جماعات غاضبة من نتائج زيارة واشنطن تواجه الكاظمي في البصرة
يحاول ناشطون في بغداد ومدن الجنوب كسر دعوات حمل السلاح التي تبنتها بعض الساحات، عقب موجة الاغتيالات الاخيرة التي طالت شخصيات بارزة في الاحتجاجات. بالمقابل اعلنت السلطات انها تقترب من كشف منفذي تلك الجرائم التي جرت في البصرة، فيما شنت القوات الامنية حملة اعتقالات في المدينة وصادرت اسلحة.
وبدأت جماعات شيعية مسلحة في العراق، بتصعيد المواقف في المدينة مع زيارة الكاظمي الى واشنطن، وسفرته المرتقبة الى الاردن والسعودية.
وصارت تلك الجماعات تحذر من “فتنة” و”فوضى” في البصرة، وتحرض ضد ناشطين، تصفهم بـ”اتباع السفارات”، في اشارة الى الولايات المتحدة.
وتورطت هذه “المليشيات”- بحسب وصف ناشطين- بعمليات تصفية لمتظاهرين في البصرة ومدن اخرى، خلال الاحتجاجات في العامين الاخيرين التي شهدت “احتكاكات” مع فصائل مسلحة. وتُتهم تلك “المليشيات” بتنفيذ 13 حادث اغتيال في البصرة في العامين الماضيين ضد اطراف مرتبطة بالحركة الاحتجاجية، اسفرت عن مقتل 8 ناشطين وصحفيين، آخرها الناشطة رهام يعقوب. ويطالب متظاهرون منذ 10 اشهر، بالكشف عن هوية قتلة المحتجين، ومحاكمة نحو 80 ضابطا ومسؤولا، دانتهم الحكومة السابقة في تشرين الاول الماضي، باستخدام العنف ضد المتظاهرين. ويجد ناشطون، ان الفصائل المسلحة واحزاب تتدخل في كشف تلك الحقائق ولن تتوقف عن القتل، لذا على المتظاهرين حمل السلاح.
وذكر هشام داوود، مستشار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، نهاية تموز الماضي، بان الاخير قرر تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشأن التظاهرات، والتي راح ضحيتها أكثر من “500 شهيد”.
البقاء على السلمية
الناشط مهند البغدادي، يقول لـ(المدى): “هناك دعوات مضادة لحملات رفع السلاح، ولن نتورط في العنف”.
مساء الاحد، انطلقت مسيرة في ساحة التحرير، حمل فيها متظاهرون شعارات
“بسلميتنا ننتصر” و”نحن ضد السلاح المنفلت”. وكان اسعد الناصري، الصدري المنشق، والقيادي البارز في الاحتجاجات، قد دعا الى حمل “السلاح” و”التدرب” على استخدامه.
وقال الناصري في تغريدة على “تويتر” على خلفية تصاعد عمليات الاغتيال ضد ناشطين: “الخطوة الأولى هي حمل السلاح والتدرب عليه بشكل جيد من قبل الجميع”. واضاف الناصري: “اتخاذ كافة التدابير في أي تحرك بما يفوِّت الفرصة على أهل الغدر والقتلة. وأن تكون هناك لجان أمنية ومعلوماتية تعمل على تأمين سلامة الثوار والناشطين”.
وتماهى عدد من الناشطين مع تلك الدعوات خصوصا في الناصرية، فيما استخدم محتجون “جرافات” لتدهيم عدد من مقار الاحزاب هناك.
امس، هددت قبائل في المثنى بـ”الرد” على اي جهات تقوم باستهداف المتظاهرين، عقب موجة الاغتيالات الاخيرة.
وقال شيخ قبيلة الظوالم ناجح آل غثيث، مع جفات الحساني (قبيلة الحساني) ومجموعة مسلحة من ابناء عشيرتهم، بانهم “لن يتهاونوا بالرد على اي تهديد يتعرض له الثوار”.
وطرح آل غثيث في مقطع فيديو في داخل مضيف العشيرة دعوات الى مساندة “القوات العسكرية للحفاظ على الامن”.
وقتل ناشطان اثنان خلال اسبوع في البصرة، فيما نجا 4 آخرون من استهداف بالرصاص من قبل جهات مسلحة مجهولة. واكد وزير الداخلية عثمان الغانمي، امس، متابعته مع القيادات الأمنية في البصرة العمليات الاستباقية لملاحقة المطلوبين للقضاء.
