بغداد/ تميم الحسن
يشاهد سكان حي في غربي بغداد، ملامح التغيير التي طرأت بشكل سريع على حياة ابو عبد الله، الجار الخمسيني الذي كان قبل سنوات قليلة يوصّل النفط الى المنازل في الشتاء من محطات الوقود، قبل ان يمتلك سيارة دفع رباعي يتجاوز سعرها الـ50 الف دولار.
الانتقالة بحياة الرجل بدأت بعد فترة قصيرة من تغيير النظام السابق، حين ترك مجموعة من العرب منازلهم في بغداد دون رجعة. ابو عبد الله بالتنسيق مع بعض الفصائل المسلحة، قام بالسطو على البيوت وتقطيعها وبيعها بمئات الملايين.
يحاول ابو عبد الله اظهار ساعته الذهبية من اسفل اكمام الدشداشة الحرير، وهو يُري مجموعة من رجال المنطقة مقطع فيديو في الموبايل، انتشر اول امس، عن ضرب ضابط عسكري امرأة في الجادرية، اثناء حملة إزالة تجاوز على الاراضي.
وقد شاهد الآلاف من العراقيين المقطع خلال دقائق، وتعاطفت غالبية المعلقين على الفيديو مع المرأة، قبل ان يصل بعد ذلك امين بغداد منهل الحبوبي ليقدم اعتذارا للعائلة.
ويقول ابو عبد الله، لضيوفه الذين يتجمعون امام داره التابعة لامرأة فلسطينية غادرت العراق بعد 2003: “الحكومة متخاف الله.. اين يذهب الفقير”؟!، في اشارة الى رفضه ما قامت به الدورية العسكرية التي حاولت اخلاء المكان بالقوة.
وفي مساء الاثنين، قرر رئيس الوزراء فتح تحقيق بالحادث، وزار سياسيون في صباح اليوم التالي الموقع.
ويقول مسؤول في بغداد لـ(المدى) ان “صور قادة سياسيين ورموز في الحشد الشعبي معلقة على جدران البيوت في الجادرية التي حاولت القوة اخلاءها”.
ولا يعرف المسؤول فيما لو كانت للجهات السياسية مصلحة في اسكان هذه العوائل، او ان الاخيرة تستخدم هذه الصور لإخافة اي جهة امنية تحاول انتزاع البيوت.
ووفق محمد الربيعي عضو سابق في مجلس محافظة بغداد ومن سكنة الكرادة، هناك 11 الى 15 بيتا في المنطقة المتجاوزة، مؤكدا لـ(المدى) ان “الارض مملوكة لشخص يعيش خارج العراق وكسب قرارا قضائيا باستعادتها”.
وعلى طريقة ابو عبد الله، قام شخص بعد مغادرة صاحب الارض (مساحتها 5 آلاف متر) العراق بعد 2003، بالسيطرة عليها وبيعها لعدد من السكان. يعتبر ملف التجاوزات، احد الاسباب التي اسقطت في النهاية حكومة عادل عبد المهدي، حيث كانت احد محركات الاحتجاجات، إذ اطلقت الحكومة السابقة حملة كبيرة لازالة التجاوزات بنصيحة من خلية المتابعة في مجلس الوزراء- الغاها الكاظمي بعد ذلك. ويقول محمد الربيعي: “في بغداد 2 مليون متجاوز ضمن تجمعات تتراوح عدد الوحدات السكنية فيها من 11 الى 2200 وحدة”. وغالبا ما تتراجع الحكومة امام ضغط الانتخابات والحراك الشعبي على حملات رفع التجاوزات، مثلما قرر البرلمان العام الماضي انهاء حملة عبد المهدي السابقة، وقبل ايام طلب امين بغداد ايقاف حملات مماثلة.
ويقول صادق عنيد، عضو لجنة الخدمات في مجلس محافظة بغداد (المنحل) لـ(المدى): “كنا دائما لا نشجع على مثل تلك الحملات، بسبب الوضع الاقتصادي وانتشار البطالة”.
ويسأل احد ضيوف ابو عبد الله في محاولة لإحراج الاخير: “أيمكن ان تأتي الشرطة لإخلاء بيتك؟”، فيجيب: “يمعود هو من يقرأ ومنو يكتب”!.