الفجوة بين القوى الشيعية والكردية تتسع مع اقتراب التصويت على قانون الموازنة

182

بغداد/ محمد صباح

رفضت القوى الشيعية مقترحا تقدم به الوفد الكردي ينص على ارجاء النقاش النفطي والمضي بالتصويت على قانون موازنة 2021.

بالمقابل تتحدث اطراف سياسية عن ان فقرة تسوية الحسابات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان من عام 2014 وحتى 2020 لم تحسم وان القوى الشيعية تريد تركها للتصويت داخل قبة البرلمان وهو امر يرفضه الكرد.

مقترح الكردي

وعبرت القوى الشيعية أثناء مفاوضاتها مع الوفد الكردي الذي وصل بغداد في الساعات القليلة الماضية عن رفضها لسياسة كسر الارادات في قضية تمرير مشروع قانون الموازنة، استنادا للنائب محمد البلداوي عن كتلة الفتح البرلمانية. لكن البلداوي استدرك “لكن هذا مرهون بالتزام كردستان بالحوارات والنقاشات الجارية مع الحكومة الاتحادية”.

ويضيف البلداوي وهو نائب عن كتلة الفتح البرلمانية لـ(المدى) أن “وفد إقليم كردستان اقترح إرجاء مناقشة كل الأمور المتعلقة بتصدير النفط وغيرها بعد التصويت على قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021”.

ورفضت القوى الشيعية هذا المقترح كما اشترطت للموافقة على تمرير الموازنة بمبدأ التوافق السياسي قيام اربيل بإعلام الحكومة الاتحادية ووزارة المالية وديوان الرقابة المالية بعدد موظفي الإقليم وتوطين رواتبهم، وفقا للبلداوي، الذي اكد ان “من ضمن الشروط التي قدمت للوفد الكردي هو أن تتولى شركة سومو الوطنية عملية بيع وتصدير نفط إقليم كردستان”.

وفي مقابلة متلفزة أكد وزير النفط إحسان عبد الجبار وجود حل قريب للمسائل العالقة مع إقليم كردستان “إذا توفرت الثقة بين الجانبين”، مبينا أن “هناك لجانا عالية المستوى من إقليم كردستان تزور بغداد للنقاش مع اصحاب القرار السياسي والفني والاقتصادي في مجال الموازنة، وهنالك تقدم في العلاقات”.

وأضاف الوزير أن “المعلومات كانت شبه محجوبة عن الحكومة المركزية سابقاً أما حالياً تم تبادل المعلومات والبيانات بين ديوان الرقابة المالية الاتحادي وديوان الرقابة المالية في إقليم كردستان، ونحن في وزارة النفط استلمنا عدداً من البيانات وتم الاتفاق على صيغة في الموازنة بأن يستلم المركز قيمة 250 ألف برميل من النفط الخام بسعر شركة سومو أي التنافس العالي، وهنالك صيغ أخرى للنقاش وأعتقد أن الموضوع متجه نحو الحل”.

وأعلن مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح، الخميس الماضي، في تصريحات صحفية عن أن تغييرات ستجريها وزارة المالية على مسودة مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2021 قبل عرض التعديلات على مجلس الوزراء للمصادقة عليها ورفعها إلى مجلس النواب.

الموازنة في هيئة الرئاسة

من جهته، يبين يونادم كنا، رئيس كتلة الرافدين البرلمانية في تصريح لـ(المدى) أن “اللجنة المالية النيابية انتهت من صياغة وتعديل مسودة مشروع قانون الموازنة الاتحادية وسلمتها إلى هيئة الرئاسة لتحديد موعد جلسة التصويت”.

خفضت التعديلات التي أجرتها اللجنة المالية “حجم الموازنة إلى 129 تريليون دينار، والعجز المالي إلى حوالي 28 تريليون دينار، مع احتساب سعر بيع برميل النفط بـ45 دولارا، إذ سيتم تسديد العجز المتوقع في الموازنة عن طريق الاقتراض الداخلي”. ويبين كنا أن “هناك فقرة في الموازنة تنص على تسوية الحسابات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان من عام 2014 وحتى 2020 لم تحسم وبقت معلقة بسبب الخلافات بين الكتل والأطراف السياسية على كيفية تسوية استحقاقات الإقليم”.

وكانت مسودة قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021 التي أرسلتها الحكومة قد نصت على ان العجز تجاوز الـ70 تريليون دينار، بحجم كلي يصل إلى 164 تريليون إذ احتسبت الإيرادات المخمنة من تصدير النفط الخام على أساس سعر 42 دولاراً للبرميل، وبمعدل تصدير 3 ملايين و250 ألف برميل يومياً، بضمنها 250 ألف برميل مصدرة من إقليم كردستان.