وقال الغانمي للوكالة الرسمية، “نتابع بشكل متواصل مع القيادات الأمنية في محافظة البصرة آخر المستجدات والأوضاع الأمنية والعمليات الاستباقية لملاحقة المطلوبين للقضاء وكل من تلطخت يده بالدم العراقي”. واضاف الغانمي ان “الأمن مسؤولية الجميع وأمن البصرة يتحقق بتظافر جهود أهلها والقوات الأمنية”. وكان الغانمي قبل عاد الى البصرة بعد يومين من مغادرتها، ضمن وفد قاده رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي فور عودته من واشنطن.
وضمن الوفد الى جانب وزير الداخلية، وزير الدفاع، ورئيس هيئة الحشد الشعبي، ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب، ورئيس جهاز الأمن الوطني، ومستشار الأمن الوطني، ورئيس أركان الجيش ونائب قيادة العمليات المشتركة، فضلًا عن وكلاء وزارتي الداخلية والدفاع.
واعلن الناطق العسكري باسم الحكومة يحيى رسول امس، عن التوصل إلى خيوط مهمة تتعلق بالجناة الذين نفذوا عمليات الاغتيالات الأخيرة بحق الناشطين في البصرة.
وقال رسول في تصريحات صحفية “سيتم الوصول للجناة وإحالتهم إلى القضاء”، لافتا إلى أن البصرة ليست بحاجة إلى عملية أمنية وإنما لعملية استخباراتية دقيقة.
واكد المتحدث باسم القائد العام إلى أن هناك قرارات ستصدر قريبًا تتعلق “بتغييرات في المناصب الأمنية” بالبصرة. وكان الكاظمي، قال في زيارته الاخيرة الى البصرة، ان “لا مكان للخائفين” داخل الاجهزة الامنية، في تصريح فهم منه اجراء تغييرات امنية.
واستبدل رئيس الوزراء مؤخرا، كل الطاقم الامني في البصرة الذي عمل في زمن الحكومتين السابقين، آخره قائد الشرطة رشيد فليح، المتهم باستخدام العنف ضد المتظاهرين.
وتعرض 13 صحفيا وناشطا الى عمليات اغتيال في البصرة منذ صيف 2018، فيما تتهم جماعات مسلحة بالوقوف وراء تلك الهجمات.
المواجهة في الجنوب
وخلال الاسبوع الماضي، بدأت منصات اعلامية مقربة من فصائل تستهدف القوات الاميركية في العراق، بشن حملات تحريض ضد ناشطين في البصرة.
ونشرت تلك المنصات، اخبار عن شباب في البصرة ادعت بانهم “عملاء” لامريكا واسرائيل، ووصف ما يجري في البصرة بانه “فتنة”. وتزامنت تلك الاحداث مع وجود الكاظمي في واشنطن، في زيارة اغضبت عددا من القوى الشيعية والفصائل. ويقول مسؤول سابق في البصرة لـ(المدى) ان “التصعيد ضد الحكومة مستمر مع انباء زيارة الكاظمي الى الاردن في قمة مشتركة مع مصر والاردن، ثم السعودية”.
وشن السياسي والنائب السابق عزت الشابندر، المعارض للاحتجاجات، هجمات ضد الكاظمي عقب زيارة الاخير لواشنطن. وقال الشابندر في سلسة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، انه “اذا كان عهد عادل عبد المهدي هو آخر عهود الشيعة… اخشى ان يكون عهد الكاظمي الاخير قبل الفوضى”. وكان الشابندر قد ذكر اثناء تصاعد الاوضاع في البصرة، بانه توقع ”حدوث (الفتنة) التي قد بانت معالمها وقد لا يسلم من نيرانها أحد”.
ودعا المرشح السابق لرئاسة الحكومة في منشور سابق، الى “اجتماع وطني طارئ على مستوى القيادات المسؤولة للخروج بقرارٍ توافقي تأريخي”.
ويتوقع المسؤول السابق في البصرة الذي طلب عدم نشر اسمه، ان “تتصاعد الاحداث في البصرة بسبب الصراع السياسي”.
وكان رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، قد خسر حلمه بالولاية الثانية، بعد انشقاق حلفائه على اثر تظاهرات البصرة في صيف 2018.
ويؤكد المسؤول السابق ان “معارضي الكاظمي قرروا مواجهة الاخير في البصرة”.