العراق الدولة المختطفة (الفترة المظلمة)
ليث شبر
تاريخ العراق الحديث زاخر بالويلات والحروب والانقلابات والمعتقلات والمؤامرات فمنذ تأسيس الدولة العراقية قبل مئة عام وحتى اليوم لم يهنأ العراقيون وكانوا يعيشون المأساة تلو المأساة ولم تنقطع معاناة شعبه حتى اليوم..
وفي كل مرحلة من مراحل أنظمة الحكم حصة من هذا التاريخ الأسود بسوءاته ومظالمه وفقره وذله وعبوديته وما يكتنفه من ضنك وضيم وهم وغم حتى أصبح الشرفاء ينتظرون الغد لتبديل واقعهم الرث أو يهاجرونه إلى بلد آخر لعلهم يستعيدون كرامتهم وحريتهم..
فمن الملكية الى الجمهورية الى الدكتاتورية الى الديمقراطية ومابينها الانقلابات والاحتلال لم يشهد العراق سوى التراجع والفوضى والنكسات فما إن يتنفس المجتمع الصعداء وتبدأ بوادر النهضة في جنباته يتلقى الصفعات تلو الصفعات وكأن هذا القدر لايفارق العراق.
وعلى الرغم من هذا التاريخ المأساوي للعراق فإن الفترة الحالية التي يمر بها هي الأسوأ ويمكن أن نسميها الفترة المظلمة والظالمة فلأول مرة في التاريخ العراقي الحديث تختطف البلاد من شمالها الى جنوبها ولأول مرة في كل تاريخه يجاهر العملاء بولائهم لدولة أخرى بل ويتفاخرون من دون حياء أو مخاتلة .
لقد استطاع النظام الإيراني أن يجعل من العراق ساحة لصراعاته ونهب ثرواته ورمي فضلاته وأن يحول كل جميل فيه الى قبيح وكل فكر متقدم إلى جهل وتخلف وعلى المؤرخين الوطنيين والنقاد والمحللين أن يبينوا للأجيال كيف استطاعت إيران أن تختطف الوطن من دون رادع وتحوله الى ارض محروقة بلا أمل وتعمها الفوضى في كل مكان..
من يعتقد من العرب الذين ظلموا العراق كثيرا ان شيعته مع إيران فهو واهم ولولا ماحدث من اختطاف واسع للجيش والمؤسسات الأمنية لتبينت الحقيقة التي يعرفها أهلنا شيعة العراق بأن الإيراني متطرف لقوميته الفارسية وليست العقائدية وفيما بينهم يتندرون علينا بقولهم عرب بيسه..
إيران تنظر الى العراق نظرة دونية واستعلائية مثلها مثل تركيا لكنها أشد خبثا ولؤما وإجراما ونظامها الولائي يمكنها من تسويق الجرائم التي يرتكبها عملاؤها باعتبارها نصرة للدين والمذهب فالقتل والخطف والتدليس والكذب وكل الرذائل محللة بل وواجبة مادامت في نصرة المذهب الذي يمثله الولي الفقيه..
وعلى الرغم من كل مايمر به العراق اليوم من فترة مظلمة فإن مقومات نهضته حاضرة ولن تموت فالعراق مدني في جوهره وهو قادر على مفاجأة الأعداء دوما وتاريخه أيضا يشهد بذلك بيد إن نهضته اليوم ترتبط بسقوط النظام الإيراني ومن دون ذلك ستبقى أفعالنا وأقوالنا هباء في شبك..
قد يعترض بعضكم اذ يقول ان ايران دولة جارة وبيننا تاريخ وحدود وتجارة وزيارة وكل هذا صحيح لكن لايمكن أن تسمح لجارك أن يختطف بيتك ويطرد صغارك وينهب ثرواتك وانت تقول جاري لأتفاوض معه فهذا منطق الجبناء.
وقد يقول آخر علينا أن ننظم أمورنا ونرتب أوراقنا لكي نستعيد الوطن من خاطفيه وأقول هذا صحيح أيضا وقلناه مرارا ولكن كيف لنا ذلك وقد مكنوا حثالات القوم وعبيدهم وأذلاءهم من السلطة والسلاح والمال والإعلام وهم لايتورعون من قتلنا وخطفنا فهذه قسمة ضيزى..
الحل في العراق شئنا أم أبينا مرتبط بالنظام الإيراني فإن تعافى من الحصار ونجا من الضربة المرتقبة وساعدته التحولات الدولية لاستعادة سطوته فإن العراق سيبقى دولة مختطفة ومن سيء إلى أسوأ وإن حدث العكس وشاءت الأقدار أن يسقط هذا النظام الظالم لشعبه ولشعوب المنطقة بأي طريقة كانت فحينها سينهض العراق من جديد..