ويضيف كنا أن “القوى الشيعية وضعت خيارين على المادة 11 من قانون الموازنة والمتعلقة بموضوع تصدير نفط الإقليم، الأول تصدير 250 الف برميل نفط يوميا من الإقليم إلى شركة سومو والخيار الثاني تصدير جميع نفط كردستان إلى شركة سومو”، مبينا أن “التصويت سيحسم احد الخيارين داخل مجلس النواب”.

ويشير رئيس كتلة الرافدين البرلمانية إلى ان “حسم هذه البنود والفقرات سيكون بالأغلبية السياسية وليس بالتوافق السياسي”، محذرا من ان هذا التوجه “ستكون له ابعاد سلبية على الأوضاع السياسية وسيقود إلى توتر في العلاقة بين المكونات والأطراف السياسية “.

ويستبعد كنا ان “يتمكن مجلس النواب من تمرير قانون الموازنة الاتحادية خلال الأسبوع الجاري بسبب هذه الخلافات”، مرجحا “تمريرها بداية الأسبوع المقبل”.

المفاوضات فشلت

من جانبه، يوضح المحلل السياسي الكردي طارق جوهر ان “اللجنة المالية النيابية سلمت قانون الموازنة إلى هيئة الرئاسة دون التوافق على النقاط الخلافية والمتعلقة بحصة إقليم كردستان”، لافتا إلى أن “الخلافات بين الطرفين تم ترحيلها لتحسم في داخل الجلسة البرلمانية”.

وأكمل مجلس النواب القراءة الأولى والثانية لقانون الموازنة الاتحادية لعام 2021، وسط مناقشات وآراء متضاربة حول عدة فقرات تخص القانون في مقدمتها حجم الموازنة وعجزها.

ويعتقد جوهر أن “هذا الإجراء فيه مجازفة كبيرة وسيأتي بجوانب ومواقف سلبية ما لم نلجأ جميعنا للحكمة في معالجة كل الخلافات العالقة بين كل الأطراف”. منذ عدة اشهر تتواصل المفاوضات بين الكرد والقوى الشيعية في بغداد بحضور رئيس الجمهورية برهم صالح لحلحلة الخلافات القائمة على حصة إقليم كردستان في الموازنة الاتحادية.

ويضيف المحلل الكردي أنه “من غير الممكن لهذه الدورة البرلمانية والحكومة الحالية معالجة الخلافات بين بغداد واربيل بشأن تصدير النفط”، داعيا إلى “إيجاد حل توافقي بين الجانبين في هذه المرحلة مع الاخذ بنظر الاعتبار مطالب الطرفين الآنية والمشتركة، دون اللجوء إلى كسر الإرادات”. ويؤكد أن “المادة 11 في قانون الموازنة رحلت دون التوصل إلى حل أو معالجة للخلافات القائمة بشأنها بين الإقليم والقوى الشيعية”، موضحا أن “أمنيات الحكومة الاتحادية تختلف عن أمنيات وطموحات القوى الشيعية”. وفي وقت سابق، حددت اللجنة المالية النيابية، يوم الخميس المقبل، موعداً للتصويت على الموازنة. وأشار عضو اللجنة صادق السلطاني في تصريحات صحفية حينها، إلى توصل الحكومة ووفد إقليم كردستان الى اتفاق شبه نهائي حول صادرات إقليم كردستان النفطية وحصته في الموازنة يتمثل “بتسليم إقليم كردستان 250 ألف برميل يومياً لصالح شركة تسويق النفط الوطنية (سومو)، وما يتبقى من الإنتاج، يدفع على شكل كلف الإنتاج والتسويق والاستهلاك المحلي في إقليم كردستان”.

لكن جوهر يشير إلى أن “القوى الشيعية لم تكن موحدة في طرح مطالبها على الوفد الكردي الذي واجه صعوبة في كيفية التعامل مع هذا التباين بالمواقف”، معتبرا أن “هذه المواقف انتخابية تندرج في خانة كسب الأصوات”.

ويلفت المحلل السياسي الكردي إلى ان “القوى الشيعية اقترحت تسليم كل الملف النفطي للحكومة الاتحادية وهو اجراء مخالف للدستور في مواده 111 و112″، مؤكدا ان “هناك اكثر من مقترحين قدمتهما القوى الشيعية على ملف النفط ستحسم داخل قبة البرلمان”.

المصدر