«العرقطائفية السياسية»

487

•جوهر النظام السياسي العراقي هو (عرقطائفي سياسي) كان وما زال. فما هي (العرقطائفية السياسية)؟ هي: صيغة الحكم التي تماهي (السلطة بالعرق بالطائفة بالحزب) لإنتاج النظام السياسي للدولة، وتتجسد إمّا: (بإحتكار) سلطات الدولة لصالح مكوّن عرقي طائفي محدد، أو (بمحاصصة) سلطات الدولة على عدد مكوّناتها العرقية الطائفية. الصيغة الأولى تُنتج (دولة المكوّن الواحد)، والصيغة الثانية (تُنتج دولة المكوّنات).
•تعد الدولة العراقية قبل 2003م (دولة عرقطائفية مركزية) صلدة، في حين تعد الدولة العراقية بعد 2003م (دولة عرقطائفية توافقية) تعتمد نظاماً توافقياً هشاً متصارعاً غير مكتمل البنية بعد.
•عندما تتحوّل الدولة من دولة (أمّة وطنية) إلى دولة (مكوّن/ مكوّنات عرقطائفية) ستفشل كمشروع أمّة/ دولة وتنجح كمشروع مكوّن/ سلطة، عندها ستعيش التناقض بداخلها وتكون فريسة للصراع الداخلي والإستلاب الخارجي.
•الدولة أمّة وطنية متنوعة (ولا وجود لدولة صافية)، يقتلها التسييس القومي والإنحياز الطائفي والتوظيف الإثني على مستوى المشروع والسياسة والهوية، وهذا ما عانت منه الدولة العراقية قبل 2003م ما أصاب وجودها بمقتل، فلا روح ووحدة لأمّة الدولة مع العرقطائفية السياسية التي تُبقيها كتلاً بشرية عرقية طائفية منغلقة على نفسها ومتناشزة لا تتحس كونها أمّة وطنية تمثل الدولة وتمثلها الدولة.
•بعد 2003م تحررت الدولة من (سلطة المكوّن)، ولكن تم سجنها بـ (سلطة المكوّنات)، من خلال إعتماد (العرقطائفية السياسية المكوّناتية) وما أنتجته من نظام توافقي عرقطائفي حزبي قام على أساس من مبادئ: (المكوّن، الشراكة، التوازن، والمحاصصة)، فأوجد نظاماً سياسياً هشاً وملغوماً ينوء بالأزمات والصراعات والإبتلاعات للدولة. لذا لم تتحرر الدولة (في العمق) من العرقطائفية السياسية التي حرمت العراق من مشروعه الوطني العادل والجامع.
•خلافاً للدستور العراقي المقر في 2005م، فإنَّ العملية السياسية العراقية إعتمدت -توافقياً- العرقطائفية السياسية كأساس لإنتاج النظام السياسي الجديد، وما زالت، فنظّمت سلطات الدولة على وفق مكوّناتها العرقية الطائفية، والتنظيم هنا خضع لحجوم المكوّنات المستحصلة (إنتخابياً) لإدارة الحكم (توافقياً)، وهو ما جعل الدولة (دولة توافقية عرقطائفية).
•الخطير بصيغة الحكم العرقطائفي هذه أنها: تضرب بالصميم المواطنة والمواطنية والتعايش كوحدات إنتماء وولاء وتضامن، بسبب إعتمادها (فكرة المكوّن) بالإعتراف والتمثيل والمصلحة داخل الدولة، وتعمل بالضد من وحدة سلطات الدولة (بسبب التوازن)، وتشل فعل الدولة تحت (مسمّى الشراكة)، وتبتلع قوى المكوّنات مؤسسات الدولة (جرّاء المحاصصة)، وتخلق دويلات داخل الدولة كونها تحوّل (التنوع الإجتماعي الطبيعي) إلى (سياسي سيادي) يستند إلى أصالة (الهويات الفرعية) على حساب (الهوية الوطنية الكلية)، وتعقّد شبكة صراع المصالح الحزبي المكوّناتي على الدولة ومواردها.
•العرقطائفية السياسية هي (أم الخطايا السياسية) التي أوجدت كل هذا الكم من التناقضات والكوارث للعراق، وعلى نخب وقوى الدولة (مغادرتها كنظرية حكم) فيما لو كانت جادة بالإصلاح والتغيير.

Original Article