التعليم الأهلي في العراق
((( كلية المعارف أنموذجاً )))
بقلم : د . خالد القره غولي ..
جميع المقبولين في الكليات الأهلية في العراق عليهم الإلتزام بشرطٍ أساس قبل دخولهم الصف الأول والقبول في أي كلية أو أي قسم وهو دفع الأجور أو ما يُسمى بالأقساط الدراسية وهو ما يُضاف إلى الشروط الأخرى كالشهادة الإعدادية والإستثناء من بعض الشروط كالعُمر والمعدل .. والتعليم الأهلي في العراق تزامن مع إستحداث التعليم الرسمي في جميع المراحل منذ رياض الأطفال وحتى الشهادة الجامعية ، والكليات الأهلية في العراق تخرَّجَ فيها عددٌ كبير من الطاقات العلمية والتخصصية التي لعبت دوراً بارزاً في تطوير وتعزيز مكانة التعليم العالي في العراق بشكل عام، ومن الأمور الغريبة أنَّ التعليم الأهلي في العراق لم تتم الإشارة لإيجابياته بما يستحقه إعلامياً على الأقل مع أنَّ هناك عدداً كبيراً من الإعلاميين المتميزين من خريجي الجامعات والكليات الأهلية ، وقبل الخوض في تفاصيل هذا الموضوع وما قد يُثيره من إعتراض من البعض لابدَّ لنا من الـتأكيد على إنَّ من لديه طموحاً مشروعاً وهدفاً سامياً يريد أن يحققه فله ما أراد بغض النظر عن توصيف هذه الكلية أو تلك.. ولأنني كنتُ من أوائل من وقف على تأسيس الدراسات المسائية في جامعة الأنبار مثلاً في السنة الدراسية 1993-1994 ( وهي مقاربة للتعليم الأهلي) رأيتُ الكثير ممن قُبلوا فيها، فاتهم قطار التعليم منذ زمنٍ طويل والبعض الآخر تفوق على أقرانه في الدراسات الصباحية بعد تخرجه.. وهم الآن زملاء أعزة معنا في سلك التدريس الجامعي ويمتلكون فضلاً على شهاداتهم العليا بتفوق طبائع وسماتٍ أتمنى للكثير من طلبتنا الآن أن يقتدي بها .. التعليم الأهلي فرصة كبيرة لمن لم تتحقق طموحاته في إكمال دراسته لشتى الظروف رغم الإعتراضات المتزايدة يوماً بعد يوم على بعض قوانين التعليم الأهلي أو معاييره كزيادة مبالغ القبول وعدم وجود تخصصات حاكمة وإنتشار الضعف الإداري والعلمي في بعض الكليات المستحدثة بعد عام 2003، وبداية التعليم الأهلي في العراق بدأت في عام 1963 وتأسيس أول كلية أهلية جامعة في العراق مالبث أن تغير إسمها إلى الجامعة المستنصرية في عام 1968 وفي عام 1974 صدر القرار المرقم بــ (102) الخاص بإعادة تنظيم الجامعات لتصبح الجامعة المستنصرية مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي.. وفي عام 1988 تأسست بعض الكليات الأهلية بصورة منفردة حتى صدور قانون الجامعات والكليات الأهلية في عام 1996 وكان عدد الكليات آنذاك ثمان كليات هي المعارف الجامعة في الرُمادي والمنصور الجامعة في بغداد والتراث الجامعة في بغداد والمأمون الجامعة في بغداد وكلية بغداد للعلوم الإقتصادية في بغداد وكلية شط العرب الجامعة في البصرة وكلية اليرموك الجامعة في ديالى وكلية الحدباء الجامعة في الموصل، هذه الكليات تخرج فيها عددٌ كبير من التخصصات الإنسانية والعلمية وتعدُّ أساس بناء مؤسسة مستقلة في العراق تطلب تغيير إسمها من الجامعات والكليات الأهلية إلى التعليم العالي الأهلي بعد موافقة مجلس النواب في 18-7-2016 على إصدار قانون بهذا الشأن نتيجة لزيادة عدد الجامعات والكليات الأهلية وتوسيع أعداد قبول الطلبة فيها..
كلية المعارف الجامعة من الكليات الأهلية العريقة وللذين يجهلون تاريخ الكلية فقد تأسست في عام 1993 وبدأت الدراسة الفعلية فيها في السنة الدراسية 1993 – 1994 في قسمي اللغة العربية والقانون أما كلية المعارف الآن وبعد عودتها إلى موقعها الأصل في مدينة الرُمادي ومباشرة أغلب طلبتها بالدوام للسنة الدراسية 2016 – 2017 فتضم أقسام اللغة الإنكليزية والعلوم المالية والمصرفية وهندسة الحاسبات وعلوم الحاسوب واللغة العربية والقانون والتربية البدنية وعلوم الرياضة والهندسة المدنية والمختبرات الطبية والتمريض .. وأقسام مهمة أخرى سيتم إستحداثها في السنوات الدراسية القابلة للعام الدراسي 2020 – 2021 بعد إستحصال الموافقات الرسمية .. كلية المعارف الآن لا تلبي طموحات أبناء المحافظة رغم التضحيات الكبيرة التي قدمتها وتخريجها لأعداد كبيرة من طلبتها المتبوأين الآن لمراكز علمية وتربوية وقانونية وتخصصية مهمة في المحافظة وخارج المحافظة وفي أغلب دوائر ومؤسسات ووزارات الدولة ونجاح عمادتها بإيجاد مواقع بديلة في محافظات أخرى للسنوات الدراسية التي تعرضت فيها محافظة الأنبار للإحتلال الداعشي وإخلاء أبنية الكلية ومن ثم تعرضها لتدمير بعض أهم ممتلكاتها وسرقة أجهزتها ومحتويات أقسامها.. فكلية المعارف لن تتمكن بطبيعة الحال من فتح أقسام في مناطق بعيدة أخرى من المحافظة مثلاً أو تحويلها من كلية إلى جامعة إلا بعد أن تبدأ صفحةً جديدة تتمثل بتوطيد علاقتها العلمية والإجتماعية وإقامة مؤتمرات علمية وندوات تعاونية وورش عمل مع جامعة الأنبار والإستعانة بكوادرها وملاكاتها العلمية والإدارية وأنا على يقين من أمرين أولهما موافقة الجامعة على أي أوجه تعاون مستقبلية بين الطرفين رغم الظروف الإستثنائية التي تمر بها لكنها لا تنسى أنَّ أول مجلس إدارة لكلية المعارف الجامعة ضمَّ بين أعضائه أساتذة أجلاء من جامعة الأنبار وأنَّ عشرات الزملاء في الكادر التدريسي والإداري في كليات جامعة الأنبار من خريجي هذه الكلية العريقة.. الأمر الثاني وهو الأهم الإيمان والتسليم بأنَّ العمل في كلية المعارف الجامعة هو خدمة لأبناء المحافظة ولمستقبلهم وللحركة العلمية وتعزيزها وعدم النظر إلى الإقترانات غير المجدية للبعض من زملائنا الأعزة في كلية المعارف الجامعة أو التلميح بوجود تنافس بين الطرفين ! التفكير أولاً وأخيراً بطي صفحات الماضي والنظر بصدق وجدية إلى ما يمكننا أن نقدمه في ظل عمادة متميزة للكلية كانت جذورها في جامعة الأنبار وها هو حصادها الطيب يملأ كلية المعارف علماً ورصانةً وإخلاصاً .. ولله الأمر
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
السابق بوست