام من خلال اليات معروفة دوليا وتطبيق العدالة الوقاية لمنع تكرار جريمة الإبادة بحقنا،كل هذا لن تجد مكانا لها في نتائج المحاكم الوطنية .
وعن موقف الدولة العراقية من متابعة ملف داعش والقضية الإيزيدية، يضيف «بكل أسف اقول بأن موقف الحكومة العراقية خجول تجاه تدويل القضية الإيزيدية والعراق ليس متعاونا بالشكل الإيجابي المطلوب مع الجهود الدولية والاستجابة ضعيفة ازاء اي حراك تدويلي، والمعلوم بان المجتمع الدولي لايتعامل مع حكومة اقليم كوردستان مباشرة كونه اقليم ضمن جمهورية العراق العضو في الامم المتحدة، للعراق مخاوفه من تحريك ملف جينوسايد الأقليات العراقية في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أو إحدى المحاكم الدولية المختصة بمثل هذه الجرائم.
اما لماذا العراق لايستجيب للمبادرات والقرارات الدولية ؟
أولا: حسب المــادة (27 ) من نظام روما الأساس ” عدم الاعتداد بالصفة الرسمية حسب الفقرتين ( 1 ، 2) ”
1-يطبق هذا النظام الأساسي على جميع الأشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية، وبوجه خاص فإن الصفة الرسمية للشخص،سواء كان رئيسًا لدولة أو حكومة أو عضوًا في حكومة أو برلمان أو ممثلاً منتخبًا أو موظفًا حكوميًا،لا تعفيه بأي حال من الأحوال من المسؤولية الجنائية بموجب هذا النظام الأساسي، كما أنها لا تشكل في حد ذاتها،سببًا لتخفيف العقوبة.
2-لا تحول الحصانات أو القواعد الإجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص سواء كانت في إطار القانون الوطني أو الدولي،دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا الشخص.
إذًا لاحصانة لأي شخص،فعدم الاعتداد بالصفة الرسمية للأشخاص بشكل لا تدع مجالاً للشك فيما يتعلق بالمساواة بين الافراد العاديين والرؤساء أمام المحكمة، الأمر الذي يساهم في الوصول إلى جميع مرتكبي الجريمة والاقتصاص منهم .
لقد تحاشي النظام السابق التوقيعَ على اتفاقية روما بشان المحكمة الجنائية الدولية، خشية تعرضه للمساءلة في قضايا تجاوزات حقوق الإنسان وفي عام 2005 بادر العراق للانضمام إلى المحكمة الجنائية، وانسحابه المباغت بعد عشرة أيام، ومن قبل الدكتور إياد علاوي وبهذا فالعراق ليس طرفا في المحكمة المحكمة الجنائية الدولية والعراق اشترط باصدار القرار الاممي المرقم 2379 في 21 سبتمبر 2017 بان يكون كل عمل الفريق تحت السيادة العراقية وولايته القضائية وبهذا الصدد اصدرت وزارة الخارجية، في شهر اب 2018 ، بيانا بخصوص مهمة فريق التحقيق الدولي في جرائم “داعش” الذي بدأ اعماله في العراق.، وجاء فيها ان “وزارة الخارجية تؤكد دعمها لمهمة الفريق الدولي برئاسة كريم خان رئيس فريق التحقيق الدولي المعني بجمع وتخزين وحفظ الأدلة التي تجرّم عصابات داعش الإرهابية، تمهيدا لتقديمها للمحاكم الوطنية العراقية ومحاكمة جناة داعش لتحقيق العدالة وفق القوانين العراقية .
في المقابل قامت حكومة اقليم كوردستان إنشاء اللجنة العليا للتعريف بـالإبادة الجماعية للكورد الإيزيديين والمكونات الدينية والقومية الأخرى وتدويلها، وذلك بتاريخ 17 .08. 2014 وتتبعه هيئة التحقيق وجمع الادلة والمعالجة ، بجانب قيام رئيس الوزراء السابق، والرئيس الحالي لإقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني بإنشاء مكتب خاص لإنقاذ المختطفين الإيزيديين في دهوك بتاريخ نوفمبر 2014 والذي أضحى مصدرا للمعلومات الدقيقة عن إحصائيات ضحايا داعش، وهي موثقة، ولذا أصبحت معتمدة من قبل الأمم المتحدة ، وهذه المؤسسات وثقت ودونت وأرشفت الجزء الاكبر من جرائم داعش من خلال افادات شهود عيان وشهادات الناجيات وقصص الضحايا.
