عدوية الهلالي
الخوف هو أسوأ عدو للحرية، هكذا يفهم اغلب الناس عملية الخضوع لكل ما يقيد حريتهم، بدءا من الحظر المنزلي الذي استمر لأشهر مع بداية انتشار فيروس كورونا وحتى ارتداء القناع الذي يقف حائلا أمام استنشاق الهواء النقي، من الواضح ان هنالك عدة اسباب تجعل هذا السيناريو لاينتهي تماما الا بعد فترة طويلة، واذا استمر الوباء بالانتشار، فسيكون ذلك بسبب قلة الوعي واهمال ارتداء القناع، حتى لو ان ظهوره الأول كان بسبب وجود الفيروس في البيئة والظروف المناخية والاكتظاظ وسوء تهوية المباني، فضلا عن عمر الانسان وظروفه الصحية ودفاعاته المناعية.
ولمضاعفة الخوف وابقاء الناس في حالة من الذعر، تعمل وسائل الاعلام على الاعلان عن حدوث موجة ثانية او ثالثة من الوباء بشكل مخيف ومطالبة الناس باتخاذ اجراءات وقائية لحماية أنفسهم، ولكن وبدلا من الذعر بشأن موجة ثانية، لا بد من أن يتساءل الناس عن سبب حدوثها، فاذا لم يصاب المرء بها، فذلك ببساطة لأن صحته لا تعتمد على الآخرين، بل عليه وحده، فلا شيء على الاطلاق يمنعه من البقاء في المنزل وعدم الخروج، الا لأسباب اضطرارية وارتداء القناع في الأماكن المغلقة، ولاشيء يمنع المرء بالطبع من الابتعاد عن الآخرين وعدم التحدث اليهم او لمسهم اذا ماكان حذرا في تعامله مع الآخرين، لأن لا شيء يجبر المرء أيضا على التخلي عن حريته الا عناده واصراره على مخالفة الضوابط الصحية.
لا بدّ اذن أن نحارب الخوف من خلال مواجهته ، ومن خلال ادراك ان المسؤول الوحيد عن الشخص هو الشخص نفسه، ولايجب أن نلوم الآخرين على استلاب حريتنا، فنحن من يتحكم بها ونحن من يمكننا ان نلقنها لأولادنا كدروس تتوافق مع الواقع الجديد، فالحرية الجديدة لا بد وان تكون مشروطة بالحذر والتصرف بحكمة لحماية النفس وحماية الآخرين، لأن استغلالها برعونة واسراف قد يوقعنا ضحايا للفيروس وبالتالي نخضع لقيوده التي لم تنفعنا معاملتها بالتحدي، واذا اردنا أن نتحدى خوفنا، فالحل ليس في ممارسة حرية عشوائية، بل في تنظيم حياتنا وفق المعايير الاجتماعية والصحية الجديدة.