التلوث وشباك الصياديين تهددان رحلة النوارس إلى العراق

199

اعتاد أهالي بغداد على قضاء وقت في الهواء الطلق سواء بالخروج إلى المتنزهات والحدائق العامة أو بعض الأماكن السياحية القريبة من العاصمة، كطقس شعبي أسبوعي أو شهري، لكن بسبب الأوضاع الأمنية ومن ثم وباء كورونا، تراجع الإقبال على هذه الأماكن، إلا أن هناك من وجد بديلاً عنها وهو التوجه إلى جسور بغداد ليلهو مع طيور النورس.

ويقصد العديد من المواطنين الجسور في محاولة للترفيه عن أنفسهم وتناسي الواقع المرير الذي يعانون منه على مختلف الأصعدة، يقول أحد من التقى بهم مراسل وكالة شفق نيوز “مع كل شتاء أواظب على زيارة جسر الجادرية ليوم في الأسبوع لمشاهدة النوارس وإلقاء الطعام لها للتخلص من الزحامات المرورية والكثير من منغصات الحياة”.

لكن هناك خطر يهدد استمرار وجود النوارس وهو تلوث مياه نهر دجلة، حيث تقوم الكثير من المؤسسات الحكومية بتصريف المياه الثقيلة والصرف الصحي والمخلفات الكيمياوية والطبية في مياه النهر، بحسب ما أكدت وزارة الصحة والبيئة في مناسبات عدة، رغم أن مجمع مدينة الطب من أكثر المؤسسات المتورطة في هذا التلوث، إضافة الى ذلك هناك ظاهرة جديدة وغريبة بدأت بالاستفحال في العاصمة العراقية بغداد، وتحديداً على جسر الجادرية، حيث يظهر أشخاص وسط عدد كبير من المواطنين ليقوموا باستهداف طيور النوارس التي تحصل على الطعام والأمان برفقة المتفرجين على جمالها في أوقات الصباح والمساء من كل يوم، مايؤشر وجود مخاطر من هجرة هذه الطيور وفقدان جمالية تواجدها في هذا المكان .

وأوضح مقطع فديوي تداولته مواقع التواصل الاجتماعي بأستغراب واستهجان شديد، قيام أشخاص يقومون بـ “اصطياد طيور النوارس” عن طريق استخدام شبكة صيد مربوطة بعصا يمسكها أحدهم، ليقوم بحركة خاطفة تحبس حياة النورس واقتياده الى مكان البيع، كونه يمثل صيداً ثميناً في سوق الطيور بالعاصمة بغداد.

ويُطعم المواطنون هذه النوارس ويعتبرون وجودها جميلاً على جسور وأبنية العاصمة، الى حد ظهور هذه المجموعة الجديدة التي باتت تصطادها لأسباب مجهولة وفق مايقوله المتواجدون هناك من المواطنين.

ويؤكد المواطنون، إن طيور النوارس تستقر حين تشعر بالأمان والألفة و المتعة تتزايد حينما تحلق تلك الطيور مشرعة أجنحتها تسابق بعضها البعض للحصول على قطعة (خبز) صغيرة يرميها لها الواقفون على جانبي الجسر قبل أن تصل الماء، هذا التواصل بين البغداديين والنوارس أجبر النوارس بان تنزع عنها ثوب الهجرة لتستوطن وتستقر قرب الجسور لتعانق الدفء مع البغداديين .

في حين ندّد البعض بصيد تلك الطيور (النوارس) أو التعمد بأذيتها أو بيعها وهي تحل ضيفاً لطيفاً في أجواء بغداد ، عادين إياها بأنها تمثل توازناً و تكاملاً للطبيعة .

ورسمت طيور النوارس في ظلالها بهجة وجمالاً بأجنحتها المهاجرة لتستقر عند محطتها الأخيرة في نهر دجلة ببغداد .

يذكر أن النوّرس هو أحد الطيور المائيّة، حجمه أكبر بقليل من الحمامة، وله جناحان كبيران، ورأس ومنقار كبيران، وعنقه قصيرة، أمّا ريشه فيختلف لونه تبعاً لعمره، وللفصل من السّنة، ولكنّ بشكل عام فالطّيور البالغة بيضاء اللون، مع بعض البقع على رأسها وظهرها حسب نوعها، وهو طائر صاخب يطلق صيحات عاليّة.

ويعد النورس من الطّيور الذكيّة، ويمتلك القدرة على التّعلم، ومن تصرفاته التي تنّم عن هذا الذّكاء هي التربيت التربة بأقدامه كيّ يخدع الديدان المتواجدة فيها بأنّ المطر يهطل، فتخرج هذه الديدان، فيلتقطها النّورس ويأكلها، كما أنّه يمتلك عدّة أساليب للتّواصل، من خلال حركات معيّنة في الجسم، أو التّحليق بأسلوب معيّن.

وقد احتّل النّورس مكانة عند الأدباء والشّعراء، فكان يرمز عندهم للتّراحال، والشوق، والوحدة، فهي تسافر مسافة حوالي خمسة آلاف كيلو متراً بحثاً عن الدفء في فصول الشتاء، لتعود مجدداً عند تحسّن الطّقس.

المصدر