وعن توثيق الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحق الإيزيديين يقول: «جمع وتدوين وتوثيق أدلة الجرائم التي حصلت في سنجار وسهل نينوى، والتي تمثل انتهاكات جسيمة وخطيرة وفق القانون الدولي من أهم الاسس الرئيسة الضرورية لإكمال الملف القانوني للجريمة، فالسعي إلى توثيق الجرائم البشعة التي يندى لها جبين البشرية مثل عمليات القتل والاختطاف وسبي النساء وبيعهن في سوق النخاسة، مع رصد هذه الانتهاكات والتي لازالت ترتكب طالما أن الجريمة مستمرة والضحايا والمجرمون والشهود موجودون وآثار الجريمة ماثلة ولا تحتاج إلا لمن يتصدى لها بتوثيقها بشكل مهني بحت مستندا على الآليات القانونية و المقاسات المعمول بها دوليا، ومعتمداً بذلك على الحقائق مع توثيق طريقة الحصول على المعلومة، حيث أن مصدر المعلومة هو جزء أساسي من المعلومة ذاتها .
قد انجزت المنظمات والمؤسسات الكثير في هذا المجال على الصعيدين الوطني والدولي ونشرت الكثير من التقارير وصدرت العديد من الكتب بهذا الخصوص وباللغات المختلفة لكتاب واكاديميين إيزيديين وغير إيزيديين مع كتب عن تجارب لسبايا إيزيديات ،كتب كشهادات حية لناجيات من اسواق النخاسة والاسترقاق.
ويضيف «يعتبر توثيق قصص المحررات من براثن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وتدوين شهادات الناجيات من وقائع الاسترقاق والاغتصاب الجماعي الممنهج والعنف الجنسي من الأمور الهامة للغاية لاعتبارات عديدة من بينها المساعدة في تحليل الأبعاد الاجتماعية والثقافية والسياسية لتلك الجرائم وتوثيقها وحفظها من الضياع واعتماد هذه القصص كإفادات وشهادات ضمن اجراءات تطبيق العدالة في حال توافرت فيها عناصر أساسية مثل الوضوح، الدقة، التسلسل والتكامل، مع ضرورة اشتمالها على كافة التفاصيل حول الجريمة من تبيان جغرافية مسرح الجرائم وانواعها واسماء القرى والمدن و اسماء المجرمين الدواعش وجنسياتهم والتواريخ والارقام والاعداد ….الخ من الاستدلالات التي تساعد في إعداد ملف قانوني كامل عن القضية يدفع به الى العدالة.
في ظل تفضيل كثير من النساء المغتصبات والمُعنفات العراقيات الصمت خوفًا من أي تداعيات سلبية انية او مستقبلية لهن و لعائلاتهن وآثرن التستر والتواطؤ على أنفسهن، وذلك على النقيض من أغلب الناجيات الإيزيديات اللاتي يخضن معركة مفتوحة ومستمرة ضد تنظيم داعش ونجحن في مواجهة الحقيقة والقفز على جدار الخوف والإستكانة والسكوت درءًا للفضيحة الإجتماعية كما يقال.
بالرغم من ان المجتمع العراقي يغلب عليه الطابع المُحافظ الذي يعرقل حركة النساء في كسر القيود الإجتماعية تحت يافطة ثقافة “العيب” و”العار” الا ان الناجية الإيزيدية أبلت بلاءاً حسناً من خلال إنفتاحها على المنصات الإعلامية ووقفت بكل إقدام وروت قصتها ومعاناتها تحت سطوة الإرهاب الداعشي وتحدثت بكل جرأة عن الجرائم الكبيرة التي ارتكبت بحقها وطالبت بالعدالة ودافعت عن حقها أمام الرأي العام بكل صدقٍ وشجاعة، هذه الشجاعة التي ورثتها من تأريخ معاناة الإيزيديين والتي استمدتها مع حليب الأم الشنكالية الطاهرة.
