تتزايد حالات العنف الاسري في العراق بشكل مخيف، حتى اصبحت السلطات يوميا تسجل حالة جديدة او اكثر.
مطالبات عدة خرجت بضرورة تشريع قوانين تقلل من العنف الاسري وتعطي ملاذا آمنا للنساء اللاتي سجلت الحالات الاكبر ضدهن.
الناشطة غادة غزوان عن تحالف المدافعات عن حقوق الانسان في العراق تقول في حديثها لـ(المدى) ان منظمات المجتمع المدني وجهات حكومية وثقت التزايد الكبير والمتصاعد لقضايا العنف الاسري خصوصا في فتره انتشار جائحة كورونا، وذلك ضمن سلسلة من استبيانات واحصاءات.
وبينت انه صدر تقرير عن وزارة الداخلية اشارت فيه الى تلقي ٥٣١١ شكوى متعلقة بالعنف الاسري خلال الشهور المنصرمة، وسجلت دائرة تمكين المرأة في الامانة العامة لمجلس الوزراء وبمشاركة صندوق الامم المتحده للسكان حوادث العنف المنزلي اغلبها مبني على النوع الاجتماعي والمستهدف فيها النساء والاطفال.
وبينت غزوان ان هذا العنف اصبح ممنهجا وموجها غالبا ضد الفئات الهشة في المجتمع (النساء والاطفال) وبانماط واشكال مختلفة ومتنوعة حتى وصلت الى القتل بسبب تداعيات الحظر المنزلي وتدهور الوضع الاقتصادي وقد عجت وسائل التواصل الاجتماعي بالفيديوهات والصور المروعة المؤكدة للازدياد المفرط لحالات العنف الاسري بشكل لم يشهد له مثيل من قبل.
وتشير غزوان الى انه من خلال الندوات والموتمرات والنقاشات المطولة من المنظمات والناشطات النسويات والمدافعات عن حقوق المرأة وبالتواصل مع الجهات المعنية الحكومية والتشريعية وضعت عدة حلول اهمها واولها هو الاسراع بتشريع قانون مناهضة العنف الاسري واجراءات تنفيذية سريعة منها تفعيل خطوط ساخنة على مدار الساعة من قبل الشرطة المجتمعية وضمان الاستجابة.
ومن اهم النقاط هو انشاء مراكز آمنة لضحايا العنف الاسري في جميع المحافظات وتقديم الدعم النفسي للضحايا والمشورة واعادة التأهيل و تسهيل اجراءات التقاضي ومساءلة الجناة في احداث العنف الاسري.
وخلال الايام المنصرمة نشرت حالات عديدة عن العنف الاسري منها قتل احد الاشخاص لزوجته واطفاله، وحرق آخر لعائلته باكملها، فيما لم يغب الرجل عن مشهد التعنيف حيث صورت احدى النساء حبيبها عاريا كي يتزوجها.
الحالات العديدة والمتكررة جراء العنف الاسري كشفت عن ضرورة ملحة لتشريع القوانين الخاصة بهذا الامر.
ويقول القانوني حيان الخياط في حديثه لـ(المدى) انه “لا يوجد في التشريعات العراقية مصطلح العنف الاسري الا ان منع مصاديق هذا العنف موجودة في تشريعات عدة وعلى رأسها دستور جمهورية العراق وهو اعلى نص تشريعي والذي نص في المادة (٢٩/رابعاً) على منع كل اشكال العنف والتعسف في الاسرة والمدرسة والمجتمع”.
وبين ان الامر ينطبق كذلك مع قانون العقوبات العراقي الذي جرم الايذاء والسب والقذف، وقد جاءت النصوص المتعلقة بهذه الجرائم عامة وتنطبق على جميع الافراد في المجتمع وبالتالي فانها تنطبق على افراد الاسرة في حال وقوع ايذاء او سب او قذف من قبل بعضهم ضد بعضهم الاخر. وقد شدد المشرع العقوبة في حال وقع الايذاء من قبل الفروع ضد الاصول اي ان يقوم الولد بضرب ابيه/امه او جده/جدته.
وبين انه يوجد قانون رعاية الاحداث رقم (76) لسنة 1983 الذي يسعى في احد اهدافه الى تحديد مسؤولية الولي عن اخلاله بواجباته تجاه الصغير او الحدث في حالة تعرضه للجنوح.
وكذلك قانون رعاية القاصرين رقم (٧٨) لسنة ١٩٨٠ الذي يقوم على اسس متعددة من بينها تمكين دائرة رعاية القاصرين وتشكيلاتها من الرقابة والاشراف على من يتولى رعاية شؤون القاصر والقيام مقامه عند عدم وجوده بما يحقق مصلحة القاصر.
ويؤكد انه في وقتنا الحالي لا يوجد سوى مشروع قانون مناهضة العنف الاسري والذي طرح قبل فترة وجيزة، وهو قانون تنظيمي اكثر من كونه قانونا عقابيا.
الناشطة المجتمعية هيام علي ترى في حديثها لـ(ا المدى) ان العنف الأسري ليس ظاهرة جديدة او مفاجئة او طارئة على المجتمع العراقي بل هي جزء من ثقافته و سلوكه وطريقته في التربية والتنشئة للاسف وهذا ما اكدت عليه اليونسيف في تقريرها عندما ذكرت أن ٨٠% من اطفال ونساء وشباب العراق يتعرضون لعقاب تأديبي عنيف، جسدي ولفظي، اي ان الجميع يمارس العنف بشكل او بآخر.
وبينت ان أسباب ازدياد حالات العنف خلال فترة الحظر المنزلي بسبب كوفيد19 هو توفر فرصة اكبر للتواجد داخل المنزل وضغط نفسي مضاعف ازاء الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية بعد انتشار الفايروس والعامل الأضعف الذي يتعرض للعنف بالطبع هو المرأة والطفل داخل مجتمع متأزم من نواح عديدة.
الحلول لا يمكن أن تكون سريعة فهي تحتاج الى تظافر الجهود المجتمعية والسياسية والى ايمان حقيقي بأهمية ايقاف حالات العنف الأسري وهذا يتطلب:
اولا: تشريع قانون العنف الاسري والعمل على تطبيقه بجدية.
ثانياً: عمل منظمات المجتمع المدني والفرق التطوعية على اقامة دورات ومؤتمرات وندوات تسلط الضوء على هذه القضية.
ثالثاً: يجب أن يكون للاعلام دور أساسي من خلال برامج اجتماعية تبث الوعي بخصوص قضية العنف الأسري للعوائل العراقية.
رابعاً: المناهج الدراسية يجب أن تركز على موضوع حقوق الانسان والوعي الجندري وقضايا الاسلام والتنوع..الخ. لبناء أجيال أكثر ايماناً بحقوق الانسان.