للمرة الثانية تعكر غارات تركية اجواء اعادة السكان الى سنجار، على الرغم من بطء حركة العودة. وتحمل اطراف في شمالي العراق، انقرة وحزب العمال الكردستاني “pkk” المعارض لتركيا، مسؤولية ما يجري في تلك المناطق.
ويرجح ان القصف الاخير تسبب بمقتل وجرح 7 اشخاص بينهم مسلحون ومدنيون، في هجومين متزامنين شمالي القضاء.
وجاء الهجوم بعد يومين من اعلان الـ”بي كي كي “، عن استهدافه موقعًا عسكريًا للجيش التركي قريب من مدينة دهوك.
ووفق بيانات لجهات مقربة من حزب العمال، ان قوات الاخير استخدمت “جسما مفخخا طائرا”، في قتل عدد من الجنود الاتراك في منطقة سير بقضاء العمادية، في محافظة دهوك.
وتشنّ تركيا منذ منتصف حزيران الماضي، هجمات جوية ومدفعية مكثفة داخل أراضي العراق، في اطار عمليتي “مخلب النسر” و”مخلب النمر”، وتقول إنها تستهدف من خلالها حزب العمال.
ويقول مصدر امني في الموصل لـ(المدى) ان “احد الهجمات الاخيرة على سنجار ادت الى اعطاب عجلة تابعة لقوات (اليبشة) في منطقة خانصور شمالي القضاء”.
و”اليبشة” بحسب مصادر إيزيدية في سنجار، هي مجموعة تابعة لقوات الـ”بي كي كي”، انضمت مؤخرا الى الحشد الشعبي.
ويرجح المصدر في الموصل، ان عجلة الـ”اليبشة” كان بداخلها “4 اشخاص”، متوقعا ان اغلبهم قد قتل في الحادث.
واعلنت خلية الإعلام الأمني، مقتل واصابة عدد من الاشخاص بعضهم مدنيون، باحد الهجومين، فيما لم توضح تفاصيل دقيقة عن الهجوم الآخر .
وقالت الخلية في بيان: خرقت طائرات مسيرة تركية الأجواء العراقية واستهدفت مساء الثلاثاء في تمام الساعة السابعة، عجلة نوع بيك آب دبل قمارة في قرية (بهرافا) التابعة لمجمع خانصور في ناحية الشمال بقضاء سنجار، مما ادى الى استشهاد مدنيين اثنين فيما نجا سائقهم”.
وأضافت أنه “في الوقت ذاته تم استهداف موقع في قرية (بارة) التابعة لمجمع خانصور، فيما لم تعرف أعداد الضحايا جراء هذا الاستهداف، حيث هرعت سيارات الاسعاف الى موقع الحادث لاخلاء الشهداء والجرحى”، مؤكدة انها ستعطي تفاصيل اخرى لاحقًا.
والحادثين الاخيرين، هما الهجوم الثالث من نوعه على سنجار منذ اعلان تركيا قبل شهرين، تنفيذ عمليات عسكرية داخل العراق، لملاحقة حزب العمال الكردستاني، بحسب زعم الاخيرة.
منع عودة الإيزيديين
يقول داود جندي، وهو قيادي ايزيدي وعضو سابق في مجلس محافظة نينوى عن سنجار لـ(المدى) ان “تركيا تريد ان تخيف السكان، وتمنع عودة النازحين”.
ويعود يوميا الى سنجار، بحسب جندي، من 100 الى 150 نازحا، وهي اعداد قليلة مقارنة بنحو 350 الف نازح غادورا القضاء بعد سيطرة داعش في آب 2014.
وكانت نحو 20 طائرة من طراز “F-16” تركية، قصفت، منتصف حزيران الماضي، بـ23 صاروخا مخيمات للنازحين في سنجار، فيما كانت اول قوافل النازحين تعود الى المدينة.
ودعت حكومتا بغداد وكردستان، منتصف آب الحالي، كل من انقرة وحزب العمال الكردستاني، الى الخروج من الاراضي العراقية.
وقتلت تركيا في غارة قبل اسبوعين، ضابطين رفيعين في حرس الحدود، اثناء قيامها بالإشراف على وضع ربايا على الشريط الحدودي المشترك مع تركيا.
وعلى اثر تلك الحوادث، اعلن العراق إلغاء زيارات مسؤولي تركيا وإغلاق المنافذ الحدودية والمطارات أمام المواطنين الأتراك، ردا على انتهاك أنقرة لسيادة البلاد والاعتداء عليها.
وقالت الخارجية العراقية في وقت سابق: “تعاملنا بالمثل مع تركيا ردا على انتهاكها للسيادة العراقية، من خلال إيقاف منح سمات الدخول في المنافذ والمطارات الحدودية العراقية وإلغاء جميع الزيارات للمسؤولين الأتراك إلى العراق”.
وفي العامين الماضيين تضاعفت القواعد العسكرية التركية على الشريط الحدودي وفي داخل العراق 3 مرات، فيما وصلت قوات انقرة على مشارف المدن الكبرى في كردستان.
دعوات للحوار
ودعت واشنطن، امس، العراق وتركيا إلى التفاوض لحل الخلافات بشأن تواجد عناصر من حزب العمال الكردستاني شمالي العراق.
وأقام حزب العمال بُنية تحتية لمقاتليه في جبل قنديل داخل كردستان. ومع أنه ليس هناك إحصاء دقيق لعدد مقاتلي الحزب في الجبل فإن التقديرات تشير إلى أن عددهم لا يتعدى الأربعة آلاف مقاتل.
مؤخرًا، قال نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون العراق ديفيد كوبلي: “نود أن تعمل تركيا والعراق معا لحل المخاوف بشأن وجود حزب العمال الكردستاني في شمالي العراق. من المهم احترام السيادة العراقية، لكن من المهم أيضا الاعتراف بالمصالح الأمنية الخاصة لتركيا”.
ولمحت قيادة العمليات المشتركة العراقية، في وقت سابق، أن القوات الأمنية لديها القدرات العسكرية للدفاع عن أمن البلد من أي اعتداءات خارجية.
وأضاف كوبلي في إحاطة إعلامية، أن “أفضل طريقة لحل كل هذه المشاكل هي أن يعمل الجانبان معا. وآمل أن نتمكن من لعب دور ما في تعزيز هذا الموقف بحيث يؤدي إلى الاستقرار ويلبي مصالح الجانبين”.
وكانت تركيا قد هددت اكثر من مرة باقتحام سنجار، ردا على تواجد قوات حزب العمال الكردستاني، لكن داود جندي القيادي الإيزيدي في المدينة، نفى امكانية حدوث ذلك.
واضاف جندي: “سنجار بعيدة عن ان تتمكن قوات برية تركية من اقتحامها، والسكان قرروا تحدي انقرة ومخططات منع عودتهم”.
ويلجأ بعض النازحين العائدين الى سنجار، الى السكن مع عوائلهم في خيام، إذ كثير من المنازل ما زالت مدمرة.
كما يقول جندي انه “لم يستلم اي احد في سنجار حتى الان منحة المليون و500 الف”، التي قالت وزارة الهجرة انها خصصتها للنازحين العائدين.