نعم لقد تكلمت الناجيات الإيزيديات المعنفات بكلِّ قوة وإصرار في المنابر المحلية والمنصات الدولية عن جرائم إرهابيي دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام، وناشدن العالم الحر والمجتمع الدولي في إنصاف ضحايا الإبادة الجماعية وتحقيق السلام ونبذ العنف. وهذا الحراك الدولي والمحلي للناجيات وعلى اكثر من صعيد، قد ساهم بصورة كبيرة في تعرية تنظيم داعش الارهابي وفضحه وإبراز القضية الايزيدية الى المنابر العالمية والمحافل الدولية واللاتي بدأن بمزق حاجز الخجل الاجتماعي والسكوت الذي لا يمكن ان يجدي نفعاً امام ذلك الكم الهائل من الجرائم من العنف الجنسي والاسترقاق والعبودية والاتجار بالبشر والاسلمة الاجبارية والانتهاكات الجسدية والاعتداءات النفسية التي اقترفها عناصر تنظيم داعش بحق المختطفين والمختطفات الإيزيديات .
كما شارك هذا الجهد في تقليل الولاء الاعلامي الاعمي للبعض تجاه داعش من جهة وايضا بيان الصورة الحقيقية لداعش وفضح جرائمه الدولية التي تنتهك كل الاعراف والقوانين الانسانية من جهة ثانيا واصبح مادة خامة وموثقة وتحسب كشهادات حية تؤخذ بها في مراحل تنفيذ العدالة بحق الجناة من جهة ثالثة ،ولدينا الكثير من الأمثلة الحية على نساء ناشطات ناجيات إيزيديات تحولنَّ من مُعنفات ومُغتصبات الى داعيات سلام ومحبة وإشتُهرنَّ على المستوى العالمي ، وما نيل الناجية نادية مراد جائزة نوبل للسلام لعام 2018 لهو خير دليل على ما وصلنا إليه.
وعن المختطفين والمختطفات من الإيزيديين، يقول الباحث الكوردي الإيزيدي: «لحد الان تم انقاذ وتحرير 3540 فرد ايزيدي ” رجال ونساء واطفال ” من براثن ارهابيي التنظيم ولكن وبالرغم من زوال داعش عسكريا الا ان مصير 2877 شخص ايزيدي ” 1575 ذكور ، 1302 اناث ” لايزل مجهولا ولايعرف عنهم اي شيء».
ويضيف «تأسست مؤسستنا كمنظمة غير حكومية وسجلت رسميا في مملكة هولندا ، باسم المؤسسة الايزيدية في هولندا ، تحت رقم : 58103376 بتاريخ 10 حزيران 2013 وتعتبر منظمة مجتمع مدني ، محايدة ، مستقلة . و صوتت في الامم المتحدة ب نيويورك على منح المؤسسة المركز الاستشاري الخاص في يوم 23 تموز /يوليو 2019 و وافقت لجنة المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة بمدينة نيويورك في اجتماعها يوم 2020.02.07 على تحويل المؤسسة الإيزيدية إلى مؤسسة دولية خاصة بالإبادة الجماعية وكيفية الوقاية منها، تحت اسم ( المؤسسة الإيزيدية الدولية لمناهضة الإبادة الجماعية ).
الامم المتحدة منحتنا هذه الثقة اثر عمل دؤوب ومستمر ونزيه ،في مجال رصد وتدوين انتهاكات حقوق الاقليات والمرأة والطفل في العراق وسوريا ومشاركتنا المستمرة في فعاليات الامم المتحدة فضلا عن تزويد جميع هياكل و لجان الامم المتحدة بتقارير ميدانية موثوقة بها بهدف المساهمة في فضح وانتهاكات الدواعش وتقديمهم للعدالة والسعي لجبر الخواطر وانصاف الضحايا ونحن مستمرون بقوة العمل بآليات التوثيق والتدويل بهدف الوصول الى إجراءات العدالة الانتقالية والوقائية لإقرار ماجرى على يد تنظيم داعش للإيزيدية والأقليات الأخرى في العراق وسوريا بأنها جريمة جينوسايد.
