العودة الى حضن الطائفة ( ما احلى الرجوع اليه )

647

العودة الى حضن الطائفة ( ما احلى الرجوع اليه )

أستشعرت الخطر القادم الذي يهدد وجودها بالفناء و كياناتها المصطنعة بالزوال و التلاشي بعد ان انكشف الأمر و بانت الحقيقة و اصبح شعار ( الطائفة المظلومة ) مستهلكآ و لا يغري الجماهير باتصويت الى تلك الأحزاب و التيارات و التي لطالما استنجدت بذلك الشعار في الوصول الى سدة الحكم و القصر الرئاسي بعد ان اوهمت الأغلبية من ابناء الشعب و بكل ذلك الدهاء و الخبث الذي جبلت عليه من صحة ( المظلومية ) و الأضطهاد الذي الحق بها و الواقع ان كان هناك من ظلم و حيف قد حصل فأنه وقع على ابناء الشعب العراقي من هذه الطائفة و ليس كما تصوره الأحزاب الطائفية التي تدعي ان الغبن و الحيف قد الحق بها و نال من اعضائها و مناصريها كونهم الممثلين الحقيقيين للطائفة.

دعوات ترميم ( البيت الشيعي ) كما يحلو للبعض تسميته جاءت بعد الهبة الجماهيرية التشرينية و التي اطاحت بكل الشعارات و الممارسات الطائفية حيث لم يعد هناك في ساحات التظاهر و ميادين الأعتصام من يهمه او يعنيه الهوية المذهبية او القومية فلم يعد الرصاص ان يفرق بينهم على اساس الطائفة او العرق فكان يفتك بالجميع و عندها اختلطت الدماء التي سفكت ببعضها و كانت تلك التظاهرات و على الرغم من الخسائر الفادحة و الجسيمة و بالأخص في الأرواح التي الحق بها جندرمة ( عادل عبد المهدي ) الا ان ذلك التلاحم الرائع بين ابناء الشعب و من مختلف الأديان و الطوائف و القوميات قد تجسد واقعآ جميلا معبرآ بشفافية عالية عن صدق العلاقة التي تجمع ابناء الشعب فيما بينهم .

كانت هذه الأحزاب و التيارات الطائفية التي حكمت العراق تحت يافطة مهلهلة من المظلومية هي اول من دعى الى تقسيم العراق و ان لم تعلن ذلك صراحة لعدم مقبولية هذه الأطروحات التقسيمية فأنها تحمل في تكويناتها بذور الأنقسام و الأنعزال كونها احزاب و حركات و تيارات تتقوقع في ركن واحد من اركان الدولة العراقية المتعددة الأطياف و الأشكال و لا يمكن لهذه الأحزاب و التيارات من حكم البلد المتعدد القوميات و الأديان و المذاهب و هي التي كانت و مازالت تدعي و تعلن في اطروحاتها و ادبيات زعمائها في انها الممثل ( الشرعي ) في طموح و تطلعات ( الشيعة ) من العراقيين و هم بالتأكيد ان كانوا اغلبية ام لا فأنهم جزء من شعب متعدد الأعراق و متنوع الأديان و مختلف الطوائف .

كان الدليل القاطع على فشل هذه الأحزاب الطائفية في الأخفاق المريع في أدارة الدولة هو الواقع المرير الذي يخيم على الشعب و الدولة العراقية و الذي ربما يكون الأسؤ و الأخطر منذ نشؤ الدولة العراقية الحديثة منذ عشرينيات القرن الماضي و التي لم تستطع حتى مغامرات ( صدام حسين ) الكثيرة و حروبه العدوانية المتعددة من ان تجهز على مؤسسات الدولة العريقة و تهدم و تدمر ذلك الموروث الحضاري و المهني في النسق و التسلسل الوظيفي و الذي ظل متماسكآ على الرغم من بعض الأنتهاكات و الخروقات الحزبية لكنها لم تشهد مثل هذا الأنهيار المريع الذي اصاب كل مفاصل الدولة و مؤسساتها و كانت معاول الهدم و ازاميل التدمير الممنهج و المدروس بعناية و دقة شديدة .

امام الخطر القادم في الهزيمة المؤكدة في الأنتخابات المبكرة القادمة تناست الأحزاب و التيارات الطائفية خلافاتها و تناحراتها تلك التي وصلت حد الأصطدام العسكري و المجابهة المسلحة حين شهدت مدينة ( البصرة ) حملة عسكرية سميت ( صولة الفرسان ) بقيادة رئيس الوزراء وقتها ( نوري المالكي ) و الذي استهدف اقوى الميليشيات المسلحة حينها ( جيش المهدي ) بزعامة ( مقتدى الصدر ) و كانت معارك عنيفة و شرسة و كانت الخسائر بالأرواح و الممتلكات و المعدات كبيرة و جسيمة و كانت القطيعة و الجفوة بين التيار الصدري و حزب الدعوة و تبادل الأتهامات و الحملات الأعلامية العدائية و التي استمرت الى حين اعلان حكومة ( مصطفى الكاظمي ) النية الجادة في أقامة الأنتخابات البرلمانية المبكرة في وقتها المحدد.

ظهور الحراك الجماهيري التشريني كقوة فاعلة و مؤثرة على الساحة السياسية العراقية و بالأخص تلك التي تعتبر ( معاقل ) الأحزاب و التيارات الطائفية في محافظات الوسط و الجنوب ما اضطر القوى الشيعية الى الدعوة السريعة الى ( ترميم ) البيت الشيعي لكنها لم تحسب انها و ان استطاعت من جمع صفوف الأحزاب الطائفية في جبهة موحدة لكنها لن تكون في مواجهة جبهة طائفية اخرى ( سنية ) او قومية ( كردية ) و الأعتماد على جماهير محافظات الوسط و الجنوب لكنها ستكون في مواجهة ابناء تلك المحافظات من الطائفة الشيعية الساخطين على فساد هذه الأحزاب و التيارات برمتها و ما الدعوة الى وحدة الصف الشيعي ( الحزبي ) و ليس الشعبي هو محاولة يائسة وبائسة في انقاذ الحكم الفاسد و العميل الذي بدأ يترنح تحت ضربات الحراك الجاهيري التشريني و هاهي بوادر تهاويه و سقوطه حتمية و مؤكدة ما استدعى الأنذار و الأستنفار لكن المصير القاتم الذي لا ينجو منه الخونة و العملاء و اللصوص آت لا ريب فيه .

حيدر الصراف

المصدر