بايدن يستعد لتحدي الاغلبية في مجلس الشيوخ ويعتزم اشراك بعض الجمهوريين في حكومته
الرئيس المنتخب يتجاهل الاشارة الى إيران وروحاني يدعوه لتعويض واشنطن عن أخطائها
طهران – واشنطن- مرسي ابو طوق
يستعد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن خوض معركة سياسية كبيرة جديدة بحلول كانون الثاني/يناير لاستعادة الغالبية في مجلس الشيوخ، وذلك يعتمد على قدرته على تنفيذ إصلاحات طموحة.
ومن المقرر أن تحسم معركة الغالبية في مجلس الشيوخ في 5 كانون الثاني/يناير في انتخابات فرعية مزدوجة في ولاية جورجيا. فيما يستعد بايدن الرجوع عن قرارات اساسية لسلفة ترامب منها العودة لمنظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ وقيادة خلية عظيمة لمكافحة الجائحة. لكن لا توجد اي اشارة نحو ايران فيما صرح الرئيس الإيراني حسن روحاني الأحد أن فوز الديموقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية يشكل «فرصة» لواشنطن للتعويض عن «أخطاء» عهد دونالد ترامب الذي اعتمد سياسة ضغوط وعقوبات اقتصادية قاسية حيال الجمهورية الإسلامية.
وقال روحاني في بيان نشر على الموقع الالكتروني للرئاسة الإيرانية إن «سياسة الإدارة الأميركية المؤذية والخاطئة في الأعوام الثلاثة الماضية لم تكن مدانة من قبل الناس في كل أنحاء العالم فحسب، بل أيضا لقيت معارضة من سكان هذا البلد (الولايات المتحدة) في الانتخابات الأخيرة».
وأضاف «الآن ثمة فرصة للإدارة الأميركية المقبلة للتعويض عن أخطائها السابقة والعودة الى مسار احترام الالتزامات الدولية». واتبع ترامب الذي تولى الحكم مطلع العام 2017، سياسة «ضغوط قصوى» حيال إيران، لا سيما منذ قراره الانسحاب بشكل أحادي من الاتفاق حول برنامجها النووي في 2018، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية عليها. وقامت طهران بعد نحو عام من الانسحاب الأميركي، بالتراجع عن تنفيذ بعض الالتزامات الواردة في الاتفاق الذي تم التوصل إليه في فيينا عام 2015، بين إيران من جهة، وكل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا من جهة أخرى. وخلال حملته الانتخابية، أعرب بايدن الذي كان نائبا للرئيس باراك أوباما لدى إبرام الاتفاق النووي، عن نيته خوض «مسار موثوق به للعودة الى الدبلوماسية» مع إيران في حال فوزه، وإمكان العودة للاتفاق المعروف رسميا باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة». وشدد روحاني في البيان الصادر الأحد على هامش اجتماع للجنة التنسيق الاقتصادية المحلية، على أن الشعب الإيراني «بفضل مقاومته البطولية للحرب الاقتصادية المفروضة (عليه)، أظهر أن سياسة الضغوط القصوى الأميركية محكومة بالفشل».
من جهته، كتب وزير الخارجية محمد جواد ظريف عبر حسابه على «تويتر» أن «العالم يراقب الآن ما إذا كان القادة الجدد سيتخلون عن الأسلوب المدمر وغير القانوني والبلطجي للنظام الراحل ويختارون التعددية والتعاون واحترام القانون أم لا». وشدد على أن «العمل هو المهم أكثر من كل شيء آخر». ما زال هناك مقعدان لم يحسما بعد الأمر الذي قد يقلب الغالبية إلى المعسكر الديموقراطي في مجلس الشيوخ. ولا يمكن اقرار أي قانون بدون مجلس الشيوخ الذي يتمتع أيضا بسلطة الموافقة على التعيينات الرئاسية: الوزراء والسفراء والقضاة، خصوصا في المحكمة العليا.
وقال زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر السبت بعد فوز جو بايدن «والآن نربح جورجيا ونغير العالم!».بعد الاحتفال بفوزه على دونالد ترامب، يباشر جو بايدن الأحد استعداداته لانتقاله إلى البيت الأبيض مع تحديد أولويتين: مكافحة الوباء وإعادة توحيد أميركا المنقسمة. وقد أشاد قادة من كل أنحاء العالم بانتخاب هذا المرشح الديموقراطي مقدمين تناقضا صارخا مع صمت المعسكر الجمهوري الذي، مثل الرئيس المنتهية ولايته، يرفض الاعتراف بالهزيمة. واذ ادعى حصول «تزوير» انتخابي بدون تقديم أدلة، وعد دونالد ترامب بزيادة الإجراءات القانونية التي سيتخذها. لكن فرص نجاحه ضئيلة، والديموقراطيون الذين فجّروا فرحهم في المدن الكبرى، لا يبالون.
