بغداد طلبت من واشنطن معاقبة الجماعات المسلحة خارج حدودها وزارت طهران بعد يوم من القصف

179

بغداد/ تميم الحسن

تحاول بغداد مسك العصا من الوسط في قضية الصراع الأمريكي ـــــــ الايراني، بعدما نجحت في اقناع واشنطن بـ”معاقبة” ما يعرف بـ”جماعات الكاتيوشا” خارج الحدود. ووصل فؤاد حسين، وزير الخارجية، امس، الى العاصمة الايرانية طهران في زيارة بعد يوم من قصف الولايات المتحدة منشآت تابعة لفصائل عراقية قرب الحدود السورية.

وبحسب مصادر سياسية، فان “قصف البو كمال” كان قد تمت مناقشته في الاتصال الذي جرى في الاسبوع الماضي بين رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي والرئيس الامريكي جو بايدن.

ووفق تلك المصادر التي تحدثت لـ(المدى) ان “الكاظمي طلب عدم اثارة المشاكل في العراق، وابعاد بغداد عن أي ضربة توجه لتلك الجماعات”، حيث تستعد الحكومة لاجراء انتخابات مبكرة في تشرين الاول المقبل.

وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد قالت اول امس، ان قصف “الميليشيات” في سوريا، جاء عن طريق معلومات عراقية، قبل ان تتراجع عن ذلك التصريح.

وصرح جون كيربي، المتحدث باسم البنتاغون، بأن الولايات المتحدة لم تستخدم المعلومات التي قدمها العراق، عند تحديد أهداف لضرباتها الجوية ضد الفصائل الموالية لإيران في شرقي سوريا الخميس.

وكتب كيربي عبر (تويتر) مساء الجمعة: “كانت الحكومة العراقية تحقق في هوية الجهات التي أطلقت صواريخ على أراضيها في الأيام والأسابيع الأخيرة. لكننا لم نستخدم المعلومات العراقية لتحديد أهداف لهجماتنا تلك الليلة”.

جاء ذلك بعدما أعلنت وزارة الدفاع العراقية أن العراق لم يقدم معلومات استخباراتية إلى التحالف الدولي قبل الضربات الجوية الأمريكية على سوريا.

وأعربت الوزارة في بيان، عن استغرابها من تصريحات وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن المتعلقة بحصول تبادل للمعلومات الاستخباراتية مع العراق سبق استهداف مواقع داخل سوريا.

وكان أوستن قد قال إن “واشنطن شجعت العراقيين على التحقيق وتزويدها بالمعلومات الاسخباراتية، وإن ذلك كان مفيدا جدا في تحديد الهدف”.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي، الجمعة الماضية، إن المعلومات الاستخبارية تتعلق بالبيانات التي تستعملها تلك الفصائل، مضيفا أن البنتاغون يراجع نتائج الغارة، وأن الصورة ستتضح.

وأشار كيربي، في مقابلة مع وسائل اعلام غربية، إلى أن الغارة “استهدفت فصائل مسلحة شيعية يُعتقد أنها متورطة في الهجمات الأخيرة التي استهدفت الأميركيين وشركاءهم في العراق”.

وأوضح أن الغارة “صُممت للرد تحديدا على تلك الهجمات ولحماية الأميركيين وشركائهم ومصالحهم في المنطقة”، مؤكدا أنه “لا أحد يريد التصعيد أو تدهور الوضع الأمني في المنطقة، وأن واشنطن تصرفت بطريقة مناسبة”.

الكتائب تتهم دولاً خليجية

وفي اول رد فعل لها، أعلنت كتائب حزب الله، أن القصف الأميركي الذي طال مواقعها وقع في منطقة القائم أي داخل الأراضي العراقية في الأنبار، وأدى إلى مقتل أحد عناصرها ضِمن لواء 46 عمليات الجزيرة والبادية بالحشد الشعبي، فيما اتهمت السعودية والإمارات بتمويل تلك العمليات.

ونعت كتائب حزب الله في بيان، مقتل راهي سلام زايد الشريفي الذي قُتل في الهجوم “ومَضى مُرابطاً فِي الحدودِ العراقيّة السوريّة حمايةً لأرضِ العراق وَشعبِهِ من عِصاباتِ داعش الإجراميّة، ضِمن لواء 46 عمليات الجزيرة والبادية/حشد شعبي في منطقةِ القائمِ العِراقيّة تحديداً”.