طبعا هذه أول مرة يصبح للإيزيدية مؤسسة دولية خاصة بالإبادة الجماعية، ولديها مقعد في الامم المتحدة، ولديها ممثلون دائمون في هيكليات الأمم المتحدة في كلٍّ من «نيويورك وجنيف وفيينا» وفي البرلمان الاوروبي في بروكسل،للمؤسسة مجموعة من الشركاء والخبراء القانونيين والأكاديميين المختصين في علم الجينوسايد والمستشارين الطوعيين من جنسيات مختلفة موجودون في كل من بغداد وأربيل ونيودلهي وبروكسل وامستردام وموسكو وباريس وكوبنهاكن وايريفان وواشنطن …الخ.
ويختم هورمي حديثه لـ (باسنيوز) قائلاً: «انا مستمر بالكتابة ضمن سلسلة كتب “داعش والإبادة الجماعية للإيزيديين” وقد طبع منها لحد الان سبع كتب 1- الفرمان الأخير 2- الطفولة المفقودة 3- عن جحيم الدولة الإسلامية 4-داعش وتجنيد الأطفال الايزيديين 5- الطفولة المفقودة الطبعة الثانية 6- عَنْ داعِش أُحَدِّثُكُمْ ! 7- من اجل الحياة ” 312 يوما من الاسترقاق والعنف الجنسي في قبضة داعش “( ترجم الى الانكليزية) والكتاب الثامن جاهز للطبع بعنوان “نساء في مواجهة داعش”.
طبعت ونشرت هذه الإصدارات في بلجيكا وكندا والمانيا ولبنان والعراق وإقليم كوردستان.
واما اخر مشروع توثيقي كتابي ضمن السلسة اعلاه فهو قيد الانجاز بعنوان ” المرأة الايزيدية والابادة الجماعية».
–
حسو هورمي، تولد 3 مارس 1968 متزوج، يعيش في هولندا منذ عام 2000 .
كاتب وإعلامي وناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإيزيديين والأقليات، رئيس المؤسسة الإيزيدية الدولية لمناهضة الجينوسايد والتي تحمل المركز الاستشاري في الأمم المتحدة، مثل قضايا العراق والإيزيديين في اجتماعات مجلس الشيوخ والبرلمان الهولندي، ومجلس الشيوخ البلجيكي، والبرلمان الأوروبي ومجلس حقوق الإنسان، الأمم المتحدة في جنيف، فيينا، كما كان مساهمًا في مؤتمرات عالمية عديدة تخصُّ الدفاع عن حقوق الأقليات والإبادة الجماعية في المحافل الدولية والإقليمية والوطنية.
من مؤلفاته: صقر بهدينان، ملحمة درويش عبدي، الموت عند الإيزيدية في مئة سؤال وجواب، محاضرات في الشأن الإيزيدي، المادة 40 من الدستور العراقي والمناطق الأخرى المتنازع عليها “كتاب مشترك باللغة الهولندية” لمحات من حياة الأمير تحسين سعيد بك )ترجم الى الكوردية والانكليزية) مسار مناضل، وسلسلة كتب “داعش والإبادة الجماعية للإيزيديين” 1- الفرمان الأخير 2- الطفولة المفقودة 3- عن جحيم الدولة الإسلامية 4-داعش وتجنيد الأطفال الايزيديين 5- الطفولة المفقودة الطبعة الثانية 6- عَنْ داعِش أُحَدِّثُكُمْ ! 7- من اجل الحياة ” 312 يوما من الاسترقاق والعنف الجنسي في قبضة داعش “( ترجم الى الانكليزية) 8 – نساء في مواجهة داعش ” قيد الطبع “.
طبعت ونشرت هذه الإصدارات في بلجيكا وكندا والمانيا ولبنان والعراق وإقليم كوردستان.