ومن دون توجيه أي كلمة إلى خصمه، احتفل بايدن «بفوزه المقنع» ومد في الوقت نفسه يده إلى ناخبي الرئيس الجمهوري مؤكدا أنه يتفهم «خيبة الأمل» وذلك في خطاب حماسي في معقله بولاية ديلاوير أمام حشد كبير تجمع في سيارات في جو احتفالي.
وأعلن النائب السابق للرئيس الأسبق باراك أوباما تشكيل خلية أزمة خاصة بفيروس كورونا المستجدّ الذي اودى حتى الآن بأكثر من 237 ألف شخص في الولايات المتحدة.
وهذه الخلية ستضمّ علماء وخبراء وستكون مكلفة وضع «خطّة تدخل حيّز التنفيذ اعتبارا من 20 كانون الثاني/يناير 2021»، يوم تنصيبه.
وتم الإعلان في وقت سابق عن تدابير عدة لمكافحة الوباء أبرزها إجراء حملة فحوص وطنية وجعل الكمامة إلزامية في المباني الفدرالية ومجانية اللقاح المستقبلي. ويعتزم جو بايدن أيضا إلغاء انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية.
كما يعتزم الرئيس المنتخب إعادة الولايات المتحدة إلى اتفاق باريس للمناخ وإلغاء المرسوم المتعلق بالهجرة الذي يحظر دخول مواطني دول عدة ذات أغلبية مسلمة إلى الأراضي الأميركية.
وستدخل كامالا هاريس التي اختارها لمنصب نائبة الرئيس التاريخ بصفتها أول امرأة تشغل هذا المنصب. وقد أكدت السناتورة السوداء عن كاليفورنيا السبت أنها «لن تكون الأخيرة». واشادت بـ»أجيال النساء» من جميع الأصول، التي «مهدت الطريق» لها.
مرددا خطابه الموحد، من المقرر أن تضم حكومته ممثلين للجناح اليساري للحزب والوسطيين وربما بعض الجمهوريين.
ومع ذلك، فإن الغالبية في مجلس الشيوخ والتي ستحدد في اقتراع محموم في جورجيا في كانون الثاني/يناير، قد تؤثر على خياراته. فإذا احتفظ الجمهوريون بالغالبية في مجلس الشيوخ، قد يرفض زعيمهم ميتش ماكونيل ترشيح شخصيات لا تروق له كثيرا.
وسيؤثر موقف دونالد ترامب في الأيام المقبلة أيضا على هوامش عمل جو بايدن حتى قبل 20 كانون الثاني/يناير. فمن أجل الوصول إلى معلومات من الوكالات الفدرالية، يحتاج الامر إلى قرار إداري يفعل عملية الانتقال.
وقد يتأخر ذلك بسبب رفض الجمهوري الاعتراف بهزيمته، وهي خطوة صعبة جدا بالنسبة إلى رجل الأعمال السابق الذي جعل «النجاح» جوهر خطابه.
وفي دليل على أنه ليس مستعدا بعد للإقرار بهزيمته، كرر ترامب صباح الأحد على تويتر مزاعم «الانتخابات المسروقة» قبل توجهه لممارسة لعبة الغولف.
هنأ العديد من قادة دول العالم جو بايدن بانتخابه رئيسا للولايات المتحدة، لطي صفحة دونالد ترامب، ودعوه إلى العمل المشترك لمواجهة التحديات العالمية.
حتى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وصف بايدن بأنه «صديق عظيم لإسرائيل»، وتوجه بالشكر إلى دونالد ترامب على رفع العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة إلى «ذروات لا مثيل لها».
وفي الولايات المتحدة، مع استثناءات نادرة، لم يتخذ المعسكر الجمهوري هذه الخطوة بعد. وقال السناتور ليندسي غراهام لشبكة «فوكس نيوز» الاحد مخاطبا ترامب «لا تتنازل عن أي شيء سيدي الرئيس، حارب».
والتزم معظم اعضاء الكونغرس المنتخبين الصمت المطلق لمدة 24 ساعة. وسيكون تعاونهم أساسيا لتجنب شلل المؤسسات.
لكن التحديات هائلة من محاربة وباء كوفيد-19 وخطة مساعدات اقتصادية واسعة والمناخ والهجرة والعلاقات الدبلوماسية…
واحتفظ الديموقراطيون بالغالبية في مجلس النواب.
وقال جون بيتني أستاذ العلوم السياسية في جامعة «كليرمونت ماكينا» في كاليفورنيا إنه في ظل الكونغرس المنقسم، «سيتعين على بايدن مواجهة الواقع، هناك حدود لما يمكن أن يحصل عليه».
والمعركة في جورجيا ستكون محتدمة. اذ لم يكتمل فرز الأصوات في معركة الثلاثاء ولا يتقدم جو بايدن إلا بفارق بسيط.
لم تصوت هذه الولاية لمرشح ديموقراطي للبيت الأبيض منذ العام 1992 لكن تحت تأثير تغير آراء الناخبين والجهود غير المسبوقة لحشد الناخبين من الأقليات، بدأ الديموقراطيون يحلمون بالفوز بهذين المقعدين. كما أنهم يعتمدون على الحماسة الناتجة من انتصار جو بايدن.