ومضت بالقول: “ما يَزالُ العدوُ الأميركي مُتماديا بِجرمِه قاتِلاً لِحماةِ الوَطنِ وَشُرفاءَ البلادِ، غَيرَ مُرتدعٍ عَن إراقةِ دِماءِ الأبرياءِ ما دامَتْ أجورُ القتلِ تأتيهِ مِنْ السُعوديّة والإمارات”.

وأكد البنتاغون الجمعة الماضية، أن الرئيس الأميركي جو بايدن أذن بالضربات “رداً على الهجمات الصاروخية في العراق والتهديدات المستمرة لأفراد القوات الأميركية والتحالف هناك”.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الغارات أسفرت عن مقتل 22 عنصراً وإصابة آخرين، معظمهم من كتائب حزب الله العراقي والتي كانت تتمركز في المواقع المستهدفة إلى جانب كتائب سيد الشهداء وهي منضوية في هيئة الحشد الشعبي.

وفي غضون ذلك طالب رئيس تحالف الفتح هادي العامري، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالتحقيق في الرواية الأميركية التي تدعي ان تعاوناً قد تم بين الحكومة العراقية وبين وزارة الدفاع الأميركية لتحقيق هذه الضربة ضد الحشد الشعبي.

وقال العامري في بيان السبت، “نطالب رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة بالتحقيق في الضربة الأميركية التي وقعت الليلة الماضية في الحدود العراقية السورية”.

واضاف العامري ان المعلومات المتوفرة لديه تؤكد أن “ذلك استهداف لقوات الحشد الشعبي المتمركزة في الحدود العراقية ـــــ السورية وليس كما تدّعي وزارة الدفاع الأميركية بأنه استهداف لفصائل المقاومة الإسلامية العراقية في الأراضي السورية”.

وزير الخارجية إلى طهران

وكانت الضربة الاميركية في شرقي سوريا قد أثارت غضب عدد من الفصائل المسلحة، خصوصا بعد تصريحات وزير الخارجية فؤاد حسين، الذي وصل الى طهران بعد يوم من الحادث.

وتوقعت مصادر سياسية ان زيارة حسين هي “استمرار لنهج بغداد في ابعاد أي مشاكل قد تعكر صفو الاستعدادات لاجراء الانتخابات”، وابعاد العراق عن “الصراع الأميركي ــ الايراني”.

واعلن المُتحدّث باسم وزارة الخارجيّة العراقية، أحمد الصحّاف، وصول وزير الخارجيّة فؤاد حسين والوفد المُرافق له إلى العاصمة الإيرانية طهران.

ووصل وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إلى طهران صباح السبت، للقاء المسؤولين الايرانيين.

كما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الايراني، سعيد خطيب زاده، السبت، أن وزير الخارجية العراقي التقى في طهران بوزير الخارجية ومسؤولين سياسيين وأمنيين آخرين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وهذه هي الزيارة الثانية لوزير الخارجية العراقي إلى طهران خلال شهر شباط الجاري.

وكانت النجباء، وهي احد فصائل الحشد الشعبي، قد نصحت وزير الخارجية بان “يتأدب”، عقب تصريحاته التي نفى فيها وجود مقاومة في العراق.

وقال رئيس المجلس السياسي لحركة النجباء، علي الأسدي، في تغريدة على تويتر: “نعم أنت لا تفهم ما المقاومة، لأنك نطقتها ذات يوم وقلت نحن لسنا جزءاً من العراق، حتى تشعر بأهمية الدفاع عن كرامته وتقدر الدماء التي سالت من أجله” في إشارة إلى استفتاء استقلال إقليم كردستان الذي أجري في 25 أيلول 2017.

ومضى بالقول: “من لم يتعلم أبجديات السياسة وسياقاتها وهو على رأس دبلوماسية الدولة علمناه وأفهمناه لياقاتها، حتى يقف إجلالاً ويتأدب حينما يتكلم عن المقاومة” على حد تعبيره. وكان فؤاد حسين قال في مقابلة تلفزيونية مع قناة محلية إنه “لا يوجد مقاومة في العراق، من يقاوم يقاوم الحكومة العراقية، هم إرهابيون وليسوا مقاومة، مقاومة ضد من؟ من تحارب؟ ومن تقاوم؟ هذه دولة ديمقراطية، ويُمكن الذهاب إلى البرلمان والتحدث هنالك”.

بدوره اكد مثنى امين، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان لـ(المدى) ان “الزيارات التي يقوم بها وزير الخارجية الى دول اقليمة او دولية دائما تتعلق بعضها باحداث مستجدة”.

واضاف امين :”لابد ان تكون الحوادث الامنية والسياسية على رأس اولويات زيارة وزير الخارجية فؤاد حسين الى طهران”.

المصدر